المواقف الدينية خلال حرب الخليج الثالثة

السيستاني أربك الشيعة.. والقرضاوي حسم المسألة.. وفضل الله عزف منفردا * سلمان العودة أفتى بعدم ذهاب المتطوعين إلى العراق ثم طالب العراقيين بالترحيب بهم * شيخ الأزهر أفتى بالجهاد لكنه رفض وصف الحرب بالصليبية

TT

لم تكن المواقف الدينية الصادرة اثناء حرب العشرين يوما، التي انتهت بإسقاط نظام صدام حسين عشية التاسع من إبريل (نيسان)، مفاجئة في بنيتها التحليلية، أو ذات طابع مغاير للمنطق الداخلي للإسلاميين من رسميين وحركيين. ربما كان الأكثر تميزا، موقف علماء النجف الشيعية في شخص ممثلهم الأبرز المرجع آية الله علي السيستاني، الذي أحاط الغموض واللغط بحقيقة موقفه الديني من الحرب الأميركية ـ البريطانية ضد نظام صدام.

لم يكن للتباين الطائفي بين الشيعة والسنة أثر على تناغم المواقف وانسجامها في مناهضة الحملة الاميركية والدعوة «للجهاد» ضدها. فقد تشابهت مواقف السيد محمد حسين فضل الله المرجع الشيعي اللبناني البارز، مع موقف الشيخ يوسف القرضاوي الفقيه السني الشهير، فكلاهما اصدر فتوى توجب الجهاد على المسلمين ضد قوات الحلفاء في العراق. كما تشابهت مواقف الحوزات الشيعية مع موقف الازهر في مصر.

فقد أصدر القرضاوي، مع بدايات الحملة العسكرية في العراق، فتوى أكد فيها تعين القتال والجهاد على كل مسلم ضد قوات الحلفاء في العراق وقال «الجهاد في العراق فرض عين على أهل العراق، فإن عجزوا عن أداء هذا الفرض انتقل إلى من يليهم، إلى أن يشمل جميع المسلمين».

الموقف ذاته اتخذه المرجع فضل الله في فتواه التي حرم فيها التعاون مع قوات الحلفاء لإزالة نظام صدام حسين وقال في فتوى قصيرة «لا يجوز مساعدة أميركا وحلفائها على ضرب الشعب العراقي أو تمكينها من السيطرة على مقدّراته الاقتصادية وثرواته الطبيعية وسياسته العامة، فإن الله سبحانه يحرّم إعانة الكافرين على المسلمين، والمستكبرين على المستضعفين، وعلى المسلمين أن يتدبّروا أمورهم بأنفسهم في تغيير الواقع الفاسد الداخلي».

واللافت كان موقف الازهر في مصر الذي قال شيخه محمد سيد طنطاوي في تصريحات نشرتها صحيفة «الرأي العام» الكويتية «يجب شرعًا الوقوف مع العراق ضد أي عدوان يقع عليه من منطلق أن مقاومة العدوان على أي دولة إسلامية دون مبرر هي جهاد وواجب إسلامي. كما لا يجوز شرعًا تقديم أي مساعدات لهذه القوى المعتدية لتحقيق عدوانها».

ثم أصدرمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر بيانا بتاريخ 9 أبريل (نيسان) الجاري، أثار جدلا بعد وصفه للحملة الاميركية بالصليبية، مما دفع شيخ الازهر لاحقا إلى التحفظ على وصف الحملة بالصليبية، محذرا من اثارة حساسيات دينية وأكد أنها حملة اميركية «سياسية» وليست صليبية. وكان مجمع البحوث الاسلامية قد قال في بيانه «بمنطق وشريعة الإسلام أنه إذا نزل العدو في أرض المسلمين يصبح الجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلمة; لأن أمتنا العربية والمسلمة ستكون أمام غزوة صليبية جديدة تستهدف الأرض والعرض والعقيدة والوطن». لكن مواقف شيخ الازهر هذه، على الرغم من وقوفها ضد الحملة الاميركية، الا انها لم تكن كافية للمتحمسين المصريين الذين لم يروا فيها القدر الكافي من الحسم، وطالبوه باصدار فتوى اكثر سخونة توجب عليهم «وجوبا عينيا» الذهاب إلى العراق للجهاد، بل ذهابه هو بنفسه! فأدلى بتصريحات صحافية قبيل سقوط بغداد، ابدى فيها تذمره من شدة الضغوط التي يمارسها عليه الشارع المصري، وقال «لم أمنع أحدا من الجهاد، من أراد أن يذهب فليذهب مع السلامة»! مضيفا «ولكنني لا أستطيع اصدار فتوى تقول إن القتال في العراق فرض عين على كل مسلم».

