لبناني ورث عصابة صاحب «الأصابع الذهبية» ببريطانيا يقع في قبضة الشرطة الإسبانية

محمد جميل درباح أسس محفلا ماسونيا على حسابه الخاص وشبكة بيع ممتلكات وهمية طالت 70 ألف سائح من 12 دولة

TT

وقع أخطر لبناني في اسبانيا بقبضة شرطتها أول من أمس بعد أن داهمت مقر عمله فرقة من دائرة الرصد المعلوماتي الخارجية انطلقت بطائرة خاصة من مدريد الى حيث يقيم في تاناريف، بجزر الكناري التابعة لاسبانيا عند ساحل افريقيا الغربي في المحيط الأطلسي، حيث اعتقل محمد جميل درباح وشقيقه حسين، الملقب بسام، لتزعمهما فلول شبكة تحايل دولية وغسيل أموال، وكان الاثنان قد سبق أن زج بهما في السجن حين تفكيكها قبل عامين واطلاق سراحهما من بعدها بكفالة مصرفية الى حين انتهاء التحقيقات، بحسب ما ورد في بيان من شرطة مدريد أمس.

وكانت أجهزة الأمن الاسبانية قد فككت شبكة درباح الناشطة بغسيل المال وتهريب السلاح في أواخر عام 2001 باعتقالها معه 17 آخرين في تاناريف، بينهم شقيقاه حسين وحاتم و5 لبنانيين، اضافة الى مغربي وفرنسي و3 اسبان و3 بريطانيين ممن اتهموا بالتكاتف على الشر وتأمين «عائدات» تزيد على 10 ملايين و600 ألف دولار من غسيل المال وتهريب السلاح وتوريط سياح، معظمهم بريطانيون وألمان، بعمليات مالية سببت لهم خسائر «يمكن أن يكون بعضها ذهب الى حركات أصولية وارهابية في لبنان» على حد ما قاله ذلك الوقت القاضي الاتحادي الاسباني، بالتاثار غارسون، الذي كان أول من أمس وراء اصدار الأمر القضائي باعتقال الشقيقين اللبنانيين ومعهما 6 موظفين في شركات يملكانها بجزر الكناري.

وكان درباح قد بدأ «نشاطه» منذ 4 سنوات مع البريطاني، جون بالمر، المؤسس بجزر الكناري لشبكة غسيل للمال.

وأعاد درباح نشاط الشبكة حين اعتقال بالمر في مايو (أيار) عام 2001 وادانته بالسجن 8 سنوات في لندن، مع قيام السلطتين البريطانية والاسبانية من بعدها بتجميد ما كان له من أرصدة في مصارف البلدين زادت على 500 مليون دولار، وتغير من بعدها لقبه من «غولد فينغرس» أو «الأصابع الذهبية» الى «الفقير وراء القضبان الذهبية» في لندن.

وبالمر خطير وثعلبي الذهن تقريبا، فقد لاذ بالفرار في 1985 من بريطانيا الى جزر الكناري عند أول اشارة وصلته من أن شرطة اسكوتلنديارد اكتشفت دلائل بأنه كان العقل المدبر لأكبر سطو جرى في أواخر 1983 في بريطانيا، حيث اقتحم مع 5 ملثمين شاحنة لشركة «بريكنس مات» البريطانية للتأمين، وقام قرب مطار هيثرو في لندن برش ليترات من البنزين على أفراد العربة المصفحة، مهددا باشعالهم بالنار ان لم يفتحوا ما كان بداخلها من صناديق حديدية، احتوت على 3 أطنان من الذهب، قيمتها ذلك الوقت 26 مليون جنيه استرليني، أي 120 مليونا من الدولارات كقوة شرائية هذه الأيام، فاستولى عليها مع زملائه وتوارى عن الأنظار، حتى اكتشفت الشرطة دوره وفراره الى تاناريف بعد اعتقال زملائه المتورطين، فطالبت بتسلمه من نظيرتها الاسبانية التي رصدته لعام انتهى باعتقاله قبل سنتين وتسليمه مكبلا بالأصفاد الى البريطانيين.

