جدل في مجلس المستشارين المغربي حول ضمان تمثيل أكبر للنساء في البلديات

TT

بينما يصادق مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية في البرلمان) اليوم في جلسة عمومية على مجموعة مشاريع قوانين من بينها مشروع القانون التنظيمي لمجلس المستشارين ومشروع مدونة (قانون) الانتخابات، طالبت جمعيات نسائية وهيئات حقوقية من الفرق البرلمانية اعتماد تعديلات على هذين المشروعين لضمان تمثيلية اكبر للنساء في الجماعات المحلية (البلديات) حتى يتسنى لهن دخول الغرفة الثانية، ودعت الى اتخاذ اجراءات قانونية وتدابير تحفيزية تضمن تمثيلية للنساء لا تقل عن 30 في المائة داخل البلديات، التي تؤهل بشكل كبير دخول المرأة الى مجلس المستشارين.

وقال عبد الحق التازي، رئيس الفريق الاستشاري لحزب الاستقلال (مشارك في الحكومة) لـ«الشرق الأوسط» ان المطلب النسائي معقول، مشيرا الى ان النساء في جميع اجهزة حزب الاستقلال يمثلن 20 في المائة من اجمالي اعضاء الحزب لذلك سيتقدم الحزب بترشيحات نسائية لدعم وجودهن في البلديات والغرف المهنية ومجلس المستشارين.

واكد التازي ان حزبه لم يتقدم بتعديلات حتى الآن في هذا الشأن، وعزا ذلك الى صعوبة تطبيق نظام الحصة «الكوطا» على غرار ما وقع في مجلس النواب (الغرفة الاولى) الذي سمح بتخصيص مقاعد للنساء بواسطة لائحة وطنية تصل الى 10 في المائة.

ومن جهته، اعتبر المعطي بنقدور رئيس الفريق الاستشاري للتجمع الوطني للاحرار (مشارك في الحكومة) مطلب الجمعيات النسائية جد مستحيل لغياب تقنية قانونية يمكن من خلالها تطبيق نظام «الكوطا»، واستدل على ذلك بالبلديات التي يقل عدد سكانها عن 25 الف نسمة، والتي سيطبق بها نظام الاقتراع الاحادي الاسمي، حيث سيواجه الناخب المنتخبين وجها لوجه.

واوضح بنقدور ان العمل الجماعي (البلدي) يختلف كليا عن العمل التشريعي لانه يتطلب حضورا جسديا وفكريا ومهنيا لاتستطيع معه النساء ممارسة عملهن بكل اتقان عملي. واشار الى الاختلاف القائم بين الجماعات القروية والحضرية، حيث الكتلة الناخبة الاولى لم تتعود بعد على اختيار النساء في الانتخابات البلدية لكون الحاجيات المزمع تنفيذها تتطلب جهدا كبيرا كالبنية التحتية من طرق ومسالك ومصارف الوأد الحار والانارة وغيرها، والرجل هو القادر على تلبية رغبات ناخبيه. ولاحظ ان المشروع الحالي الذي تناقشه لجنة العدل والتشريع لم يطرح تفرقة بين ذكر وانثى فهو يتحدث عن ناخب ومنتخب بصفة عامة.

ويرى عبد العزيز لقريعة رئيس الفريق الاستشاري للاتحاد الديمقراطي (مساند للحكومة مساندة نقدية) ان التسيير المحلي لايمكن ان يفرض فيه لائحة وطنية على غرار ما وقع في الانتخابات التشريعية لاختلاف مضامين واهداف الاقتراعين. مشيرا الى ان الاقتراع الثاني يوفر حظوظا كبرى للنساء كما ان طبيعته السياسية تدعم هذا المسعى، في حين يرتكز الاقتراع الاول على ضرورة التوفر على قدرات محلية يعترف بها من لدن الناخب. واقترح لقريعة وضع نساء على رأس اللوائح الحزبية اسوة بالرجل في اطار منافسة شريفة تضمن الحقوق لكلا الجنسين بدل الاخد بنظام الحصة.

ومن جهته قال عبد القادر ازريع رئيس الفريق الكونفدرالي (نقابة عمالية معارضة) ان منطق الحصة «الكوطا» الذي اعتمدته الحكومة في مجلس النواب منطق متكامل يجب ان يشمل كل المؤسسات التمثيلية في البرلمان بغرفتيه، وايضا الغرف المهنية مرورا بالمقاطعات والجماعات القروية.

وكشف ازريع عن تعديلات فريقه القاضية بتخصيص 10 في المائة من المقاعد للنساء وهو ما يعادل 12 مقعدا لضمان حد ادنى لتمثيلية نسائية. واقترح توزيعها بتخصيص 6 مقاعد للائحة الوطنية تخص هيئة الجماعات المحلية (البلديات) ومقعدين بالنسبة لغرف التجارة والصناعة، ومقعدين بالنسبة لغرف الصناعة التقليدية، ومقعدين بالنسبة لهيئة المأجورين اي النقابات العمالية، واستثنى غرف الفلاحة والصيد البحري نظرا لطبيعتها المتعارضة مع النساء. واشترط رفض اللوائح المقدمة التي لاتتضمن هذه النسبة.

ونفى ازريع ان يكون نظام الحصة «الكوطا» قد دعم الترشيحات العائلية كما جرى في مجلس النواب. ورفض ان يتم ربط النساء بالترشيح العائلي، مستدلا على وجود ذلك حتى بالنسبة للرجال واعتبر ان هذه الظاهرة ليست بجديدة بل تتعلق بمزاج السياسيين والطبقة السياسية برمتها التي تستعين بالعائلة (الابن والاخت والزوجة وغيرهم). وفي السياق ذاته، قال احمد بنا، رئيس الفريق الاستشاري الدستوري (معارضة) ان مدونة (قانون) الانتخابات لم تأت بجديد لكونها سلكت مسلكا مزدوجا باعتماد نظامين للاقتراع، الاول هو الاحادي الاسمي في البلديات التي يقل عدد سكانها عن 25 الف نسمة والثاني هو الاقتراع باللائحة التي يزيد عدد سكانها عن 25 الف نسمة. واضاف ان فريقه رفض هذه الازدواجية لانه لا يرى تمييزا بين منتخب عادي ومنتخب ممتاز. واوضح ان الازدواجية لا تساعد على تلبية المطلب النسائي لصعوبة التطبيق بالنسبة للاقتراع المعتمد على الاحادي الاسمي اضافة الى سيادة القرعة بالنسبة للجهة، والتي تعيق بشكل كبير مرور النساء من البلديات على قلتهن الى مجلس المستشارين.