وحتى بعد سقوط بغداد بيومين لم يكف المتحمسون في الشارع المصري عن الغليان، ولم تهدأ جمرة الغضب والاحتقان، فعاد شيخ الازهر ليؤكد في خطبة الجمعة التي ألقاها بتاريخ 11 إبريل (نيسان)، أن باب الجهاد «ما زال مفتوحا لنصرة الشعب العراقي»، بالرغم من انهيار نظام الرئيس صدام حسين، وحملة الملاحقات التي تعرض لها المتطوعون العرب للقتال إلى جنب القوات العراقية ضد الجيشين الأميركي والبريطاني! لكن شيخ الازهر أبدى شيئا من سخطه على الضغوط التي توجه ضد أي رأي فقهي لا يرضى عنه الشارع المصري في خصوص الجهاد في العراق فقال «الذي يريد أن يقوم بالجهاد فله الحرية في اتخاذ كافة السبل لتحقيق ذلك، ولكن لا يجوز له إجبار الغير على الجهاد».

ومرة أخرى نشط الإسلاميون الفلسطيينون والأردنيون مع اشتداد الحملة العسكرية في العراق، كما نشطوا إبان حرب الخليج الثانية التي احتل فيها العراق دولة الكويت، وحررتها أميركا وقوات الحلفاء بعد ذلك، وكالمرة السابقة، ركزوا على مهاجمة دول الخليج إلى درجة مثيرة، عندما قال د. سالم سلامة أستاذ الشريعة ـ فلسطين «الجهاد ضدهم (قوات الحلفاء) يصبح فرض عين، ولا يقبل من كل الحكومات مهما قررت أن تأتي بعدوها ليحتل أرضها، ويستعبد سكانها، ويستولي على خيراتها، والسائل (يقصد الذي سأله) يدري أن نفط دول الخليج مرهون للغرب، فلننظر كيف تحولت ثروات المسلمين الى أداة تعذيب بيد أعدائهم».

ووصل التحريض على مقاتلة اميركا إلى حد تسويغ الهجوم المباشر على أي وجود اميركي حتى ولو أدى ذلك إلى خرق تعهدات الدولة حماية المصالح الاميركية طبقا للقرار السياسي السيادي، فقال الشيخ اللبناني المستشار فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء «لا يجوز دخول الجيوش الأجنبية إلى بلاد المسلمين في أي ظرف من الظروف». ثم يستدرك «ولا يجوز لأي حاكم أن يقبل ذلك إلا إذا كانت هناك ضرورات قاهرة، لا يستطيع تجاوزها». وبعد استبعاده لصحة عذر الدولة في عدم استهداف الوجود الاميركي يقول بحسم «وفي هذه الحالة فإن الضرورة التي أباحت للحاكم الرضوخ وقبول وجود الجيوش الأجنبية في بلاده، هذه الضرورة لا تسري على غيره من الناس. فمن استطاع أن يقاوم الوجود العسكري الأجنبي في بلاد المسلمين بأية وسيلة كانت، فمن واجبه أن يفعل ذلك، ومن قتل في هذا السبيل فهو شهيد إن شاء الله. ولا يعتبر هذا العمل من الناحية الشرعية معصية لولي الأمر».

وتقريبا كانت مواقف الاسلاميين الآخرين تقترب أو تبتعد من هذا الخط. الا أن الموقف الفقهي الذي غطته وسائل الاعلام بكثافة واهتمام، كان موقف علماء النجف في العراق، الذي غشته الاقاويل ولفه الغموض، خصوصا بعد دخول قوات الحلفاء إلى النجف. فقد صدرعن السيد علي السيستاني، المرجع الشيعي الأبرز، ومجموعة أخرى من المراجع الشيعية في النجف فتوى بوجوب مناهضة الحملة الاميركية، إلا أن آخرين شككوا في صحة هذه الفتوى بحجة إرغام النظام البعثي لهم على إصدار الفتوى، ومما جاء في نص الفتوى العراقية التي قرأها شيخ شيعي معمم بالقناة الفضائية العراقية «على العراقيين أن يكونوا بكل مذاهبهم وقومياتهم يدا واحدة أمام أعداء الله والإنسانية، لا بد أن نواجه الكفرة حفاظا على ديننا وبلدنا».

