حزب أصولي باكستاني يؤكد اعتقال بن لادن ويتهم واشنطن وإسلام آباد بالتعتيم على النبأ ومسؤولون أميركيون وباكستانيون ينفون

الأصولي المصري طلب مليوني دولار إضافية فوق مكافأة الـ 25 مليونا مصاريف انتقال إلى بريطانيا

TT

قالت الادارة الاميركية امس انه ليس لديها معلومات تؤكد صحة مزاعم تقرير لمحطة اذاعة ايرانية عن اعتقال اسامة بن لادن زعيم تنظيم «القاعدة» في باكستان.

وقال متحدث باسم الادارة الاميركية: «ليس لدينا معلومات تؤكد صحة هذه المزاعم». وايد وجهة النظر هذه مسؤولان اميركيان اخران.

وقال راديو ايران الذي التقطت بثه هيئة الاذاعة البريطانية ان جهاز الاستخبارات الداخلي الباكستاني يحتجز بن لادن وان قوات اميركية موجودة هناك.

من جهته قال وزير الداخلية الباكستاني فيصل صالح حياة امس ان التقارير التي تحدثت عن اعتقال بن لادن في باكستان لا اساس لها من الصحة.

ونفى كبار المسؤولين في الحكومة الباكستانية ايضا صحة التقارير التي تحدثت عن اعتقال بن لادن والتي اذاعتها اذاعة ايرانية استقبلت بثها هيئة الاذاعة البريطانية. وقال وزير الداخلية الباكستاني صالح حياة: «هذه تقارير لا اساس لها وعارية من الصحة تماما». من ناحية اخرى قال شيخ رشيد احمد وزير الاعلام الباكستاني: «ان زعيم «القاعدة» غير موجود على الاراضي الباكستانية». وقال في مؤتمر صحافي عقده في العاصمة اسلام اباد: «ان كان احد يعرف اين يوجد بن لادن، فيجب عليه ابلاغنا بذلك». وكان مرتضى بويا نائب رئيس الحزب الاصولي الباكستاني «عوامي تحريك» قد اكد للاذاعة الايرانية في نشرتها الاخبارية امس، «ان بن لادن معتقل لدى هؤلاء الذين يطاردونه». لكنه نفى معرفته بمكان اعتقاله. واشار الى انه عرف باعتقال بن لادن من مصادر موثوقة، امدته من قبل باخبار صادقة. واوضح ان التعتيم على اخبار اعتقال بن لادن يأتي لصالح الهجوم المتوقع على العراق. الى ذلك قالت مصادر الاستخبارات الباكستانية ان اجهزة الامن الاميركية كثفت جهودها بحثا عن بن لادن ورفاقه في الشريط الحدودي الواقع بين باكستان وافغانستان. وتتخوف المصادر الاميركية من ردة فعل عناصر «القاعدة» والمحسوبين عليها، اذا ما اندلعت الحرب في العراق.

وتصاعدت الامال في قرب اعتقال بن لادن، في اعقاب حملة المداهمات في راوالبندي الشمالية، التي ادت الى اعتقال خالد شيخ محمد العقل المدبر لهجمات سبتمبر (ايلول) 2001 في الاول من مارس (اذار) الجاري. وكشف احد مسؤولي الاستخبارات الباكستانية امس ان اول تصريح لخالد شيخ محمد بعد اعتقاله قوله «ان اميركا ستحترق اذا ما ذهبت الى العراق»، مشيرا الى ان «الالاف من الاميركيين حول العالم ستكون حياتهم في خطر». ووزعت القوات الاميركية في الشريط الحدودي اول من امس ملصقات مكتوبة بالبشتو والفارسي، عليها صورة 16 شخصا من المطلوبين للمباحث الاميركية، يتصدرهم الملا عمر حاكم طالبان، وبن لادن زعيم «القاعدة»، وقلب الدين حكمتيار زعيم «الحزب الاسلامي» الافغاني، وضمن الملصق اشارة الى الجائزة المالية التي رصدتها السلطات الاميركية، وقدرها 25 مليون دولار، لمن يبلغ عن مكان وجود اي من هؤلاء المطلوبين. وتحمل الولايات المتحدة بن لادن مسؤولية هجمات 11 سبتمبر عام 2001 على مركز التجارة العالمي ووزارة الدفاع التي سقط فيها نحو ثلاثة الاف قتيل.

وكانت الاستخبارات الباكستانية قد قالت ان خالد شيخ محمد الذي اعتقل منذ عشرة ايام، ويعتقد انه احد كبار مساعدي أسامة بن لادن، ادلى بمعلومات من شأنها مساعدة المحققين على تعقب زعيم تنظيم «القاعدة» كما اخبرهم بانه قابله في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وقال مسؤولو الاستخبارات الباكستانية في مؤتمر صحافي نادر بالعاصمة اسلام اباد اول قبل يومين ان اعتقال شيخ محمد في مدينة راولبندي في الاول من مارس (آذار) الجاري، يعكس تقدما كبيرا في عمليات البحث عن بن لادن.

