بريطانيا تطرد عائلة عبد الباسط المقرحي إلى ليبيا

عائشة الباجقني قبل عودتها اليوم إلى طرابلس الغرب: زوجي بدأ يكتب مذكراته

TT

عائلة الليبي عبد الباسط المقرحي، السجين في اسكوتلندا بقضية لوكربي، تغادر مدينة غلاسكو صباح اليوم على متن طائرة ليبية تعيد زوجته ومعظم أولاده الى طرابلس الغرب مطرودين بقرار من وزارة الداخلية البريطانية.

وأمس تحدثت «الشرق الأوسط» الى زوجة المقرحي، السيدة عائشة الباجقني، فقالت بالهاتف من بيتها في بلدة نيوتن ميرنس، بجوار العاصمة الاسكوتلندية، غلاسكو، إنها حزينة لالزامها على العودة مع 4 من أولادها الخمسة وشقيقها عبد الرؤوف «بطريقة لا أراها انسانية بالمرة، لأننا لم نكن نقيم هنا سياحا، بل ألزمتنا الظروف على البقاء لنكون بقرب عبد الباسط وهو في سجنه، الا أنهم لا يريدوننا بينهم على الاطلاق» وفق تعبيرها.

وقالت إنها عاشت مع شقيقها عبد الرؤوف، 30 سنة، وأولادها: غادة، 19 سنة، وخالد الذي يصغرها بثلاثة أعوام، ومحمد، 11 سنة، ثم علي، 7 أعوام، اضافة الى الصغير معتصم، وبالكاد عمره 4 سنوات «في جو اساءات متكررة ومتنوعة، فقد كنا مهددين دائما بالطرد، وسط رفض سلطات الاقامة والهجرة منحنا اقامة شرعية، وكانوا دائما يطلبون منا العودة الى ليبيا، زاعمين أن وجودنا في اسكوتلندا غير شرعي (...) ولم أكن أرى الدعم النفسي حقيقة الا من شقيقي عبد الرؤوف، فلولاه لما استطعت العيش وحيدة كامرأة مع أولاد صغار في بلاد تختلف عاداتها وتقاليدها عما تربينا عليه في ليبيا».

وذكرت أن سلطات الاقامة والهجرة ضغطت على ادارات المدارس التي تعلم فيها أولادها طوال 5 أشهر مضت «بهدف طردهم منها، وظلوا يطلبون مني اخراجهم من تلك المدارس، لأنها حكومية، لتسجيلهم في كليات ومعاهد خاصة، فواتير دراستهم فيها أكثر من 10 آلاف دولار، لذلك وجهوا لي انذارا ينتهي في 2 الشهر المقبل، فقررنا المغادرة غدا (اليوم) والا نالت منا العقوبات» كما قالت.

وذكرت أن كبرى أولادها، وهي غادة، ستبقى في غلاسكو الى أن تنتهي مدة تأشيرتها «وستقيم في بيت صديقتها، وهي ابنة الملحق المالي في القنصلية الليبية بالمدينة، عبد الله القريدي، لتتابع دراستها للانجليزية في كلية بجامعة محلية، ومن بعدها تعود الى طرابلس الغرب، أو نعود نحن الى غلاسكو ثانية، لأنهم وعدونا بدراسة ملف اقامتنا ونحن في ليبيا، فاذا سمحوا عدنا».

وكانت عائشة الباجقني وصلت مع أولادها الى اسكوتلندا في منتصف العام الماضي لتقيم في غلاسكو في منزل من 5 غرف نوم تم شراؤه بالتنسيق مع الحكومة البريطانية، لتكون قريبة من زوجها وتزوره مع الأولاد مرة كل 10 أيام في سجن بارليني، البعيد عن 35 كيلومترا «لكن اقامتنا كانت كلها تهديداً بتهديد، وعانينا الكثير من الهوان، لأنه لم يكن يمر يوم الا وكانوا يعيدون فيه الى ذاكرتنا قضية لوكربي، وهي قضية ليس لزوجي فيها ناقة ولا جمل، بحيث لم أعد أطيق العيش وسط المتاعب ووسط ما عانيناه من صحافة هذه البلاد التي كررت الاتهامات لأولادي بأنهم ورثة ارهاب ووالدهم ارهابي، حتى أنهم كانوا يعودون كل يوم من مدارسهم للبيت وعلى وجوههم الامتعاض بشكل واضح» واضافت أن البنوك لم تسمح لها بفتح حساب باسمها أو باسم شقيقها هناك «مع أنني لم أكن أعاني من أي مشكلة مالية، فالسلطات الليبية كانت تقوم بالواجب وأكثر» كما قالت.

وذكرت السيدة عائشة أنها زارت زوجها في السجن يوم السبت الماضي «وكانت آخر مرة أراه فيها (...) لاحظت عليه الامتعاض والحزن حين أخبرته بأننا سنغادر، وأن البيت لن يكون لنا بعد اليوم، بل سيظل خاليا، والأولاد في حالة حزن عام لابعادهم عن والدهم وعن مدارسهم والفصل الدراسي ما زال في منتصفه تقريبا».

وكشفت عائشة الباجقني أن زوجها أخبرها أنه بدأ يكتب مذكراته منذ مدة في زنزانته الانفرادية بالسجن «لكني لم أسأله حقيقة عن محتوياتها، ولا أدري الى ماذا سيتطرق فيها» كما قالت.

وروت واحدة من الاساءات التي كانت تتعرض لها من أهالي المنطقة التي كانت تعيش فيها بغلاسكو، حيث هاجم مجهولون في احدى المرات بيتها في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقذفوه ببيض فاسد وموز وبرتقالات متعفنة قبل فرارهم وسط العتمة، ثم عادوا عند السحور، وكان شهر رمضان، وكرروا الرجم المرعب بأسلوب هستيري «فأشبعونا ذعرا وارتباكا داخل البيت، الى أن وصلت دورية من الشرطة، مضت من بعدها وكأن شيئا لم يحدث» على حد تعبيرها.

وقالت عائشة: «هذه ضريبة ندفعها، وأنا أكرر دعوتي للسلطات الصديقة، وفي مقدمتها السعودية بشكل خاص، وكذلك جنوب أفريقيا، بأن تنظر لقضية زوجي من جديد وتسعى لاعادة محاكمته، أو لتساعد على الأقل في نقله، بحيث يقضي عقوبته في بلد عربي، وبهذا نكون قريبين منه ونزوره دائما».