رئيس مصر للطيران: أعددنا خطة طوارئ للحرب لإجلاء المصريين.. وأبلغنا الطيارين بالمطارات البديلة

أحمد النادي لـ«الشرق الأوسط»: توقعاتنا أن تكون الحرب قصيرة وتعود الحركة سريعا * رفعنا التأهب الأمني لكن نرفض تسليح الطيارين

TT

انتهت شركة مصر للطيران من اعداد خطة طوارئ لمواجهة الآثار السلبية المحتملة للحرب الاميركية المتوقعة ضد العراق، وتفادي تفاقم الموقف ومواجهة أزمة لاجلاء الرعايا المصريين في الخليج، وكذلك سرعة اتخاذ مجموعة من الاجراءات الجديدة لتأمين سلامة الطائرات والرحلات الخارجية، ورفع درجة الاستعداد الأمني على طائرات ومكاتب الشركة.

«الشرق الأوسط» التقت رئيس شركة مصر للطيران للخطوط الجوية الطيار احمد النادي، وحاورته حول خطة الطوارئ التي اعدتها الشركة لمواجهة حالة الحرب، وتوقعات الخسائر والأضرار التي يتوقع ان تلحق بها وفرص التعافي منها.

* ما هي توقعاتكم لتأثير الحرب المتوقعة على شركة مصر للطيران بشكل خاص والى أي مدى ستتضرر من الحرب؟

ـ أولا من الناحية الاقتصادية لاشك ان الايرادات ستتأثر بشكل كبير وحيوي، فالطيران كنشاط اقتصادي يتأثر بشدة من ظروف عدم الاستقرار اذا حدث في أي منطقة، والطيران أيضا يخدم قطاعات اقتصادية أخرى كالاستثمار والصناعة والسياحة، وكلها أنشطة يصيبها كساد وضرر في أوقات الحروب وينعكس على الطيران.

وبالنسبة لمنطقة الشرق الاوسط خاصة فان الأوروبيين والاميركيين بشكل خاص لديهم حساسية من الطيران الى تلك المنطقة، واذا نشبت أعمال عنف في أي منطقة داخلها يعتبرونها كلها منطقة خطر، ويتوقفون عن السفر اليها أو يخفضون حركته، وبالتالي اذا قامت حرب فلن يفرق كثيرون بين بغداد ومراكش، بالنسبة لهم الشرق الاوسط قطعة واحدة، وهذا يفسر سبب تأثر كل بلدان المنطقة بالتوتر هنا أو هناك.

* وماذا عن مصر للطيران؟

ـ مصر للطيران شركة قديمة وثابتة، واستطعنا تجاوز أحداثا جساما مرت بالعالم، ومجتمع الطيران المدني بشكل خاص، وواصلنا، رغم ان غيرنا من شركات كبيرة عالمية لم تنج من الزلزال الذي أصاب الطيران بعد أحداث 11 سبتمبر (ايلول) المؤسفة، لذلك نحن نتوقع تأثيرا مباشرا على الايرادات، ونتوقع انخفاضا في حجم الركاب وحركة الطيران، ولكننا لا نستطيع في الوقت الحالي أن نحدد أرقاما للخسائر المتوقعة، لان ذلك سيتوقف على المدى الزمني للعمليات الحربية، وكلما قصرت المدة كان التأثير أقل اما اذا طالت فسيكون التأثير أكبر، والضرر أفدح.

* وهل ستقومون بتعديل حجم رحلاتكم الخارجية وحركة بعض الخطوط؟

ـ بالفعل لدينا تصور في الخطة التي أعددناها لمواجهة حالة الحرب اذا حدثت، لتخفيض عدد رحلات بعض الخطوط الدولية التي ستشهد عزوفا من مواطنيها عن السفر لمصر، والشرق الأوسط، كذلك قد نضطر لوقف بعض الخطوط نهائيا خاصة تلك التي تطير للمناطق القريبة من العمليات الحربية مثل الكويت، وسنقوم ايضا بتعديل مسار بعض الخطوط وفقا للخطة التي أعدتها المنظمة الدولية للطيران المدني ICAO والتي تحدد المسارات الجوية التي سيتم تعديلها والمسارات البديلة وكيفية التحويل والمناطق الممنوع الطيران فوقها اذا نشبت الحرب.

