أزمة كوريا الشمالية تتصدر جدول أعمال جولة باول الآسيوية

آلاف العسكريين الأميركيين بدأوا مناوراتهم وبيونغ يانغ ترفض تدخل مؤتمر عدم الانحياز

TT

غادر وزير الخارجية الاميركي الجنرال كولن باول واشنطن أمس مبتدئاً جولة آسيوية تستغرق اربعة ايام يزور خلالها كلاً من اليابان والصين وكوريا الجنوبية وتركز على إنهاء برنامج الاسلحة النووية الذي اعادت كوريا الشمالية تنشيطه.

وفي المقابل، اعلنت مصادر اميركية في العاصمة الكورية الجنوبية سيول ان آلاف الجنود الاميركيين بدأوا امس مناورات قرب الحدود بين الكوريتين «بهدف اختبار قدراتهم الدفاعية» في حال تعرضهم لهجوم كوري شمالي.

وبالنسبة لجولة باول، فإنها ستتناول مع القوى الرئيسة في منطقة الشرق الاقصى موضوع اسلحة كوريا الشمالية النووية، وثمة من يشير الى ظهور خلافات حادة في وجهات النظر بهذا الشأن قبيل تسلم الرئيس الكوري الجنوبي روه مو هيون مهام منصبه رسمياً يوم الثلاثاء المقبل. وكانت واشنطن قد سعت دون نجاح واضح لإقناع بعض القوى الآسيوية الاقليمية ولا سيما الصين بالضغط على سلطات بيونغ يانغ للتخلي عن برنامجها التسلحي النووي. ففي حين تعتبر واشنطن ان الوضع غاية في الخطورة، تؤيد كل من الصين وروسيا تسوية الخلاف بسرعة عبر خطوة مباشرة من واشنطن.

المحطة الاولى في جولة باول هي اليابان التي يتوقع ان يكون قد وصل اليها فجر اليوم، وسيعقد خلال فترة وجوده في عاصمتها طوكيو لقاءات مع وزيرة الخارجية اليابانية يوريكو كاواغوتشي وغيرها من كبار المسؤولين قبل ان يتوجه الى العاصمة الصينية بكين غداً. وهناك من المتوقع ان يلتقي الوزير الاميركي بالرئيس الصيني جيانغ زيمين وبخليفته المرتقب هو جينتاو ووزير الخارجية الصيني تانغ جياكسوان.

وستختتم الجولة بزيارة كوريا الجنوبية قبيل تسلم الرئيس الكوري الجنوبي الجديد منصبه رسمياً. وحسب احد المسؤولين الاميركيين فان واشنطن تدرك ان روه (يلفظ اسمه نوه) بحاجة الى بعض الوقت لتشكيل حكومته وتقرير سياسته، وقال ان باول لا «ينوي حثه الآن على اي موقف بعينه».

المراقبون يعتقدون ان محطة بكين في هذه الجولة ستكون الاكثر صعوبة، إذ تريد واشنطن ان تكون بكين اكثر صرامة في حث بيونغ يانغ على التخلي عن طموحاتها النووية. الا انهم يرون ان الامر قد يستغرق بعض الوقت قبل ان توافق بكين على فكرة فرض عقوبات اقتصادية على كوريا الشمالية التي تتقاسم الصين معها حدوداً طويلة قد ينتهكها اللاجئون الفارون من تبعاتها. ولهذا السبب يرى القادة الصينيون انه ينبغي للولايات المتحدة ان تتفاوض مباشرة مع الكوريين الشماليين.

* المناورات العسكرية الأميركية

* في هذه الاثناء، وفوق اراضي كوريا الجنوبية باشر آلاف الجنود الاميركيين أمس مناورات عسكرية واسعة النطاق قرب خط الهدنة الفاصل بين الكوريتين ذكر انها تهدف الى اختبار قدراتهم الدفاعية في حال تعرضهم لهجوم كوري شمالي، ويفترض ان تستمر حتى العاشر من مارس (آذار) المقبل. واوضح ناطق اميركي ان حوالي خمسة آلاف عسكري من فرقة المشاة الاميركية الثانية يشاركون في هذه المناورات، ويقع مقر قيادة هذه الفرقة التي تضم 15 الف عسكري، في دونغدوشيون، التي تبعد حوالي اربعين كيلومترا شمال سيول، على احد الطرق التي سلكها الجيش الكوري الشمالي عام 1950 لغزو الجنوب.

