عرفات وأبو مازن يسعيان اليوم لإقناع كتلة فتح في المجلس التشريعي بالتصويت لصالح الحكومة

TT

يعرض رئيس الوزراء الفلسطيني المعين محمود عباس (ابو مازن) غدا حكومته على جلسة خاصة للمجلس التشريعي، للمصادقة عليها ونيل ثقة اعضائها. ولكن ذلك لن يتحقق لابو مازن الا اذا سارت الامور دونما تعقيد في لقائه مع الرئيس ياسر عرفات واللجنة المركزية لحركة فتح الذي كان يفترض ان يعقد مساء امس حول القائمة النهائية للحكومة، واذا نجح في اقناع اعضاء كتلة فتح في المجلس بمنحه اصواتهم خلال الاجتماع المقرر معهم في مقر عرفات في الساعة الخامسة من بعد ظهر اليوم حسب التوقيت المحلي.

وقرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، أرييل شارون، امس السماح لأعضاء المجلس التشريعي في قطاع غزة بالمشاركة في جلسة المجلس بمن فيهم الثمانية الذين لم يسمح لهم بالمشاركة في جلسات سابقة لاعتبارات امنية حسب المزاعم الاسرائيلية. وكان النواب الثمانية قد هددوا انه في حال لم يتم السماح لهم بالمشاركة في الاجتماع في رام الله فانهم لن يشاركوا في التصويت. ويحتاج ابو مازن حتى ينال ثقة المجلس النصف زائداً واحداً أي 43 صوتا على الاقل من اصل 85. (وكان عدد اعضاء المجلس في الاساس 88 عضوا توفي منهم اثنان واستقال واحد). وحتى يوم امس وكما ذكرت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الاوسط» فان ابو مازن لم يكن بعد قد ضمن هذه الاصوات ولم يزد عدد المؤيدين له عن 33. لذا فهو ينتظر اللقاء بينه وبين عرفات من جانب وكتلة فتح البرلمانية التي يصل عددها الى حوالي 63.

وهناك اعضاء في المجلس يطعنون في قانونية الحكومة لانها كما قال عماد الفالوجي وزير الاتصالات السابق، لـ«الشرق الاوسط» لم تسلم للرئيس عرفات في وقتها اي ان ابو مازن استنفد المدة القانونية دون اعلان الحكومة.

واضاف الفالوجي «ارسلت رسالة الى رئيس المجلس التشريعي يوم الخميس الماضي، اطعن فيها بدستورية الحكومة». واضاف «امس واليوم كان هناك نقاش داخل اللجنة القانونية لم يحسم حتى الان حول هذا الموضوع». واكد الفالوجي ان «قانونية ودستورية الحكومة ستناقش في جلسة التشريعي». لكن الفالوجي قال انه لن يلجأ الى المحكمة الفلسطينية للعليا صاحبة البت في هذه القضايا على حد قوله.

من جانبه قال حاتم عبد القادر وهو عضو في المجلس التشريعي وفي اللجنة الحركية العليا لفتح في الضفة الغربية، لـ«الشرق الاوسط» ان «المشكلة انه ليس هناك حكومة كاملة وقائمة رسمية باسماء الوزراء حتى الان رغم مرور حوالي 5 ايام على استنفاد ابو مازن للمدة القانونية والدليل على ذلك اللقاء اليوم (امس) بين ابو مازن والرئيس عرفات وكذلك اجتماع اللجنة المركزية لفتح». واضاف «استطيع ان اقول ان المجلس التشريعي لم يتلق حتى الان قائمة رسمية باسماء اعضاء الحكومة رغم الرسالة التي بعث بها عرفات وابو مازن لابو علاء يطالبانه فيها بدعوة المجلس التشريعي للانعقاد للمصادقة على الحكومة. لذا فان هناك مجالا لامكانية الطعن في دستورية هذه الحكومة».