وفي الاثناء صدرت فتوى عن خمسة مراجع شيعة في العراق هم: آية الله علي السيستاني، وآيات الله محمد الحكيم، ومحمد بشير النجفي، ومحمد إسحق الفياض، وحسين السيد إسماعيل الصدر. إلا أن اللغط ظل مستمرا في حقيقة موقف السيستاني حتى بعد دخول قوات الحلفاء للنجف، مع استمرار إعلان وكلاء السيستاني في إيران ولبنان، انقطاع الاتصال به للتحقق من فتواه.

ويبدو أن هذا الغموض والتذبذب في الصورة هو الذي جعل السيستاني ينفى عبر الفضائية القطرية ما أوردته سابقا القيادة المركزية الأميركية عن إصداره فتوى تطلب من المواطنين العراقيين عدم عرقلة عمليات اقتحام القوات الأميركية والبريطانية للمدن العراقية. إلا أنه سرعان ما صدرت عنه فتوى في النجف بتاريخ 3 إبريل (نيسان) الجاري، دعا فيها المدنيين الى عدم مقاتلة قوات الحلفاء! واعتبر هذا الاختلاف في مواقف السيستاني دليلا على أن الفتوى الأولى ربما تكون قد صدرت عنه بالقوة والاكراه.

أما مواقف الإسلاميين في السعودية فكان اكثر ما يلفت النظر فيها، موقف ابرز اسم حركي إسلامي: سلمان العودة، الذي كانت مواقفه مثارا للجدل أيضا. فقد أصدر فتوى للرد على من وصفوا أنفسهم بأنهم «جنود في إحدى الدول الخليجية»، وقالوا «طلب إلينا التوجه إلى الكويت للمرابطة أثناء الحرب المحتملة على العراق من دون تحديد لطبيعة المشاركة، فهل يجوز المشاركة في هذه المهمة». ويبدو أن هؤلاء الجنود كانوا ضمن قوات درع الجزيرة التي تموضعت في الكويت بقرار من وزراء الدفاع الخليجيين قبيل بدأ الحرب.

أجابهم الشيخ العودة بما حاصله الحرمة والمنع من ذلك وقال «لا يجوز لفرد ولا جماعة ولا دولة أن يساعدوا في ضرب العراق وتدميره وقتل شعبه، لا بقول ولا فعل ولا دلالة ولا إشارة ولا تموين ولا دعم. بل الواجب هو السعي في منع ذلك والحيلولة دونه بالوسائل الناجعة، فإذا لم يمكن فأقل ما يجب هو الكف عن المشاركة بجميع أشكالها وصورها. ومن العار أن تضع بعض الأطراف يدها في يد المستعمر الغازي». ومع تصاعد العلميات العسكرية في العراق، وازدياد الحماسة في الشارع السعودي لمناهضة اميركا في العراق، أصدر العودة فتوى اخرى لم تعزف على اوتار الشارع السعودي! كانت هذه الفتوى جوابا عن سؤال رجل قال عن نفسه «أنا أب لأربعة أولاد، وأريد أن أذهب للعراق مجاهداً، لأدافع عن إخوتي المسلمين، سؤالي: إذا ذهبت الى هناك بنية نيل رضوان الله ثم تم قتلي فهل أكون شهيداً؟ عندي حياة واحدة فقط ولا أريد أن أضيعها»! وكان جواب العودة مخالفا لمجمل مواقف الإسلاميين إذ قال «لا نريد أن نزيد في المحنة بزهوق أرواح خلّص أتقياء صلحاء ذوي نيات طيبة من دون أن يكون في ذلك نكاية بالعدو. إن الله تعالى يحب حياة المؤمنين وبقاءهم». واضاف «لكننا لا نرى ما يدعو إلى ذهاب أحد من المسلمين إلى العراق للمشاركة في الحرب، معظم الحرب سيكون ضربات جوية مدمرة، وهذه يستوي عندها أن تقتل ألفاً أو مائة ألف». وتخوف العودة في فتواه من وقوع المتطوعين للقتال في ايدي قوات الحلفاء أوعلى حد تعبيره «في يد من لا يخاف الله».

