شارون بمناسبة سفره القريب لواشنطن: سألتقي أبو مازن وسننسحب من بعض المناطق الفلسطينية وسنطلق سراح معتقلين

TT

أعلن في تل ابيب، امس الجمعة، عن سلسلة اجراءات ستقوم بها حكومة اسرائيل لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني الرازح تحت نير الاحتلال وعن احتمال لقاء قمة سريع، بين رئيس الوزراء، ارييل شارون، ونظيره الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن) بعد اعلان حكومته ونيل ثقة المجلس التشريعي، وذلك تجاوبا مع الرغبة الاميركية. وجاء هذا التجاوب، بعد ايام من اعلان شارون انه لا يعطي «الهدايا للفلسطينيين». والتقدير هو ان هذه الاجراءات تأتي في اطار تمهيد الاجواء في واشنطن لكي تشرك شارون في رسم خريطة الشرق الاوسط الجديدة في ضوء نتائج الحرب على العراق.

ويعتقد شارون ان نتائج هذه الحرب يجب ألا تقتصر على العراق. وينبغي ان تترك آثارها ايضا لإحداث تغييرات جوهرية في سياسة وانظمة الحكم في المنطقة، خصوصا ايران وسورية وليبيا والسعودية، وتصفية دور «حزب الله» في لبنان. وبهذا يتم خلق «توازن جديد في المنطقة، تتسع خلاله الهوة اكثر فأكثر بين اسرائيل القوية والعالم العربي الضعيف والمهزوم، ينبغي استغلاله لفرض حل للقضية الفلسطينية يكون مناسبا لهذا التوازن وينخفض فيه سقف المطالب الفلسطينية».

ويريد شارون ان يكون شريكا في اعداد الخريطة السياسية ـ الاقتصادية الجديدة لـ«الشرق الأوسط». ولهذا ينوي السفر الى واشنطن والاجتماع الى الرئيس جورج بوش وكبار وزرائه. ومن المتوقع ان تتم الزيارة في النصف الاول من مايو (ايار) المقبل.

وكانت الادارة الاميركية قد طلبت من شارون، حال نشوب الحرب على العراق، ان يستعد للقيام بخطوات ايجابية تجاه الفلسطينيين، اولا من اجل تخفيف الغضب في العالم العربي جراء الحرب، وثانيا من اجل تشجيع رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد، ابو مازن. وقد قوبل الطلب بغضب اسرائيلي بشكل عام. واعتبروه بداية كنتيجة ضغط من رئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، على الرئيس بوش. وراحوا يهاجمون بوش. واعتبره بعض المقربين من شارون عدوا لاسرائيل. فيما قال عنه شارون: «لقد اخذ حرية زائدة ليقرر مصير اسرائيل». وقال شارون، في رد غير مباشر على الاميركيين، «انه ليس من القادة الاسرائيليين الذين يقدمون للفلسطينيين هدايا مجانية». وقال: فقط في حالة وقف الارهاب الفلسطيني ضدنا، نتخذ اجراءات مقابلة.

ولكن، بانتهاء الحرب في العراق بهذه السرعة المفاجئة، صار شارون يتحدث عن الفرصة التاريخية الناشئة لانهاء النزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني، بفضل التوازن الجديد. وبدأ سلسلة اجتماعات امنية بين كبار الجنرالات الاسرائيليين والفلسطينيين، وقد اعلن عن اثنين منها فقط، لكن مصادر عسكرية قالت امس: «.. لم نعد نعدّ عدد الاجتماعات».

وتبين امس ان الطرفين توصلا الى تفاهم حول عدد من الخطوات السريعة. فالفلسطينيون تعهدوا بتولي زمام امور الامن في معظم المناطق في قطاع غزة، وكذلك في بيت لحم وقلقيلية. فقرر الاسرائيليون الانسحاب من هذه المناطق بالتدريج والغاء تقسيم قطاع غزة الى ثلاث مناطق معزولة، وتخفيف العمليات الاسرائيلية الحربية بما في ذلك عمليات الاغتيال، واطلاق سراح مئات الاسرى الفلسطينيين (هذا الاجراء تحدث عنه وزير الدفاع الاسرائيلي، شاؤول موفاز في الاسبوع الماضي، لكنه نفى بشكل قاطع ان يكون ناجما عن التقدم بنيات حسنة من حكومة ابو مازن، وقال ان سببه يكمن في الازدحام الشديد داخل تلك المعتقلات).

ومن الاجراءات الاخرى التي قررتها اسرائيل: تسهيل مرور الشخصيات الفلسطينية على الحواجز، والامتناع عن دخول المدن الفلسطينية، وتخفيف الحصار وزيادة عدد تصاريح العمل لعمال فلسطينيين في اسرائيل، واعطاء تسهيلات كبيرة للتجار في نقل البضائع من اسرائيل وإليها.

واعد الجيش الاسرائيلي قائمة بهذه التسهيلات سلمها دوف فايسغلاس، مدير مكتب شارون، الى كوندوليزا رايس، مستشارة الامن القومي للرئيس الاميركي جورج بوش.

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، اول من امس ان شارون ابلغ الاميركيين انه سيدعو ابو مازن للقائه في القدس حالما تحظى حكومته بمصادقة المجلس التشريعي الفلسطيني، وان موضوع البحث سيتركز على تلك التسهيلات مقابل زيادة النشاط الامني الفلسطيني لمنع العمليات التفجيرية داخل اسرائيل. واكدت هذا النبأ مصادر اسرائيلية رسمية في القدس، امس.

من جهة ثانية اعلن ناطق بلسان وزارة الدفاع الاسرائيلية ان موفاز يدرس حاليا الوضع القانوني لحوالي 100 نقطة استيطانية «غير شرعية» في الضفة الغربية (هكذا تسمى المستوطنات التي اقيمت من دون قرار رسمي في الحكومة)، بغية اخلاء بعض منها، علما بأن الادارة الاميركية تطلب من اسرائيل ازالتها جميعا ووقف اي نشاط استيطاني جديد.

ومن المتوقع ان يشمل وزير الخارجية الاميركي، كولن باول، اسرائيل في جولته القريبة الى الشرق الاوسط. ولا يستبعد ان يلتقي ايضا مع ابو مازن. وقالت مصادر اميركية في تل ابيب، امس، ان باول ينتظر ان يقابله الاسرائيليون والفلسطينيون بمبادرات ايجابية لتحسين الاجواء بينهما.

تجدر الاشارة الى ان اسرائيل اعلنت امس ان قواتها تمكنت من افشال 6 عمليات تفجيرية خلال اليومين الاخيرين، كان فدائيون فلسطينيون قد خططوا لتنفيذها خلال عيد الفصح لدى اليهود. وقد اعتقلت الاشخاص المتورطين فيها، وارسلت الى واشنطن تقريرا بهذه العمليات.