إعادة الانتشار السوري تحرك موضوع الحكومة اللبنانية

TT

أدت المرحلة الثالثة من عملية اعادة انتشار القوات السورية في لبنان والتي تركزت في منطقة شمال لبنان، الى معاودة الحديث عن تشكيل حكومة جديدة، حيث يقوم فريق محدد من الوزراء باجراء اتصالات بعيدة عن الاضواء مع كل من رئيس الجمهورية اميل لحود ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري وعدد من القيادات السياسية والدينية لهذه الغاية.

وأكد مصدر قريب من الرئيس بري لـ«الشرق الأوسط» وجود مثل هذه التحركات التي تأتي في ظل مناخ سياسي مريح ظهرت ملامحه بوضوح في مواقف البطريرك الماروني نصر الله صفير و«لقاء قرنة شهوان» اللذين بدوا اكثر اصطفافاً مع موقف الدولة الرسمي المعارض للحرب على العراق والداعي الى وحدة الصف الداخلي في ظل هذه الاجواء المضطربة التي تعصف بالمنطقة.

من هنا تتوقع مصادر معنية بتقريب وجهات النظر بين بعبدا (مقر رئاسة الجمهورية) وبكركي (مقر البطريركية المارونية) ان يصار الى وصل ما انقطع من حوار بين الرئيس لحود وفريق «لقاء قرنة شهوان» الذي يرعاه صفير، تمهيداً لاستئناف جلسات المصارحة في القصر الجمهوري.

وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد اثنى على موقف البطريرك صفير والمعارضة المسيحية ازاء التطورات الراهنة كما نوه بهذا الموقف اكثر من مسؤول والعديد من الفعاليات والشخصيات السياسية والدينية لدرجة حملت مفتي طرابلس والشمال الشيخ طه الصابونجي المعروف بمعارضته الشديدة للبطريرك صفير، من خلال ترؤسه «خلية حمد» التي انشئت لمواجهة البطريرك، على كيل المديح والاطراء له في تصريح أدلى به الاسبوع الماضي.

كما يرى الفريق الوزاري الذي يشارك في انضاج «طبخة» الحكومة الجديدة على نار هادئة، ان الوقت بات مناسباً اكثر من قبل لتشكيل هذه الحكومة بحيث تستقطب قوى وشخصيات سياسية اوحزبية سبق ان استبعدت في حكومات سابقة لتشكل في مجموعها «حكومة الوفاق الوطني».

واذا كان اثنان في لبنان لا يختلفان على ان ولادة مثل هذه الحكومة او غيرها لا يمكن ان تتم الا بمباركة سورية فإن اجواء دمشق، كما نقلها عدد من زوارها اخيراً، تشير الى عدم اعتراضها على هذه العملية، شرط ان تتم بالتوافق بين اركان الحكم وألا تكون سبباً في تصدع العلاقات بينهم. وقد استخلص هؤلاء الزوار، الذين التقى بعضهم الرئيس السوري بشار الأسد، الصورة التي ترغب القيادة السورية ان تكون عليها الحكومة الجديدة. ومن ابرز ملامح هذه الصورة ان تكون جامعة لمختلف الشرائح اللبنانية بما فيها المعارضة المسيحية مع الميل لتمثيلها بأصحاب المواقف المعتدلة فيها، وان تضم وزراء «فوق الشبهات» أي اكفاء ومشهود لهم بالنزاهة مع التأكيد على ان يكون ولاؤهم للوطن ولمصلحة الوطن لا ان يكونوا عرضة لنزاع الحصص بحيث يصبحون بالتالي مقيدين بتعليمات صاحب هذه الحصة او تلك لا بما يمليه عليهم واجبهم الوطني. ولحظت «الصورة» ايضاً مسألة «الثلث المعطل» الذي تكرر الحديث عنه في حكومة رفيق الحريري الحالية عند احتدام الخلاف بينه وبين رئيس الجمهورية وتلويح الاول باللجوء الى التصويت داخل مجلس الوزراء. وفي هذا الاطار افاد زوار دمشق ان المسؤولين السوريين ابدوا امتعاضهم من وجود «ثلث معطل» داخل الحكومة. وشددوا على ان مثل هذا الثلث يجب ألا يكون ملحوظاً عند تشكيل الحكومة الجديدة «التي عليها ان تكون حكومة واحدة متجانسة لكل لبنان لا حكومات داخل حكومة».

ويخلص زوار دمشق بعد سردهم لأبرز مواصفات الحكومة الجديدة وفق وصفة الطبيب السوري الى التساؤل عما اذا كان بالامكان تظهير مثل هذه الحكومة في الوقت الراهن، او ان تكون دمشق قد ارادت من خلال هذه الشروط المستعصية التي اوردتها بالنسبة للحكومة الجديدة ان تكرر رسالة مفادها ان الاولوية ما زالت اليوم للوضع الاقليمي.