متسناع يتهم شارون بالتخطيط لإفشال «خريطة الطريق» وقتل آمال السلام

وزير القضاء الإسرائيلي يلغي لقاء مع فيشر بسبب اعتراضه على تخليد احتلال القدس

TT

اتهم رئيس المعارضة الإسرائيلية زعيم حزب العمل، عمرام متسناع، رئيس الحكومة، ارييل شارون، أمس بالتخطيط لإفشال الجهود الدولية لاستئناف مسيرة السلام في الشرق الأوسط، وخصوصا «خريطة الطريق» المعدة لترجمة خطاب الرئيس الأميركي، جورج بوش في 24 يونيو (حزيران) الماضي إلى لغة الفعل.

وقال متسناع خلال نقاش في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، أمس إن الشروط التي تضعها حكومة شارون على القيادة الفلسطينية ومحاولتها تغيير وتعديل بنود «خريطة الطريق» تصب كلها في التوجه نحو الطريق المسدود. فإذا أضفنا إلى ذلك ما نسمعه من تحريض على رئيس الحكومة الفلسطينية المعين، محمود عباس (أبو مازن)، نجد أن هناك توجها منهجيا لدى هذه الحكومة ضد التقدم في المسيرة السلمية. ورفض متسناع ما قاله نواب اليمين في اللجنة حول «الإرهاب الفلسطيني». وقال إن بالإمكان مطالبة السلطة الفلسطينية وبحزم بمكافحة الإرهاب وعدم التنازل أبدا عن هذا الشرط. ولكن مكافحة الإرهاب تتم وفق خطة استراتيجية مدروسة، وذلك أولا بالتفاهم وبالتعاون مع الفلسطينيين وبمراقبة متيقظة من إسرائيل وثانيا لا يمكن أن تنجح في ذلك من دون إعطاء أمل للناس. فالفلسطينيون بحاجة إلى طمأنتهم بأن هناك أملا بالسلاح. وقال «من الخطأ أن توحي بأن كل ما يفعلونه تجاهنا لا يكفينا. يجب أن توصل إليهم رسالة السلام الحقيقي».

وكان متسناع يتكلم في معرض التعقيب على قرار الحكومة الإسرائيلية، أول من أمس تقديم اعتراضاتها على «خريطة الطريق» بما يسمى «15 ملاحظة مبدئية» والمطالبة بتعديل الخريطة على ضوئها فالقرار أثار ردود فعل واسعة في إسرائيل وخارجها. وقد فهمه الكثيرون على أنه معارضة مكشوفة لـ«خريطة الطريق» واعتبره البعض تحديا للإدارة الأميركية، بينما اعتبره آخرون بمثابة ضغط ناجح على هذه الإدارة أثبت في الماضي جدواه.

وكان لافتا للنظر أن الوزراء في حكومة إسرائيل، باستثناء أعضاء الطاقم الأمين، لا يعرفون ما هي بنود «خريطة الطريق» التفصيلية والنص الدقيق للاعتراض الذي قدمته ضدها هذه الحكومة. ومع ذلك فقد وجدوا من المناسب أن يعارضوها. ورددوا اعتراضاتهم.

وأثار هذا الموقف امتعاضا ومراراة في أوروبا وحتى في الولايات المتحدة، كما أشار بعض المراقبين المقربين من وزارة الخارجية.

إلى ذلك بدأ وزير الخارجية الألماني، يوشكا فيشر، زيارة إلى إسرائيل، ومناطق السلطة الفلسطينية في مهمة أوروبية لدفع «خريطة الطريق» إلى الأمام. وعقد سلسلة لقاءات مع كل من نظيره، سلفان شالوم، ورئيسي الحكومة، ارييل شارون، والدولة، موشيه قصاب، وسيلتقي أيضا قادة المعارضة. ثم يتوجه إلى رام الله حيث يلتقي الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، وأبو مازن، وغيرهما من القادة المتابعين للمفاوضات.

ووقعت «حادثة دبلوماسية» معه، أمس، عندما ألغى وزير القضاء رئيس حزب «شنوي»، يوسف لبيد، اللقاء معه. إذ طلب فيشر هذا اللقاء باعتبار لبيد يقود حزبا صاعدا وقويا، ينتمي إلى التيار الليبرالي في الدول المتطورة. وأراد باللقاء أن يعزز العلاقات بين حزبه الألماني وبين «شنوي» آملا أن يكون هذا الحزب ذا أنماط أوروبية علمانية متحررة ومستقلة ما بين اليمين واليسار. ولأن وزارة القضاء الإسرائيلية تقوم في مبنى يقع في شاروع صلاح الدين، في قلب مدينة القدس العربية المحتلة، طلب فيشر أن يتم اللقاء في فندق يقع في القدس الغربية. إذ أن أوروبا ودول العالم أجمع لا تعترف بقرار إسرائيل ضم القدس الشرقية إلى حدودها. وتعتبرها أرضا محتلة، كونها جزءا من الأراضي الفلسطينية والعربية التي احتلت عام 1967.

لكن لبيد اعتبر هذا الموقف عدائيا تجاه إسرائيل. وقال إنه ليس من حق فيشر أو غيره أن يحدد لإسرائيل تخوم سيادتها. وأبلغ الألمان أنه قرر إلغاء اللقاء.

يذكر أن لبيد يتخذ موقفا عدائيا من ألمانيا، بسبب مجازر النازية. ولبيد هو ابن عائلة جرت تصفية معظم أفرادها في معسكرات الإبادة في أوروبا. ولكنه أصدر بيانا خاصا بهذا الشأن قال فيه إن قراره إلغاء اللقاء مع فيشر لا يمت بصلة إلى موقفه العاطفي من الألمان. وانه ناجم عن موقف سياسي يميز غالبية الأحزاب الصهيونية.

وحاولت بعض الأوساط السياسية في إسرائيل التوصل إلى حل وسط في هذا الموضوع وإتمام اللقاء بين فيشر ولبيد حتى ساعات المساء من يوم أمس.