إلا أن العودة نبه الى سبب آخر يجعله يمتنع عن التشجيع على الذهاب إلى العراق للقتال، إذ قال «من الصدق أن نقول لإخواننا: رغم المرارة والهزيمة النفسية إلا أن الأمة يجب ألا توقف مشاريعها المستقبلية الفردية والجماعية بسبب الأزمة، بل يجب أن نجتهد في صناعة المستقبل وأداء الأفعال المثمرة المنتجة». واثار هذا الموقف انتقاد المتحمسين «للجهاد» في العراق، إلا أن العودة كرر مواقفه تلك في لقاءات اعلامية اخرى. غير أن هذا الموقف لم يصمد طويلا وحصل تغير في موقف العودة حسبما أوضح الكاتب السعودي عبد الله الفوزان.

فقد كتب الشيخ سلمان العودة مقالا بعنوان «أيها العراقيون» نشر في جريدة «الجزيرة» السعودية بتاريخ 6 ابريل (نيسان) الجاري طالب فيه العراقيين بشدة المقاومة، وخلق عقدة جديدة كعقدة فيتنام للاميركان، واستخدم في مقاله مفردة «العلج» التي اشتهر بها وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف في مؤتمراته الصحافية. يقول العودة «أيها الأحبة في العراق.. إنكم تقاتلون عدواً تخطى غيركم إليكم، وربما تخطاكم إلى غيركم، فمطامعه لا تقف عند حد، فأعظموا فيه النكاية، واستميتوا، فدى لكم من لا يقدر صنيعكم، ولا تضنوا بنفس ولا مال، فاليوم يوم الملحمة، وليس بمستنكر عليكم وأنتم أهل الإسلام والفداء أن تصنعوا للعلج الكافر عقدة اسمها عقدة العراق تنسيه عقدة فيتنام، وتكف يده عن الامتداد إلى جيوب الناس»! إلا أن الفقرة التي جعلت البعض يعتقد بتغير خطاب الشيخ سلمان العودة حول حرب العراق، هي قوله مخاطبا العراقيين «لقد وفد إليكم من أبناء الإسلام النجباء من لم تسعهم الأرض وهم يشهدون القصف المجرم عليكم، فانطلقوا وقد باعوا لله نفوساً كريمة، يطلبون الشهادة في سبيل الله، ويرومون قتل المعتدين المتجرئين وهم يعلمون أن العديد البشري لديكم من المدربين المسلحين كثير، ولكنهم يأبون إلا المشاركة والتعبير عن التضامن في إحدى صوره النبيلة، وقد قيل: «يجود بالنفس إن ضن البخيل بها.. والجود بالنفس أقصى غاية الجود» وجدير بقوم كهؤلاء أن يكون لهم من حسن الرعاية والتوظيف ما يتناسب مع طبيعة الموقف والمعركة والمرحلة التي تمر بها الأمة».

الكاتب عبد الله الفوزان كتب مقالا ينتقد فيه الشيخ العودة في صحيفة «الوطن» السعودية بعنوان «هل هذا سلمان العودة أم صدام حسين؟» قال فيه قاصدا صدام حسين «يريد من الإخوة العراقيين أن يضحوا بحياتهم ليبقى له هذا البصيص من الأمل بأن يبقى هو ذلك الزعيم الأوحد، ولا مانع لديه مقابل بقاء هذا البصيص من الأمل أن يموت الآلاف من العراقيين أو ربما الملايين... هذا أمر معروف السبب وغير مستغرب». ثم يضيف «ولكن أن يفعل هذا أيضا الشيخ سلمان العودة وهو العاقل الذي قالت عنه «الوطن» في التعريف به إنه مفكر، فهذا أمر مستغرب جدا، ولذلك فقد دُهِشت وأنا أقرأ تلك الخطبة الحماسية التي وجهها إلى الإخوة العراقيين ونشرتها صحيفة «الجزيرة» يوم الأحد الماضي بعنوان «أيها العراقيون».

