مصير الأمم المتحدة بعد الحرب على العراق: أميركا تريد تهميشها وأوروبا تريد تفعيلها

TT

يرى سفير الجامعة العربية لدى الأمم المتحدة يحيى المحمصاني أن دور الأمم المتحدة مرتبط تماما بمدى رغبة الولايات المتحدة بتفعيل دور المنظمة الدولية.

ويقول المحمصاني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه «من الممكن تفعيل دور الأمم المتحدة إذا كان هناك اتفاق مع الولايات المتحدة من منظور أن يكون لها مصلحة في تفعيل هذا الدور». ويرى الأمين العام للامم المتحدة، كوفي انان، أن دورها مشروط بوحدة مجلس الأمن، وقال اخيرا «اقترح التئام مجلس الأمن وسوف نرى منظمات أخرى تفعل الشيء نفسه». وأوضح انان قائلا «إن ما نشاهده من نقاش في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) ومنظمة الاتحاد الأوربي وفي مناطق أخرى اساسه قرارات مجلس الأمن». ويسعى انان من خلال الاجتماعات التي عقدها مع المجموعات الإقليمية إلى تثبيت دور الأمم المتحدة. ولم يخف انان استياءه من الحرب التي شنت ضد العراق بدون تفويض من الأمم المتحدة ومن مجلس الأمن الدولي، غير أنه حاول أن يستمع إلى آراء الدول الأعضاء في المنظمة الدولية في البحث عن دور للأمانة العامة في مرحلة ما بعد الحرب. ويرى وكيل أمين عام الأمم المتحدة لشؤون الإعلام. الهندي ساشي طارور، أن ما يجري الآن هو نسبي تماما وأن الأمم المتحدة لعبت دورا كبيرا في أزمات لم تتخذ أي قرارات في شأنها، منها على سبيل المثال حرب قناة السويس عام 1956 ويقول «شاهدنا عدة حالات خاصة، ونحن ندرك أنه من المبكر أن نكتب نعينا». ويشاركه هذا الرأي مندوب منظمة المؤتمر الإسلامي السفير مختار لاماني ويقول «إنها ليست المرة الأولى التي تقوم فيها حرب من دون تفويض من مجلس الأمن، إن خير مثال على ذلك هو ما جرى في كوسوفو حيث أن مجلس الأمن لم يستطع اتخاذ قرار للحرب فقررت منظمة حلف الأطلسي شن الحرب بدون تفويض من المجلس». وأوضح سفير منظمة المؤتمر الإسلامي «كان في العودة إلى الأمم المتحدة دور مهم بالنسبة لإقليم كوسوفو وبالنسبة للأمن والسلم في القارة الأوربية». ولم ينف سفير بريطانيا جيرمي غرينستوك الحليف الأساسي للولايات المتحدة في الحرب ضد العراق أهمية دور الأمم المتحدة وقال «ما زلنا ننتظر طلب الأمين العام انان». وبالرغم من الصيغة المهذبة التي صاغ فيها السفير البريطاني دور الأمم المتحدة، غير أنه أوضح قائلا «إن وكالات الأمم المتحدة المختصة استأنفت نشاطها داخل العراق». وفي الوقت ذاته بين أن دور المنظمة المرتقب في مرحلة ما بعد الحرب في العراق لن يتم خلال يوم أو يومين وأن هذا الدور سينمو بالتدريج على مراحل وقال «إنه ليس هناك جواب عن هذا الدور في يوم واحد وإن المسألة تحتاج إلى أسابيع وسوف تتم على مراحل». ويرى سفير المنظمة الإسلامية مختار لاماني «أن دور الأمم المتحدة مهم لأنه يرتبط عمليا بمستقبل العراق السياسي»، ويحذر الولايات المتحدة قائلا «إن ما تم في المنطقة بعيدا عن الشرعية الدولية قد تكون له انعكاسات سلبية في المستقبل على الصعيد السياسي وقد تكون له سابقة خطيرة على مستقبل العلاقات الدولية». ويرى السفير الفرنسي جان مارك دي سابليه أن «العودة إلى الأمم المتحدة ضرورية، ومن الضروري ايضا دعم هذا المطلب لضمان حسن تنفيذ المرحلة الانتقالية». وحذرت بعض الأوساط الدبلوماسية من خطورة تهميش دور الأمم المتحدة، وقال السفير مختار لاماني «إن أميركا خسرت المعركة الدبلوماسية كسبت الحرب بسهولة، غير أنها لن تستطيع كسب السلم بسهولة بدون دور الأمم المتحدة». وبعد أن حققت الولايات المتحدة انتصارا بإزاحة نظام صدام حسين يتوجب عليها أن تعود إلى مجلس الأمن لترتيب مجموعة من القضايا ذات الصلة بالملف العراقي وعلى رأسها أن تحصل على تفويض أو قرار برفع العقوبات المفروضة على العراق. وتحتاج أيضا إلى تفويض من مجلس الأمن إما لإنهاء برنامج النفط مقابل الغذاء أو تفويض من مجلس الأمن للتصرف في عائدات النفط العراقي المسموح ببيعه وفق برنامج النفط مقابل الغذاء. ويرى خبراء القانون في الأمم المتحدة أن واشنطن قد تجد نفسها متورطة في التعامل مع سلسة من القرارات القانونية التي دفعت مجلس الأمن إلى تبنيها للتضييق على نظام صدام حسين سواء القرارات التي تم اعتمادها في عهد إدارة جورج بوش الأب او في ظل إدارة بيل كلنتون السابقة أو حتى القرارات التي اعتمدت في ظل الإدارة الأميركية الحالية. فإدارة بوش حسب قول الخبراء القانونين ملزمة للعودة إلى مجلس الأمن من أجل إنهاء عمل لجنة الأمم المتحدة للتفتيش وللرصد والتحقق من اسلحة العراق (انموفيك) وكذلك من أجل إنهاء برنامج النفط مقابل الغذاء، وأخيرا من أجل رفع العقوبات المفروضة على العراق. وفي الوقت الذي يدفع فيه المحافظون الجدد في إدارة جورج بوش إلى تقليص دور الأمم المتحدة، تدفع دول الاتحاد الأوربي خصوصا فرنسا والمانيا وبدعم من روسيا واليابان والصين إلى أهمية دور الأمم المتحدة كمرجعية للقانون الدولي لتنظيم العلاقات الدولية.