النائب إميل إميل لحود لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل عن العلاقة الممتازة بين رئيسي الجمهورية والحكومة لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

بيان المطارنة الموارنة نقلة نوعية في العلاقات اللبنانية ـ السورية * إعادة الانتشار السوري استكمال لخطة وضعت منذ سنتين

TT

شدد النائب اللبناني اميل اميل لحود على انه لا يمكن الوصول الى انقاذ لبنان من ازمته الاقتصادية والخروج منها الا بوجود علاقة ممتازة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وتابع انه منذ قرر دخول المعترك السياسي جرى التفاهم على فصل وضعه العائلي كنجل لرئيس الجمهورية عن عمله السياسي.

النائب لحود نفى في حديث لـ«الشرق الاوسط» ان يكون فريق العمل الخاص بالرئيس لحود ورطه في امور معينة بينها العلاقة مع البطريرك الماروني نصر الله صفير او المعارضة المسيحية، موضحاً انه لا توجد تأثيرات على شخصية رئيس الجمهورية ومواقفه. ووصف بيان المطارنة الموارنة الذي صدر الاربعاء الماضي واشاد فيه المطارنة بخطاب الرئيس السوري بشار الاسد في قمة شرم الشيخ بـ«المفاجأة السارة»، واعتبره يشكل نقلة نوعية في النظرة الى العلاقات اللبنانية ـ السورية، وأعاد الى الأذهان «ان البطاركة الموارنة هم من دعوا وحصنوا قيام دولة لبنان الكبير». ورأى لحود في المرحلة الثالثة من اعادة الانتشار التي نفذتها القوات السورية في شمال لبنان استكمالاً لخطة وضعت منذ سنتين.

واخيرا تحدث اميل اميل لحود عن «مجموعة» ترى مصلحة في خلق فتنة بين الرئيس اللبناني وآل المر. وقال بأن جميع محاولاتهم ستبوء بالفشل، مشيراً الى ان الخبر الذي اشاعته هذه المجموعة عن وجود غضب سوري على نائب رئيس الحكومة السابق النائب ميشال المر اختفى بعد ثبوت بطلانه. كما اعلن عن سعيه لمحاربة المنشطات بين الرياضيين معتبراً اياها بمثابة المخدرات.

* كيف تقيّمون القمة العربية والمقررات التي صدرت عنها؟

ـ لقد رفضت قمّة شرم الشيخ الحرب على العراق، كما انها اخذت مقررات قمة بيروت سقفاً لها وهذا امر مهم جداً. وبرز خلال القمة الخطابان المميزان للرئيسين اللبناني والسوري اللذين عبّرا خلالهما عن ارادة عربية صادقة برفض الهيمنة الخارجية وبالتمسك بالحقوق العربية. وهذا الامر دليل اضافي للبعد الاستراتيجي للعلاقة التي تربط لبنان بسورية، ولوحدة الموقف والكلمة التي يجب ان تكون هي واقع الحال بين الدول العربية كافة.

* لوحظ عدم ادلائك بمداخلة خلال جلسات مناقشة موازنة العام 2003 في مجلس النواب.. ما سبب ذلك؟

ـ هناك نوعان من المداخلات، الاول له علاقة بموضوع الموازنة التي كنا نناقشها والآخر ـ وهو الطاغي ـ المتعلق بالسياسة. والمواقف التي انطلقت انما جاءت من زملاء يرغبون بالتعبير عن مسائل معينة. وقد ارتأيت ان مناقشة الموازنة ليست مناسبة للكلام في السياسة. اما في الشق الذي يعني الموازنة فقد عبر الزملاء ـ واكثر من اللازم ـ عن الموضوع. ولهذا امتنعت عن الادلاء بمداخلة حتى لا يأتي كلامي لمجرد الظهور على شاشات التلفزة واستغلال الوقت لاطلاق المواقف دون مضمون حقيقي، وهذا ما لا احبذه ولم انشأ عليه، رغم ان هذا هو المعمول به في الامور السياسية حالياً، اي الكلام اكثر من الفعل. ولهذا فضلت المراقبة لتبين حقيقة الوضع السياسي والقيام بجولة افق على جميع الاطراف لمعرفة توجهاتها.

