زوجة الترابي لـ«الشرق الأوسط»: بن لادن زارنا مرتين وتنظيم «القاعدة» صناعة أميركية

وصال المهدي قالت إن زوجها لا يفكر في انقلابات جديدة .. والقذافي نصح البشير بإطاحة الترابي قائلا: هل أنت سكرتير عنده؟

TT

زارت وصال المهدي زوجة الدكتور حسن الترابي لندن لافتتاح ندوة حول صدور كتاب لزوجها المعتقل في السودان منذ اكثر من عامين، وهو كتاب «الاسلام والحكم». وقالت وصال المهدي، شقيقة الصادق المهدي رئيس وزراء السودان السابق، انها عانت كثيرا من وجودها في بيتين يمثلان الزعامة في السودان، لكنها تهوى الحياة السياسة وبذل التضحيات، ولا يمضي عام الا ويدخل احد افراد عائلتها السجن او المعتقلات واكثرهم زوجها الترابي، وشقيقها الصادق المهدي، كما انها شربت ايضا من الكأس نفسه في عهد جعفر النميري ودخلت السجن لمدة 9 اشهر ونصف.

وفي هذا الحوار الذي امتد لاكثر من ساعة في مكاتب «الشرق الاوسط» بلندن فتحت وصال المهدي قلبها وتحدثت بصراحة عن تجارب السجن والاعتقالات في كل العهود العسكرية، وتحدثت عن تجارب النفي الاختياري والاجباري الذي طال افراد عائلتها.. عن تجاربها مع الاجهزة الامنية وقالت لـ«الشرق الاوسط» انها لا تخافها رغم الملاحقة لها في حلها وترحالها، وتضيف انها «اكتسبت مناعة طبيعية». وقالت ان المشاكل التي يواجهها السودان «سببها دول الجوار العربية مثل مصر وليبيا، لأنهم دائما ينصحون العسكريين بالاطاحة بالقادة السياسيين». وذكرت ان الزعيم الليبي معمر القذافي قال للرئيس السوداني عمر البشير يوما «انت سكرتير للترابي. انت ياور عنده. فلماذا تحتفظ به؟!».

وفي ما يلي نص الحوار:

* كيف هو الترابي الآن؟

ـ هو بخير.. وما زال صلدا رغم سنين الحبس وقسوتها.

* كيف يقضي يومه؟

ـ غالبا في القراءة او الكتابة. كما يقوم حاليا بتأليف كتاب جديد عن تفسير القران الكريم. فهو يقرا يوميا مع احد الاصدقاء ما لا يقل عن 10 اجزاء، اي انه يختم القرآن في 3 ايام.

* هل يسمح له حاليا الاتصال بالآخرين؟

ـ لا يسمح له بالاتصالات الهاتفية، لكنه يستطيع مقابلة ابنائه مرة في الاسبوع.. ويسمح لاصدقائه وجيرانه بزيارات متقطعة ولا يسمح للسياسيين بمقابلته نهائيا. اما انا واصغر بناته فنقيم معه في المنزل الحكومي.

* هل يستطيع متابعة اجهزة الاعلام المرئية والمسموعة؟

ـ نعم يتابع الفضائيات وخاصة الاخبارية منها ويداوم على مشاهدة الـ«سي ان ان» وقناة الخرطوم الدولية.

* هل توجد مضايقات امنية؟

ـ اكبر المضايقات هي الحبس نفسه.. فهو يعلم انه لا يستطيع الخروج من باب المنزل وهذا اقصى انواع العذاب، بالنسبة لزعيم وسياسي ومفكر مثله.

* انا اعني المضايقات الاخرى التي تحدث لبعض سجناء الرأي؟

ـ لا توجد مضايقات اخرى.. فهم يعلمون انهم يفعلون بحبسه اقصى ما يؤلمه.

* هل توجد حراسة في المنزل، او رقابة او اي مظاهر عسكرية؟

ـ لا توجد.

