بيروت تعتبر اقتراح أميركا «المغادرة الاختيارية» على رعاياها في لبنان اعترافا باستقرار وضعه

TT

بدا من التطورات الجارية، وكذلك من مواقف المسؤولين، ان لبنان اعد العدة لاستيعاب اي انعكاسات او مضاعفات يمكن ان يتلقاها من الحرب على مختلف الاصعدة.

وقد دل على هذا الاستعداد اللبناني دعوات رئيس الجمهورية اميل لحود المتكررة الى التماسك الداخلي والتنسيق الدائم مع سورية، وكذلك تشديده على وجوب التصدي لكل من يحاول استغلال الحرب على العراق من اجل احتكار او استغلال في المجال التمويني او في مجال من شأنه ان ينال من مناعة الساحة الداخلية التي تم تحصينها بطي كل الملفات الخلافية والتنبه الى الوضع على حدود لبنان الجنوبية، حيث ان إسرائيل وضعت قواتها هناك في حالة تأهب قصوى، ما يستدعي الحذر والحيطة مما يمكن ان تبيته من مخططات سواء ضد لبنان او ضد الفلسطينيين.

كذلك فإن قول رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري، إثر لقائه الاخير في باريس مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك «ان لبنان وسورية هما الاقل تأثرا من بين كل دول المنطقة بالحرب التي يتعرض لها العراق» يؤكد بوضوح ان ما اتخذ من اجراءات داخلية لبنانية كان في محله. وهو ما سيمكن لبنان وسورية من الاستفادة القصوى اقتصاديا، ليس على طريقة القول «مصائب قوم عند قوم فوائد» وانما بسبب واقع الحال الذي دفع الألوف من الخليجيين العرب للجوء الى هذين البلدين اللذين يتخذان موقفا صارما في رفض الحرب على العراق، ويدعوان الى حل سلمي للمسألة العراقية.

على ان لبنان استفاد معنويا على الصعيدين العربي والدولي من جراء فرض الولايات المتحدة الاميركية نظام «المغادرة الاختيارية» على دبلوماسييها ورعاياها في لبنان فيما فرضت «المغادرة الالزامية» على بقية دبلوماسييها في غالبية دول المنطقة، الامر الذي بدا اعترافاً صريحا منها باستقرار الوضع اللبناني بعد سنوات طويلة من التشكيك به ومن التخويف منه.

حتى ان فرنسا وبريطانيا وغيرهما من الدول، المشارك منها في الحرب وغير المشارك، حذت حذو واشنطن. وكان الجديد الذي علمت به «الشرق الأوسط» امس تعميماً اصدرته فرنسا الى رعاياها، الأصيلين منهم والمجنسين، دعت كلاً منهم الى تحضير حقيبة تتسع لخمسة وعشرين كيلوغراماً من الأغراض. وطلبت منهم، في حال حصول اي طارىء يتهدد سلامتهم، التجمع في باحة مدرسة الـ «شانفيل» في بلدة ديك المحدي الواقعة شمال بيروت والقريبة من محلة عوكر حيث يقع مقر السفارة الاميركية، وذلك لكي تنقلهم من هناك طائرات هليكوبتر الى قبرص ومنها الى باريس او اي مكان آمن يختارونه.

وقالت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» ان تأجيل مجلس الوزراء اللبناني البحث في جدول اعمال جلسته الاسبوعية مساء اول من امس انما تم رغبة من المسؤولين في اعطاء الوضع الاقليمي حقه من البحث وتحديد ما يمكن اتخاذه من إجراءات لمواجهة تداعياته، فضلاً عن تجنب البحث في بعض المواضيع التي لم يسو التباين القائم حولها بعد وفي مقدمتها الهاتف الخليوي (الجوال).

على ان لبنان وسورية لن يقفا متفرجين على ما يتعرض له العراق، إذ ستنشط بيروت ودمشق في اتصالات عربية ودولية وخصوصاً مع المحور الدولي الرافض للحرب وذلك بغية ايجاد مناخات دولية تضغط في اتجاه وقف الحرب وفرض حلول سلمية للأزمة العراقية. وينتظر ان تظهر نتائج بعض هذه الاتصالات خلال ايام. ومن المتوقع ان تتركز الاتصالات مع دول الاتحاد الاوروبي المعارضة للحرب، وكذلك مع الاتحاد الروسي.