مشاهد من رحلة إلى بغداد برفقة فريق إغاثة سعودي: خط جوي لإخلاء المرضى وجولة عمل ميدانية لمساعدة الأسرى في أجواء دمار قاهرة

TT

لا يشك الداخل الى مطار بغداد الدولي ان معركة رئيسية دارت رحاها في هذا المكان وتركت اثارها المدمرة في ارجائه المختلفة، بينما تشير عدة دلائل على ان هذا الموقع يحتل مكانة رئيسية في استراتيجية السيطرة الاميركية على العاصمة العراقية، حيث يشاهد الزائر للمطار وجودا عسكريا مكثفا يرتبط بحركة نقل جوي عسكري نشطة.

وتوجد عند مداخل منطقة المطار سواتر ترابية عالية ونقطة تفتيش كاملة التجهيز تتأكد من هوية القادمين، ويسير الزائر بعدها مسافة مضاءة بالمصابيح في وضح النهار على عكس كثير من طرقات بغداد المعتمة ليلا، والمقصود طبعا ليس صالات المغادرة الرئيسية بل صالة كبار الشخصيات الصغيرة الحجم والمهشمة الزجاج والتي يتوسط قاعتها طاولة لتنس الطاولة وشاشة تلفزيون مفتوحة على قناة اخبارية اميركية فيما يمر الطريق المؤدي لها بمركز خزن المحروقات الذي تحول الى ساحة لتمركز المدرعات، وذلك الى جانب مبان مدمرة ومحترقة ومواقع اتصالات لاسلكية تربط وحدات الجيش بعضها بالبعض الاخر.

دخلنا المطار برفقة عربات عسكرية اميركية اوصلتنا الى صالة المغادرة التي توقفنا عند بوابتها الى حين اعطينا الاذن بالدخول وكان في الداخل عدد من المدنيين الغربيين الذين حطوا للتو عبر طائرة «سي 130» فيما ارسلت امتعتنا للشحن في طائرة تابعة لقوة الجو الاميركية ألقتنا مباشرة الى مطار القاعدة الجوية بالرياض في رحلة استمرت ساعتين ونصف الساعة، وهي الرحلة التي تأجلت مرتين على الاقل، احداهما كان لعدم الرغبة في نقل الوفد الاعلامي السعودي من مقر اقامته في كلية الصيدلة بجامعة المستنصرية بحنوب بغداد الى المطار ليلا وذلك لدواع امنية.

لم أر في مطار بغداد اي مواطن عراقي ولولا مشاهد النخيل ومباني الاسمنت القديمة الطراز لتخيلت اننا في قاعدة عسكرية اميركية فيما وراء المحيط.

بالطبع سيلعب هذا المطار دورا رئيسيا في مستقبل جهود الاغاثة السعودية للشعب العراقي وذلك من خلال توفير خط اتصال سريع لنقل المؤن والفرق الطبية وكذلك لتسيير خط الاخلاء الطبي لعدد من المرضى العراقيين الذين تتطلب اصابتهم نقلهم لمواصلة العلاج في مستشفيات السعودية واولها طائرة اخلاء طبي تغادر الرياض اليوم لاخلاء الطفل عبيدة قيس، ست سنوات، والمصاب بورم في الدماغ لتلقي العلاج في مستشفى القوات المسلحة في الرياض بناء على اوامر الامير سلطان بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام.

جاءت هذه المشاهدات في مطار بغداد بعد 5 ايام قضيتها في العراق بدأت برحلة برية من معبر جديدة عرعر الحدودي بين السعودية والعراق حيث سرنا كمرافقين لقافلة اغاثة سعودية قوامها 140 عربة نقل عسكرية ومدنية تحميها سرية مظليين سعودية قوامها 210 من العسكريين بالتنسيق الكامل مع قوات اميركية رافقت سير القافلة على مدى 435 كيلومتراً اغلبها وسط طريق صحراوي ضيق استمر لمسافة 320 كيلومترا اي الى حين وصولنا الى مشارف مدينة كربلاء التي توقفنا عندها للمبيت ليلة على ضفاف احد تفرعات نهر الفرات وذلك لتحاشي المسير ليلا، ولكن دون الدخول عميقا في الصحراء التي ذكر لنا انها مليئة بالالغام.

وفي صبيحة اليوم التالي، واصلت القافلة مسيرتها لتخترق الطريق الرئيسي لكربلاء وسط حشود من المعزين بمناسبة اربعين الامام الحسين بن علي فيما بدأت طائرتان عموديتان في مرافقة قافلة الاغاثة السعودية خلال مسيرتها بين كربلاء وبغداد وقد توقفنا عند ناحية الرشيد احدى ضواحي العاصمة الى حين عودة فريق الاستطلاع السعودي للتأكد من جاهزية الموقع الذي ستحط فيه ركاب المستشفى الميداني المتنقل.

وتواجه فرق الاغاثة السعودية مهام رئيسية تتمثل في تأمين موقع المستشفى الذي يضيق بمن فيه وتقنين استفادة المرضى من خدماته الطبية وسط حشد من الاهالي الذين يقفون عند بوابة المقر شارحين الوضع الصحي لمرضاهم الذين شملوا حالات مرض خطيرة كالسرطان وامراض القلب وحالات اصابة بشظايا الغام او طلق ناري فيما تتوجه عربات تقل مؤنا ومساعدات اغاثية لاحياء فقيرة في العاصمة العراقية لايصال المساعدات للاسر المسجلة اسماؤها وفقا للبطاقة التموينية في قوائمها، وذلك بعد جولات عمل ميدانية متواصلة مع فعاليات دينية واجتماعية في هذه الاحياء للتعرف على الاسر المحتاجة.