* اذن انت راضية من سلوك الامن؟

ـ بالطبع لست راضية فالشكاوى من المضايقات لا تنتهي.. وكثيرا ما نفاجأ باشياء كثيرة تحدث.. وفي احدى المرات اصيب في وجهه.. ونقلوه للمستشفى ولم يخطرونا.. وبعد علمنا بالموضوع سألناهم عن سبب اخفاء هذا الامر فقالوا انهم لا يريدون ازعاجنا.. ولا يدرون انهم يزعجوننا بطبيعة الحال دائما.

* هل لا تزال هذه المضايقات موجودة؟

ـ حاليا لا يتعرضون لنا كثيرا.. ونحن ايضا لا نتعرض لهم.

* هل هذه معاهدة سلام بينكم تقول: لا تقلقونا كي لا نقلقكم؟

ـ لا.. ليس كذلك.. وعندما نتعرض لمضايقات نسمعهم ما لا يحبون لذلك صاروا يخافون من التعرض لنا.. لكني ارجع واكرر ان اكبر عقوبة مؤلمة هي الحبس نفسه.. فالشيخ لم يخرج من باب المنزل ليؤدي صلاة في مسجد، حتى صلاة الجمعة لم يصلها في اي مسجد منذ اكثر من عامين.. اي ان اكثر من مائة صلاة جمعة اداها في البيت وهذا يؤلمه جدا.. كما انه لم يخرج حتى لاداء صلاة العيد او صلاة الجنازة، فقد توفي ابن اخته التي تقيم معنا في المنزل فمنع من الذهاب للصلاة على جنازته. فأجهزة الامن تؤذينا كثيرا.

* انت تعلمين ان اوامر الحبس وربما المضايقات هذه هي اوامر سياسية؟

ـ ولكن الامن هو الذي ينفذ.. ونحن لم يحبسنا رئيس الجمهورية ولكن الذي حبسنا هو مدير الامن.

* ولكن بأوامر سياسية؟

ـ هذا صحيح.. لكننا نصب غضبنا دائما على الامن اولا.

* حادث تسمم

* هل يتناول الترابي طعاما مفروضا من ادارة السجون.. ام تحضرونه له من المنزل؟

ـ نعده له من المنزل.. يوميا.

* لكنه اصيب مرة بالتسمم، هل نتيجة تناول طعام السجن؟

ـ لا.. كان طعاما من المنزل.. وهذا شيء معرض له اي انسان.

* هل هناك اي محاولات لاطلاق سراحه من اية جهة ما؟

ـ ليس هناك اي محاولات الآن.. وانت تعرف ان السودانيين دائما يسعون الى عمل الخير، ولكن جهودهم هذه تتكسر عند عتبة السلطة.. فهي تصم اذانها لهذه الوساطات ودائما يتحدثون عن مقولة «خروج الشهيد»، مما اثار احباط الكثيرين. وانا اعتقد ان خروج الترابي من محبسه بات مستحيلا في ظل هذا النظام.

* ما هو سر كل هذا الخوف من خروج الترابي؟

ـ هم يرون ان خروج الشيخ قد يثير شجون انصاره ومريديه مما يصعب معه السيطرة على الوضع.. ويخافون ان يفكر الشيخ في العودة الى السلطة عن طريق الضغط الشعبي، ويخافون من مغبة التحدث مع الناس ومخاطبتهم عن سلبيات الحكومة، وهو الشيء الذي قد يثير الجماهير السودانية وسخطها على الحكومة.

