مسؤولون أميركيون: عمليات السلب والنهب تعرقل خطط واشنطن لإنعاش اقتصاد العراق

TT

قال مسؤولون اميركيون ان انتشار أعمال السلب والنهب والتدمير في العراق عرقل جهود ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش لانعاش الاقتصاد العراقي والبحث عن الاسلحة الكيماوية والبيولوجية وعن صدام حسين وكبار مساعديه. كما اشاروا ايضا الى ان وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) ودوائر الاستخبارات الاميركية لم تتوقع حدوث فوضى بهذا المستوى خلال فترة ما بعد الحرب او تخطط لدرئها. ويرى مراقبون ان عمليات السلب والنهب والفوضى قد احدثت اضرارا في بعض المناطق اكبر بكثير من الاضرار التي ألحقتها الحرب نفسها.

وقال مسؤولون حكوميون وخبراء في قطاع النفط ان انه من المتوقع ان تعرقل عمليات السلب التي تعرضت لها منشآت انتاج النفط والمكاتب الميدانية والمستودعات الجهود الرامية لإعادة تدفق النفط الخام العراقي الذي يشكل مصدرا رئيسيا لكل عائدات العراق تقريبا، كما ان إزالة او إتلاف الوثائق الحساسة من مكاتب أجهزة الاستخبارات العراقية والامن قد عقد الجهود الرامية الى تعقب كبار قادة النظام العراقي. وقال مسؤول استخباراتي في البنتاغون عن عملية جمع وتحليل وثائق النظام العراقي، ان مثل هذه الوثائق كثيرا ما تعرضت للسلب او انها ازيلت قبل وصول القوات الاميركية، مشيرا الى ان هذه العمليات حدثت في عدة اماكن. وأضاف المسؤول انه في نفس الوقت الذي تبحث فيه القوات الاميركية عن بعض المواد يبحث عراقيون عن سجلات حول بعض افراد اسرهم. وأشار ايضا الى ان هناك بعض الاشخاص الذين لا يرغبون في ان تكون اسماؤهم موجودة في الملفات لذا يلجأون الى اخفاء هذه الملفات او إحراقها.

وفي حالات اخرى أزال مسؤولون في النظام العراقي المخلوع سجلات وملفات تتضمن ادلة تدينهم قبل وصول القوات الاميركية الى بغداد. فقد اخذت كل الملفات تقريبا من المقر الرئيسي للاستخبارات في بغداد، فيما ترك الاثاث الموجود في المبنى كما هو، مما لا يشير الى احتمال ان يكون المشاركون في عمليات السلب الاخيرة هم الذين استولوا على هذه الملفات. واخذت بعض الملفات والمعدات المتطورة من مجمع الابحاث النووية في التويثة خارج بغداد ومن مصنع للذخيرة بالقرب من كربلاء الى جانب عدة مؤسسات اخرى يشتبه مسؤولون اميركيون في استخدامها في انتاج او تخزين اسلحة محظورة.

وخلال حديثه حول اختفاء وثائق ومواد اخرى من قبل نظام صدام حسين بغرض إخفاء او إتلاف ادلة، شكك وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد في احتمال عثور الفرق الاميركية الخاصة على أية اسلحة كيماوية او بيولوجية او نووية في المواقع المشكوك فيها. وقال رامسفيلد: لا اعتقد اننا سنكتشف أي شيء. اعتقد ان ما سيحدث هو اننا سنعثر على اشخاص يمكن ان يطلعونا على المكان الذي من الممكن ان نعثر فيه على هذه الاسلحة المحظورة. وقال مسؤولون في «البنتاغون» ان التعثر الذي يواجه جهود الولايات المتحدة حاليا في العراق بسبب أعمال الفوضى ناجم عن تجربتها السابقة في افغانستان حيث لم تحدث عمليات مشابهة، لكنه استدرك قائلا: «في الحقيقة، لم يكن هنا الكثير مما يمكن ان يسرق».