والحقيقة ان ابو مازن وحتى مساء امس لم يكن قد انتهى من القائمة النهائية. وحسب مصدر فلسطيني فان ابو مازن قد ملأ 22 حقيبة من اصل 24، وبقيت حقيبتان احداهما مخصصة لمدينة رفح جنوب القطاع والثانية لمدينة جنين شمال الضفة الغربية، التي لم يجد بعد من يشغلها بعدما استبعد ابو مازن وزير الاشغال العامة والاسكان عزام الاحمد ورفض عرفات تعيين حكمت زيد وكلاهما يمثل منطقة جنين. يذكر ان ابو مازن قد اعاد سعدي الكرنز الى الحكومة بعدما كان عرفات قد استبعده، ليشغل حقيبة المواصلات. واما ياسر عبد ربه فقد قبل بحقيبة وزير دولة لشؤون مجلس الوزراء والمتابعة مع اللجنة الرباعية في حين لا يزال صائب عريقات يحاول العودة الى حقيبة الحكم المحلي، لكنه لم يرفض وزارة شؤون المفاوضات ومنصب مدير عام دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، حسب قول المصدر الفلسطيني لـ«الشرق الاوسط». وبالنسبة لبقية الاسماء فهي كما يلي: حكم بلعاوي (امينا عاما لمجلس الوزراء) سلام فياض (للمالية) ونبيل شعث (للشؤون الخارجية) وماهر المصري (للاقتصاد والتجارة والتموين) ومحمد دحلان (وزير دولة لشؤون الامن الداخلي) ونعيم ابو الحمص (للتربية والتعليم العالي) ونبيل عمرو (للاعلام) وزياد ابو عمرو (للثقافة) وغسان الخطيب (للعمل) وهشام عبد الرازق (لشؤون الاسرى) ونبيل قسيس (للتخطيط) وانتصار الوزير (للشؤون الاجتماعية) وكمال الشرافي (للصحة) وعزام الشوا (للطاقة والموارد الطبيعية) جمال الشوبكي (للحكم المحلي) وعبد الكريم ابو صلاح (للعدل) ورفيق النتشة (للزراعة) وعبد الفتاح حمايل (للشباب والرياضة) وحمدان عاشور (للاسكان والاشغال العامة) ومتري ابو عيطة (للسياحة).

الى ذلك بادرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، امس الى دعوة اعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني الى حجب الثقة عن حكومة ابو مازن التي قالت انها مفروضة «بقوة الضغط والابتزاز الاميركي». وقالت الجبهة في بيان لها نشرته على موقعها الالكتروني، «نجحت الضغوط الأميركية وغيرها من الضغوط الدولية والإقليمية، في فرض حكومة أبو مازن على الرئيس أبو عمار (عرفات) تمهيداً لعرضها على المجلس التشريعي لنيل الثقة».

واضاف البيان «إن الدور والوظيفة الأمنية المطلوبة من هذه الوزارة تدعو أبناء شعبنا، والقوى السياسية والاجتماعية والمخلصين على اختلاف مواقعهم وانتماءاتهم إلى التنبه جيداً من المخاطر التي يمكن أن تترتب على اندفاع بعض المتنفذين لارتكاب الأخطاء أو الحماقات بحق الشعب والانتفاضة والمقاومة». وتابع القول «إن خريطة الطريق التي ينتظرها ويتبناها أصحاب القرار في السلطة، هي في جوهرها، وفي ما ستقود إليه عبارة عن التبني الأميركي لمشروع (رئيس وزراء اسرائيل ارييل) شارون المعروف بالحل المؤقت طويل الأمد، وأول الاستحقاقات التي ترتبها هذه الخريطة على الطرف الفلسطيني هي التهدئة التي تعني وقف الانتفاضة والمقاومة، لتتلوها باقي المطالب والاشتراطات الاسرائيلية الأميركية، بجمع السلاح، وتفكيك البنية التحتية للمقاومة وتصل إلى وقف التحريض ضد الاحتلال».

وقال البيان «إن هذا الخطر يجعل من الضرورات الوطنية أن تكون رسالتنا للقيادة الأميركية واضحة في رفضها الرضوخ لهذا الإبتزاز والضغط الأميركي، ولهذا التدخل الفظ في شؤوننا الداخلية، وعليه فإننا ندعو المجلس التشريعي إلى حجب الثقة عن هذه الحكومة المفروضة بقوة الضغط والابتزاز الأميركي بوظائفها السياسية والأمنية المطلوبة والتي باتت معروفة وظاهرة للعيان».

واعتبرت الجبهة إسقاط هذه الحكومة «الخطوة الأولى على طريق إعادة تنظيم أوضاعنا ومؤسساتنا الفلسطينية وفقاً لمصالحنا الوطنية وأولوية ترسيخ وتعزيز وحدتنا الوطنية، وحشد كل عوامل القوة والصمود التي تكفل استمرار الإنتفاضة والمقاومة على طريق الاستقلال والعودة».

يذكر ان الجبهة غير ممثلة مباشرة في المجلس التشريعي بسبب مقاطعتها للانتخابات التي جرت في يناير (كانون الثاني) 1996 لكن ثمة عدداً قليلاً من اعضاء المجلس يمثل التوجه العام للجبهة.