شاهد على رحلة الخوئي إلى العراق: حلقنا في طائرة هليكوبتر 4 ساعات وسط إطلاق نار باتجاه النجف ثم عدنا مرة أخرى إلى الناصرية

الخوئي أول الواصلين إلى الأراضي العراقية والناس احتشدوا لتحيته بعد وصوله إلى النجف * غالبية المراجع والعلماء انتقلوا إلى أماكن سرية خوفا من اختطاف أجهزة صدام لهم أو إجبارهم على إصدار فتاوى

TT

في الليل تضيع كل ملامح الجغرافيا، خاصة في ليلة بلا نجوم مثل تلك التي كنا قد غادرنا فيها قاعدة طليلة الجوية باتجاه مدينة النجف. كان رحيل جلال الزيادي قد أدى الى حالة من الحزن بيننا. ومع ذلك كان علينا ان نواصل تلك الرحلة الموعودة. عندما صعدنا الى طائرة الهليكوبتر المخصصة للمهمات الليلية، وكانت واحدة من اربع طائرات ستحلق كلها في ذات الاتجاه، لم نجد اية مقاعد مخصصة للجلوس، فجلس بعضنا على الحقائب او فوق صناديق المياه، بينما اتخذ الخوئي من عتبة تقود الى مقصورة القيادة مكانا له.

كانت هناك نافذتان او كوتان واحدة في يمين الطائرة والاخرى بيسارها مثبت في كل منهما مدفع رشاش كبير، ملحق به مخزن كبير للرصاص. وكان الجنديان اللذان يقفان خلف المدفعين قد وضعا على عينيهما نواظير ليلية وتهيآ للرمي. وقريبا من المدفع الأيمن وجدت مكانا مناسبا للجلوس فوق ارضية الطائرة.

* سلام من الجواهري

* حلقت الطائرات بصورة تدريجية، ولم تمنع قطع الاسفنج التي وضعناها في آذاننا من ان يتسلل الهدير الى رؤوسنا، كان كادر الطائرة يتفاهمون فيما بينهم بالاشارات بينما يغرق كل منا في تفكيره. تذكرت رواية (الطيران الليلي) للكاتب انطوان اكزوبري، التي تغزل فيها بالليل والنجوم، من غير ان يغفل فيها الحديث عن مخاطر الطيران خلال الليل.

لم اكن اعرف فوق اية ارض نحن نحلق الآن، لكنني حدست اننا نطير فوق نخل السماوة، ونهر الفرات او دجلة، بعد ان كنا قد تجاوزنا زقورة اور وبقايا بلاد السومريين، وعندما حاولت ان انظر من خلال الكوة اليسرى التي تمتد منها سبطانة المدفع الرشاش لم أكن لارى سوى ظلمة الليل.

رددت مع نفسي ما احفظه من مطلع لقصيدة للجواهري وهو يقول:

سلامٌ على هَضَبات العراق ـ وشطيه والجُرف والمنحنى

على النَّخل ذي السَّعفات الطوال ـ على سّيد الشَّجر المُقتنى

ودجلة تمشي على هونها ـ وتمشي رخاء عليها الصبا

ودجلة زهو الصبايا الملاح ـ تخوض منها بماء صرى

سلام على قمر فوقها ـ عليها هفا واليها رنا

تدغدغ اضواؤه صدرها ـ وتمسح طياتها والثنى

كأن يدا طرزت فوقها ـ من الحسن موشية تجتلى

* والح علي مشهد غرق النخيل في مدينتي عنة وحديثة في غرب العراق عندما امر صدام حسين بضمهما الى سد صدام ففتحت عليهما المياه، كان ذلك في منتصف الثمانينات، وكنت قد حلقت فوق المدينتين بطائرة هليكوبتر مع مجموعة من الصحافيين، كانت المياه تتقدم في طوفان كبير فتبتلع كل شيء حتى قامات النخيل التي بدت مثل صبايا يرفعن رؤوسهن متوسلات لانقاذهن من الغرق. وكان سبب ضم المدينتين التاريخيتين الى مشروع السد هو لاغراض معاقبة الأهالي وقتذاك لشعور صدام بعدم اخلاصهم له.

