صحيفة بريطانية تتحدث عن عثورها على وثيقة عراقية عن تلقي النائب غالاوي مئات آلاف الجنيهات من نظام صدام

النائب البريطاني نافيا الاتهامات: لم أطلب أو أتلق أموالا لحملتنا المعادية للحرب وللعقوبات

TT

قالت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية أمس انها عثرت على وثيقة استخباراتية عراقية عن تلقي النائب البريطاني جورج غالاوي مئات الآلاف من الجنيهات الاسترلينية من نظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين. غير ان النائب المعروف بصلاته مع نظام صدام وبمعارضته للحرب في العراق، نفى هذه الاتهامات جملة وتفصيلا، مؤكداً انه سيقاضي الصحيفة لأنها تبث هذه الادعاءات من باب التشهير به. وسعت «الشرق الأوسط» للحديث مع غالاوي واتصلت به وبمكتبه في لندن وفي غلاسكو عدة مرات من دون جدوى.

وقالت «ديلي تلغراف» إنها استقت هذه المعلومات من رسالة رسمية قالت إن مسؤولاً في جهاز المخابرات وجهها الى رئاسة الجمهورية العراقية في يناير (كانون الثاني) عام .2000 وذكرت الرسالة ان رجل الاعمال الأردني فواز عبد الله زريقات، الذي قالت انه تعاون مع غالاوي، رتب له اجتماعاً مع مسؤول امني عراقي طلب منه النائب البريطاني مساعدات إضافية على شكل عقود واستثناءات تجارية. إلا ان زريقات أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يطلب أموالاً من العراقيين بغرض تقديمها لغالاوي، مشدداً على انه تعاون مع النائب البريطاني في إطار نشاطاته الانسانية من خلال «حملة مريم» التي انشأها الاخير عام .1998 وكانت صحيفة «ديلي تلغراف» قد افردت صفحاتها الاربع الاولى لقصة الرسالة المزعومة المؤلفة من خمس صفحات، والتي قال مراسلها في بغداد ديفيد بلير إنه عثر عليها بالصدفة في إحدى خزائن وزارة الخارجية العراقية. واشارت الصحيفة الى ان غالاوي (وفقا للوثيقة المزعومة) كان يتقاضى 375 الف جنيه استرليني سنوياً من نظام صدام. والرسالة، التي نشرت الصحيفة ترجمتها الكاملة الى الانجليزية فضلاً عن صورة من الصفحة الاولى من نسختها العربية، مؤرخة بتاريخ 3 يناير 2000 وموجهة الى «رئاسة الجمهورية ـ السكرتير». وجاء في الصفحة الاولى التي كُتب في أعلاها «سري وشخصي» أن «الصديق الاردني فواز عبد الله زريقات» قد أخبر مرسل الرسالة وهو مسؤول في جهاز المخابرات، «نقلاً عن السيد جورج كالوي (تهجئة المسؤول العراقي) كونه شارك معه في كافة الفعاليات التي قامت بها قافلة مريم في الاردن والعراق» بمعلومات شتى تم تدوينها في فقرات تالية.

ونسبت الفقرة الاولى الى زريقات قوله إن جهود غالاوي في «حملة مريم»، التي اقيمت لمساعدة العراقيين الذين عانوا من العقوبات التي فرضت على بلادهم بعد تحرير الكويت، قد أدت الى «وضع مستقبله كبرلماني بريطاني في دائرة محاطة بالعديد من علامات الاستفهام والشك» لأنها أكسبته الاصدقاء و«الاعداء المتربصين به». وتابعت الرسالة في فقرتها الثانية كلاماً منسوباً لزريقات «إن مشاريعه (غالاوي) وخططه المستقبلية لصالح القطر (العراق) بحاجة الى تغطية مالية تكون دافعاً له لعمل المزيد». واضافت «ونظراً لحساسية تلقيه اية اموال بشكل مباشر من العراق فإن من الضروري منحه تسهيلات وعقوداً تجارية توفر له مبالغ إضافية». وورد في النص المترجم أن من الضروري تقديم «عقود نفط وفرص اسثناءات تجارية لتزويده دخلاً مالياً تحت غطاء تجاري من دون ان يكون متصلاً به مباشرة». وأورد النص المترجم للرسالة المزعومة ان غالاوي «حصل من خلال طارق عزيز على ثلاثة ملايين برميل نفط كل ستة اشهر، بموجب برنامج النفط مقابل الغذاء»، وأضاف أن النائب البريطاني حصل أيضاً على عدد محدود من عقود الغذاء مع وزارة التجارة. وان نسبة أرباحه لا تتجاوز واحداً في المائة» من قيمة هذه العقود التي لم تحدد.