وعرض المسؤولون الباكستانيون في المؤتمر الصحافي شريط فيديو لعملية اعتقال خالد شيخ وذلك امام 30 صحافيا اجنبيا. وقال احدهم إن «خالد شيخ محمد أكد أنه التقى بن لادن في ديسمبر الماضي، إلا أن خالد شيخ محمد قال إنه لا يعلم مكان اللقاء». واشار احد المسؤولين الى انهيار شيخ محمد تحت ضغط المحققين بعد يومين من القاء القبض عليه، الا ان مسؤولاً من الاستخبارات الباكستانية اشار الى «انهم لا يصدقون رواية خالد شيخ حول لقائه بن لادن، حتى يحدد مكان اللقاء، ويدعم ذلك برواية الشهود». وقال احد مسؤولي الاستخبارات الباكستانية الذين شاركوا في التحقيقات ان خالد شيخ ظل طوال يومين رابط الجأش، ولم يكشف إلا عن اسمه فقط. وفي اليوم الثالث انهار، وقدم المزيد من المعلومات عن نشاطاته واتصالاته. الا ان المسؤول الباكستاني رفض ان يكشف عن نوع الضغوط التي مورست على خالد شيخ حتى يستسلم قبل تسليمه الى الاميركيين بعد ثلاثة ايام من اعتقاله. واشار المسؤول الباكستاني الى انه تم العثور على رسالتين من أسامة بن لادن بحوزة شيخ محمد. وكشف مسؤولو الاستخبارات الباكستانية عن اعتقال 442 أجنبيا مشتبها في تورطهم بأنشطة ارهابية في باكستان خلال الفترة ما بين 11 سبتمبر (ايلول) 2001، و8 مارس الجاري. وتحتجز السلطات الاميركية 346 من هؤلاء.

وقال المسؤولون الباكستانيون ان معظم الذين اعتقلتهم اجهزة الشرطة والاستخبارات من عناصر «القاعدة»، كانوا يحاولون الهروب من افغانستان عبر المناطق الحدودية الى داخل الاراضي الباكستانية. وحسب المصادر الامنية الباكستانية تم اعتقال بعض قادة «القاعدة» داخل المدن الباكستانية أخيرا، وضمن هؤلاء خالد شيخ محمد. يذكر ان خالد شيخ محمد، 37 عاما، يتصدر قائمة المطلوبين من المباحث الفيدرالية الاميركية، حيث يعتقد انه احد كبار أعضاء تنظيم «القاعدة» الذي يتزعمه اسامة بن لادن. وصرح مصدر في الاستخبارات بأن مشتبها آخر اعتقل في مدينة بيشاور بشمال غرب باكستان في اطار حملة مداهمات بدأت السبت الماضي كان على اتصال بابن لادن.

وقال احد كبار مسؤولي الاستخبارات الباكستانيين: «نمضي قدما في مطاردة بن لادن». واضاف «ان الحلقة تضيق حول رقبة بن لادن، لقد التقاه احد المشتبه فيهم في سبتمبر الماضي، ثم التقاه شيخ محمد في ديسمبر الماضي. وافاد: «لقد كنا على مسافة شهور ثم على بعد اسابيع، ولكننا الآن على بعد ساعات منه. ان الحلقة تضيق بالفعل ونقترب منه». من ناحية أخرى اعلن مسؤول افغاني امس ان قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة اعتقلت اثنين يشتبه في صلاتهما بـ«القاعدة» وطالبان في بلدة سبين بولداك على الحدود بين افغانستان وباكستان.

ولم يعلن حاكم منطقة سبين بولداك سيد فضل الدين اغا عن هوية المشتبه فيهما اللذين اعتقلا اول من امس.

وتطرق محيي الدين خان، مسؤول امني بولاية جنوب هلمند، إلى عمليات ملاحقة لابن لادن تقوم بها القوات الاميركية في القطاع الجنوبي من ولاية نمروز، وكذلك المناطق الجبلية بين باكستان وافغانستان.

وكانت أنباء تم نفيها قد اشارت الى اعتقال نجلين لابن لادن، فيما ذكرت مجلة «نيوزويك» الاميركية في عددها اول من امس ان اصوليا مصريا كان قد اعتقل في فبراير شباط الماضي في منزل بكويتا (جنوب غرب باكستان) قرر تسليم خالد شيخ مقابل حصوله على مكافأة بقيمة 25 مليون دولار كانت الحكومة الاميركية قد رصدتها مقابل القاء القبض عليه. وقالت المجلة ان عملية الاعتقال جاءت نتيجة «فرصة لا تصدق وطمع بالمال».

ونقلت المجلة عن «مصدر استخباري شرق اوسطي» قوله ان الاسلامي المصري «تخلى عن موقعه واتفق مع الولايات المتحدة»، وعرض تسليم خالد الشيخ محمد ولكنه طلب اضافة الى مبلغ الـ25 مليون دولار، مليوني دولار كي ينتقل مع عائلته الى بريطانيا.