لا بد ان نكون قد حلقنا، ونحن في طريقنا بين الناصرية والنجف فوق مساحات الاهوار التي كان صدام قد امر بتجفيفها، وتهجير سكانها بحجة شق نهر حمل اسمه. صدام حسين لم يعتد فقط على أبناء شعبه ويضطهدهم، بل اضطهد الجغرافيا وتلاعب فيها، يغرق مدينتي عنة وحديثة وجزءا من راوة بحجة انشاء سد يحمل اسمه، ويأمر بتجفيف الاهوار التي اقترن تاريخ وجودها مع تاريخ وجود العراق منذ اكثر من ستة آلاف عام ويهجر سكانها ليشق نهرا هو الاخر يحمل اسمه، وفي كلا الحالتين الاجراءات اتخذت لمعاقبة الناس لعدم اخلاصهم ومحبتهم له.

كنا ننظر الى ساعاتنا بينما طائرة الهليكوبتر ما تزال تقطع المسافات الجوية، كان قد مضى على تحليقنا اكثر من ساعتين، واستغربت اننا لم نصل بعد الى النجف، فالمسافة بين الناصرية والنجف تقطع بواسطة السيارة في اقل من ثلاث ساعات، ولا بد ان يكون زمن الرحلة بواسطة الطائرة اقل من ذلك بكثير.

* رحلة طويلة

* قدرت ان قائد الطائرة قد يكون سلك خطوطا اخرى بسبب العمليات الحربية ومن اجل توخي الحذر. قمت لأنظر من خلال النافذة عسى ان اجد أي تفصيل فوق الارض، وهالني ما شاهدت، كانت المدفعية الرشاشة المضادة للطائرات والتابعة للقوات العراقية تطلق نيرانها باتجاه طائراتنا، بينما يرد الجنديان الأميركيان عليها من الكوتين (النافذتين) وكان هدير الطائرة يمنعنا من ان نسمع أي شيء. كانت النيرات المتجهة نحو طائرتنا تبدو مثل العاب نارية قريبة للغاية. انتبه الجندي الأميركي الى انني اقف مراقبا ما يحدث فامرني بالجلوس خشية ان تصل نيران المدفعية المضادة الى الطائرة وقد تتسلل احداها من خلال النافذة فتصيبني. وعلى العموم فقد كنا نرتدي الدروع الواقية من الرصاص والتي تغطي صدورنا بالتمام.

بعد ما يقرب من اربع ساعات من التحليق حطت الطائرة في ارض خالية، اربع ساعات بين الناصرية والنجف بينما كان يفترض ان يكون زمن الرحلة اقل من ساعة. مع ذلك فرحنا بنهاية هذه الرحلة الطويلة والشاقة.

فتحت بوابة مؤخرة الطائرة ونزلنا، كانت الظلمة ما تزال تغلف كل شيء، والدوار الذي اصاب رؤوسنا لم يتح لنا ان نميز المكان الذي نحن فيه، لكن الشيخ حازم نظر حوله وقال لي، بينما هدير محركات الطائرة ما زال يعلو، «انظر الى ذلك الوكر، انه يشبه الذي كنا فيه في الناصرية» كان على مقربة منا وكر يشبه تماما السقيفة التي كانت خيمتنا تنتصب تحتها في قاعدة طليلة، فقدرت اننا ربما هبطنا في قاعدة جوية اخرى.

سألت الخوئي ان كنا في النجف ام لا، فأجاب على الفور«لا اعتقد اننا في النجف» بينما قدر الخفاجي اننا ربما نكون على الطريق بين النجف وكربلاء نافيا ان نكون في النجف. لم يبق من اسأله سوى (أبو علي)، قلت له بالانجليزية «هل نحن في صحراء النجف؟» فرد علي ممتعضا «بل نحن في صحراء الناصرية»، ماذا تعني، هل عدنا الى مكاننا في طليلة بعد اربع ساعات من الطيران؟، فاجاب هازا راسه مؤكدا كلامي «لسوء الحظ نعم عدنا الى مكاننا نفسه».

