فرنسا وألمانيا وروسيا ترد على مشروع القرار الأميركي ـ البريطاني بمذكرة وبلير يصفها بـ«العبث» ويطالب صدام بالتعاون التام

TT

لم يكن من المفاجئ ان تقدم الولايات المتحدة وبريطانيا وبالاشتراك مع اسبانيا مشروع قرار جديد يمنح تفويضا ضمنيا باستخدام القوة العسكرية ضد العراق على اعتبار أن بغداد لم تستفد من الفرصة الأخيرة التي منحها القرار 1441 وفق نص مشروع القرار. ولكن المفاجأة في الخطوة الأميركية ـ البريطانية هو نص مشروع القرار الذي تميز بالبساطة والمباشرة على حد تعبير السفير الأميركي جون نيغربونتي. وقد وضع نص المشروع جميع أعضاء مجلس الأمن أمام امتحان حقيقي حيث شدد على القول أن القرار 1441 كان بمثابة الفرصة الأخيرة وبين بوضوح ما يسمى بالقائمة (الإرشادية) التي يتعين على بغداد اتباعها لحل ما تبقى من قضايا معلقة ذات صلة بأسلحة الدمار الشامل. ووصف مصدر دبلوماسي من مجلس الأمن مشروع القرار بانه «خبيث تماما» وقال «إن المطروح في نص المشروع لا يتيح الا مجالا ضيقا للمفاوضات، وعلى أعضاء مجلس الأمن أما القبول به أو رفضه حيث أن الأساس للمشروع هو القرار 1441 الذي وفر فرصة أخيرة لنزع أسلحة العراق سلميا». في المقابل ردت فرنسا والمانيا على مشروع القرار الاميركي البريطاني بمذكرة أيدتها روسيا والصين قالت ان اللجوء الى القوة يجب ان يكون «الخيار الاخير» وان «الشروط لاستخدام القوة ضد العراق لم تجتمع بعد في الوقت الراهن». واضاف النص ان «على العراق ان ينزع اسلحته وان يتعاون تعاونا تاما وناشطا» مؤكدا ان عمليات التفتيش «لا يمكن ان تستمر الى ما لا نهاية».

وأشارت المذكرة الى الفقرتين 13 و14 من نص القرار 1441 واللتين فوضتا رئيس لجنة انموفيك ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقديم تقرير إلى مجلس الأمن في حالة حدوث أي انتهاك مادي أو عدم وفاء العراق بالتزاماته وفق القرار .1441 والمذكرة المشتركة تبدو خطوة للرد على موقف توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الذي دفع حسب قول مصادر دبولوماسية موثوقة لـ«الشرق الأوسط» إدارة الرئيس جورج بوش إلى التعهد بتقديم مشروع قرار يمنح شرعية باستخدام القوة العسكرية ضد العراق الذي اتخذته الولايات المتحدة منذ فترة طويلة. وتضيف نفس المصادر إن «بلير يسعى إلى الحصول على شرعية الحرب ضد العراق من خلال قرار من مجلس الأمن الدولي وذلك لتجاوز الأزمة الداخلية التي يواجهها».

وانتقد بلير امس الخطة الفرنسية الألمانية بنزع سلاح العراق سلميا قائلا انه من «العبث» الاعتقاد بان مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة قد يعثرون على اسلحة الدمار الشامل دون تعاون كامل من بغداد. وقال بلير في كلمة امام مجلس العموم البريطاني «من العبث تصور ان المفتشين سيتشممون اماكن الاسلحة والوثائق المرتبطة بها دون مساعدة السلطات العراقية.

انهم ليسوا وكالة للمخبرين السريين وحتى اذا كانوا كذلك فان العراق دولة مساحتها شاسعة بمثل مساحة فرنسا تقريبا».

وقال بلير ان التصويت على مشروع القرار الجديد تأجل اسبوعين او اكثر قليلا لمنح الرئيس العراقي صدام حسين فرصة اخرى لنزع سلاحه طواعية ولكن يتحتم عليه الان التعاون بنسبة 100 في المائة.

وقد أوضح السفير البريطاني جيرمي غرينستوك في المداخلة التي قدمها أثناء تقديم نص المشروع إلى أعضاء المجلس قائلا «إن بريطانيا تسعى من خلال تقديم نص المشروع الحفاظ على سيطرة المجلس على هذه العملية ولإعادة بناء إجماع المجلس كما حدث في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) بأن العراق قد اختار الطريق الضال».