ويتابع الفوزان «الذي دعاني للكتابة ذلك التناقض الشديد الذي وقع فيه الشيخ سلمان، فهو قبل يوم واحد من مقاله هذا كان قد كتب مقالا آخر في صحيفة «الوطن» عنوانه «هل نذهب إلى العراق؟» أي هل نذهب لنقاتل معهم؟ وقد أجاب عن السؤال بالنفي ونصح الذي سأله هل سيكون شهيدا إذا ذهب وقاتل وقُتل، بعدم الذهاب، أي انه يحض الاخوة العراقيين على القتال بحماس شديد ويعدهم بالجنة إذا قُتلوا (بمشيئة الله) أما غير العراقيين، فينصحهم بعدم القتال وعدم الذهاب للعراق».

أما بقية المواقف الدينية في السعودية فكانت في مجملها مناهضة لأميركا، مطالبة بنصرة الشعب العراقي، إلا أن ما يستوقف المراقب هو سيطرة ذهنية التحالف والعمل «الجبهوي» إن صح التعبير على بعض المشايخ السعوديين، فقد وجد كثير من الإسلاميين حرجا في القتال تحت راية صدام حسن البعثية «الكافرة» كما تقول أدبيات الإسلاميين المعاصرة.

الدكتور سعود الفنيسان الاسلامي السعودي المعروف لم يجد غضاضة في القول «جهاد الدفع لا يشترط فيه اتحاد الراية بأن تكون إسلامية، بل لو قاتلوا تحت راية حزبية كقومية أو بعثية جاز لهم ذلك، وإن أمكن أن يتحد المسلمون العراقيون تحت راية إسلامية واحدة، وينسقوا مع الرايات الحزبية الأخرى في الميدان لكان حسناً، وإن لم يكن فلا شيء عليهم إن شاء الله». وكلمة «جهاد الدفع» تعبير فقهي المقصود به الحرب الدفاعية.

هناك موقف ديني آخر مثير للدهشة، فقد اصدرت مجموعة من الإسلاميين السلفيين في السعودية بيانا حول الوضع في العراق قبل اندلاع حرب العراق تحت عنوان «بيان حول أحداث العراق». وكان ابرز فقرة فيه تلك الفقرة التي تطالب بنصرة الشعب العراقي باستثناء «الطوائف الضالة» فيه! إسلاميو الكويت «السلفيون» لم يختلفوا كثيرا عن إسلاميي السعودية ومصر والأردن في الوقوف ضد عملية «تحرير العراق» كما أطلق عليها الحلفاء. فقد أصدرت الحركة السلفية في الكويت بيانا قالت فيه «تدعو الحركة السلفية العالم الإسلامي ـ حكومات وشعوباً ـ إلى الوقوف صفاً واحداً لمواجهة الحملات العسكرية الصليبية الجديدة، ومخططاتها الاستعمارية». كما تحذر الحركة السلفية «عامة المسلمين من الالتفات إلى الفتاوى المشبوهة، التي يوظفها الاستعمار في خدمته لتسويغ مثل هذه الحرب الصليبية الاستعمارية».

وبالمقارنة مع موقف بعض الإسلاميين الكويتيين الشيعة من هذه الحرب نلاحظ اختلافا، ففي إطار ردود الفعل الصادرة بشأن الفتاوى الصادرة عن المرجعين علي السيستاني ومحمد سعيد الحكيم الموجودين في مدينة النجف، أصدرت القائمة الطلابية الحرة في جامعة الكويت بياناً جاء فيه: إن «الفتوى التي صدرت هذه الأيام ونسبت إلى الإمام السيد السيستاني والإمام السيد سعيد الحكيم، هي فتوى يشكك في صحتها الكثير من وكلاء المرجعين خارج العراق، فهي بهذا المعنى التي صدرت فيه تتناقض مع موقف المرجعية الشيعية عبر تاريخ جهادها ضد الحكم البعثي في العراق».

الا أنه تجدر الإشارة إلى أن الإسلامي الكويتي محمد العوضي كان قد أبدى مساندته لفتوى الشيخ سلمان العودة التي عارضت التطوع للقتال في العراق.