مصادر في الكويت: الإمارات تتوقف عن سداد التزاماتها المالية للجامعة العربية

TT

قالت مصادر مطلعة في الكويت ان امين عام الجامعة العربية عمرو موسى توجه الى شرم الشيخ فور وصول النائب الاول لرئيس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الاحمد اول من امس الى المدينة للقاء الرئيس المصري حسني مبارك. واشارت المصادر الى ان موسى حاول ترتيب موعد مع الشيخ صباح عقب اجتماعه بمبارك، الاّ ان تلك المساعي لم تنجح. وقد قدمت تبريرات ظاهرية على ان الاجتماع فشل لان الشيخ صباح مرتبط بزيارة اخرى الى سورية، وليس هناك متسع من الوقت لعقد الاجتماع. وفهم القريبون من موسى ان الشيخ صباح لا يزال غاضبا من موقفه الذي اعتبر مناهضا للكويت.

وقالت المصادر ان الامارات العربية المتحدة انضمت الى الكويت في التوقف عن سداد الالتزامات المالية للجامعة العربية، وهو ما اوقع الجامعة في ازمة مالية قد تتفاقم في الاسابيع المقبلة، ما لم يصار الى موقف يمكّن الجامعة من تجاوز محنتها المالية والسياسية ويعتقد ان الموقف الاماراتي جاء احتجاجا على تصرفات موسى خلال قمة شرم الشيخ في مارس (آذار) الماضي التي كان يفترض ان يعرض خلالها مبادرة رئيس الدولة الشيخ زايد بن سلطان في المطالبة بتنحي الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، غير ان المبادرة طمست.

وحاول موسى زيارة الامارات للمشاركة في اجتماع اقتصادي الاسبوع الماضي الاّ ان الامارات لم تكن متشجعة للزيارة التي الغيت بطلب من مسؤولين اماراتيين. وراجت معلومات ان دولا عربية ومن بينها الاردن طلبت من موسى تصحيح مسار عمله او اتخاذ خطوة جريئة لاستيعاب الغضب وتجنيب الجامعة الانهيار. ويعتقد ان دول مجلس التعاون الخليجي ستناقش في الاجتماعات الوزارية المقبلة اعادة ترتيب الجامعة العربية وقد تتقدم بصوت واحد مطالبة باحداث تغييرات مهمة على صعيد عمل الجامعة.

وكان الشيخ صباح اكد ان الكويت لن تقبل بأي تهديدات ضد دمشق، مشددا على ان «اي تهديد لسورية يعتبر تهديدا للكويت». وقال الشيخ صباح في مؤتمر صحافي لدى عودته الى الكويت مساء اول من امس بعد زيارة سريعة للقاهرة ودمشق ان «علاقاتنا مع الاخوة في سورية ليست جديدة بل تاريخية»، مشيرا الى ان الكويت لن تنسى مواقف دمشق والرئيس الراحل حافظ الاسد في تحرير الكويت من الغزو العراقي. واضاف «اننا في الكويت لا نقبل بأي تهديد للاخوة في سورية.. واي تهديد لهم يعتبر تهديدا للكويت.. وان هناك فرقا بين سورية والعراق». واعرب الشيخ صباح الاحمد عن تمنياته «بالا نسمع اي تهديد للاخوة في سورية لانه ليس من مصلحة الكويت ان يتم تهديد اي دولة عربية». وقال «كانت هناك بعض الاختلافات في وجهات النظر التي لم تسيء الى العلاقات بين البلدين وان تلك الاختلافات زالت بعد زوال النظام الفاسد في العراق». وعن زيارته لشرم الشيخ ودمشق، اوضح الشيخ صباح الاحمد انه سلم رسائل شفهية من امير الكويت الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح الى الرئيس المصري حسني مبارك والرئيس السوري بشار الاسد تتصل بالعلاقات الثنائية والوضع في العراق. واكد انه لمس «تفهما كاملا بضرورة بذل كافة الجهود العربية في سبيل تحقيق الاستقرار للشعب العراقي بعد زوال نظامه وان يعطى الفرصة الكاملة لاختيار حكومته. وقال ان تشكيل الحكومة العراقية «سيعطي الفرصة لاحقا للشعب العراقي في مطالبة قوات الحلفاء بالرحيل بعد زوال الهدف من وجودها». واضاف الشيخ صباح الاحمد انه بحث كذلك الوضع العربي بعد زوال النظام العراقي قائلا «وجدنا تفهما بضرورة اجراء بعض التعديلات على ميثاق الجامعة العربية لتحقيق مستقبل افضل للعالم العربي يسهم في وحدته». وفي رده على سؤال عما اذا كان قد بحث القضية الفلسطينية خلال جولته، اكد الشيخ صباح الاحمد انه تم بحث تلك القضية وما يتصل بخريطة الطريق، مشيرا الى ان قبول تلك الخريطة يعتبر شأنا خاصا بالفلسطينيين «فطالما قبلوا بها فلن يكون هناك من يعارض». وشدد في الوقت نفسه على معارضة اية محاولات لربط هضبة الجولان السورية المحتلة بخريطة الطريق. وعن تولي محمود عباس (ابومازن) رئاسة الحكومة الفلسطينية الجديدة، اعرب النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية عن تمنياته بان «يعطى ابومازن الفرصة كاملة للعمل.. لاعتقادي بانه اذا اعطي تلك الفرصة فانه سيكون هناك حل للقضية الفلسطينية». ونوه بقدرات وكفاءة محمود عباس في تولي مهمته الجديدة، مشيرا الى انه «يعرف ذلك الرجل جيدا». وفي رده على سؤال عما اذا كان تولي محمود عباس للحكومة الفلسطينية سيسهم في عودة العلاقات الكويتية الفلسطينية، اكد الشيخ صباح الاحمد على علاقته القوية مع (ابومازن)، مشيرا الى ان محمود عباس اجرى اتصالا هاتفيا معه بالامس. ونفى الشيخ صباح الاحمد وجود اي خلافات كويتية ـ فلسطينية، مؤكدا ان المشاكل كلها كانت من «وضع قد انتهى ومات»، داعيا الى نسيان كل ما حصل. وفي سؤال صحافي حول علاقة الكويت بالامين العام لجامعة الدول العربية، طالب بضرورة «الا نجعل من عمرو موسى قضية.. لانه ليس قضية بحد ذاتها». واكد مجددا انه لا توجد اي خلافات بين الكويت والامين العام لجامعة الدول العربية، مشيرا الى «وجود اختلافات في وجهات النظر وهو امر طبيعي باعتبارنا اعضاء في الجامعة العربية». وقال ان عمرو موسى «خلق خلافا على كلمة موظف التي قلتها في السابق.. وانا أؤكد انني باعتباري نائبا لرئيس الوزراء ووزير الخارجية اعتبر موظفا طالما اتقاضى راتبا.. ولكن يبدو ان الامين العام اخذها بطريقة اخرى».