* يلاحظ ايضاً غياب المواقف الصادرة عنكم عند المحطات السياسية الساخنة كقضية الهاتف الجوال وقضية اقفال محطة تلفزيون «نيو.تي.في» NTV التي وترت العلاقة بين رئيس الجمهورية اميل لحود ورئيس الحكومة رفيق الحريري...

ـ انا حريص على اخذ الوقت الكافي لدراسة اي حدث او ازمة سياسية، لذلك اتريث حتى افهم المعطيات جيداً قبل الادلاء برأيي. وها أنا ارى اليوم مناسبة للتعبير عن هذه المواضيع للمرة الاولى من خلال «الشرق الاوسط». ففي ما يخص الهاتف الجوال موقفي واضح جداً وهو انه لا يمكن لاي انسان اختار العمل في الحقل العام ان يخلط بين مسؤولياته تجاه المواطنين وتجاه الشعب، الذي اختاره لتمثيله وبين مصالحه الخاصة. ولا يمكن ان يكون الانسان في موقع المسؤولية ولديه في الوقت نفسه مصالح مادية مباشرة مع الدولة. انا هنا لا اتهم احداً ولكن اقول فليأخذ جميع المعنيين بهذا الامر قراراً جدياً لابعاد مصالحهم عن الحقل العام. فهناك مصلحة الدولة، وهي فوق كل اعتبار، لاننا لا نستطيع الاستمرار بلبنان دون هذا المنطق. فنحن في مرحلة دقيقة جداً. ومؤتمر «باريس ـ 2» والاجماع العالمي الذي ظهر من خلاله على لبنان انما حصل بسبب وجود ايمان بقدرة لبنان على الوقوف والتعافي. والسؤال كم مرة سنعطى هذه الفرصة؟ انا لا ارى الكثير من الفرص ولذلك فان التمسك بالدولة وصدقيتها هو الاهم. ومن ناحية ثانية انا في موضوع تلفزيونNTV، ضد التهجم على دولة شقيقة وصديقة، وهذا موضوع يجب ان لا يمر في ذهن اي لبناني. ونحن هنا لسنا في وارد التأثير على العلاقة مع دول صديقة وقفت دائما الى جانب لبنان. لكن في المقابل اقول ان اخطاء كثيرة من هذا النوع حصلت في السابق ولم نر ردة فعل مماثل للذي حصل مع قضية الـ«NTV»، خصوصاً انه جرى استيعاب الموضوع ضمن اطار مصلحة الدولة.

* لماذا لم يكن لك دور توفيقي بين الرئاستين خلال هذه الازمة؟

ـ منذ بدأت العمل السياسي، وأنا أؤمن بضرورة وجود الوفاق وفي احسن احواله بين الرؤساء. لكن اساس الديمقراطية هو التباين في الآراء. ولكن في موضوع NTV كان هناك تباين في الآراء اراده البعض ان يصل الى الصدام. واعتقد ان الموضوع لم يكن ليصل الى الصدام. هناك شيء آخر كان يحصل، فالبعض طامح وكان منذ اشهر ينتظر الخلاف على احر من الجمر، وبدأ يعمل بكل الوسائل ومنها الاعلام ـ لسوء الحظ ـ لتأجيج النار.

انا اعتقد ان نية التصعيد لم تكن موجودة والدليل ان الموضوع عاد واخذ حجمه الطبيعي. وكان مضمون اللقاءات بين الرئيسين ممتازاً وعنوانه الاساسي انقاذ البلد.

الازمة الحقيقية في لبنان اقتصادية وللخروج منها يجب ان يكون هناك تكاتف. وهذا ما يجعلني مصراً على علاقة ممتازة بين الرئاستين الاولى والثالثة، لانه لا يمكن الوصول الى ما نأمل فيه دون هذه العلاقة.