واشار المسؤول الامني المجهول في رسالته هذه، حسب النص المزعوم الذي ترجمته «ديلي تلغراف»، الى ان زريقات نظم في 26 ديسمبر (كانون الاول) عام 1999 اجتماعاً لغالاوي مع رجل استخبارات عراقي. واضاف أن النائب العمالي البريطاني طلب «أولاً، زيادة حصته من النفط. وثانياً منحه استثناءات تجارية وتسهيلات عقود». ونسب الى غالاوي قوله إن من الضروري ترك زريقات، وقد وصفه في رسالة منفصلة بـ«مندوبي» في العراق، يتدبر امر هذه التسهيلات ويديرها شخصياً. وقد اتصلت «الشرق الأوسط» مراراً بغالاوي، الذي يعتقد انه موجود حالياً في البرتغال، على هاتفه النقال من دون جدوى. ولم يكن من الممكن ترك رسالة له لأن خانة الرسائل «مليئة». كما اتصلت «الشرق الأوسط» بمكتبه في مجلس العموم البريطاني، بيد ان أحداً لم يكن هناك، كما تعذر ترك رسالة له. ومع ان مكتبه في دائرته الانتخابية في غلاسكو لم يرد على مكالمات متتالية، فقد نجحت «الشرق الأوسط» في ترك رسالة هاتفية هناك ظهر امس. وفي تعليق على هذه الاتهامات، قال غالاوي لتلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي): «إما ان صحيفة ديلي تلغراف متواطئة او انها ضحية تلاعب.ولكن مهما كان الامر فعليها ان تشرح موقفها امام المحاكم البريطانية». واضاف «لم اطلب مطلقا، وكنت سأرفض حتما، لو عرض علي اي كان مساعدة مادية من النظام العراقي».

وأكد غالاوي في تصريحات له ان الوثائق إما ان تكون مزورة او ملفقة وتهدف الى القضاء على مصداقيته بسبب معارضته الحرب على العراق، وقال «لم اطلب او اتلق اية اموال من العراق لحملتنا المعادية للحرب والعقوبات». وأضاف «لم ار في حياتي برميل نفط ولم اشتر او ابع واحدا في حياتي». وزاد النائب العمالي ان مزاعم الصحيفة بأنه التقى مسؤولي الاستخبارات العراقية غير صحيحة.وقال ان الوثائق التي زعم العثور عليها تندرج في اطار «حملة تشهير على من وقفوا ضد الحرب غير الشرعية والدموية في العراق وضد احتلال القوات الاجنبية».

ومن جانبه، اكد المحامي العراقي صباح المختار في اتصال أجرته معه «الشرق الأوسط» أن الموضوع برمته ليس إلا جزءاً من «حملة تشهير» تقوم بها صحيفة «لها صلات وثيقة جداً بالحركة الصهيونية واسرائيل» وذلك لتدمير نائب معروف بتأييده للقضية الفلسطينية. واضاف المختار، الذي كان نائب رئيس «حملة مريم» بيد انه استقال إثر رحلة قاموا بها الى الشرق الاوسط، أن الجمعية في ايامه «تم تمويلها من قبل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (رئيس دولة الامارات العربية) مباشرة». وزاد إن «الاموال التي اتتنا لمعالجة (الطفلة العراقية المصابة بسرطان الدم) مريم حمزة (في بريطانيا عام 1998)جمعت من الناس الخيرين في بريطانيا». وأكد أن العثور على الوثيقة المزعومة هو عبارة عن «صدفة تكاد لا تصدق». وقال «حتى ولو كان ما نشرته الصحيفة صحيحاً فليس فيه ما يخالف القانون البريطاني» ومن الطبيعي «ان تمول الحملات ذات الغاية الانسانية من قبل الحكومات» المعنية بالامر.