وحول مقال نشر ضد رئيس مجلس الامة جاسم الخرافي، قال الشيخ صباح «يؤسفنا ان نصل الى هذه الدرجة». إلا ان مسؤولا في جامعة الدول العربية قال امس ان عمرو موسى سيقوم قريبا بزيارة الى الكويت مؤكدا «تجاوز اي خلاف» بين الجانبين.

وقال الامين العام المساعد للجامعة احمد بن حلي «لم تعد هناك مشكلة الآن بين الامين العام واي مسؤول في دولة الكويت وتم تجاوز اي خلاف». واضاف «لم تعد هناك مشكلة، وللكويت دور فاعل في الجامعة العربية، ويجب حاليا التركيز على تجاوز سلبيات الماضي في ظل هذه الظروف الخطيرة التي مرت بها المنطقة العربية».

وكان وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الاحمد الصباح اعلن اول من امس ان رئيس مجلس الامة الكويتي جاسم الخرافي يعتزم ملاحقة موسى قضائيا.

وقالت مصادر دبلوماسية متطابقة في الجامعة العربية وسفارة الكويت بالقاهرة انه «لم يكن هناك لقاء مقرر تم الغاؤه بين موسى والشيخ صباح الاحمد، ونفت بشدة ان يكون قد تم إلغاء اللقاء الذي تردد ان وساطة مصرية سعت لعقده. وقال السفير احمد خالد الكليب سفير الكويت في القاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية لـ«الشرق الأوسط» ان «موسى مرحب به تماما في الكويت في اي وقت» واوضح ان تفعيل العمل العربي المشترك يحتاج الى مباحثات ومشاورات تشمل كل الدول العربية كما يحتاج الى زيارات من الامين العام الى 22 دولة عربية وفي مقدمتها الكويت، مؤكدا انه سيكون موضع ترحيب قوي في الكويت. واعرب عن اعتقاده بأن موسى لديه برنامج لزيارة كل الدول العربية ودعا الى الابتعاد عن الاثارة الصحافية خاصة ما يتعلق بموضوع العلاقة بين الكويت وجامعة الدول العربية.

وكان قد تردد ان مصر تقوم بوساطة بين النائب الاول لرئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الاحمد وبين الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وانه سيتم عقد لقاء بين الجانبين خلال زيارة الشيخ صباح الاحمد مصر، الا ان عدم عقد اللقاء اثار العديد من الاقاويل حول فشل الوساطة المصرية خاصة ان الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى كان موجودا في مدينة شرم الشيخ الساحلية المصرية على البحر الاحمر والتي استضافت لقاء الشيخ صباح الاحمد مع الرئيس المصري حسني مبارك غير ان مصادر الجامعة العربية أوضحت ان موسى كان في شرم الشيخ لقضاء عطلة اعياد الربيع في مصر وليس لأي سبب آخر.