الأمير عبد الله يبحث مع الوزراء المشاركين في المؤتمر الإقليمي لدول الجوار العراقي الوضع الراهن

سعود الفيصل يدعو للتعامل مع الوضع الذي أفرزته الحرب والإسراع بإنشاء الحكومة الانتقالية * ماهر: القاهرة ترفض الحاكم العسكري * خرازي: لا نخشى هجوما أميركيا

TT

افتتح امس في الرياض المؤتمر الاقليمي الذي يبحث الوضع في العراق بعد اطاحة صدام حسين، برفض التهديدات الاميركية ضد سورية والتأكيد على ان العراق ملك خالص للعراقيين بأرضه وثرواته مع الاصرار على ضرورة الحفاظ على وحدة العراق واستقلاله وسلامته الاقليمية. في الوقت ذاته اشار دبلوماسيون الى خلافات طفيفة في وجهات النظر ترجح تمديد اعمال المؤتمر الى اليوم. ويشارك في المؤتمر وزراء خارجية الدول الست المجاورة للعراق وهي السعودية وتركيا وايران وسورية والاردن والكويت فضلا عن البحرين التي تتولى حاليا رئاسة الجامعة العربية ومصر لدرس الوضع في العراق والنظر في انعكاسات سقوط نظام صدام حسين على المنطقة.

وقبل بدء المؤتمر عقد الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني اجتماعا في مزرعته بالجنادرية امس اجتماعاً مع وزراء الخارجية المشاركين في المؤتمر الاقليمي للدول المجاورة للعراق وهم كل من نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية بالجمهورية التركية عبد الله غول ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية البحريني الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة ونائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية السوري فاروق الشرع ووزير الخارجية الايراني الدكتور كمال خرازي ووزير خارجية مصر احمد ماهر ووزير خارجية الاردن الدكتور مروان المعشر ووزير الدولة للشؤون الخارجية الكويتي الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح. وجرى خلال الاجتماع بحث الاوضاع في العراق ومجمل الاحداث والتطورات في المنطقة. وحضر الاجتماع الأمير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام والأمير متعب بن عبد العزيز وزير الاشغال العامة والاسكان والأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض والأمير سعود الفيصل وزير الخارجية والأمير عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء ورئيس ديوان رئاسة مجلس الوزراء السعودي. وقال دبلوماسيون ان وزراء الخارجية الذين اجروا مشاورات ثنائية بعيد وصولهم الى الرياض قرروا انهاء اعمالهم اليوم نظرا لظهور «خلافات طفيفة في وجهات النظر» بينهم.

وتدور نقاط الخلاف هذه حول «وضع الاكراد العراقيين، اذ ترفض تركيا منح اكراد شمال العراق اي شكل من الحكم الذاتي».

وتخشى تركيا ان يتمكن الاكراد في حال سيطروا على آبار النفط في المنطقة من اعتماد سياسة انفصالية تنعكس على المحافظات التركية ذات الغالبية الكردية حيث ادت حركة تمرد دامية بين 1984 و1999 الى سقوط اكثر من 36 الف قتيل.

