نقل أصولي بريطاني جديد إلى غوانتانامو بعد احتجازه 12 شهرا في باغرام بأفغانستان

TT

تتحدث اوساط الاصوليين في بريطانيا عن معاناة اسلامي بريطاني معتقل حاليا في معسكر دلتا بقاعدة غوانتانامو الاميركية حيث يحتجز فيه 650 معتقلاً يمثلون 44 جنسية من سجناء «القاعدة» وطالبان. والاصولي البريطاني اسمه معظم بك وهو من مدينة برمنغهام، ويعتبر اخر البريطانيين الذين وصلوا الى غوانتانامو الاميركية في كوبا.

وتعتبر المصادر البريطانية العليمة ان معظم بك هو احدث اسلامي ينضم الى المعتقلين، اذ وصل معظم بك الى كوبا ضمن الدفعة الاخيرة يوم 7 فبراير (شباط) الجاري. وقالت مصادر الاصوليين في برمنغهام ان معظم بك اعتقل اثناء سيره في الشارع يوم 30 يناير (كانون الثاني) 2002 في العاصمة الباكستانية اسلام اباد، وشارك في حملة اختطافه اثنان من ضباط المباحث الفيدرالية الاميركية (اف.بي. آي)، بالاضافة الى عناصر الاستخبارات الباكستانية التي كانت تترصده عقب خروجه من افغانستان.

وكشفت مصادر الاصوليين ان معظم بك ذهب الى افغانستان في اغسطس (اب) 2001، لافتتاح مدرسة لتعليم البنات الصغيرات، ضمن مشروع خيري يمول من قبل التبرعات من بريطانيا، وغادر كابل بعد انطلاق العمليات العسكرية على افغانستان في 7 اكتوبر (تشرين الاول) .2001 وآخر اتصال تلقاه عظمة والد معظم بك كان عبر هاتفه الجوال من سيارة الخاطفين التي اقلته من شوارع اسلام اباد على الفور الى العاصمة كابل ومنها الى قاعدة باغرام الاميركية. ولم ير معظم بك منذ اختطافه نهاية يناير 2002 ايا من مسؤولي الصليب الاحمر الدولي، او احدا من عائلته.

وقالت المصادر الاصولية ان الاصولي البريطاني تعرض الى التعذيب النفسي والبدني عقب احتجازه واقتياده الى قاعدة باغرام الجوية الاميركية في افغانستان لمدة 12 شهرا قبل ان يتم ترحيله الى غوانتانامو بداية شهر فبراير الجاري.

* ثلاث رسائل من قاعدة «باغرام» الأميركية

* وقال عظمة بك، 64 عاما، والد معظم بك في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الاوسط» انه تلقى ثلاث رسائل فقط حتى الان من ابنه اثناء فترة اعتقاله في قاعدة باغرام الجوية بافغانستان، لكنه لم يتلق اي رسائل من نجله منذ ترحيله الى قاعدة غوانتانامو. واضاف ان الخارجية البريطانية لم تفعل شيئا لابنه، ولم تتدخل من اجل الافراج عنه لكنه اشار الى تلقيه رسالتين من مسؤولي الخارجية البريطانية تفيد احدثهما بانتقال نجله الى كوبا. واوضح ان نجله تحدث في رسائله عن شعوره بالاكتئاب وحرمانه من رؤية اشعة الشمس اثناء احتجازه في افغانستان لمدة سبعة أشهر. وقال ان نجله تحدث عن شعوره بالجوع ونومه في عنابر من الصفيح تحت الاضواء المبهرة، وقال لوالده انه لا يعرف سببا لابقائه هناك، وتساءل عن مصير زوجته واطفاله الثلاثة.

وقال ان الخطابات التي تسلمها من نجله، كان بها الكثير من «الحذف» بالحبر الاسود على كلمات وعبارات لاتود السلطات الاميركية ان تصل من ابنه اليه.

