الحرب قد تبدأ الشهر المقبل.. والكوماندوز الأميركيون سيدخلون بغداد خلال 72 ساعة

TT

من المتوقع ان يبدأ الرئيس العراقي صدام حسين وكبار مساعديه المقربين في احد ايام الشهر المقبل بسماع اصوات انفجارات القنابل الموجهة بالليزر والأقمار الصناعية مصحوبة بالآلاف من صواريخ كروز التي تطلق من سفن حربية اميركية باتجاه الثكنات العسكرية لقوات صدام الخاصة في العاصمة بغداد وحولها. كما ستصاب حركة القادة العسكريين والاجهزة الأمنية لصدام حسين بالشلل التام من جراء إعطاب اجهزة الراديو والهاتف المستخدمة في الاتصال بفعل سلاح «القنابل الالكترونية» الجديد الذي يستخدم الطاقة الكهرومغناطيسية لتوليد موجات طاقة تعطل عمل مثل هذه الاجهزة. ومن المرجح ان تتبع هذه الخطوة الاولى، التي ستستخدم فيها آلاف القنابل والصواريخ الدقيقة التصويب، حرب لم يسبق ان خاضتها الولايات المتحدة بهذا المستوى من قبل، اذ من المتوقع ان تنفذ القوات الاميركية غزوا عنيفا وسريعا في نفس الوقت لا يهدف الى احتلال اراضي او تدمير جيش ضخم وإنما قتل صدام حسين او إلقاء القبض عليه وعلى كل من ساعد على إبقائه في السلطة مع عدم التعرض للجيش العراقي النظامي والسكان المدنيين. فإذا نجحت هذه العملية وسارت وفق ما هو مخطط لها، ستكون من المؤكد نموذجا للحروب الاميركية التي تهدف لاستباق الأخطار الارهابية المحتملة. ويحذر محللون عسكريون من ان شن حرب ثالثة في منطقة الخليج سيتطلب «قبضة حديدية وقفازاً مخملياً» في ذات الوقت. فالقوات الاميركية يجب ان تستخدم قوة تتسم بالسرعة والقسوة في تحييد القوات العراقية وقتل صدام حسين او إلقاء القبض عليه ومنع حرق آبار البترول العراقية وإطلاق الاسلحة الكيماوية او البيولوجية. كما يجب ان تنفذ القوات الاميركية هذه العمليات بدقة متناهية دون سقوط خسائر بين المدنيين وعلى نحو لا يؤدي الى شل حركة البلاد وتدمير مرافقها بصورة تتطلب احتلالا وعمليات إعادة بناء ربما تستغرق سنوات. خطة غزو العراق اعتمادا على عنصري السرعة والقوة باتت أمرا مؤكدا، فقد احاطت الولايات المتحدة والدول الحليفة لها العراق بقوة عسكرية هائلة دون إحداث ضجة، اذ تتركز خمس حاملات طائرات في منطقة الخليج أو حولها مع وجود 800 طائرة على متن هذه الحاملات أو في قواعد لا تبعد كثيرا عن العراق، فضلا عن ان أفراد القوات والدبابات والمروحيات والوحدات الاميركية والبريطانية تحركت لاتخاذ مواقع لها في الكويت وتركيا ودول اخرى في المنطقة. ولا تزال المشاورات جارية بين الولايات المتحدة وتركيا حول السماح للقوات الاميركية بشن هجوم على العراق من الشمال انطلاقا من قواعد تركية. وعلى الرغم من ان عدد افراد قوات الغزو الاميركية والبريطانية الحالي (250 ألف جندي وضابط) يقل عن نصف عدد القوات التي شاركت في عملية «عاصفة الصحراء»، فإنها ستكون اكثر قوة وفاعلية بسبب التقدم الذي حدث خلال السنوات السابقة في تكنولوجيا السلاح والاتصالات والتكتيك. وقال مسؤولون ومراقبون عسكريون ان عملية القصف باستخدام القذائف الدقيقة التصويب ستبدأ في وقت متأخر من احدى الليالي، على ان تدخل قوات الكوماندوز الخاصة العاصمة بغداد سيكون بعد 48 أو 72 ساعة من بدء الغزو، وهي تشتمل على اجزاء رئيسية من ضمنها ما يلي: ـ ستقود قوات «دلتا» الخاصة المكونة من 360 فردا عمليات تعقب واصطياد صدام حسين واسرته. جدير بالذكر ان عمل ووجود هذه القوات محاط بمنتهى السرية الى درجة ان البنتاغون لا يعترف حتى بوجودها. ـ ستنتشر وحدات القوات الخاصة في عمليات بحث سريعة عن المستودعات والمخابئ المحصنة بحثا عن أي اسلحة كيماوية او بيولوجية من المحتمل ان يكون العراق قد خبأها.