وذكر الدبلوماسيون ان بعض الدول تبدي تحفظات على بعض الاشخاص المرشحين لتولي مناصب في الحكومة العراقية المقبلة. وفي بداية الاجتماع ألقى الأمير سعود الفيصل كلمة قال فيها: نلتقي اليوم في مدينة الرياض لتدارس وضع بالغ الدقة والحساسية وعلى خلفية ما افرزته حرب العراق من وضع جديد ومعطيات يتعين علينا جميعا التعامل معها. وفي البداية لا بد لي ان اشير الى ان هذا اللقاء كان مفترضا انعقاده في دمشق غير ان الحكومة السورية تفضلت مشكورة بالموافقة على استضافة الرياض له. واضاف: ان الدافع الاساسي لعقد هذا الاجتماع هو ان نستعرض معا ابعاد النتائج التي افرزتها حرب العراق ومدى انعكاساتها وتأثيراتها على أمن وسلامة واستقرار منطقتنا وان نعمل على بلورة موقف مشترك يرتكز على بعض الاسس والمبادئ لتكون ركيزة تعاملنا مع الواقع الجديد ومادة لاتصالاتنا مع الاطراف الدولية بغية السعي لتحقيق مصلحة العراق وأمن واستقرار المنطقة، ولا بد من التنويه هنا الى اننا حين نجتمع اليوم لتدارس موضوع العراق ومستقبله لا نستند في ذلك الى اي اجندة خاصة بدولنا وان ما يهمنا في المقام الاول هو مصلحة العراق والشعب العراقي وان هذا الهاجس الذي اشغلنا قبل قيام الحرب ما زال مستمرا في اذهاننا ويدفعنا الى التمسك بذات المبادئ التي شكلت الاساس لما بذلناه من جهود واتصالات قبل نشوب الحرب وذلك لتجنيب العراق والمنطقة اية نتائج وخيمة، وان اهم ما يتصدر هذه المبادئ التأكيد على ان العراق ملك خالص للعراقيين بأرضه وثرواته مع الاصرار على ضرورة الحفاظ على وحدة العراق واستقلاله وسلامته الاقليمية، والمعروف ان هذه المبادئ قد اقرها المجتمع الدولي وسبق للولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا التأكيد عليها بلسان قادتها ومسؤوليها.

وتابع قائلا: ان اهم ما يتعين علينا الالتفات اليه ونحن ننظر في موضوع العراق ان ينطلق تعاملنا مع الوضع العراقي من الواقع الذي افرزته الحرب وليس بناء على ما نرغب في رؤيته وتحقيقه بمعزل عن هذا الواقع، وان اهم ما يجب التركيز عليه في المرحلة الراهنة مطالبة قوات الاحتلال الالتزام باتفاقيات جنيف وما تفرضه من واجبات وعلى وجه الخصوص الامن والاستقرار والسلام في ربوع العراق والحفاظ على التراث الشعبي والتاريخي والحضاري للعراق واستعادة ما نهب منه.

وأضاف الأمير سعود الفيصل في كلمته: كما ندعو سلطة الاحتلال وحتى يتم انسحاب القوات في اقرب وقت للاسراع في انشاء الحكومة الانتقالية وبذل المستطاع لبلوغ هذه الغاية وصولا الى اقامة الحكومة العراقية الدستورية والمرتكزة على تمثيل واسع يستجيب لطموحات ورغبات الشعب العراقي بمختلف فئاته.

وقال: ويتعين علينا في الوقت ذاته الاعلان عن توجه دولنا لتعزيز دور الامم المتحدة ليكون دورا محوريا ليس فقط بالنسبة للمسائل الانسانية والاقتصادية بل وفي ما يتعلق ببناء عراق ما بعد الحرب، وان بلداننا يغمرها عزم اكيد للاسهام في اي جهد دولي هدفه مساعدة العراق، مؤكدة في الوقت ذاته اصرارها على ترك التدخل في الشأن العراقي الداخلي باعتباره شأنا عراقيا خالصا، وتتطلع دولنا الى قيام الدولة العراقية الحديثة لكي يستكمل العراق رسالته الحضارية وان تسود علاقاته مع جيرانه روح الود والصفاء والتعاون البناء.

وقال الأمير سعود الفيصل «لقد عانت منطقتنا اكثر من نصيبها من الحروب والقلاقل وجولات العنف على امتداد العقود السابقة، مما بدد طاقاتها وعرقل نموها وازدهارها وكبد بلدانها الكثير من الخسائر المادية والبشرية. وفي اعتقادنا انه آن الأوان لكي نعمل جاهدين على توفير افضل الفرص لاستتباب الأمن والاستقرار في هذا الجزء المضطرب من العالم».

واضاف: ان ما نأمله هو ان تكون حرب العراق آخر فصل من فصول العنف التي ابتلينا بها بدلا من ان تكون حلقة في سلسلة من الصراعات والحروب. ومن هذا المنطلق فإننا نرفض التهديدات التي صدرت مؤخرا ضد سورية.