وفي وقت كانت فيه الاستخبارات الاميركية والباكستانية تقتفي اثر خالد شيخ محمد منذ حوالي الشهر، تبلغت من احد المخبرين عن منزل مشبوه في كويتا قد يساعدهم في مهمتهم. واوضح مسؤول قضائي كبير للمجلة ان الولايات المتحدة قبلت ان تدفع المكافأة لمخبر مجهول، ولكنه لم يعط المزيد من الايضاحات.

واوضحت المجلة ان المحققين تمكنوا سريعا من الوصول الى المنزل الذي كان يختبئ فيه خالد شيخ محمد في راولبندي خلال عملية استجواب محمد عبد الرحمن وبعد العثور على بعض العناصر في المكان.

وساهم في عملية المداهمة الليلية في مدينة راولبندي التي ادت الى اعتقال خالد شيخ محمد 18 من القوات الخاصة الباكستانية، وساعد في عملية تحديد مكان الرجل الثالث في «القاعدة» اجهزة تنصت اميركية عبر الاقمار الصناعية. وتعد هذه العملية الاكبر منذ ان اعلن الرئيس الاميركي جورج بوش «الحرب على الارهاب» في اعقاب هجمات سبتمبر 2001 الارهابية، التي ادت الى مقتل اكثر من 3 آلاف شخص. وكشف المسؤولون الباكستانيون عن اصابة احد افراد القوات الخاصة في رجله اثناء عملية المداهمة، بعد انطلاق الكلاشنيكوف الخاص بشيخ محمد اثناء مقاومته للمهاجمين. ولم يتعرف افراد القوات الخاصة في البداية على شيخ محمد من الصور التي كانوا يحملونها معهم. وتم تسليم الكثير من الادلة التي عثر عليها في غرفة شيخ محمد، ومنها جهاز كومبيوتر الى السلطات الاميركية. وقالت مصادر الاستخبارات الاميركية ان شيخ محمد محتجز لدى السلطات الاميركية في «مكان غير معروف»، وانه «يتعاون لحد ما». وتطرقت المصادر الى تبادل اطلاق نار في عملية مداهمة منزل شيخ محمد، لكنها رفضت ان تكشف عن مزيد من التفاصيل. ورفض المسؤولون الاميركيون التعليق على الانباء التي اثيرت في اجهزة الاعلام العالمية عطلة نهاية الاسبوع الماضي عن اعتقال اثنين من اولاد بن لادن، بعد اصابتهما في تبادل للنيران في مقاطعة نمروز بجنوب غرب افغانستان. وفي مدينة كراتشي المزدحمة حيث اعتقل رمزي بن الشيبة منسق الهجمات الارهابية على نيويورك وواشنطن في سبتمبر 2001، يضع السكان المحليون صور بن لادن والبنتاغون على نوافذ وابواب مسجد نظيم آباد بالمدينة. ويقول ابو عمر وهو شاب يمني، 26 عاما، يرتاد المسجد: «اذا اندلعت الحرب في العراق، سيحرق الاميركيون». واضاف: «سننهي ما بدأه شيخ محمد». وبالرغم من ان القوات الاميركية اعتقلت شيخ محمد، الا ان المتعاطفين من الشارع الاصولي في كراتشي مع «القاعدة» وزعيمها بن لادن، يعلنون انهم سيقومون بحملة ارهابية ضد الاهداف الاميركية.

وحذر اصوليون في كراتشي ان خلايا «القاعدة» النائمة في الولايات المتحدة ستهاجم معالم مشهورة مثل تمثال الحرية في نيويورك، وبرج «سيرز» في شيكاغو ومبان وفنادق سكنية في جميع انحاء الولايات المتحدة، كما ستهاجم خلايا «القاعدة» القوات الاميركية والبريطانية في الكويت وقطر. ويقول مسؤولون اميركيون انهم يراقبون الاتصالات الهاتفية لبعض المحسوبين على «القاعدة» في كراتشي، لكنهم لم يؤكدوا ان كان احد من رواد مسجد نظيم آباد تحت المراقبة. وقال ائمة مسجد نظيم آباد انهم وافقوا على اجراء المقابلة، لانهم يريدون من السلطات الاميركية ان تدرك حجم المخاطر والتبعات من الهجوم على العراق. وقال مصدق، 25 عاما، وهو احد رواد مسجد نظيم آباد الذي كان يرتاده شيخ محمد قبل هجمات 11 سبتمبر: «ان الخطط جاهزة لعمليات ارهابية، وستكون مميتة ومرعبة اكثر من هجمات سبتمبر». وقال مسؤولو مسجد نظيم آباد انهم يطلبون «الشهادة» بالموت في «عملية انتحارية» ضد اهداف اميركية. ومعظم الذين يرتادون مسجد نظيم آباد، تعتقد السلطات الاميركية والباكستانية انهم تدربوا في معسكرات بن لادن في افغانستان.

* «نيويورك تايمز» و«يو إس ايه» و«لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»