* يحكى ان هناك فريقاً قريباً من رئيس الجمهورية يورطه احياناً في مواقف معينة كما في موضوع الـNTV او التعاطي مع البطريرك الماروني نصر الله صفير او المعارضة المسيحية. من هو هذا الفريق وهل انت عضو فيه؟

ـ منذ اليوم الاول الذي قررت فيه دخول المعترك السياسي جرى التفاهم على فصل وضعي العائلي عن عملي السياسي. ومن هنا فإن لفخامة رئيس الجمهورية مسؤولياته، وانا كنائب عن المتن لدي مسؤولياتي، ومواقفي مبنية على هذا الاساس. وما اراه حقيقة انه لا توجد تأثيرات على شخصية رئيس الجمهورية ومواقفه. هناك فريق عمل نعم... وهذا امر طبيعي، لكن لا ارى ان هناك توريطاً أو ان الرئيس تورط بالفعل في أي من المواقف التي اشرت اليها. اما اذا حصل سوء فهم لموقفه فهذا امر آخر. المسألة بنظري بسيطة جداً. فعندما يصدر الرئيس بياناً او تصريحاً يكون واضحاً في كلامه. وهذا من صفاته المعروفة عنه. فمن يريد ان يفهم مواقفه بدقة، عليه اخذ كلامه بحرفيته دون ترجمة او تأويل.

* ما رأيك بوضع الحكومة في ظل النعي المتواصل لها؟

ـ لبنان بلد ديمقراطي، واذا كانت هناك رغبة لدى الجميع ـ فعلياً ـ بالتغيير الحكومي فهذا التغيير سيحصل. لكنني لا ارى وجود اولوية للتغيير في ظل الهجمة القائمة على العراق والمنطقة. ولا اعتقد ان النقاش الجدي في موضوع التغيير حصل. فالكل بانتظار معرفة ما سيؤول اليه الوضع.

* لكن هل بإمكان حكومة يتبادل وزراؤها اتهامات في ما بينهم الاستمرار ومواجهة الوضع الذي تتحدث عنه؟

ـ مجلس الوزراء كأي مؤسسة مضى عليها وقت قد يصار الى تحسين او تقييم لعملها، وهذا المجلس نجح في مجالات ولم ينجح في مجالات اخرى. لكن هذا التقييم في حد ذاته يجب ان يترك للطبقة السياسية بأكملها، لان للحكومة بعدها السياسي ايضاً.

* كيف تقرأ المرحلة الثالثة من اعادة الانتشار التي نفذتها القوات السورية العاملة في لبنان اخيراً؟

ـ البعض اعطى هذا الموضوع خلفيات. انا ارى ان هذه الخطوة تدخل ضمن خطة وهي تكملة لأمر بدأ سابقاً. العلاقة بين لبنان وسورية هي علاقة بين دولتين تقرر قيادتاهما ما هي الخطوة الواجب اتخاذها وكيفية تنفيذها. وانا اعتقد ان الخطة وضعت منذ نحو سنتين وهي تنفذ اليوم كما وضعت. المهم ان الثقة بين البلدين والشعبين عميقة واذا تعامل بعض من كان يشكك في هذه العلاقة بإيجابية مع الموضوع فهذا امر جيد وايجابي.

* بيان المطارنة الموارنة الذي صدر الاربعاء الماضي ونوّه بخطاب الرئيس بشار الاسد في قمة شرم الشيخ فاجأ الاوساط الرسمية والسياسية. كيف تقيم هذا الموقف وما هي برأيك اسباب هذا التوجه الجديد؟

ـ بالفعل بيان المطارنة الاخير كان مفاجأة سارة وشكّل نقلة ايجابية في النظرة الى العلاقة اللبنانية ـ السورية. وانا آمل ان يكون نقطة انطلاق جديدة وصفحة جديدة تزيل كل التوترات وسوء التفاهم الذي كان حاصلاً في السنوات الماضية. فهذا الموقف انما يساهم في رصّ الصفوف وتوحيد الموقف اللبناني ـ السوري المشترك في وجه الاخطار التي تواجه المنطقة.