ـ ستقوم فرق الكوماندوز، بمساعدة طائرات الاستطلاع التي تعمل بدون طيار، بالانتشار في الصحراء الغربية العراقية لتدمير صواريخ «سكود» المتحركة التي يعتقد مراقبون انها مخبأة هناك توطئة لتوجيه ضربة الى اسرائيل.

ـ ستسارع القوات الاميركية ايضا بالتوجه صوب حقول النفط العراقي منعا لإشعال النار فيها من جانب النظام العراقي. ـ ستركز القوات الارضية والطائرات القاذفة للقنابل على تدمير أي عدد من قوات الحرس الجمهوري، التي يقدر قوامها بحوالي 100 الف فرد، والحرس الجمهوري الخاص، الذي يقدر عدد افراده بحوالي 25 الفاً، اذ ستحاول هذه القوات حماية صدام حسين. صممت خطة البنتاغون على اساس الاستفادة من الاسلحة وطرق القتال الجديدة. فالقوات الاميركية المدرعة التابعة للفرقة الرابعة زودت دباباتها ومراكز قيادتها بأجهزة كمبيوتر تساعد في إظهار تحركات قوات العدو في ميدان المعركة، اذ ان الصورة الواضحة لدبابات العدو ستمكن المركبات المدرعة الاميركية من التحرك بسرعة وفعالية اكبر خلال المعارك.

تجدر الاشارة الى ان قوات الجو الاميركية ربما تستخدم قنبلة جديدة زنتها 30 ألف رطل لا يمكن حملها إلا على متن طائرات الشحن فقط. واذا اسقطت هذه القنبلة بالقرب من تجمعات القوات العراقية، فمن المحتمل ان يكون لها نفس الاثر النفسي لعمليات القصف الشامل للقاذفة «بي ـ 52» التي ساعدت على هبوط معنويات القوات العراقية في حرب الخليج الثانية عام .1991

* حرب غير مسبوقة

* يعتقد محللون عسكريون ان الحرب التي يخطط البنتاغون لخوضها في العراق تعتبر تجربة غير مسبوقة. ففي عام 1989 غزت القوات الاميركية بنما لإلقاء القبض على الدكتاتور مانويل نوريغا وإطاحة نظامه، بيد ان غزو بنما، حيث تحتفظ الولايات المتحدة بقاعدة عسكرية، كان عملية سهلة مقارنة بعملية إسقاط رجل العراق القوي. فالقوات الاميركية ستواجه هذه المرة مهمة تحديد موقع زعيم مراوغ وسحق بقايا قواته والحيلولة دون استخدام الاسلحة الكيماوية والبيولوجية ومنع وقوع ما يحتمل ان يصبح اكبر كارثة بيئية في التاريخ في حال إقدام نظام صدام حسين على إحراق آبار النفط العراقية. ويعتقد محللون عسكريون ان هزيمة قوات صدام حسين ربما تكون اسهل أهداف الغزو. ولكن ما هو مدى سهولة العثور على صدام حسين؟

