باريس: فشل حوار شيراك ـ أزنار وبوادر انقسام في البرلمان الفرنسي حول إمكانية استخدام «الفيتو» ضد المشروع الأميركي ـ البريطاني

TT

لم تنفع ساعة ونصف الساعة من المحادثات بين الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس الوزراء الاسباني خوسيه ماريا أزنار، بحضور رئيس الحكومة الفرنسي ووزيري خارجية البلدين في التقريب بين مواقف باريس ومدريد من الازمة العراقية.

وتبين من خلال تصريحات شيراك وأزنار للصحافة، عقب انتهاء اللقاء، ان المباحثات كانت اشبه بـ«حوار الطرشان». ففيما اكد الرئيس الفرنسي مجدداً معارضة بلاده الشديدة لصدور قرار جديد عن مجلس الامن يعطي مداورة او مباشرة الضوء الاخضر لعملية عسكرية ضد بغداد، اعتبر أزنار، ان القرار الجديد «سيكون مفيداً».

وأعلن شيراك ان هناك خلافات في وجهات النظر مع اسبانيا حول الطريقة الواجب اعتمادها لتحقيق «الهدف المشترك». وقال ان «فرنسا ترى ان ثمة امكانية لتحقيق هذا الهدف (نزع السلاح) بالوسائل السلمية بواسطة عمليات التفتيش، وبالتالي فالحرب ليست محتومة وهي، بأي حال، أسوأ الحلول واعتراف بالفشل».

واضاف شيراك: «نحن لا نرى أي سبب للتخلي عن القرار 1441، ولذا نحن نعارض أي قرار جديد».

وكان أزنار الذي اكد امام الصحافة تعلق بلاده بأن تحل المسألة العراقية في اطار مجلس الامن قد هاجم بعنف شديد المقترحات الفرنسية ـ الالمانية ـ الروسية التي قدمت الاثنين الماضي الى مجلس الامن، فيما ساهمت مدريد مع لندن وواشنطن في تقديم مشروع القرار الجديد للسماح باستخدام القوة.

وأظهرت المناقشات التي دارت امس داخل مجلس النواب الفرنسي وفي مجلس الشيوخ بداية انقسام حول امكانية لجوء باريس الى استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الامن. وسعى وزير الخارجية دومينيك دوفيلبان، ووزيرة الدفاع ميشال اليو ـ ماري الى تطويق الجدل بالتأكيد ان استخدام الفيتو، كما قال «غير مطروح في الوقت الحاضر بسبب ميزان القوى القائم حالياً» داخل مجلس الامن الدولي، حيث اكثرية اعضائه تميل، حتى الآن، الى جانب المحور الفرنسي ـ الالماني ـ الروسي الداعي الى استمرار عمليات التفتيش على الاسلحة وتفضيل الوسائل السلمية لنزع اسلحة الدمار الشامل العراقية.

وافادت مصادر فرنسية عليمة بأن باريس تلعب «ورقة خطيرة» اذا ما كان عليها ان تستخدم حق النقض، بالنسبة لمستقبل الامم المتحدة التي توفر لفرنسا كثيراً من النفوذ بسبب عضويتها الدائمة في مجلس الامن وبالنسبة للعلاقات مع واشنطن والمصالح الفرنسية ووحدة وانسجام الاتحاد الاوروبي.

وقالت هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» ان باريس «لن تتردد في استخدام الفيتو اذا كانت هناك دولة اخرى، تتمتع بنفس الحق، مستعدة بدورها لاستخدامه»، والدولتان المحتملتان هما روسيا والصين اللتان تقفان، الى جانب فرنسا، في خندق «جبهة الرفض» للتوجه الاميركي.

غير ان فرنسا تريد ألا تصل الامور الى هذا الحد عن طريق حرمان واشنطن من الاصوات التسعة اللازمة لاستصدار قرار جديد عبر مجلس الامن.

وسعى رئيس الوزراء الفرنسي جان بيار رافاران امس، في الكلمة التي القاها بعد ظهر امس امام النواب، الى تطمين الجبهة الوطنية حول العلاقات مع واشنطن. وقال رافاران: «ان الاختلاف في وجهات النظر مع الولايات المتحدة لا يمكن ان يفضي الى تهديد علاقاتنا معها». وذكر رافاران بالتضامن الذي اظهرته فرنسا ازاء واشنطن عقب عمليات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 للتدليل على عمق الروابط بين باريس وواشنطن. وجاءت هذه العبارات، بالدرجة الاولى برسم عدد من نواب اليمين ومنهم آلان مادلين، المرشح الرئاسي السابق، ورئيس جمعية الصداقة الفرنسية ـ الاميركية بونيا تونيكي. ونائب باريس بيار لولوش وغيرهم الذين عبروا علنا عن معارضتهم للخط الفرنسي ازاء المسألة العراقية في مجلس الامن.

وكان لافتاً ان رافاران لم يعد يستبعد امكانية اندلاع الحرب في العراق، حيث اعلن ان «الازمة اليوم هي ربما الحرب غداً». وجدد رئيس الوزراء التعبير بقوة عن الموقف الفرنسي القائل بأنه «من غير الجائز، في اية حالة وأي مكان، ان يستبدل حق القوة بقوة الحق»، مضيفاً ان معركة فرنسا هي «معركة القانون حيث ان فرنسا ما زالت أمينة لخيارها الاول اي خيار الشرعية الدولية والمسؤولية الجماعية».