ان ذلك لا يمكن الا ان يزيد من احتمالات الوقوع في دوامة جديدة من الحروب والقلاقل، خصوصا مع استمرار حالة تردي الاوضاع الفلسطينية وما يواجه الشعب الفلسطيني من الوان البطش وصنوف الممارسات الوحشية على يد قوات الاحتلال الاسرائيلي ومن هذا المنطلق فاننا ندعو الولايات المتحدة إلى انتهاج سبل الحوار مع سورية والعمل على تحريك عملية السلام من خلال وضع «خريطة الطريق» موضع التطبيق العملي كمدخل لحل القضية الفلسطينية والعودة لمبادرة السلام العربية، كاطار لوضع خاتمة للصراع العربي ـ الاسرائيلي بشكل عام وشامل. وفي هذا الصدد فاننا نرحب بما اعلن عن عزم وزير خارجية الولايات المتحدة القيام بزيارة لدمشق للتباحث بشأن العلاقات السورية ـ الأميركية وموافقة سورية على ذلك.

واعرب الأمير سعود الفيصل في ختام كلمته عن امله في ان تتكلل جهود المشاركين بالنجاح الذي يحقق آمال وتطلعات شعوب منطقتنا في الاستقرار ويجنبها الآفات والمخاطر.

وكان احمد ماهر وزير خارجية مصر قد قال للصحافيين قبل ان يتوجه لتناول الغداء انه سيتم بحث السبل والوسائل التي يمكن من خلالها مساعدة الشعب العراقي على ان يقرر مستقبله وان يختار حكومته بدون تدخل خارجي. ومضى ماهر يقول هذا هو العراق وليس الولايات المتحدة ولذلك فانه من الطبيعي ان تكون حكومة العراق عراقية. أليس هذا منطقيا. كما قال ان القاهرة ترفض تعيين حاكم عسكري اميركي في العراق، مؤكدا ان اي حكومة في بغداد لن يكون معترفا بها اذا لم تعكس رغبة الشعب العراقي.

وقال متحدث باسم وزير الخارجية التركي عبد الله غول: رسالتنا هي اننا نريد ان نتطلع الى الامام والى انهاء الاوضاع الانسانية المتردية في اقرب وقت ممكن. واعلن وزير الخارجية الايراني كمال خرازي امس في الرياض ان طهران لا تخشى هجوما عسكريا اميركيا رغم الحرب على العراق والتهديدات الاميركية لسورية.

وقال خرازي لدى وصوله الى الرياض: ليس لدينا مثل هذا القلق لان الوضع في العراق كان مختلفا تماما. وصرح الوزير الايراني للصحافيين «تعهدنا باحترام القانون الدولي وبالطبع سيكون ذلك اساس اي تفاوض». وردا على سؤال عن التهديدات الاميركية لدمشق قال خرازي «اعتقد انه لا يمكن تسوية الخلافات الا بالمحادثات والتعاون».

وصرح وزير الخارجية الاردني مروان المعشر، ان «اجتماع الدول المجاورة للعراق قد يفضي الى تحرك ناشط للحصول على انسحاب قوات الاحتلال من الاراضي العراقية وتشكيل حكومة عراقية». واضاف ان «هذه الحكومة التي يجب ان يختارها الشعب العراقي، ستحافظ على وحدة اراضي العراق وأمنه».

ومن جانبه اكد وزير الخارجية البحريني محمد بن مبارك الخليفة ان «هدفنا هو ضمان استقرار العراق ليعود الى الاسرة العربية». وفي تصريحات نقلتها وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية امس قال الرئيس محمد خاتمي ان دور دول المنطقة في انشاء حكومة عراقية جديدة له اهمية كبيرة.

وفي انقرة اعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان امس ان بلاده في موقع مثالي يسمح لها بالمشاركة في اعادة اعمار العراق وتعتزم السعي للحصول على عقود عديدة بهذا الصدد. وقال اردوغان في كلمة وجهها الى مجموعة من الصناعيين «اننا الدولة الاكثر تأهيلا لإعادة إعمار العراق سياسيا او ماديا». وتابع «سنحتل موقعنا في السوق العراقية ونحن نبذل جهودا بهذا الهدف».

واعتبر رئيس الوزراء ان تركيا الدولة الاسلامية الديمقراطية الوحيدة في المنطقة يمكن ان تمثل نموذجا للعراق.