وثائق جديدة عثر عليها في بغداد: نظام صدام استضاف أحد أعوان بن لادن وباريس أبلغت الرئيس العراقي مضمون مباحثاتها مع واشنطن

TT

افادت أمس تقارير صحافية أن وثائق عثر عليها في مبنى قيادة المخابرات العراقية في بغداد، تؤكد أن نظام صدام حسين كان على صلة بشبكة «القاعدة» بزعامة أسامة بن لادن. وذكرت صحيفتا «صنداي تلغراف» البريطانية و«تورنتو ستار» الكندية ان مراسليهما وجدا هناك ثلاث وثائق سرية تدل على أن بغداد وجهت دعوة الى شخص من طرف بن لادن في مارس (آذار) 1998 بغرض إقامة علاقة مع زعيم «القاعدة». بيد ان دليل الصحيفة على أن بغداد استضافت الوسيط المجهول، هو بضع كلمات محيت بسائل خاص في رسالة بخط اليد، قالت «صنداي تلغراف» إنها إشارات الى بن لادن. أما صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، فخرجت بانباء وثيقة لم تنشر صورتها وذكرت أنها تبرهن أن باريس نقلت الى النظام المخلوع فحوى محادثاتها السرية مع واشنطن بخصوص الازمة العراقية.

وقالت صحيفة «صنداي تلغراف» إن مراسلها في بغداد إينغو غيلمور، أقنع جنوداً اميركيين بالسماح له ولمترجمه العراقي أمير بدخول مبنى قيادة المخابرات في بغداد، حيث وجدا ثلاث رسائل تؤكد أن الرئيس المخلوع صدام حسين كان على اتصال بابن لادن. واضافت إن الرسائل تدل على أن «الوسيط» الذي رتبت زيارته «محطة الخرطوم» التابعة للمخابرات العراقية، قد وصل الى بغداد في 5 مارس عام 1998، وان رئيس «القسم السعودي» في جهاز الامن العراقي طلب تمديدها اسبوعاً ثانياً مما يوحي ان المحادثات كانت تسير على مايرام بين الجانبين. كما تؤكد الرسائل، حسب الصحيفة البريطانية أن زيارة وسيط بن لادن المزعوم على نفقة بغداد تمت بموافقة نائب مدير جهاز المخابرات العراقي، وان الجهاز تكفل بنفقات إقامة الضيف في فندق «المنصور ميليا». وإذا ثبت ذلك، فإن بغداد تكون قد استضافت الوسيط الذي لم يرد اسمه في الوثائق المزعومة، قبل نحو ستة اشهر من تحول بن لادن الى أهم مطلوب سعت واشنطن الى القبض عليه بتهمة التورط في تفجير سفارتيها في دار السلام ونيروبي. وكان الهدف من هذه الزيارة، حسب «صنداي تلغراف» هو «إقامة علاقة بين بغداد والقاعدة مبنية على كراهيتهما المشتركة لأميركا والعربية السعودية». واشارت الى أن المباحثات الناجحة بين الطرفين انتهت بمناقشة ترتيبات لزيارة بن لادن نفسه العاصمة العراقية في وقت لاحق. بيد انها اوضحت أن «الوثائق لاتذكر ما إذا تم عقد أي اجتماع بين بن لادن وموظفين عراقيين».

وإذ نشرت الصحيفة البريطانية صورة كتاب صادر عن «جهاز المخابرات» بتاريخ 24 مارس 1998 ومهره بتوقيعه مسؤول اكتفى بذكر اسمه الرمزي «م. م4/7»، فقد اكتفت بالنصين المترجمين للرسالتين الاخريين. غير أنها نشرت صورة تفتقر الى الوضوح محيت منها كل الاشارات المزعومة الى بن لادن، في إحدى هاتين الرسالتين، وقالت انها مؤرخة بتاريخ 19 فبراير (شباط) 1998. وكتب على هذه الرسالة «سري وعاجل للغاية» كما وقعها شخص اسمه الرمزي «م د أ» رجحت الصحيفة ان يكون مديراً لأحد الفروع الامنية العراقية.