لكن بالمر ترك في تاناريف ناشطين معه سابقين، ممن تقول أجهزة الأمن الاسبانية ان محمد جميل درباح وشقيقيه كانوا منهم، من دون أن تدعم زعما أوردته في بيانها الأمني ذلك الوقت عن ارتباطهم بحزب الله وحركة أمل في لبنان، وهي رواية نفاها الحزب والحركة ببيانين منفصلين حين تفكيك شبكة درباح واعتقاله مع شقيقيه و15 آخرين ونقلهم الى السجن في مدريد قبل عامين، حيث اتضح بعد من سجل الاتهامات أن لدرباح قدرات تنظيمية مذهلة، لأنه قام بتطوير «نشاط» الشبكة التي ورثها عن البريطاني بالمر بشكل سريع.

مما فعله درباح مثلا، هو تأسيسه لمحفل ماسوني على حسابه الخاص في الجزيرة، اضافة الى شركات استطاعت أن تملك بعضها طائرتي «بوينغ 747» في تاناريف، وراح يبيع السياح البريطانيين والألمان أملاكا معظمها وهمي، خصوصا حيث كان يقيم في جزيرة سانتا كروز، الواقعة الى الجنوب من تاناريف، فسلب من 70 ألف سائح من 12 جنسية الكثير من المال ثمنا لمشتريات قاموا بها عن طريقه ولم يحصلوا منها على شيء، ثم أنشأ للشركات فروعا، وصلت الى مدريد ومدينتي ملقا وماربيا في الجنوب الاسباني بشكل خاص.

وعبرها كان ينشط في عمليات غسيل للمال ضخمة، وتزوير بطاقات ائتمان بالآلاف، فحقق «أرباحا» وصلت في عام واحد الى 20 مليون دولار، وفقا لما ورد بملخص تحقيقات أصدره المدعي المدريدي العام، أنريك مولينا، وهو أعلى سلطة جزائية بالعاصمة الاسبانية.

وذكر أنه كان لدرباح «أرصدة في بنوك بملاذات ضريبية، كلبنان وجبل طارق ودوقية لوكسمبورغ، سعى عن طريقها لاكتساب الود وتمويل عمليات تزوير للوثائق والنصوص والجوازات والبطاقات الائتمانية باسبانيا والخارج، وعن طريقها عزز ارتباطه بمنظمة ارهابية ناشطة في سيراليون» على حد ما قاله في الملخص الذي تضمن أيضا الشكوك بارتباط درباح بمافيات روسية ناشطة في أوروبا الشرقية والجنوب الاسباني. وصادرت السلطات الاسبانية كل ما كان لدرباح من أرصدة في البنوك حين اعتقاله مع شقيقيه قبل عامين، ومنها الطائرتان اللتان كانتا تابعتين لشركتين عقاريتين أسسهما في جزر الكناري باسمه واسم مواطن روسي، كان قد فر من موجة الاعتقالات التي استهدفت الشبكة وأفرادها في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2001 وما زالتا محتجزتين للآن بمطار «باراخاس» الدولي بمدريد، ويزيد ثمن الواحدة منهما على 25 مليون دولار.

واعتقل مع درباح، 40 سنة، وشقيقه حسين أول من أمس 6 آخرين، لم يتضمن البيان الأمني الاسباني أي معلومات عنهم، سوى أن اثنين منهم بريطانيان يعملان كالآخرين موظفين لديه في 3 شركات جديدة أسسها بتاناريف بعد شهرين من اطلاق سراحه بكفالة مصرفية حين اعتقل مع شقيقيه و15 آخرين قبل عامين والزامه البقاء في جزر الكناري حتى انتهاء التحقيقات في نشاطات الشبكة وتقديمه للمحاكمة «الا أنه عاد في تاناريف الى نشاطه العصاباتي السابق، بل زاد عليه بأن قام يهدد حياة كثيرين يمكن أن يكونوا شهودا ضده في المحكمة» وفق ما ورد في مبررات اعتقاله أول من أمس.

ومما أضافه القاضي الاتحادي، بالتاثار غارسون، من مبررات أخرى في بيانه أمس عن اعتقال درباح «أنه أسس شركات جديدة في تاناريف منذ اطلاق سراحه قبل عامين بكفالة مصرفية، وهي شركات يجب التحقيق في نشاطاتها في الوقت الذي يجب أن يظل صاحبها محتجزا لدينا الى أن يتم التأكد من نظافتها» كما قال.