* كيف يتحرك حزبكم في شرح ظروف اعتقاله دوليا؟

ـ نحن نتحرك دائما في هذا الاتجاه ونقابل المسؤولين والهيئات المعنية بحقوق الانسان. وقد شرحنا لهم كل الظروف.. وباتوا يعرفون كل شيء عن الشيخ. وانا قابلت موفد الامم المتحدة لحقوق الانسان في السودان جيرهارد بوم مرتين، وقابله ايضا اعضاء المؤتمر الشعبي، كما اجرينا مقابلات مع مسؤولين في منظمة العفو الدولية، لكن للاسف الشديد كانوا يقولون انهم لا يستطيعون اطلاق سراح شخص تحبسه الحكومة في بلد ما، وينحصر دورهم فقط على الجانب الاعلامي وكشف الانتهاكات للرأي العام الدولي، وتقديم النصح للحكومة، وقد تأخذ الحكومات برأيهم او لا تأخذ.

* كيف تفسرين الصمت الدولي وخاصة في الغرب تجاه حبس الترابي، ولماذا التغاضي عن حبسه؟

ـ يتغاضون عن حبسه لانه ليس من ملتهم فالكل يعرف ان الرأي العام العالمي وبالذات في الغرب لا يهتم لاوضاع المسلمين كثيرا اذا ما واجهوا ظلما او سجنوا او عذبوا، كما يحدث الآن في فلسطين والشيشان، وكما حدث في البوسنة والهرسك.

* او ربما لأن الترابي كانت له اراء وافكار اكثر تشددا تجاه الغرب.. وكانت ترفع على ايامه في الحكم شعارات مثل اميركا قد دنا عذابها؟

ـ هذا ليس شعارا.. هذه اشعار تتداولها الناس، فاذا كانت الاشعار القومية في اي بلد تصير شعارا للحكومات فان الامور لن تستقيم فيها ابدا.. بالعكس فان الشيخ كان يطالب الغرب بفتح حوار معهم، حتى يتعرفوا على الاسلام وماهيته، لانهم لا يعرفون عن الاسلام اي شيء.

* كيف ترون مستقبل السودان بعد التطورات التي حدثت في ماشاكوس؟

ـ لا احد يستطيع ان يتكهن بمستقبل السلام في السودان، ولكننا نأمل في التوصل لاتفاق سلام مع حركة التمرد من اجل اتاحة الفرصة لحدوث انفراج سياسي، فالترابي هو الذي وضع لبنات هذا الحوار مع الحركة الشعبية، وقد اتهموه بالخيانة من جرائه وحبسوه، لكنهم الان قد ذهبوا بعيدا في اتجاه حركة التمرد.

* الترابي.. والسلطة

* هل يفكر الترابي الآن في اصلاح هذا النظام.. ام ترميمه ام تبديله؟

ـ لا مجال ابدا لاصلاح هذا النظام.. بل لا بد ان يزول لانهم جاءوا ليحكموا، فقط، ويتصرفوا في اموال الدولة كما يشاءون، من غير مناكف او معارض او محاسب، فمن يريد ان يعارض الآن يكمم فمه ويدخل السجن. فالصحف التي تتجرأ وتنتقد الحكومة تغلق مثل ما حدث لصحيفتي «الوطن» و«الشعبي».

* كيف يرى الترابي الآن غريميه البشير وعلي عثمان طه بعد سنوات السجن هذه؟

ـ رأيه انهما طالبا سلطة وحكم ويريدان البقاء في الحكم بأي وسيلة حتى لو بحبس الناس ومصادرة حقوقهم، ولا يزالان يتوهمان انه يخطط لانقلاب يزيحهما من السلطة، لكنه، لن يفعلها بعد هذه التجربة المريرة.

