شارون يوبخ رئيس الاستخبارات العسكرية لامتداحه تحركات أبو مازن

TT

أضاف رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، برهانا جديدا على موقفه الرفضي ازاء الفلسطينيين والذي يبدو منه انه لا يهضم حتى انتخاب محمود عباس (ابو مازن) رئيسا للحكومة الفلسطينية، علما بأنه كان يضع هذا الانتخاب شرطا للتقدم في عملية السلام. واصبح شارون يغضب من اي ذكر لاسم ابو مازن في محيطه السياسي، لدرجة انه راح يوبخ رئيس الاستخبارات العسكرية في الجيش الاسرائيلي اهارون زئيفي فركش، الذي ابدى بعض الامل بإحداث تغيير في الساحة الفلسطينية.

ويبدو واضحا ان شارون كان يأمل في ان لا يتم انتخاب ابو مازن لهذا المنصب، حتى يظل يستخدمه شماعة يبرر فيها سياسته الحربية في المناطق الفلسطينية. وحين انتخب فوجئ شارون. وتثور ثائرته لأنه يرى الاوروبيين وحتى الاميركيين يبنون آمالا على هذا الانتخاب ويبدون الاستعداد لرؤية بداية صفحة جديدة في النزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني ويحاولون استئناف المفاوضات. وهو يصب كل جهده لتقزيم هذا الحدث، بالقول «اننا لم نتعرف بعد على ماهية صلاحياته ورغباته واهدافه والخطوات العملية التي يجب ان يقوم بها لوقف الارهاب الفلسطيني».

وقال احد المقربين من شارون في لجنة الخارجية والامن البرلمانية، امس، ان «ابو مازن ليس بريئا من سياسة الارهاب الفلسطينية. فقد كان طول الوقت الرجل الثاني بعد عرفات في منظمة التحرير الفلسطينية. وسمعنا انه يعارض الانتفاضة المسلحة لكنه لم يقم بأية خطوة عملية لوقف هذه الانتفاضة. ولذلك من الخطأ البناء عليه».

وأذهل هذا الموقف اعضاء اللجنة، حتى من نواب الليكود، وصاح احدهم: «اذن، لماذا كان شارون يجتمع به». وتساءل النائب ران كوهن من المعارضة اليسارية: «هل كان شارون يخدعنا عندما كان يلتقي به ويمتدح مواقفه؟ ام انه كان يدفع ضريبة شفاه، يغطي بها على حقيقة موقفه الرافض رؤية اية خطوة ايجابية في الطرف الفلسطيني؟!».

وكان فركش قد قدم تقريرا الى الحكومة الاسرائيلية في جلستها اول من امس، قال فيه ان هناك عدة اشارات تدل على ان ابو مازن يسير في الاتجاه الصحيح. وقال: «عرفات يعرقل كل خطوة يقوم بها ابو مازن لوقف العمليات الارهابية وتوسيع صلاحياته. ومع اننا لا نجد بعد اية علامات تدل على ان ابو مازن ينوي او يستطيع احداث تغيير جذري في السياسة الفلسطينية تجاه اسرائيل، الا ان الجو العام الذي يخلقه في المناطق الفلسطينية ايجابي».

فصاح به شارون: «نحن لا نشتغل في قراءة النيات والاجواء. علينا ان نختبر ابو مازن بمدى استعداده للتوصل الى اتفاق سلام معنا، بالأخذ بالاعتبار مصالح اسرائيل وامنها. وطالما أنه لا يوجد لدينا ما يؤكد ذلك، فمن غير الصحيح ومن غير المنطقي ان نكيل المدائح له». واثر هذه الكلمات، راح وزراء اليمين الآخرون يهاجمون فركش ويطالبونه بالواقعية والحذر.

وكان بعض هؤلاء الوزراء قد بدأوا يشككون بأبو مازن حال انتخابه رئيسا للحكومة، وقالوا انه حصل على شهادة الدكتوراه بدراسة اعدها حول استغلال الصهيونية للكارثة اليهودية في زمن النازية. وقالوا انه لم يتخل في يوم من الايام عن الارهاب وكل ما هناك انه يؤيد وقف العمليات حاليا لانها في الوقت الحاضر لا تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني.

الى ذلك طلبت الادارة الاميركية من الحكومة الاسرائيلية ان تقدم على عدة خطوات تشجيعية لرئيس الوزراء الفلسطيني الجديد، في جهوده لوقف العنف. وحسب معلومات نشرت في اسرائيل، امس، طلبت واشنطن من شارون ان يخلي المستوطنات التي اقيمت خلال السنوات الثلاث الاخيرة بمبادرة المستوطنين اليهود المستعمرين وزعموا انها احياء جديدة في المستعمرات القائمة. فهذه المستوطنات تعتبر حتى في اسرائيل غير شرعية، لانها لم تقم وفق قرارات حكومية. وصدرت عدة قرارات باخلائها، ولكنها لم تنفذ.

واعلن شارون، امس، انه يرى في هذه الاحياء مستوطنات «غير شرعية» ووعد بازالتها، لكنه لم يحدد موعدا لذلك.

من جهة ثانية ذكرت مصادر مقربة من شارون انه قرر وقف سياسة هدم البيوت في المدن والمخيمات والقرى الفلسطينية في قطاع غزة، ايضا نزولا عند رغبة الاميركيين. وجاء هذا القرار على اثر قيام جنود الاحتلال بقتل امرأة اميركية من قوى السلام، حضرت الى غزة للتضامن مع اهلها ضد جرائم الاحتلال، وحاولت التصدي لجرافات الهدم بجسدها، فهدموا البيت فوقها حتى لفظت انفاسها.