وجاء فيها «الوسيط جدير بالثقة»، وهم يعرفونه. وطبقاً للوساطة المذكورة أعلاه نطلب إذناً رسمياً للاتصال بمحطة الخرطوم لتسهيل إجراءات السفر للشخص المذكور اعلاه الى العراق. ولكي يتحمل جهازنا كل نفقات السفر والاقامة في الفندق ضمن العراق حتى نعرف الرسالة الموجهة من بن لادن وتحميل الوسيط رسالة شفهية من قبلنا (وردت بعد ذلك عبارات بالعربية بدت جزءاً من الرسالة بيد ان الصحيفة قالت إنها التوصية التي كتبها المدير) الى بن لادن القيادي السعودي المعارض، حول مستقبل علاقاتنا معه، والتمهيد لتحقيق لقاء مباشر معه. للتفضل بالاطلاع. امركم. مع التقدير». ثمة تواقيع وتواريخ عدة غير واضحة في أسفل الرسالة المزعومة. إلا أن الصحيفة قالت إن المدير كتب في نهاية الرسالة توصية بإحضار الوسيط الى العراق لأنه «ربما وجدنا في هذا الوسيط وسيلة للتواصل مع بن لادن». والرسالة الثانية المؤرخة في 23 فبراير (شباط) 1998 موجهة الى موظف أمني رمز له بـ«م 4/7» وكتب عليها «إعلام م4 د1/3/4». وكان رقمها الداخلي حسب أصول المراسلات، هو 375. وحسب نص «صنداي تلغراف» فهي تقول «إذن السيد نائب مدير المخابرات قد مُنح في 21 فبراير على هذه العملية، لتأمين حجز لواحد من ضيوف جهاز المخابرات لأسبوع واحد في أحد فنادق الدرجة الاولى (فندق المنصور ميليا في بغداد)». وذكرت الصحيفة البريطانية أن الرسالة وقعها شخص اسمه الرمزي «م.د. 1/3» وارخها بتاريخ 22 فبراير. واشارت الى أن هامش الرسالة المزعومة قد كتبت فيه عبارات تفيد بأن «هذا قد تم بالتعاون مع رئيس القسم السعودي وانهم يكتبون بهدف تمديد مدة الاستضافة لاسبوع واحد». وتابعت «صنداي تلغراف» قائلة إن «ملاحظة في اسفل الصفحة تقول : الوسيط إتش قد وصل في 5 مارس». وأوضحت ان ملاحظة أخرى تذكر «الغرفة 414» الى جانب اسم «محمد .ف. محمد احمد» بيد انها لفتت الى صعوبة التكهن بهوية هذا الشخص، وما إذا كان هو الوسيط أو العميل العراقي الذي تكفل بمتابعة الامر.

والرسالة الاخيرة التي وقع عليها مراسل «صنداي تلغراف» إينغو غيلمور في مبنى المخابرات العراقية، معنونة بعبارة «سري» ومؤرخة بتاريخ 24 مارس 1998. وجاء في الكتاب الموجه الى شخص رمز له بـ«م 2/دا/3» بأن «إعلامكم دا/3/4/ 375 في 1998/2/23 طياً قائمة الاستضافة في فندق المنصور ميليا. للتفضل بالاطلاع واستحصال الموافقات الاصولية على صرف المبلغ وإعادتها الينا. مع التقدير». وكُتبت ملاحظة نصت على «أعلمنا رئيس قسم السعوديين بحصول الموافقة على صرف المبلغ وقد سلمت الى محاسب المديرية للتسديد» ووقعها مجهول. ثم كتبت عبارة «تم التسديد» وذيلت الرسالة بعبارة «المبلغ 429،057». ومن ناحية ثانية، قالت صحيفة «صنداي تايمز» إن وثائق تم العثور عليها في أحد ملفات وزارة الخارجية ببغداد تؤكد ان فرنسا ابلغت نظام صدام بمضمون محادثاتها مع الاميركيين اولاً بأول. وأشار مراسل الصحيفة في بغداد ماثيو كامبل الى أن المعلومات الموجودة في الملف المزعوم نسبت الى «اصدقاء العراق». وأضاف أن احد التقارير المحفوظة في الملف حذر من «محاولة (أميركية) لتوريط العراق بالارهاب» كـ«غطاء لهجوم على العراق». وقالت «صنداي تايمز» إن تقريراً آخر موجهاً من وزير خارجية النظام ناجي صبري بتاريخ 25 سبتمبر (ايلول) 2001 الى قصر صدام، قد استند الى معلومات افاد بها سفير باريس في بغداد عن محادثات بين الرئيس الفرنسي جاك شيراك ونظيره الاميركي جورج بوش. ونقل فيه عن شيراك قوله إن واشنطن «متأكدة مئة بالمئة بأن اسامة بن لادن كان وراء (هجمات) الحادي عشر من سبتمبر وان رد الولايات المتحدة سيكون حاسماً». وحسب الصحيفة البريطانية، أسهب التقرير في الحديث عن مواقف واشنطن حيال صدام وسط القلق في العراق من أن البلاد على وشك ان تصبح هدفاً لضربة أميركية. واضاف التقرير المنسوب الى صبري ان «المعلومات المتوفرة للسفارة الفرنسية في واشنطن تشير الى عدم وجود نية لدى الاميركيين بمهاجمة العراق، بيد ان هذا الامر (الموقف) قد يتغير بسرعة». وزاد «طبقاً للمعلومات الفرنسية، فإن نقاشاً يجري حول العراق في واشنطن بين (وزير الخارجية) كولن باول والصهيوني (بول) ولفوفيتس (نائب وزير الدفاع)». وتابع «باول كان ضد الهجوم العسكري على العراق بينما كان ولفوفيتس مؤيداً لعملية عسكرية قوية ضد العراق». ولفت التقرير المزعوم حسب «صنداي تايمز» الى ان الاسرائيليين أبلغوا السفارة الفرنسية في واشنطن أن لا دليل يتوفر لديهم على تورط العراق في الهجمات (الحادي عشر من سبتمبر) وقالت الصحيفة إن التقرير اشتمل أيضاً على معلومات تتعلق بإجتماع عقده وزير الخارجية الفرنسي السابق هوبرت فيدرين مع نظيره الاميركي كولن باول في اعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر. ونقل عن باول قوله أثناء هذا الاجتماع إنه «سيسأل وزير الخارجية الروسي: كيف تستطيع روسيا أن تتعاون مع دولة أعربت عن ارتياحها لأن أميركا تعرضت الى هجمات من هذا النوع». كما قال صبري في تقريره هذا ان باول «سيحاول الحصول على مسودة قرار جديد من مجلس الامن التابع للامم المتحدة حول العراق».