ومضى السفير البريطاني الذي يعي حجم الخلافات بين أعضاء مجلس الأمن يقول «إننا سوف لن ندعو إلى التصويت على مشروع القرار حتى تتم المناقشات المناسبة ونحن مستعدون لأي اقتراحات حول النص». وقال جاك سترو وزير الخارجية البريطاني ان العراق لا يزال امامه فرصة اخيرة لينزع سلاحه سلميا. لكنه صرح بانه اذا فشل العراق خلال الاسبوعين القادمين «في انتهاز الفرصة الاخيرة والتي فوتها حتى الان» فعلى مجلس الامن ان يتحرك.

وقال سترو لهيئة الاذاعة البريطانية «الامم المتحدة لن تكون قادرة على العمل الا اذا قبلت بتحمل مسؤولياتها. نعتقد انه يجب ان يكون للكلمات معنى واحد... اذا قيل للعراق قبل اربعة اشهر وبعد 12 عاما من المراوغة «امامك فرصة اخيرة اذا لم تنتهزها ستحدث عواقب وخيمة» يجب ان تعني هذه الكلمات ما تقوله. والا ستصبح سلطة الامم المتحدة بالفعل محل تساؤل».

واعلن سفير المانيا لدى الامم المتحدة غونتر بلويغر الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الامن الدولي ان المجلس سيعقد اجتماعا مغلقا آخر الخميس لبحث مسألة العراق. واوضح المندوب الالماني ان هذه المهلة ضرورية لتدرس عواصم الدول الاعضاء في مجلس الامن النصين. لكن مشاورات غير رسمية يفترض ان تتواصل في المجلس طوال الاسبوع.

وقد رأى دبلوماسيون ان المذكرة الفرنسية لن تطرح للتصويت لكنها ستؤثر على سير المشاورات بشأن مشروع القرار الاميركي البريطاني الاسباني.

واعرب سفير الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة جون نيغروبونتي عن امله في ان يتبنى مجلس الامن الدولي بسرعة مشروع القرار الجديد حول العراق. وقال في كلمته امام مجلس الامن «نعتقد الان انه من الواضح جدا ان العراق رفض نزع اسلحته ولا ينوي ابدا ان يفعل ذلك».

لكن غرينستوك اكد في تصريحات «لن ندعو للتصويت على القرار قبل ان تجرى المناقشات اللازمة»، مؤكدا ان بريطانيا واسبانيا والولايات المتحدة «تريد الوقت اللازم لمناقشات كاملة» ولن تدخل اي تعديل على النص الذي تقدمت به.

واوضح ان مشروع القرار لا يحدد مهلة للعراق لانه لا يوجه انذارا، مشيرا الى ان الدول الثلاث «تريد حدا اقصى من التوافق» لتدرك الحكومة العراقية انها اخطأت رفضها القرار .1441 وقال تانج جيا شوان وزير الخارجية الصيني لكولن باول وزير الخارجية الاميركي ان الصين لا ترى حاجة الى قرار ثان بشأن العراق وتعتقد ان الجهود الدبلوماسية ينبغي تركيزها على اجبار بغداد لنزع الاسلحة دون حرب.

والتقى تانج مع باول في بكين اول من امس ولخص كونج تشوان المتحدث باسم وزارة الخارجية تصريحاته امس.

ونقل كونج عن تانج قوله «يعتقد الجانب الصيني انه ليست هناك حاجة الى قرار ثان... يعتقد الجانب الصيني اننا لا بد ان نركز طاقاتنا وادخار مساعينا معا لتنفيذ القرار 1441 بشكل جيد».

وقال هاوارد ليتش السفير الاميركي في باريس امس ان واشنطن سوف تعتبر اي اعتراض فرنسي على قرار من الامم المتحدة يسمح بشن حرب على العراق تصرفا غير ودي.

وصرح السفير لتلفزيون ال.سي.اي أنه يأمل ان توافق فرنسا على انه يتعين على الامم المتحدة القيام بعمل لنزع اسلحة العراق.

وأضاف «اتمنى الا يكون هناك نقض (فيتو) لان النقض سيكون غير ودي للغاية ولن يكون رأينا طيبا حيال ذلك».