كوندوليزا رايس: ذكاء حاد ويمين متشدد في خدمة «لوبي النفط»

TT

بين الشخصيتين السوداوين الابرز في «فريق» الرئيس جورج بوش «الابن» يميل كثرة من المعلقين الى القول ان كوندوليزا رايس كبيرة مستشاري الرئيس لشؤون الامن القومي والسياسة الخارجية، اهم بكثير واقرب بكثير الى قلب بوش وعقله من وزير الخارجية كولن باول.

ومع ان العارفين بدهاليز السلطة والنفوذ في واشنطن لم يصلوا بعد الى وصفها بـ«أقوى رجال» بوش، فإن معظم هؤلاء يرون ان رايس وريتشارد تشيني هما القوتان الاقوى حضوراً في دائرة السلطة الضيقة حول الرئيس، رغم انها في الحسابات التقليدية للسياسة الاميركية تأتي من حلقتي ضعف لا قوة. فهي اولاً امرأة... والذكورية هي السائدة في النسق الاعلى من الحكم. وهي سوداء... والبيض هم الذي يتمتعون بالنفوذ في العهود الجمهورية المحافظة، بما فيها عهد بوش «الابن» الذي لم يحصل الا على نسبة تقارب الـ10 في المائة فقط من اصوات الناخبين السود في الانتخابات الرئاسية الاخيرة. رايس، التي بلغت موقعها الخطير في البيت الابيض من خلفيات عدة اكاديمية وتجارية وسياسية، ولدت لعائلة سوداء مسيحية متدينة جداً من الطبقة المتوسطة يوم 14 نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1954 في مدينة برمنغهام الصناعية بولاية الاباما. ومنذ صغرها ابدت كونوليزا نباهة وطموحاً شديدين، ونجحت في دخول جامعة دنفر الخاصة بولاية كولورادو وتخرجت فيها ببكالوريوس في العلوم السياسية حصلت عليها بامتياز عام 1974. ومن ثم حصلت عام 1975 على درجة الماجستير من جامعة نوترديم، احدى اهم جامعتين كاثوليكيتين في اميركا ـ بجانب جامعة جورجتاون ـ وعادت الى دنفر لتحصل منها على الدكتوراه عام 1981. وهي تحمل اليوم عدة درجات فخرية.

بعد الدكتوراه عينت رايس استاذة مساعدة في جامعة ستانفورد الشهيرة بولاية كاليفورنيا، وترقت في مراتب التعليم والابحاث محققة انجازات اكاديمية لافتة بينها فوزها بجائزتي تفوق في التعليم، الى ان صارت عميدة للدروس وشؤون الميزانية في الجامعة عام 1993، وظلت في منصب العمادة حتى يونيو (حزيران) 1999.

اهتمامات رايس المحسوبة على اليمين الجمهوري المحافظ كانت منذ بداية دراساتها العليا منصبة على الاتحاد السوفياتي والكتلة الشرقية. وقبل ان تلج باب العمل السياسي المباشر، ألفت عدداً من الكتب حول اوروبا الوسطى والشرقية والاتحاد السوفياتي منها «المانيا الموحدة واوروبا المتغيرة» عام 1995 مع فيليب زيليكو، و«عصر غورباتشوف» عام 1986 مع الكسندر دالين، و«الولاء المهزوز: الاتحاد السوفياتي والجيش التشيكوسلوفاكي» عام 1984.

اما عن بداية اتصالها العملي بدوائر القرار فبدأت عام 1986 بينما عينت زميلة في مجال العلاقات الدولية في مجلس الشؤون الخارجية، إذ اختيرت مساعدة خاصة لرئيس الاركان المشتركة للقوات المسلحة الاميركية. ثم بين 1989 وحتى مارس (آذار) 1991 تولت منصب مديرة ثم مديرة عامة للشؤون السوفياتية الاوروبية الشرقية في مجلس الامن القومي، ومساعدة خاصة للرئيس في مجلس الامن القومي. وعام 1997 كانت عضوا في اللجنة الاتحادية الاستشارية لشؤون التدريب المشترك للجنسين في جهاز القوات المسلحة.

الا ان اهمية رايس لا تقتصر على خبرتها في مكافحة الشيوعية والتهديد السوفياتي ـ ومن ثم الروسي ـ، بل في صلاتها الوثيقة بعالم المال والاعمال.

فهي حقاً سيدة اعمال من الطبقة الاولى. وفي نطاق شغلها منصب العمادة في ستانفورد، الجامعة الغنية في ولاية كاليفورنيا الغنية، استطاعت رايس التصرف بميزانية جامعتها الضخمة، والعمل في اوساط التمويل والخدمات والشركات الكبرى وبالذات شركات النفط. وحالياً تحسب بين اهم ممثلي «لوبي النفط» في فريق بوش بجانب قربها ايضاً من اليمين المسيحي، وبين الشركات النفطية الكبرى التي جلست رايس على مقاعد مجلس إدارتها شركة شيفرون. ومعها شركة تشارلز شواب ومؤسسة وليام وفلورا هيوليت (وليام هيوليت احد مؤسسي شركة هيوليت باكارد مع ديفيد باكارد)، والمجلس الاستشاري الدولي لمؤسسة جي بي مورغان المالية. وسبق لها ان كانت قبلاً عضو مجلس إدارة في شركات اخرى منها هيوليت باكارد وترانساميريكا ومؤسسة كارنيغي ومؤسسة راند وغيرها.