الجهراء محافظة تنام وتصحو على أصوات هدير الطائرات

ربع مليون نسمة بينهم 40 ألف سعودي على بعد 85 كليومترا من الخطر

TT

ينام ويصحو سكان محافظة الجهراء الواقعة شمال الكويت على صوت هدير الطائرات المحلقة طوال ساعات النهار والليل. ويعتبر اهالي المحافظة ذات الكثافة السكانية المرتفعة (يربو عدد السكان على ربع مليون نسمة) انهم في مرمى الخطر. اذ ان بعض المعسكرات البرية والقواعد الجوية تحيط بها من الجهتين الشمالية والشرقية. وتبعد الجهراء (آخر مدن الكويت السكنية الشمالية) عن الحدود العراقية نحو 85 كيلومترا، وهي مؤلفة من 7 مناطق سكنية معظم قاطنيها من الكويتيين. ويأمل الجهراويون الا تتكرر مأساة الثاني من اغسطس (آب) 1990 حين ابصروا مع بزوع فجر ذلك اليوم انتشاراً غير معهود لقوات عسكرية غريبة، اعتقد البعض ان تلك القوات هي لجيش كويتي يقوم بمناورات مفاجئة داخل المدن، لكن الاعتقاد تبدد بعد اكتشاف اللهجة التي يتحدث بها الجنود العراقيين، ففهموا ان الوضع تجاوز المناورات. والمخاوف التي تتسلل الى نفوس المواطنين هذه المرة ليست من اجتياح جديد، فهم مطمئنون من هذا الجانب نتيجة ما يشاهدونه يوميا من قوات اجنبية تحمل معدات ثقيلة تجوب الشوارع الكويتية تتجه صوب الشمال تبعث في النفوس الارتياح، لكن الخشية تنصب في قدرة العراق على تحريك واطلاق صواريخ السكود وامكانية حملها مواد كيماوية قد تصيب الاهالي الذين يرون في انفسهم انهم الدرع البشري الواقي.

ولأن السواد الاعظم من السكان في الجهراء من القبائليين، فان اسرة او عائلة لا تكاد تخلو من عسكري انضم الى احد الفروع الثلاثة، الجيش والشرطة والحرس الوطني. ويعرف عن القبائليين تدافعهم الى الانتساب للقوات العسكرية، وترتفع هذه الوتيرة في الكويت لما يحظى به العسكري من امتيازات مالية تفوق الوظائف المدنية. وهناك نسبة لا بأس بها من الخليجيين في المحافظة. اذ يعيش نحو 40 الف مواطن سعودي مع اسرهم، جعلهم اكبر جالية خليجية وعربية تتواجد في محافظة واحدة. ويبدو ان المواطنين السعوديين الذين يعملون في قطاعات متفرقة بين حكومية وقطاع خاص، لا يفكرون بالرحيل من المحافظة، لا سيما ان اغلبهم عاصر فترة الاحتلال، ومن ظل مرابطا الى ان تحررت الكويت بعد 7 اشهر من الاحتلال.

واللافت تدني الحضور الطلابي في مدارس المحافظة، فقد شهدت جميع المدارس الحكومية التي باشرت الدراسة الاسبوع الماضي بعد اجازة الربيع انحسارا في الوجود الطلابي وصل في بعضها الى حضور مايقارب الـ10بالمائة من الطلاب، ويتوقع ان تشهد المدارس الاسبوع الحالي ما يشبه حالة الاخلاء ،نظرا لاحتفالات الكويت بالعيدين الوطني والتحرير اللذين تمر ذكراهما يومي الثلاثاء والاربعاء المقبلين، وهما مناسبتان تعطل بهما الدوائر الحكومية اعمالها، لكن المدارس تستبق الاجازة الرسمية بغياب ليس في هذه السنة بالذات، لكن في السنوات الماضية ايضا.

وقال المواطن محمد العنزي لـ«الشرق الاوسط»: «ان المشكلة الحقيقية تتمثل في قدرتنا على قبول توجه الطلاب الى المدارس في اول مارس (آذار) المقبل فنحن نشعر ان الحرب باتت على الابواب، ولا يمكن التكهن بما سيقدم عليه النظام العراقي من ممارسات، لكنني لا استبعد تعطيل المدارس الاسبوع المقبل تجنبا لوقوع اخطار».

وكان النائب الاول لرئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ صباح الاحمد اكد ان المدارس ستظل مفتوحة ولن تغلق الا ان تحدث تطورات في المنطقة.

ويشرف محافظ الجهراء الشيخ علي جابر الاحمد الصباح (نجل امير الكويت) على الاجراءات الامنية والميدانية استعدادا للطوارئ. واتخذ في هذا الشأن عدد من المواقع التي حولت الى ملاجئ عامة.

والملاحظ ان الاسواق التجارية شهدت حالة من النشاط ـ وان كان طفيفا ـ في التبضع لتخزين المواد الغذائية، لكن مع زيادة الاحتمالات بالضربة العسكرية، فان هذه الاسواق قد تشهد تزاحما على مراكز المواد الغذائية.

وكانت الحكومة قد سمحت بتوزيع المواد التموينية المدعومة للمواطنين للشهرين الحالي والمقبل دفعة واحدة. وتتكون المواد المدعومة من الارز والسكر والعدس والزيت ومعجون الطماطم وحليب للكبار وحليب للاطفال ما دون السنتين.

من جهة ثانية، اشارت تقارير اعلامية الى ان القوات الكويتية قررت الزيادة من حال الاستعداد من الدرجة الثانية الى الدرجة الاولى وحجز القوات المسلحة بالكامل اعتبارا من السبت المقبل 28 فبراير (شباط) الحالي. ووزعت الوزارة على الوحدات العسكرية ذخائر الخط الاول. وحددت مهام لواء السور الذي ينحصر بين العمليات الدفاعية وعمليات الاسناد في شمال الكويت ويرجح ان تحجز وزارة الداخلية منتسبيها اعتبارا من الشهر المقبل، بعد ابلاغ العاملين بضرورة الغاء الاجازات الاعتيادية.