* ولكن ما الذي دفع البطريرك لاتخاذ هذا الموقف الايجابي المفاجئ من سورية؟

ـ انا اقول ان سيّدنا البطريرك مدرك للاخطار الكبيرة التي تحيط بالمنطقة ومدرك لأبعاد هذه الهجمة على شعوبنا. وهو بدأ منذ فترة يحذر من الحرب داعياً لتجنّبها. وما القداس الذي اقيم في حريصا اخيرا الا خير دليل على هذا الامر. فالبطريرك مدرك بأن المزيد من التكاتف والتعاون الداخلي ضروريان في هذه المرحلة. وهنا لا بد من الاشادة بالموقف التاريخي والمتميز للفاتيكان وللبابا الذي يقف ايضاً بوجه الحرب، والذي يدعو الشعوب للمحبة والاخوة بدلاً من استعمال السلاح. وهذا الموقف نفسه يقوله البطريرك صفير، وهذا في كل الاحوال لطالما كان عبر التاريخ موقف بكركي. فالبطاركة الموارنة هم من دعموا وحصّنوا قيام دولة لبنان الكبير ولطالما كانت لبكركي مواقف تاريخية ونظرة شمولية لما يحصل في العالم وفي المنطقة بالتحديد، والبطريرك صفير يأتي ليحمل هذه الراية ويكمل هذه الرسالة التي يعود تاريخها لمئات السنين.

* هل ترى ان الموقف البطريركي الاخير سيزيل اي توتر في العلاقة بين الرئيس لحود والبطريرك صفير؟

ـ اصلاً لا وجود لأيّ خلاف وكل ما قيل واشيع مجرّد كلام بعيد عن الواقع. فنحن جميعاً نقدّر ونحترم الموقع الوطني المميز للبطريرك، وفخامة الرئيس يكنّ كل احترام وكل تقدير للدور الكبير الذي يقوم به. وهنا لا بد من الاشارة الى ان هنالك من ترجم على هواه العلاقة بين الرئيس لحود والبطريرك صفير وصار يتخيّل اشياء كثيرة في الشهرين الأخيرين لانه ينظر الى الامور من زاوية ضيقة وليس بالشمولية والبعد المطلوبين.

* هناك من يقول ان آل المر، وانت عضو في كتلة برئاسة نائب رئيس الحكومة السابق النائب ميشال المر، اصبحوا نافذين جداً، والدليل ما حصل في اقفال محطة MTV «ام.تي.في» التي يملكها غبريال المر شقيق ميشال المر والذي خسر نيابته ايضاً؟

ـ البعض يحب الاصطياد في الماء العكر ويمارس سياسة «فرق تسد». هناك مجموعة ترى مصلحة لها بخلق فتنة بين الرئيس لحود وآل المر، وهذه محاولة ستبوء بالفشل. حتى انهم ذهبوا الى حد تصوير وجود غضب سوري على دولة الرئيس المر وغير ذلك، لكن هذا الخبر اختفى بعدما ظهر عدم صحته وانه من مخيلة البعض. وقبلها جرت محاولات كثيرة وستأتي ايضاً محاولات مماثلة. لكنني اؤكد للجميع ان لا مشكلة ولن تكون هناك مشكلة.

* دق وزير الداخلية الياس المر ناقوس الخطر في ما يتعلق بتنامي تعاطي المخدرات بين الشباب وانتشار ظاهرة «عبدة الشيطان»، فما هو الدور الذي تقوم به كنائب شاب في هذا الاطار وكرئيس للجنة الشباب والرياضة النيابية؟

ـ دور اللجنة تشريعي والتنفيذ للحكومة. لكنني اخذت على عاتقي ان اذهب الى ما هو ابعد من هذا الدور. والاحتكاك اليومي بالمدارس والجمعيات الشبابية والجامعية يساعدني، وهذا شيء لا يستطيع الوزراء فعله يومياً بحكم موقعهم وكثافة عملهم. فأنا اسعى لمحاربة المنشطات بين الرياضيين مثلاً، وهذه بمثابة المخدرات ومن يدفع الرياضيين الى ذلك بمثابة مروج مخدرات. وبحكم موقعي في اللجنة اسعى لتحضير قانون في هذا الخصوص. وجود جيل شاب في الدولة سهل الامور. وبالعودة الى السؤال اقول ان الوزير الياس المر يبذل جهداً كبيراً في هذا المجال ونحن نعمل بشكل وثيق معه لما فيه مصلحة الشباب والمجتمع. وآمل ان نتمكن من استئصال هذه الآفة السامة من مجتمعنا.