* هل يشعر الترابي الان بالندم على الانقاذ ام على السلطة التي فقدها؟

ـ الشيخ لا يشعر بأي ندم، لكنه يتحفظ بشدة من حدوث اي انقلاب جديد لانه يرى ان العسكر يريدون من السياسيين ان يطيعوهم طاعة عمياء، وهي تربية عسكرية تجبر الرتب الصغرى في الجيش على تقديم الولاء والطاعة بصورة عمياء لمن هم اعلى منهم رتبة. ويريدون تطبيق هذا الشيء مع السياسيين، ما يحدث الان في السودان، ولكن الندم الحقيقي يكمن في ان النظام عندما جاء.. اتى باسم الاسلام، وهناك قولة اطلقها فاروق ابو عيسى (مساعد رئيس تجمع المعارضة السودانية) من قبل تقول «انتم اتيتم لتحكموا بالاسلام والان تركتم الاسلام فاتركوا الحكم». وهذا طلب طبيعي وبديهي. وليتهم يسمعون ذلك، لكن المشكلة لديهم هي ان «السلطة هي البقرة الحلوب».

* كيف خرجت من السودان.. هل تم ذلك بسهولة؟

ـ خرجت في سرية تامة.. فهم لا يعرفون انني هنا.. واظنهم سيفاجأون من وجودي في لندن، ولا احد يعرف انني ذاهبة الى لندن حتى الاقربين من اهلي. طبعا لظروف امنية.

* لماذا في سرية؟

ـ لانهم كانوا سيمنعونني من السفر.. خاصة لو علموا انني سأقوم بافتتاح حفل لاطلاق كتاب جديد للشيخ الترابي.

* ربما هم تغاضوا عن سفرك، هل يمكن ان يكون الامر بهذه السهولة؟

ـ انا خرجت بمساعدة اصدقاء نافذين.. واؤكد لك ان احدا لا يعرف عن سفري شيئا، ولو علموا لمنعوني كما منعوا الداعية الحقوقي المحامي غازي سليمان الذي كان مسافرا لنفس الغرض.

* الا تخشين من عودتك؟

ـ لا اخشى شيئا.. فأنا الغريق.. فما خوفي من البلل.

* لو كان الترابي موجودا حتى الآن في السلطة هل تتوقعين ان تكون الامور كما هي الآن؟

ـ الحكم انهار تماما الان وانهارت المبادئ واصبح الحكام يجرون وراء مكاسب ضيقة وليس حكما بالطريقة التي كان يريد الشيخ الترابي والاتجاه الاسلامي ان يحققها، فالسودان صار ذليلا وتابعا وكان له مكانة معروفة لدى العالم، حتى اخواننا العرب صاروا لا يوقرونه ويتجاهلونه.

* ولكن علاقات الجوار ايام الترابي كانت اسوأ مما هي عليه الان؟

ـ ليست علاقاتنا اليوم احسن.. بل صرنا ذيلا لأي دولة، حتى اريتريا الصغيرة التي استقلت منذ اعوام قليلة تستغلنا وتأخذ اراضينا ونسكت. مصر اخذت حلايب .. وسكتنا.. اوغندا دخلت بجيشها في الجنوب، اي دولة يمكن الان ان تستغلنا ونسكت. اصبحنا مستغلين من الجميع وهذه ليست اشياء ايجابية.

* ما الذي جنته الحركة الاسلامية من انقلاب الانقاذ وما الذي جناه السودان؟

ـ هذا الانقلاب استخرج البترول من باطن الارض واستخرج الذهب ورفع اسم السودان عاليا وحاول ان يطبق المشروع الاسلامي في السودان، وساهم في تحفيظ القرآن الكريم واصبحت المساجد معمورة بالذاكرين، وزادت اعداد الجامعات.. ولكنها هذه الانجازات ضاعت بسبب طمع بعض الاشخاص الذين لا يحق لهم ان يفعلوا ما فعلوا في السودان.

* الصادق وحزب الأمة

* باعتبارك شقيقة الصادق المهدي كيف ترين الوضع في حزب الامة؟

ـ الانشقاق الذي حصل في حزب الامة هو بايعاز من الحكومة التي عمدت على شق كل الاحزاب الكبيرة، حتى تكون هي السائدة في البلد، فاستطاعت ان تشرخ فصيلا من حزب الامة ليدخل في نطاقها.. ولكن هذا الحزب المنشق الذي يقوده مبارك الفاضل، بات يضيق من الحكومة وقد اصدر بيانا قال فيه ان هذه الحكومة احادية ولا تتيح لاحد ان يعمل معها، او يشارك في انتخابات الى جانبها.