وقع الخبر علينا مثل الصاعقة، المكان الذي نكرهه، والذي فقدنا فيه قبل ساعات واحدا من اعز اصدقائنا (جلال الزيادي)، المكان الذي كنا نتحرق من اجل مغادرته، عدنا اليه بعد اربع ساعات مملة؟ عدنا الى خيمة البؤس، هكذا سميتها، وهكذا صار التعريف بها، وهناك اخبرنا (أبو علي) ان القوات الأميركية في النجف ارتكبت خطأ، اذ لم يكن هناك من ينتظرنا في مطار النجف العسكري، ولم تعط الموافقة للطيارين بالهبوط، وخشي الطيارون على حياتنا لا سيما ان النجف لم تكن قد تحررت بعد بصورة كاملة من ميليشيات نظام صدام، فعادوا بعد ان بقوا محلقين في الجو انتظارا للموافقة على الهبوط، لكن الموافقة لم تأت. كان (أبو علي) يتحدث وهو حزين وحانق، فمثل هذه الاخطاء لا تحدث لا سيما ان مواعيد الطيران والهبوط كانت معدة بدقة ومنذ يومين، وأي خطأ في تلك المواعيد كان يمكن ان يعرضنا للقصف على أيدي الاصدقاء (النيران الصديقة) واعني نيران القوات الأميركية ذاتها والتي راح ضحيتها العديد من الأميركان والبريطانيين في جبهة القتال.

اندسسنا في فراشنا (بارشوتاتنا) مرة اخرى يلفنا الصمت والوجوم، واشك ان لا أحد منا كان قد نام الساعات المتبقية من تلك الليلة، اذ كان الجميع يفكر في الزيادي الذي كان قد طلب منا عدم تركه والسفر بدونه، بالرغم من ان الخوئي وعد بنقله الى النجف ودفنه هناك بصورة تليق به.

* رحلة اخرى

* في صباح اليوم التالي عرفنا ان الموعد الجديد لاقلاعنا الى النجف هو الساعة التاسعة وعشرون دقيقة، لكن الطائرة اصبحت جاهزة عند منتصف النهار، اذ تم استبدال اخرى اصغر منها بها، كون الأولى كانت مخصصة للطيران الليلي فقط.

ثلاث طائرات هليكوبتر ذات المروحتين الكبيرتين كانت في انتظارنا هذه المرة، قلت: لقد خصصوا لنا هذه الطائرات التي تسقط من تلقاء نفسها، في اشارة الى سقوط ثلاث طائرات من ذات النوع من تلقاء نفسها في صحراء الكويت عند بداية العمليات الحربية، وقد كان قد قتل من فيها، مما دفع بالصحاف (بطل الاعلام القومي) وزير نظام صدام حسين لأن يصرح متباهيا وقتذاك بأن القوات العراقية هي التي اسقطت هذه الطائرات.

سأل ماهر الياسري «هل انت متأكد بأن الطائرات التي سقطت من هذا النوع الذي سنحلق فيها؟» اجبت بالصمت، مما دفع بالخوئي لأن يسألني مازحا «هل كان يجب ان تتذكر هذه الملاحظة الآن؟». كانت تتوفر في هذه الطائرات بعض المقاعد المصنوعة من الشباك البلاستيكية، والتي جلس عليها بعضنا. عندما حلقت الطائرات تركت خلفها ما يشبه العاصفة الترابية فوق الارض. كنا نخشى ان يتكرر ما حدث امس فنعود الى مكاننا بعد ساعات من التحليق، لكننا، ولحسن الحظ وصلنا الى صحراء النجف بعد خمس واربعين دقيقة من الطيران النهاري.

قال (أبو علي) بعربية مشوشة «حمدا على السلامة»، سألته: هل أنت متأكد اننا في النجف؟ فاجاب على الفور «بالتأكيد». كنا قد هبطنا في منطقة معزولة في صحراء بحر النجف، وكان هناك افراد من القوات الخاصة الأميركية في انتظارنا، بقينا تحت الشمس الحارقة لأكثر من ساعة ريثما يوفرون لنا سيارات تنقلنا، اذ كانوا يعتقدون اننا اصطحبنا معنا سيارتي الشوفرليه المخصصتين لنا، واللتين لم نرهما منذ ان تركناهما في طليلة قبل مغادرتنا الى النجف على امل ان تصل الينا في اليوم التالي، كون الطائرة التي نقلتنا غير مخصصة لشحن السيارات.