وللعلم يرابط حوالي 37 الف عسكري اميركي باستمرار في كوريا الجنوبية بموجب اتفاق الدفاع المشترك الموقع بين البلدين منذ انتهاء الحرب الكورية. واشار الناطق باسم الفرقة الثانية الكومندان كورتيس روبرتس الى ان المناورات التدريبية تهدف الى «تقييم قدرات الوحدات التي تكلف مهمات في زمن الحرب... انها مناورات تجري كل ستة اشهر ولا علاقة لها بالوضع الدبلوماسي والسياسي الحالي، وحوالي ثلث العسكريين الـ15 الفا يشاركون فيها».

الا انه تجدر الاشارة الى ان هذه المناورات تعد تمهيدا لتدريبات اكبر للعسكريين الاميركيين والكوريين الجنوبيين بين 4 مارس و2 ابريل (نيسان) المقبل. وقالت السلطات الكورية الجنوبية ان هذه التدريبات التي تجري سنويا دفاعية «تهدف الى تعزيز قدرة القوات المتحالفة على الدفاع عن كوريا الجنوبية» ضد عدوان خارجي.

* قمة عدم الانحياز

* على صعيد آخر، ابلغت كوريا الشمالية الدول الاعضاء في حركة عدم الانحياز أمس انها لا ترغب في مناقشة سياستها النووية خلال القمة السنوية للحركة، لكنها طلبت تأييد الدول النامية في التنديد بالولايات المتحدة، وارسلت وفدا للمشاركة في القمة الحالية، المنعقدة بعد غد في العاصمة الماليزية كوالالمبور، للحركة التي يبلغ عدد اعضائها 114 عضوا. وتبعاً لمبعوث كان حاضرا في لجنة نزع السلاح التابعة للحركة التي تبحث في كيفية مواجهة الازمة الناشبة بين واشنطن وبيونغ يانغ حول السلاح النووي فان كوريا الشمالية «تقول ان امنها مهدد». ومعلوم ان قيادة كوريا الشمالية التي تعتبرها واشنطن من «محور الشر» و«الدول المارقة» تصر على اجراء مباحثات ثنائية مع الولايات المتحدة وتطالبها بتوقيع معاهدة عدم اعتداء معها. كذلك قال عضو رفيع بالوفد الكوري بعد خروجه من محادثات لجنة نزع السلاح «اوضحت كوريا الشمالية ضرورة حل سياستها النووية من خلال مفاوضات مع الولايات المتحدة». واردف المبعوث ان بيونغ يانغ تطالب حركة عدم الانحياز بإدانة واشنطن، لكنه يقول في الوقت نفسه ان القمة ليست المنتدى المناسب لمناقشة سياستها في مجال الانتشار النووي. وترغب بيونغ يانغ في معالجتها كمشكلة ثنائية مع الولايات المتحدة.

* موسكو مستعدة للعمل في إطار الأمم المتحدة لحل الأزمة

* قال السفير الروسي في الامم المتحدة سيرغي لافروف في مقابلة مع صحيفة «فريميا نوفوستي» نشرتها امس ان موسكو مستعدة للعمل في اطار الامم المتحدة لحل ازمة كوريا الشمالية مع الولايات المتحدة، وكانت روسيا تدعو حتى الآن الى «حوار مباشر» بين واشنطن وبيونغ يانغ. وجاء في كلام لافروف «ان شركاءنا الاميركيين يعتبرون من المفيد استخدام آلية متعددة الجوانب... ونحن لا نعارض ذلك ومستعدون للعمل في اطار آليات مجلس الامن الدولي شرط ان تترافق هذه العملية بحوار ثنائي». وكانت الولايات المتحدة قد رفضت مجدداً يوم اول من امس اي بحث في حوار مباشر مع الكوريين الشماليين.

=