محكمة استئناف أميركية تنظر دعوى رفعها 30 شخصا بينهم 12 نائبا ديمقراطيا تطعن في صلاحية الرئيس بوش مهاجمة العراق

حيثيات الدعوى: أي قرار يتخذه الرئيس يجب ان يسبقه «إعلان حرب» من الكونغرس

TT

تنظر محكمة استئناف فيدرالية اميركية دعوى نادرة ومستعجلة تشكك في صلاحيات الرئيس جورج بوش بشن حرب على العراق دون قيام الكونغرس رسميا باعلان حالة الحرب. وتقول هذه الدعوى، التي رفعها 12 نائبا ديقراطيا من «الحمائم» وثلاثة جنود لم يكشف عن هوياتهم و15 من آباء الجنود امام محكمة استئناف الدائرة القضائية الاولى في بوسطن، أن الكونغرس تنازل عن مسؤولياته وتخلى عن صلاحياته الخاصة بإعلان الحرب، للرئيس الاميركي. وكان الكونغرس قد صوّت في اكتوبر(تشرين الاول) الماضي لصالح اعطاء الرئيس بوش صلاحية اعلان الحرب إذا لم يمتثل العراق لقرارات الامم المتحدة، أو إذا قرر الرئيس أن العراق يمثل خطرا على الأمن القومي.

وكانت آخر مرة يعلن فيها الكونغرس الحرب في عام 1941، ضد اليابان والمانيا. يذكر ان قاضي محكمة دنيا قد أصدر حكما الشهر الماضي، برفض هذه الدعوى دون تردد. ولا تعتقد سوى قلة من الباحثين القانونيين ان محكمة الاستئناف يمكن ان تغل يد الرئيس وهو على حافة اعلان الحرب. لكن محكمة فيدرالية من ثلاثة قضاة وافقت على نظر الدعوى بصورة مستعجلة، ويتوقع المحامون ان تصدر حكمها اليوم أو غدا. وصرح جون بونيفاز، المحامي الذي رفع الدعوى، ان الكونغرس لا يمكن بهذه البساطة أن يتنازل عن صلاحياته للرئيس تفاديا لنزاع يمكن ان ينشب في المستقبل. وقال: إذا كنا سنخوض الحرب الآن فإننا نحتاج الى مناقشة هذا الأمر. وإذا كان النقاش سيدعم موقف الرئيس فلنقبل ذلك. ولكن سيكون هناك من يتحمل المسؤولية.

من جانبهم يقول كبار المسؤولين بوزارة العدل، في وثائق اودعت لدى المحكمة، ان الحرب، من حيث الجوهر، قرار سياسي يتقاسم المسؤولية فيه الرئيس والكونغرس وبالتالي فان التدخل القضائي في هذا الامر «لن يكون ملائما مطلقا». وهم يقولون ان الحل الدبلوماسي ممكن وان الكونغرس ابدى الموافقة الضرورية في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي. ويشير محامو وزارة الدفاع الى ان الرئيس يملك صلاحيات أكثر اتساعا، وانه يمكن ان يخوض الحرب دون موافقة الكونغرس. ولكن هذا ادعاء مثير للجدل حتى بين المختصين القانونيين المتعاطفين مع بوش. وورد في وثيقة وزارة العدل «إن مئات السنين من الممارسات التشريعية للكونغرس تؤكد صلاحيات الرئيس في إعلان الحرب. فمن حق الرئيس استخدام القوة المسلحة منفردا في الدفاع عن مصالح الامن القومي للولايات المتحدة. ووقع على دعوى بونيفاز 73 من أساتذة القانون الدستوري. ويعارض هؤلاء الاساتذة «التفسير الجذري» الذي يقول ان الرئيس يمكن ان يشن «غزوا على اكبر المستويات» دون موافقة الكونغرس.

وفي عام 1990 رفضت محكمة فيدرالية دعوى مماثلة تقدم بها 54 من اعضاء الكونغرس على مشارف حرب الخليج الاولى. وقد حكم القاضي وقتها بأن من حق الكونغرس إعلان الحرب، ولكنه أشار الى أن البلاد لم تكن وقتها قد اعلنت الحرب بعد، أي لا يمكن محاسبة الرئيس على قرار لم يتخذه. والجدير بالذكر ان قضية صلاحيات الرئيس في إعلان الحرب والتوتر السائد مع السلطة التشريعية حولها، ظلت تحير السياسيين والباحثين القانونيين منذ تأسيس الجمهورية. وقد خاضت الولايات المتحدة خمس حروب معلنة بصورة قانونية. وعلى النقيض من ذلك، فإن نائب وزير العدل، غريغوري كاتساس، ذكر أمام محكمة الاستئناف ان القوات الاميركية حاربت في اكثر من 100 مرة دون إعلان حرب من الكونغرس. ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية تدخلت الولايات المتحدة عسكريا في كوريا وفيتنام وهاييتي ولبنان ونيكاراغوا ومنطقة الخليج.

ويقول مقدمو الدعوى أن الآباء المؤسسين كانوا يرمون الى الحيلولة دون قيام سلطة تنفيذية ذات طابع ملكي، تهدر أموال البلاد وأرواح الشباب عن طريق الحرب. ويضيفون ان قرار الآباء المؤسسين اعطاء حق إعلان الحرب للكونغرس انما اكد حرصهم على أن يضطلع بهذه المسؤولية الجسيمة أكثر الهيئات الحكومية تمثيلا للشعب. وقال بونيفاز: لا يمكن للرئيس أن ينصب نفسه ملكا ويعلن الحرب بكل بساطة. إن هذا يعد خرقا لجوهر الدستور. لكن بعض الباحثين القانونيين يقولون ان بونيفاز يثير حجة قانونية عفى عليها الزمن. ومنذ حرب فيتنام ظلت المحاكم الفيدرالية تتبنى ضمنيا قاعدة أن إعلان الحرب ليس ضروريا. وقال لوري دامروشن استاذ القانون الدستوري بكلية القانون بجامعة كولومبيا «ليس هناك ما هو خارق للعادة في إعلان الحرب. وما دام الكونغرس موافقا على الأمر فان من حقه اختيار الوسيلة الملائمة لابداء هذه الموافقة».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»