* ولكن الفاضل كانت له اراء في حزب الامة نفسه وطرح اصلاحات.. ما رأيك فيها؟

ـ لا ارى اي اصلاحات قام بها مبارك الفاضل سوى ان وفر لنفسه مقعدا في الحكومة، وصار مساعدا للرئيس ولم يفعل شيئا جديدا في حزب الامة.. ثم ان القاعدة الانصارية في حزب الامة لا تعرف غير الصادق المهدي، حتى عمه احمد المهدي وهو اكبر منه في العمر وفي المكانة لانه ابن السيد عبد الرحمن، لا يستطيع ان ينافسه في هذا الموقع.

* أهذا انحياز لشقيقك؟

ـ هذه نظرة علمية متجردة بعيدة عن الشخصيات والكل يعرفها، والحقيقة تقول ان الانصار يتبعون السيد الصادق.

* هل مازلت انصارية؟

ـ طبعا.. وانا لا اتخلى عن انصاريتي.. وهو شيء ايماني.. لكني اعتبر ان الامام محمد احمد المهدي لو كان حيا لاختار الاخوان المسلمين احفادا له من دون احفاده كما قال احد طلاب جامعة الخرطوم. فالامام المهدي كان ينادي بتطبيق الشريعة وبرفع راية لا اله الا الله محمد رسول الله.

* هل بايعت الصادق المهدي كامام للانصار اخيرا؟

ـ لم اكن موجودة في السقاي ساعة البيعة.

* وهل قمت بمبايعته لاحقا؟

ـ لا ابداً.

* لماذا؟

ـ هذا راجع لظروف اعرفها.. وانت ايضا تعرفها.. ولا داعي لذكرها.. (وضحكت).

* هل هناك احتمال ولو ضئيل في مبايعته؟

ـ نعم.. لو اعلن الصادق المهدي تطبيق الشريعة الاسلامية بحذافيرها وطبقها كما طبقها الامام المهدي من قبل.. سأبايعه. لكنهم يتحدثون الان عن دولة مدنية وجهاد مدني.

* كيف هي علاقتك بالصادق المهدي؟

ـ هو شقيقي.. وعلاقتي به علاقة الاشقاء.. وعندما نلتقي لا نتحدث في السياسة. ونتزاور كثيرا ..ازوره.. ويزورني.

* لكن هناك تنافسا حادا مع زوجك؟

ـ هذا لا يفسد للود قضية.. فهو تنافس شريف.

* هل زار الصادق الترابي في سجنه؟

ـ زاره مرتين في المستشفى، وطلب الان زيارته في المعتقل لكنهم لن يسمحوا له بذلك لانهم يرفضون زيارة السياسيين.

* الزواج من الترابي

* لو لم تتزوجي من الترابي.. هل كنت ستكونين عضوا في حزب الامة؟

ـ انا كنت عضوا في جماعة الاخوان المسلمين في السودان قبل ان اتزوج الترابي، ويرجع الفضل في ذلك لامي لانها انشأتنا على حب المهدية، على اساس ان الامام االمهدي طبق الشريعة وطبق الاسلام.. وجدتي كانت تحفظ القرآن عن ظهر قلب، فنحن نميل بطبيعتنا للاسلام والدين.

* ولكن حزب الامة والانصار يقومان على هذه المبادئ ايضا؟

ـ نعم ولكنهم تغيروا.. فأين الان حكم الشريعة في حزب الامة.

* الا ترين انه من الافضل ان تعملي من اجل تحقيق هذه المبادئ داخل حزب الامة بدلا من البحث عنها خارجه؟

ـ ليت ذلك يحدث.. ولكنه كان املا صعب المنال، وصعب ان يتحقق.

