محكمة جنايات سوهاج تصدر حكمها في قضية الفتنة الطائفية بصعيد مصر

حادث قرية الكشح ناتج عن مشادة بين مسلمة ومسيحي حول شراء قماش وحذاء لطفل صغير

TT

أعلنت امس محكمة جنايات سوهاج بصعيد مصر حيثيات حكمها في قضية أحداث الفتنة الطائفية بقرية الكشح، والتي وقعت أحداثها أواخر عام 1999 وأوائل عام 2000، وراح ضحيتها 21 مسيحيا ومسلما واحدا، وقضت فيها ببراءة 93 شخصا وادانة اثنين من المتهمين.

ودونت محكمة جنايات سوهاج برئاسة المستشار مصطفى سالمان وعضوية المستشارين علي نصر واحمد عبد الوهاب حيثيات حكمها في 250 صفحة كبيرة، سجلت فيها اسباب الادانة للمتهمين مايز أمين عبد الرحيم الذي قضى ضده بالاشغال 15 عاما، والثاني محمد فوزي شبيب الصادر ضده حكم بالسجن ثلاثة أعوام وستة أشهر.

وأشارت الى ان هيئة المحكمة اطمأنت الى شهادة والد أحد الضحايا ويدعى ايمن حشمت حمدي وما أثبته تقرير الطب الشرعي بشأن الواقعة التي حدثت في قرية البلابيش المجاورة للكشح، بعد سماع أهالي القرية بالاحداث الواقعة بقرية الكشح. كما اطمأنت الى جميع الشهود، وقالت انها لم تأخذ بانكار المتهمين في هذه الواقعة لقصدهما من ذلك الافلات من العقوبة.

كما اكدت المحكمة انها اطمأنت ايضا الى اعتراف المتهم محمد فوزي شبيب في التحقيقات التي أجرتها النيابة رغم انكاره أمام المحكمة، والمتضمنة قيادته هو والمتهم المدان مايز أمين السيارة نصف النقل واطلاقهما الأعيرة النارية منها، كما اطمأنت أيضا الى شهادة ضباط التحريات وما أثبته تقرير الصفة التشريحية من ان اصابات المجني عليهم نارية وطعنية حيوية.

وأفردت هيئة المحكمة عشرات الصفحات لحيثيات البراءة في القضية للمتهمين الـ93 المبرأين وتأكيدها على وجود أسباب عامة، أهمها عدم ضبط أي من الجناة متلبسا بارتكاب أي جريمة من الجرائم التي وردت في أمر الاحالة وعدم ضبط أي من المسروقات التي ذكرها المصابون، وعدم ضبط أي من الأدوات التي استخدمت في اتلاف وتحطيم وتكسير الاكشاك والمحلات التجارية.

واوضحت ان اسناد الاتهام الى بعض المتهمين الذين تمت تبرأتهم لثبوت عدم وجودهم في مسرح الحادث، وان المجني عليهم اسندوا لأشخاص لارتكابهم الجرائم في زمن واحد وفي أماكن متعددة، رغم تباعد المسافات، واستندت ايضا الى التأخر في الابلاغ عن الاحداث والسرقات وانفراد أحد أفراد الاسرة الواحدة بالشهادة من دون غيرهم، رغم وجودهم جميعا في مكان وزمان واحد، وتناقض الدليل القولي مع الدليل الفعلي وثبوت عدم امتلاك العديد من الاشخاص المبلغين تلك الاكشاك التي ابلغوا عن اتلافها، وتعذر امكانية تعرف شهود الاثبات على المتهمين داخل المحكمة، وتناقض الشهود بشأن وصف المتهمين، وعدم معقولية تحديد اشخاص بعينهم من دون غيرهم، في الوقت الذي سادت فيه الفوضى وتجاوز عدد الاشخاص المشاركين في الاحداث أكثر من 500 شخص على حد قول من تم سؤالهم في التحقيقات.

وأشارت المحكمة الى المبالغة في تقدير حجم التلفيات وقيمتها بعد اعلان الدولة عن دفع التعويضات، مما جعل المحكمة لا تطمئن لهذه الادلة، واكدت انها استشعرت الصورة الصحيحة للواقعة، وانها مشادة وقعت في ظهر يوم 29 ديسمبر (كانون الاول) عام 1999 بين مسلم ومسيحية بسبب عدم بيع الثانية اقمشة بالاجل للأول، ومشادة أخرى وقعت بين مسلمة ومسيحي بسبب شراء حذاء لطفلها الصغير.

واضافت: «وقعت نتيجة ذلك مشادة عادية يمكن حدوثها في أي من الاسواق، وان المحكمة استشعرت من خلال التحقيقات ومعايشتها للدعوى ان اهالي القرية مسلمين ومسيحيين، هم نسيج واحد يستحيل فصله وتربطهم علاقات عمل وجوار وتعايش، وما حدث لن ينال من ذلك لان ما بينهم روابط متشابكة ضاربة بجذورها في حياتهم أكبر وأقوى من تلك الأحداث التي تم تجاوزها، وعاد الصفاء والوئام للقرية وسيكون المستقبل افضل وأكثر اشراقا بعد ان تجرع الجميع مرارة الدمار والمعاناة بما يعني طي هذه الصفحة».

ومن جانبه تسلم النائب العام المستشار ماهر عبد الواحد حيثيات الحكم، ويعكف حاليا مكتبه الفني على دراستها لمعرفة عما اذا كانت النيابة سوف تطعن مرة أخرى على البراءة من عدمه. وكانت المحكمة قد اصدرت حكمها المتقدم في 27 فبراير (شباط) الماضي، إلا ان المتهمين المدانين كانا هاربين عند صدور الحكم وطوال مدة المحاكمة، وتمكنت اجهزة الامن في سوهاج من القبض عليهما أمس الأول.

وتعد قضية الكشح أحد أبرز الصدامات الطائفية التي عرفتها مصر خلال السنوات الأخيرة، وقد تم نظر القضية مرتين الأولى عقب وقوع الاحداث ونظرتها هيئة محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ برئاسة المستشار محمد عفيفي، واصدرت حكمها بادانة متهمين فقط وتبرئة 94 متهما مثلوا أمامها.