بنك إسرائيل يفند مزاعم الحكومة وشارون يؤكد: الأزمة الاقتصادية ناجمة عن الانتفاضة والتدهور العسكري

TT

في الوقت الذي يزعم فيه رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، ووزير ماليته الحالي سلفان شالوم، وغيرهما من قادة الليكود الحاكم، بان أحد اسباب الازمة الاقتصادية الخطيرة هو التأثر من الازمة الاقتصادية العالمية، اصدر بنك اسرائيل المركزي تقريرا ينفي فيه تماما هذا السبب ويقول ان الانتفاضة الفلسطينية والعمليات العسكرية الاسرائيلية هي السبب الاساسي للازمة يضاف اليه الاداء السيئ للحكومة.

وتحدث هذا التقرير بتشاؤم حاد عن التوقعات للسنة الحالية وللسنة المقبلة، مما اثار غيظ شارون وجعله يرى في رئيس البنك، ديفيد كلاين، خصما. وراح يفتش عن وسيلة للتخلص منه واقالته او دفعه الى الاستقالة واتهمه بالتخريب على الحكومة في جهودها المحمومة للحصول على المساعدات الاميركية السخية التي طلبتها، وهي بقيمة 4 مليارات دولار هبة لمرة واحدة و8 مليارات دولار ضمانات بنكية، علما بان الادارة الاميركية لم تصادق على هذه المساعدات بعد ووجهت للوفد الاسرائيلي الرسمي مجموعة اسئلة طلبت اجابات واضحة وتفصيلية عنها تتعلق بخطة الحكومة الاقتصادية للسنة الجارية والسنوات المقبلة، وكيف ستتغلب على العجز في الميزان التجاري وتخفف المصاريف التبذيرية الكبيرة وكيف ومتى ستطبق سياسة السوق الحرة بالكامل، على الطريقة الاميركية.

يذكر انه توجد لدى وزارة المالية الاسرائيلية خطة تفصيلية في هذه الامور. واعلن مدير عام الوزارة، اوهاد مواني، تفاصيل الخطة امام الاميركيين. لكنهم سألوه ان كان يضمن ان تقر الخطة في الحكومة المقبلة، فاجاب: «لا. لا اضمن شيئا. فلا احد يعرف بعد ما هي تركيبة الحكومة. وكيف ستقر هذه الخطة». لهذا رددوا عليه وعلى مرافقيه بان عليهم العودة الى اسرائيل وجلب خطة موثوقة ومصادق عليها.

ومنذ ذلك الحين، أي منذ نهاية الاسبوع الماضي، والحكومة تسابق الزمن في انجاز الخطة وترويجها بين الجمهور في سبيل اقرارها في اسرع وقت وارسالها الى واشنطن.

وهذا هو احد الاسباب الاساسية لقرار شارون الاستعجال في تشكيل الحكومة وعرضها على الكنيست في اقرب وقت (يتوقع ان يتم هذا غدا). فهو بحاجة ماسة الى المساعدات الاميركية، ويريد ان يتم اقرارها بسرعة، لان الادارة الاميركية اليوم لا تربط بين هذه المساعدات وبين التحركات السياسية ولا تشترط على شارون ان يقدم اية التزامات سياسية لقاء هذه المساعدات ولا حتى الامتناع عن صرف بعض هذه الاموال على الاستيطان في المناطق الفلسطينية المحتلة. ويخشى شارون ان يتغير هذا الموقف الاميركي بعد الحرب على العراق، حيث ستطالب اوروبا الولايات المتحدة بتغيير الاوضاع في الشرق الاوسط باتجاه تسوية النزاع بخطة سلامية.

يذكران تقرير بنك اسرائيل، اوضح ان النصف الثاني من سنة 2002 كان اسوأ من النصف الاول على عكس تقديرات وزارة المالية. اذ ان معدل الناتج القومي للفرد انخفض بنسبة 6 في المائة والصادرات انخفضت بنسبة 77 فى المائة والاجر الحقيقي بنسبة 6 فى المائة فيما انخفضت بنسبة البطالة الى 10.6 في المائة ويتوقع ان تصل الى 12 في المائة في نهاية هذه السنة.

اما خطة الوزارة لمواجهة هذه الازمة، فانها تقضي اولا بتخفيض المصاريف في الموازنة بمبلغ 8 ـ 10 مليارات شيكل (حوالي ملياري دولار)، اضافة الى 7 مليارات شيكل تم تقليصها في السنة الماضية.

وسيتم جمع هذه المبالغ الطائلة من عدة اجراءات (بل ضربات) اقتصادية قاسية للمواطنين مثل: تقليص عدد العاملين في المؤسسات الحكومية والجماهيرية المدعومة من الدولة، واغلاق دوائر حكومية ودمج بعضها ببعض، والغاء خمس وزارات قائمة حاليا ودمج تخصصاتها بوزارات اخرى مثل وزارة الاديان ووزارة التجارة والصناعة وغيرها، وتوحيد مؤسستي ضريبة الدخل والتأمين الوطني وخصخصة معظم الشركات الحكومية، والغاء النظام الذي يقود الى رفع الاجور بمستوى التضخم المالي، والغاء الامتيازات المعطاة لعدد من المناطق الجغرافية في اسرائيل بما في ذلك بعض الامتيازات المعطاة للبلدات الحدودية، والغاء الترقيات التي تحمل في طياتها زيادة اجور، والتقليص في مخصصات تأمين الاولاد للعائلات كثيرة العدد وغيرها. والهدف البعيد من هذه الاجراءات هو تقليص العجز في الميزانية الى 1.5 في المائة (بدل 4 في المائة حاليا).

ويرى بنك اسرائيل ان الناخبين، عندما اختاروا الليكود الى الحكم (رفعوه من 19 الى 38 نائبا في الكنيست في الانتخابات الاخيرة) وشارون رئيسا للحكومة، قالوا عمليا انهم يؤيدون هذه الضربات. اذ ان شارون لم يخف النية لاجراء التقليصات المذكورة خلال المعركة الانتخابية، لذلك لا يوجد مبرر لان تمتنع عن هذه الاجراءات.

يذكر ان الولايات المتحدة تنتظر من الحكومة الاسرائيلية وضع خطة احتياطية تضمن اتخاذ اجراءات اخرى قاسية في حالة فشل هذه الخطة.