يجيب على هذا السؤال الجنرال الاميركي المتقاعد ديف غرينج مؤكدا صعوبة عملية إلقاء القبض على صدام حسين، مضيفا ان القوات الاميركية التي غزت بنما نجحت في إلقاء القبض على نوريغا لأنه فر الى سفارة الفاتيكان واختبأ لمدة اسبوعين قبل استسلامه. قال مسؤولو إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش من جانبهم انه بالإمكان تجنب الحرب اذا تنحى صدام حسين عن السلطة وغادر العراق قبل اندلاع الحرب، بيد ان جنرالا اميركيا سابقا قال ان انطلاق اول طلقة في الحرب يعني انتهاء خيار المنفى أمام صدام، أي انه لن يصبح بوسع الرئيس العراقي العدول عن رأيه وطلب التوجه الى المنفى بعد اشتعال الحرب، فأي شيء «بخلاف صدام حسين مقيد اليدين او ميتا لا يعتبر انتصارا»، على حد قول العسكري الاميركي السابق. جدير بالذكر ان البنتاغون واصل عملية إسقاط المنشورات التي تتضمن وعدا بعدم التعرض لأفراد الجيش العراقي النظامي اذا بقوا بعيدين خلال عملية «تحرير العراق». كما اتصلت الولايات المتحدة ـ في بعض الحالات عن طريق البريد الالكتروني ـ ببعض القادة الذين من المحتمل ان يكونوا مسؤولين عن تدمير آبار النفط او إصدار تعليمات باستخدام الاسلحة الكيماوية او البيولوجية. وأعرب تشاك هونر، الجنرال السابق بالقوات الجوية الاميركية، عن امله في ان تكون الجهود الدعائية الاميركية قد اسفرت عن إحداث انقسامات بين القادة العسكريين العراقيين، علما بأن الكثير منهم يكره صدام حسين.

* سيناريوهات مثيرة للقلق

* تشير غالبية المحللين الى خسارة صدام حسين الحرب المرتقبة اذا قررت الولايات المتحدة غزو العراق، غير ان هناك بعض السيناريوهات التي تثير قلق خبراء التخطيط والاستراتيجية في البنتاغون. فهناك مخاوف من احتمال لجوء صدام حسين الى شن هجمات على اسرائيل باستخدام صواريخ «سكود» او جراثيم الانثراكس والجدري على اسرائيل او الدول العربية المجاورة. ويساور القلق مسؤولي الكونغرس ازاء احتمال استخدام النظام العراقي دروعا بشرية لإحداث خسائر وسط المدنيين بغرض إثارة الرأي العام العالمي ضد الولايات المتحدة. ويعتقد الكثير من المحللين ان قرار البنتاغون بإرسال ما يزيد على 500 مراسل الى الخطوط الامامية للقوات الاميركية يهدف الى دحض أي دعاية حربية عراقية تهدف للترويج لارتكاب القوات الاميركية فظائع خلال القتال. ثمة مخاوف اخرى ازاء احتمال لجوء صدام الى سياسية «الارض المحروقة»، اذ من المحتمل ان تلجأ القوات العراقية الى تدمير السدود وإشعال النيران في آبار النفط واستخدام جراثيم الانثراكس في العراق ومواقع اخرى، خصوصا ان الولايات المتحدة مقتنعة بأن صدام يمتلك اسلحة كيماوية وبيولوجية، ولكن دون معرفة المكان المخبأة فيه.

ويقول جنرال اميركي متقاعد ان صدام حسين سيلجأ بالتأكيد الى استخدام اسلحة كيماوية وبيولوجية وإلقاء مسؤولية ذلك على الولايات المتحدة، كما اشار الى ان الكثيرين في العالمين العربي والاسلامي سيستجيبون لهذه المزاعم.

* خدمة «يو إس إيه توداي» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»