* هل انتم بصدد اتخاذ اجراءات اضافية لتأمين سلامة الرحلات الخارجية وسلامة طائراتكم؟

ـ خطة مواجهة حالة الحرب وضعت على مستوى جميع قطاعات الشركة حتى لا تواجهنا أية أزمة طارئة أثناء تلك الفترة العصيبة، وعلى مستوى قطاع العمليات الحيوي، قمنا بتفعيل نظام المتابعة الجوية والتحكم في العمليات، وهو نظام موجود ويعمل لدينا، لكننا اتجهنا لزيادة تفعيله من أجل توفير نظام متابعة دقيقة لجميع طائراتنا التي تطير في أية نقطة في العالم، وشمل ذلك أيضا زيادة نظم وسائل الاتصال طوال فترة الطيران لتحويل الطائرات للمسارات البديلة في حالة اندلاع عنف أو حدوث مشاكل، وفي ذلك السياق وضعنا نظاما فعالا لاستخدام التصاريح لتسيير الرحلات في حالات تغيير الطرق والمجالات الجوية وفقا لسير العمليات الحربية، وكذلك حالات الغاء الرحلات.

فضلا عن تحديد مجموعة من المطارات البديلة والاحتياطية كي تتحول اليها طائراتنا اذا تعذر الوصول للمطارات الأصلية القريبة من منطقة العمليات، وتم بالفعل اعلام الطيارين بتلك الاجراءات.

ولمواجهة مثل تلك الاحتمالات أيضا ولتأمين أعلى درجة سلامة للرحلات ولطائراتنا، قررنا زيادة نسبة الوقود الاضافي والاحتياطي عن النسبة الحالية وهي 5 في المائة، حيث يتم تزويد كل رحلة بحد أدنى من الوقود وفقا للمعايير الدولية بحيث يضمن للطائرة التحول لمطار بديل لأي ظروف طارئة ويضمن لها الدوران فوق المطار في حال حدوث تأخير للهبوط، وسيتم زيادة هذه النسبة حسب كل رحلة وقربها أو بعدها عن منطقة العمليات ومسارات الحرب.

* وهل لديكم تقديرات حول عدد المصريين المطلوب اجلاؤهم أو الذين سيطلبون الرحيل من الدول المجاورة لمنطقة الحرب، وهل امكانات اسطول مصر للطيران تسمح بمواجهة ذلك الموقف؟

ـ لدينا سابق خبرة في حرب الخليج الأولى في بداية التسعينات، سواء بالنسبة لتقديرات حجم العمالة المصرية في الخليج ونسبة الراغبين في العودة للوطن اذا اندلعت حرب، أو بالنسبة لحجم الأزمة التي قد نواجهها نتيجة لذلك، وبالفعل هناك لجنة مسؤولة عن التعامل مع مثل هذا الظرف الطارئ، وخصوصا اذا هرع الآلاف من المصريين للمطارات بحثا عن وسيلة للعودة أو الخروج من البلدان المحيطة بمنطقة الحرب.

* وما هو عمل اللجنة بالضبط؟

ـ يقوم عمل اللجنة على أكثر من محور، مثل زيادة حجم الاسطول أو تجهيز عدد من الطائرات الاضافية لاستخدامها في اجلاء الرعايا المصريين، ليس باضافة طائرات جديدة، وانما من خلال اعادة توزيع المقاعد على الرحلات الخارجية، وتوفير بيانات كافية عن الساعات المتبقية في التشغيل، وهي عملية تعرف باسم adjustment لاعادة استغلال الامكانات المتاحة من مقاعد وساعات تشغيل، واستخدام ما يتم توفيره لمواجهة هذا الظرف الطارئ.