* هل كان زواجك من الترابي صفقة سياسية؟

ـ لم يكن كذلك والا لما استمر40 عاما، فقد كان الترابي صديقا للصادق، بل كان الصادق المدخل لهذا الزواج.

* لكن كان هناك معارضون بشدة في العائلة؟

ـ طبعا بطبيعة السودانيين حينما تتزوج المرأة من خارج العائلة.. لكن هذه الاعتراضات لم تكن ذات اثر، لان ابي كان موافقا وكذلك امي .. علما بان امي كانت صاحبة نفوذ كبير، ثم ان الصادق كان موافقا.

* هل التقيته في الجامعة؟

ـ سمعت عنه قبل مرحلة الجامعة، من خلال امي عندما جاءت تزور الصادق هنا في انجلترا عام 1958 وكان الصادق وقتها يدرس في جامعة اوكسفورد، وكان الترابي يحضر للماجستير في جامعة لندن، قبل ان يغادر الى فرنسا لنيل الدكتوراه من جامعة السوربون. وكان الصادق مدافعا عن هذا الزواج.

* البعض يتهم البيوت السودانية العريقة بانها وراء الكوارث التي يمر بها السودان؟

ـ ما يحدث في السودان لا علاقة له بالبيوت العريقة .. فالبيوت العريقة ليس لها دور غير المعارضة والمطالبة بسودان ديمقراطي تسوده الحريات، وما قضيناه كمعارضين لحكومات عسكرية كان اكبر بكثير من سنوات حكمنا.. وها هو محمد عثمان الميرغني خارج البلاد منذ 14 عاما وكذلك الصادق ليس له اي دور، في سلطة القرار السوداني حاليا.. لكني اعتبر ان المشاكل التي يواجهها السودان سببها دول الجوار، خاصة العربية منها مثل مصر وليبيا. لانهم دائما يسعون لحث العساكر مثل عمر البشير على الاطاحة بالقادة السياسيين. فهذه الانظمة كانت دائما تنصح البشير بالاطاحة بالترابي.. وقال القذافي للبشير يوما: هل انت سكرتير للترابي انت ياور عنده؟ فلماذا تحتفظ به.

* هل دخلت السجن مرة؟

ـ نعم سجنت في عهد النميري لمدة 9 اشهر ونصف. فانا من عائلة اعتادت دخول السجون بسبب ممارسة السياسة. كما واجهنا النفي والغربة الاجبارية عن الوطن لسنوات طويلة اثناء حكم العسكر الذي امتد في السودان لسنوات طويلة.

* هل تتمنين لو كنت سيدة عادية؟

ـ ابدا.. لم اتمن مطلقا ان اكون سيدة عادية رغم التضحيات والمعاناة، انا اهوى العمل السياسي والعمل العام كثيرا، وفي حياتنا تعلمنا وتعودنا على ان نبتلى ونصبر .. مما اكسبنا مناعة طبيعية ضد الالام.

* هل ترين انكم حققتم اشياء مقابل هذه التضحيات الجسيمة؟

ـ حققنا القليل منها.. ولكن يحدونا امل في ان نحقق الكثير في الايام المقبلة.

* لم تمارسي دورا سياسيا بارزا، لماذا؟

ـ بالعكس انا كنت عضو في مجلس الشورى .. وكنت الامين العام للمنظمة العالمية للنساء المسلمات التي كانت تجمع نساء من جميع انحاء العالم في الخرطوم، ولكن هذه المنظمة اجهضت بعد انشقاق الحركة الاسلامية وباتت غير فاعلة.