سألت الخوئي: هل كان هنا بحر بالفعل؟فاجاب «هذا ما تؤكده جميع المصادر التاريخية، والتي تقول ان نوح كان قد رسى بسفينته في هذا البحر، ولهذا قبره قرب قبر الامام علي في النجف، لكن هذا بحر قد جف منذ زمن بعيد.

جاءنا العميد غريك قائد القوات الخاصة في منطقة النجف، لم يعرف نفسه كعميد، بل قال غريك، كما انه لم يكن قد وضع اية رتبة على ملابسه، كان ذا شعر طويل، وشارب كث، نحيفا، مرحا، ويتصرف مثلما الممثلين في الافلام الأميركية، حيانا قائلا «السلام عليكم»، ثم دعانا الى ترك المكان، توزعنا في العربات المدرعة وسيارات البيك آب، وقبل ان نترك المكان لاحظنا ان ثمة عراقيين مدنيين كانوا يرتدون الثياب المحلية (الدشاديش) وهم يصعدون الى الطائرات التي كانت قد اقلتنا، وكانوا يخضعون للحراسة، فقدرنا انهم أسرى يتم نقلهم الى قاعدة طليلة في الناصرية.

تم نقلنا الى معمل اسمنت الكوفة الذي كانت القوات الأميركية قد اتخذت منه قاعدة مؤقتة لها، دخلنا للاستراحة في المطعم الذي كان مخصصا للعمال، والذي تحول الى قاعة منام الآن، اسراب من ملايين الذباب كانت تحوم في المكان، قرأ احدنا مقطعا من قصيدة تمتدح هواء النجف، فسألته: لماذا الشاعر الذي كتب هذه القصيدة قد ظلم الذباب واغفل ذكره في قصيدته؟قال آخر: ربما كتبها في الشتاء،فاجاب الخفاجي، وهو نجفي، الذباب في النجف موجودا صيفا وشتاء.

* نحن في النجف

* كانت النجف لم تتحرر بعد من ميليشيات فدائيي صدام الذين اتخذوا من مرقد الامام علي وبعض الازقة متاريس لهم، ولمعرفتهم ان القوات الأميركية لن تدخل الى حضرة الامام او الى ازقة المدينة القديمة، لكن عموم المدينة كانت تحت سيطرة القوات الأميركية.

عند الساعة الرابعة من بعد ظهر ذلك اليوم قرر عبد المجيد الخوئي زيارة المدينة، باستثناء مرقد الامام علي ريثما يتم طرد ميليشيات صدام منه. هيئت ثلاث عربات مدرعة لمرافقتنا وحمايتنا في أول زيارة لنا لمدينة النجف، قفزت على ظهر احدى العربات المدرعة بالقرب من غريك الذي كان يقف خلف مدفع رشاش، لالتقاط بعض الصور بالرغم من ان الخوئي حذرني من خطر الوقوف فوق ظهر المدرعة.

كان الرتل يتجه نحو مدينة النجف المبنية فوق هضبة عالية، وأول ما بدا لنا قبة مرقد الامام علي وانعكاس ضوء الشمس على القبة والمآذن المطلية بالذهب الخالص، وحولها بدأت تتضح معالم المدينة العتيقة التي يسميها اهل النجف بـ(المشهد) نسبة الى مشهد الامام علي، لهذا يقولون عن النجفي الخالص (هذا مشهدي) وعلى النجفي الذي نزح من المدن الاخرى (هذا نجفي).

والنجف التي كانت قد تأسست بعد ان اتخذت مدفنا للامام علي الذي كان يحكم الامة الاسلامية من دار الامارة في الكوفة التي تبعد مسافة عشرة كيلومترات عن النجف، واليوم صارت الكوفة ملتصقة بالنجف بفضل التوسع العمراني. ويعد الخليفة العباسي هارون الرشيد أول من جدد بناء مرقد الامام وتوسعت النجف فيما بعد. وهي ايضا اكبر مقبرة في العالم اذ تضم ملايين من قبور المسلمين وخاصة الشيعة ومن جميع انحاء العالم.