وعلى محور آخر تتابع اللجنة التقارير الواردة أولا بأول عن شكل وحجم حركة الحجوزات من الدول القريبة من منطقة العمليات، لرصد أي تغيير ملحوظ كمؤشر للتنبؤ بقرب حدوث أزمة حتى لا نفاجأ بتكدس الآلاف في المطارات ينتظرون اجلاءهم، وبحيث يكون التحرك في توقيت مناسب قبل أن تتحول عملية الاجلاء لأزمة. كما نعمل بالتنسيق مع شركات الخطوط العاملة في منطقة الخليج لتقديم أية مساعدة قد تكون هناك حاجة ضرورية لها.

* وهل تتوقعون استهداف طائرات مصر للطيران لأعمال ارهابية؟

ـ الحرب ترمي بظلال رمادية على كل ما حولها، ولا بد أن ينعكس ذلك على مسألة تأمين الطائرات ضد العمليات التخريبية، وذلك ضمن عملية تأمين كافة المنشآت الحيوية كالمطارات، والطرق الرئيسية والموانئ فكلها أهداف حيوية بالنسبة لمخططي هذه العمليات.

والمتوقع ازدياد أنشطة الجماعات الارهابية في مثل هذه الظروف، ليس في مصر وحدها لكن في كل المنطقة بل والعالم. والطيران بشكل خاص قطاع مستهدف لهذه الجماعات، لذا فقد رفعنا درجات الاستعداد الأمني على طائرات الشركة، كما رفعنا الاجراءات الأمنية في المكاتب وعلى الخطوط وذلك بالتوازي مع التنسيق مع لجان الأمن في المطارات المصرية بشكل أساسي، والمطارات التي تهبط بها طائراتنا.

* هل ستلجأون لتسليح طياري الشركة على غرار ما نفذته شركات الطيران الأميركية وبعض الشركات الأوروبية؟

ـ مسألة تسليح الطيارين مسألة خطيرة لا يمكن أن نوافق عليها لمجرد مخاوف مبالغ فيها، وهي مخالفة لقواعد الأمان التي تلزم المنظمات الدولية شركات الطيران بها، وعندما ننظر للسماح بصعود سلاح الى الطائرة تحت أعين رجال الأمن لا بد أن نقدر أيضا ماذا سيحدث لو أمسك بالسلاح الارهابيون، ورغم حالة الفزع التي استغرق فيها الاميركيون بعد أحداث 11 سبتمبر وأسرفهم في اجراءات التأمين، فلا يجب أن نقع اسرى نفس المخاوف، لان الأمر يختلف كليا وجزئيا، ونحن باختصار لا نرى ذلك مفيدا لتأمين الطائرات بقدر ما هو مضر.

* هل تتوقعون ان تتعافى حركة الطيران سريعا وتستعيد مستوياتها بعد الحرب أم يمتد تأثرها لفترة طويلة؟

ـ تأسيسا على سابق خبرتنا مع حرب الخليج الأولى فمن المتوقع أن تعود حركة الطيران لمستوياتها الطبيعية بسرعة، طالما ان الفترة التي قد تستغرقها الحرب فترة قصيرة، ونحن نأمل ونتمنى أن يكون التأثير محدودا، وتوقعاتنا للحرب القادمة لن تبتعد كثيرا عن الحرب الأولى او عن الحرب في افغانستان، فهي أقرب للحرب التلفزيونية منها للحرب التقليدية، وحجم الدمار والخراب لا يكون مثلما في حروب الاجتياح أو كما يحدث في فلسطين حاليا من دمار ودموية، المتوقع ان تكون عمليات سريعة لاستئصال نقاط معينة، ورأينا ذلك في الحرب الأولى عام 1991، والعام الماضي في افغانستان، ويكفي للتدليل على ذلك انه حتى الآن لم تتأثر حركة الطيران بشكل كبير كالسابق، رغم تصاعد طبول الحرب، وان كانت بالطبع ستنخفض بشكل كبير بمجرد اندلاع الحرب وهو ما لا نرجوه.