وتعرضت حقول النفط العراقية ايضا لعمليات سلب رغم ان رامسفيلد اكد انها تحت سيطرة القوات الاميركية. اذ ما حدث في بعض حقول النفط اثار تساؤلات حول قرار المسؤولين الاميركيين توفير اجراءات امنية مشددة في مواقع والسماح بنهب مواقع اخرى دون أي تدخل. ولا تزال الاضرار التي ألحقتها الفوضى بحقول النفط غير مفصلة، بيد ان تقارير وردت من شمال العراق اشارت الى ان مستودعات قطع الغيار تعرضت لعمليات سلب ونهب كما سرقت ايضا اجهزة كومبيوتر تحتوي على معلومات جيولوجية ومعلومات حول الانتاج. كما تعرضت لعمليات السلب والنهب ايضا مكاتب تحوي سجلات وسيارات وشاحنات وجرافات خاصة لحقول النفط.

وقال خبير اقتصاد الطاقة بمجلس العلاقات الخارجية الاميركي، فيليب فيرليجر، ان المشكلة ليست في آبار النفط وإنما في اجهزة الكومبيوتر والشاحنات والادوات. وأضاف ان هدف القوات الاميركية هو التأكد من عدم وصول شخص الى منابع النفط او تفجير المنشآت النفطية. واشار الى ان الاهتمام انصب في بداية الامر على الآبار نفسها وليس على المكاتب او الشاحنات او الاشياء الاخرى التي من الممكن ان تسرق. من جانبهم قال خبراء نفطيون ان النقص في قطع الغيار والآلات سيعقد ويؤخر من عمليات إعادة تأهيل قطاع النفط العراقي بغرض استئناف الانتاج الذي يقدر بمليوني برميل يوميا قبل الحرب، بيد ان الاهتمام الاكبر هو بفقدان المعلومات المهمة الموجودة داخل اجهزة الكومبيوتر التي سرقت. وقال روبرت ايبيلن، المحلل السابق بوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي إيه) الذي يترأس برنامج الطاقة بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية الاميركي، ان المعلومات المهمة حول النفط العراقي موجودة في اجهزة الكومبيوتر التي سرقت، مؤكدا ان الجانب المهم لا يتمثل فقط في فك الصنابير وتدفق النفط عبر خطوط الانابيب وإنما في تسجيل الانتاج ومستويات التصدير ونوعية الخام. ويعتقد محللون ان عمليات السلب التي تعرضت لها منشآت نفطية ربما تعرقل استئناف انتاج النفط العراقي لعدة اسابيع.

وعلى الرغم من تفاوت تقديرات انتاج العراق، فإن الكثير من الخبراء يعتقدون أن حقول نفط الشمال، التي يقدر انتاجها بحوالي ثلث انتاج العراق من النفط، ربما تستأنف عمليات الانتاج الشهر المقبل، فيما اشاروا الى احتمال ان تستغرق عمليات استئناف الانتاج في حقول جنوب العراق، حيث احرقت بضع آبار، فترة تتراوح بين شهرين وثلاثة شهور، ولا تزال الحكومة الاميركية متفائلة في هذا الشأن، اذ ثمة اعتقاد في اوساط المسؤولين بسرعة استئناف حقول النفط العراقية الانتاج، فقد اشارت توقعات القيادة الوسطى الاميركية الى استئناف عمليات انتاج النفط في حقول الشمال خلال فترة تتراوح بين اسبوعين وستة اسابيع فيما توقعت ان تستغرق عملية استئناف الانتاج في حقول الجنوب فترة تتراوح بين ستة وتسعة اسابيع. ويرى ايريك كريل، خبير متابعة اسواق النفط العالمية للوكالة الاميركية لمعلومات الطاقة، ان سلب اجهزة الكومبيوتر وقطع الغيار لن يمنع الانتاج طالما لم تلحق اضرار بمنشآت الانتاج الاخرى.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»