كان كل شيء في المدينة قد تغير، بيوتها ووجوه ناسها بدأت كالحة ومتعبة،الشوارع ولازقة محفورة وتلال القمامة في كل مكان، اليأس وملايين الاسئلة ترتسم فوق الوجوه المتعبة، الاطفال حفاة والجوع ترك معالمه عليهم، رغم ذلك هم يطلقون ابتساماتهم البريئة التي لا يملكون البديل عنها للتعبير عن ذواتهم. المدينة تبدو وكأنها قد تخلصت توا من هولاكو الذي ترك اثاره في العيون والوجوه والبيوت والشوارع والسيارات المحطمة والعربات التي تجرها الحمير. هل نحن في مدينة تنتمي للقرن الأول من الألفية الثالثة؟

كان الرجال يجتمعون في مجالس خارج البيوت بينما لا أثر للنساء، فهذه المدينة محافظة على تقاليدها الاجتماعية والتي لم تتأثر بكل تطورات العصر. لمح أحد شيوخ المدينة وجود الخوئي في العربة المصفحة فصاح هذا «ابن الخوئي» ترك الخوئي العربة وراح يحيي الناس الذين سرعان ما تحلقوا حوله، ثم اخرج من جيبه دفتر ملاحظات صغير وراح يسجل طلبات الأهالي.

كانت المدينة عطشى، فقد تعرضت محطة ضخ المياه للعطل وكذلك الكهرباء، لكن الجميع كان يشكو من انقطاع المياه، كنا نجتاز الازقة والناس تصيح «نريد ماء»وبينما غريك وبقية أفراد قوته يحيون الأهالي بـ(سلام عليكم) كان الناس يردون«ووتر، ووتر»، نريد ماء، وكان الرجال يدفعون عربات خشبية فوقها خزانات بلاستيكية لنقل الماء من السواقي القريبة من المدينة والتي تحولت الى حمامات مجانية للشباب.

في الازقة التي درنا فيها كان الناس يوقفون الرتل لتحية الخوئي نجل اشهر مرجع عرفته الشيعة عبر تاريخها الطويل، كما ان عبد المجيد الخوئي كان يمارس مع شقيقه الراحل محمد تقي، ادوارا اجتماعية مؤثرة بين أهالي النجف اضافة الى الجهود التي كانوا يبذلونها، مستغلين كونهما نجلي المرجع، لانقاذ الآخرين من مخالب الاجهزة الأمنية الصدامية، ولهذا لم يكونا يعيشان في برج المرجعية الذي عاش فيه غيرهما من أبناء المراجع، بل خصصا اوقاتهما وجهدهما لخدمة الناس، وهذا ما اكسبهما شعبية لم تنس بين الأهالي.

توقف الرتل وهبط الخوئي طارقا باب بيت المرجع محمد سعيد الحكيم لتحيته، لكن هناك من اخبره ان (السيد) غير موجود حاليا في البيت ولم يفصح عن مكان اقامته، ذلك ان غالبية المراجع والعلماء قد انتقلوا الى اماكن سرية خشية على حياتهم، ومن ان يتعرضوا للاختطاف من قبل اجهزة نظام صدام حسين، او ان يجبروا على اصدار فتاوى لصالح هذه الجهة او تلك.

بعد ساعة ونصف الساعة عدنا من جولتنا في بعض احياء النجف من غير ان نصل الى مرقد الامام علي، وصلنا الى معمل اسمنت الكوفة لأهاتف «الشرق الأوسط» التي كانت أول صحيفة تدخل النجف، وتنشر تقريرا من هناك، كما انها قد نشرت أول حديث للخوئي من مدينة النجف باعتباره أول شخصية عراقية تصل الى مدينة النجف، والتي كانت أول مدينة تتحرر من سيطرة نظام صدام حسين.

خصصت غرفة مهندس ورشة المعدات الثقيلة لننام فيها، كانت روائح الكاز والزيوت تغلف المكان الذي ازدحم بالمعدات والاجهزة الميكانيكية. قال الخوئي «ناموا مبكرين فغدا سنخرج عند الخامسة فجرا». كما كان الشيخ حازم على موعد آخر ليتركنا فجر اليوم التالي الى مدينته الديوانية».

* يتبع غدا