* الترابي كان قريبا من بن لادن.. هل رأيته؟

ـ لم تسنح لي الفرصة ان اراه عندما كان في السودان.. رغم انه زارنا في منزلنا مرتين .. كما ان الترابي زاره مرة واحدة.. عنما حاولت جماعة التكفير والهجرة اغتياله، وقد كان وجود بن لادن في السودان فقط من اجل الاستثمار في مجال الزراعة، واقامة المشروعات الخيرية فقد بنى مطار بورتسودان وشيد الطرق، وكان يساعد السودانيين كثيرا.. وكان يقوم بتربية ابنائه على حفظ القرآن، ويمارس هوايته في ركوب الخيل، لان السودان مشهور بالخيل الاصيلة.. وبه مسحات واسعة لممارسة هذه الهواية.

* ربما يكون هذا غطاء لاعمال اخرى؟

ـ لم يكن كذلك، فهو لم يرتكب اي عمل عدواني ضد اي جهة ما، بل على العكس كان يواجه العنف ضده. كما حدث في محاولة الاغتيال التي تعرض لها من قبل جماعات التكفير والهجرة. ولم يبد انه رجل ارهابي.. وحتى احداث 11 سبتمبر (ايلول) 2001 في الولايات المتحدة التي الصقت به.. لا تستطيع اي جهة حتى اميركا ان تنسبها لابن لادن، لعدم وجود دليل قاطع.. حتى تنظيم القاعدة هذا لم نسمع به الا من الاميركيين.. واظنه من صنع الاستخبارات الاميركية. ليس هناك تنظيم اسمه القاعدة ولكنهم يتوهمونه.

* كيف تلقيتم الانباء التالية لخروج بن لادن من السودان؟

ـ لم نصدق كل ما نسب اليه من احداث سواء كان ما حدث للسفارتين الاميركيتين في نيروبي ودار السلام او للمدمرة كول او حتى احداث سبتمبر في اميركا.. لان بن لادن كان انسانا مسالما وكان رجل خير يرجو وجه الله من اعماله الخيرية في السودان وغيره. حتى بيانه قبل الاخير الذي شجع فيه العراقيين على عدم الخوف من اميركا وبطشها يشير الى انه انسان مظلوم.

* انت اذن ترين ان بن لادن ضحية ومظلوم؟

ـ ليس وحده بل بات الان اي انسان يصلي ويصوم مظلوما.. ويواجه التهديدات في حياته، وصار المسلمون يتهمون باي كارثة تحدث في العالم.. فهم لا يعرفون ان الاسلام حرم قتل النفس الا بالحق وحرم العدوان، وبعد احداث سبتمبر تعرضت الكثيرات من المحجبات في اميركا للاعتداء.

* تداول الاعلام الغربي في وقت ما ان الترابي كان يريد بيع ملفات الاصوليين.. كيف كان رد فعله؟

ـ لا حول ولا قوة الا بالله.. هذا كلام غير صحيح.. كيف تكون اصوليا وتقوم ببيع ملفات اخوانك، هذا لا يستقيم ابدا.. وانا اعتقد ان هذا الامر وراءه الحكومة لتشويه صورة الترابي في الغرب، فالحكومة الحالية هي التي تقوم بذلك فقد باعت ملفاتهم.. ورحلت معظم الموجودين منهم في اراضيها الى الولايات المتحدة، وجاءت طائرة من اميركا وتسلمتهم من مطار الخرطوم.

* انت الآن في لندن.. ما هي رسالتك الى الحكومة السودانية؟

ـ رسالتي المباشرة لهم هي اطلقوا الشيخ الترابي وعناصر الشعبي، فهناك الان اكثر من 10 معتقلين سياسيين في سجن كوبر مهددين بالاوبئة والامراض من جراء الاوضاع السيئة والمدد الطويلة التي قضوها في السجن.. من غير سبب او محاكمة. ومن بلد الحريات اناشد باطلاق سراح هؤلاء الناس، ولن ادعو للجالسين في كراسي الحكومة الحالية بالتوبة والاوبة ابدا.. لان هذا شيء بعيد عنهم.. لكني ادعو الله ان يزيل هذا الحكم الباغي والطاغي عن السودان.