وقال: في رسالته الاخيرة من قاعدة باغرام تحدث معظم بك عن شعوره بانه مثل «حيوان محاصر في قفص» داخل حديقة الحيوان. واوضح انه مازال في انتظار الخطاب الاول من نجله ومن قاعدة غوانتانامو الاميركية (كوبا). واعرب عن قلقه الكبير على حياة ابنه، وقال انه تعود على الصراحة والوضوح من نجله، مشيرا الى انه لا يعرف الكذب، وقد ذهب الى افغانستان لافتتاح مدرسة ابتدائية، لتعليم البنات قبل سقوط حركة طالبان الحاكمة في افغانستان، عقب اندلاع الغارات الجوية الاميركية على افغانستان في 7 اكتوبر (تشرين الاول) .2001 وقال ان ابنه رجل صبور وهي صفة من صفات الرجل المؤمن، ولكن من خلال سطور اخر خطاب يبدو انه بدأ يتخلى عن رباطة جأشه. وقال لـ«الشرق الاوسط» انه تقاعد عن العمل في المصرف الذي كان يعمل فيه بعد احتجاز نجله وهو حاليا لديه اسرة كبيرة يعولها بالاضافة الى اسرة نجله التي رزقت بابراهيم وهو طفل صغير لم يره ابنه بعد. وبالنسبة لرسالة الاصولي البريطاني الى زوجته فانها تكشف عن ارتباطه الوثيق باطفاله الاربعة ( ولدان وبنتان)، وهو يقول لزوجته «ان اصعب شيء في حياتي هو ان اكون بعيدا عنك وكذلك عن الاطفال».

* من مدرسة القانون إلى ربوع أفغانستان

* وتلقى معظم بك الذي يوصف بانه مسلم ملتزم تعليمه الابتدائي في مدرسة يهودية، ثم درس القانون في جامعة برمنغهام، لكنه ترك الجامعة بدون سبب معقول عام 1994، للانضمام الى احدى منظمات الاغاثة الخيرية العاملة في البوسنة. وتصفه عائلته بانه رجل يحب اسرته وزوجته وليس لديه اي نشاطات متطرفة، واصر على اخذ اطفاله الصغار الثلاثة مع زوجته الى افغانستان في عام .2001 وقالت مصادر الاسلاميين ان معظم بك ربما ارسل رسائل اخرى الى عائلته من قاعدة باغرام التي يحتجز فيها عدد من عناصر القاعدة وطالبان، لكنها لم تصل الى عائلته في برمنغهام. وهناك كثير من الانتقادات توجه الى السلطات الاميركية لاحتجازها ابرياء ليس لهم علاقة بـ«القاعدة» او طالبان، وابلغ دليل على ذلك انها افرجت عن ثلاثة افغان من قاعدة باغرام العام الماضي، بعد ان اعطت ثلاثتهم 500 دولار كنوع من التعويض عن الاحتجاز بدون سبب. واعترفت السلطات الاميركية بعد ذلك بموت اثنين من المحتجزين في قاعدة باغرام احدهما بازمة قلبية والاخر بسبب جلطة في الدم. ويتردد بين الاصوليين ان معظم بك احتجز مع اسلاميين وافغان عرب في حاويات معدنية لا يدخلها الشمس داخل قاعدة باغرام الاميركية في افغانستان. وتتخوف المصادر الاصولية من اعتقاد خاطئ لدى السلطات الاميركية في وجود اسم مشابه لاسم «معظم بك» على نسخة من تحويلات مالية لاحد اعضاء «القاعدة». وكانت شرطة مكافحة الارهاب قد داهمت منزل معظم بك منذ عدة سنوات ادت الى مصادرة جهاز كومبيوتر وقرصين مدمجين وخمسة «ديسكات»، لكن لم توجه له الشرطة اي اتهام. ويحتجز في قاعدة غوانتانامو الاميركية تسعة بريطانيين متهمين بالقتال ضمن صفوف طالبان، ابرزهم فيروز عباسي وشفيق رسول وعاصف اقبال وثلاثتهم اعتقلوا في افغانستان، ويعتقد ان رسول واقبال ينتميان الى جماعة متطرفة في مدينة تبتون. وتصر السلطات الاميركية على أن تطلق على معتقلي «القاعدة» وطالبان وصف مقاتلين غير قانونيين كي تحرمهم من الحقوق التي تكفلها معاهدة جنيف لاسرى الحرب.

وكانت الجمعية القانونية البريطانية قد سعت للحصول على رأي ثلاثة من خبراء القانون الدولي بشأن المعتقلين الذين تصفهم الولايات المتحدة بأنهم مقاتلون غير قانونيين، وأجمع الخبراء على أن المعتقلين يجب أن يتمتعوا بحقوق مثل مقابلة محاميهم.