شخصية عدي في صور من ألبومه الشخصي

TT

عاش عدي، النجل الاكبر لصدام، في كنف والده وفي ظل حكمه، حياة غريبة اقل ما يمكن ان يقال عنها انها كانت منوعة امتدت فيها اصابعه الى كل المجالات وكان بيده اكثر من خيط من خيوط ادارة المؤسسة الحاكمة. واذا كان شقيقه الاصغر يبدو صامتا وخجولا من الفضول الاعلامي والنشاط العلني فان عدي كان عكس ذلك: فقد كان «بارون» الاعلام العراقي ليس فقط بملكيته لصحيفة كانت الاوسع انتشارا في العراق هي «بابل» ومحطة تلفزيون هي «الشباب» التي كانت هي الاخرى الاكثر مشاهدة، بل وايضا برئاسته لاتحاد الصحافيين واللجنة الاولمبية العراقية.

فضلا عن ذلك كان عدي معروفا بحبه للملذات والسهرات والعلاقات النسائية، ذلك الحب الذي يبدو واضحا في الصور المنشورة في هذه الصفحة المأخوذة من البوم النجل الاكبر للرئيس المخلوع والمشرف على «فدائيي صدام». ولكن حتى في السهرات والليالي الملاح لم يكن بطش عدي وقسوته ورعونته ومزاجيته تفارقه وكم من انسان راح ضحية نزواته ومنهم كامل حنا ججو الذي كان أحد طهاة صدام ففي ليلة من ليالي بغداد في العام، كان ثمة حفل في مكان ما على نهر دجلة حين عاجله عدي بضربة على رأسه فارق على اثرها الحياة، الأمر الذي استدعى والده الى التدخل وابعاده من البلاد، وان بصورة مؤقتة.

وغرابة شخصية عدي وتناقضاتها تتجلى في هذه النخبة من صور البومه الشخصي: الاخ الكبير الحنون.. الابن المطيع والانسان المسؤول ومستحق الميداليات.. خريج الجامعة الوقور.. عاشق الحيوانات الاليفة، خاصة الاسود.. زير النساء الذي يهوى السهر برفقة الحسناوات والسلاح بطبيعة الحال.

وبتأمل عائلة صدام يتبادر الى الذهن فيلم «العراب» الشهير للمخرج فرانسيس كوبولا، فاذا كان صدام يجسّد شخصية دون كرليوني، فان عدي، البالغ من العمر 38 عاماً، هو، بحق، الابن الأكبر العنيف والطائش سانتين: عصبي المزاج، قليل الصبر. انه شخصية مركبة من صفات عديدة، ولكن ليس من بينها الحكمة والتروي.. يتكلم أكثر مما يستمع، يسرد الحكايات من دون أي منطق داخلي متماسك. وفي وسعه أن يتبنى بادرة في الصباح ونقيضها في الليل من دون أن يحرك ساكناً، وبالتالي لا شيء فيه كان يدعو أنه سيغدو رجل دولة، ذلك الحلم الذي ظل يراوده الى ان همشه والده، مفضلا شقيقه الاصغر، وحطمه تماما انهيار النظام.

ومما قيل عن «سادية» عدي اعترافات عضو سابق في ميليشيات «فدائيي صدام» التي كان يشرف عليها النجل الاكبر للرئيس المخلوع. فحسب هذا العنصر فانهم كانوا يقطعون رؤوس المعارضين ويجلبونها الى مكتب عدي. ويقول هذا العنصر واسمه علي: «لم يكن مهما ان نشعر بأن الضحية كان مذنبا ام لا، فقد توجب علينا القيام بعملنا. اولئك كانوا معارضين لصدام حسين، وعندما نتلقى اوامر بمعاقبتهم، فاننا نذهب اليهم وننفذ المهمة. واذا قال عدي اقطعوا لسانه او يديه او اصابعه او رأسه، او اي شيء، فإننا نفعل ذلك». ويضيف انه عندما كان عدي يرغب في قتل شخص ما، فانه كان يرسله ومجموعته مزودين بعشر صور فوتوغرافية للهدف، بشارب او بدون شارب، وبملابس وتسريحات شعر مختلفة «ويتم تصوير العملية فوتوغرافيا او بالصوت والصورة (فيديو) لاثبات انها نفذت»، واوضح ان عدي «يحتفظ بمجموعة من اشرطة التسجيل المصورة تلك». ولم يسلم من عنف عدي حتى المقربون منه ففي العام 1995 أطلق النار على عمه وطبان ابراهيم الذي كان يشغل، آنذاك، منصب وزير الداخلية مما تسبب في اصابته باعاقة دائمة. ويقال ايضا انه كان في استقبال نسيبيه حسين كامل وشقيقه صدام لدى عودتهما من الاردن الذي هربا اليه مع زوجتيهما في اغسطس (آب) 1995 وكان وراء مقتلهما بعد ذلك بأيام. وكشف تفتيش لواحد من قصور عدي في احد اركان مجمع القصر الجمهوري في بغداد عن حياة ترف عاشها النجل الاكبر لصدام تضمنت الاستمتاع بقيادة السيارات الرياضية وبتناول الخمور العالية الجودة والغالية الاثمان، وبالكثير من النساء اللاتي ازداد اهتمامه بهن بعدما ترددت شائعات بأنه اصيب بـ«العجز الجنسي» بعد اصابته في محاولة اغتيال في بغداد عام .1996 فقد كانت جدران الجيمنازيوم مملوءة بصور النساء العاريات، التي قال عنها ضابط أميركي «انها اكبر مجموعة من الصور العارية اراها في حياتي. تبدو شبيهة بقصر ماجن. كانت من بين الصور المعلقة صور لجينا وبربارا بوش، ابنتي الرئيس الاميركي «ترتديان فساتين سهرة» وعلى الرغم من تعدد زيجاته، فإنه لم ينجب وريثاً. وتفيد شائعات كثيرة يرددها العراقيون في محافلهم الخاصة عن قيام عدي باختطاف نساء حتى من بين أحضان أزواجهن لاشباع نهم لا يدرك له قرار.

وكانت بين الاشياء المشتتة وسط حطام الانقاض في القصر، ادوات مكتبية منقوش عليها بالذهب اسم عدي، وصور لعدي، وعشرات النسخ من اطروحة الدكتوراه الخاصة به «العالم بعد الحرب الباردة». كما عثر على اكياس وصناديق للأدوية في كل مكان، بعضها يتعلق بالوقاية من الامراض الجنسية ومرض الايدز.

وهناك ايضاً رسالة الكترونية مؤرخة في 22 ديسمبر (كانون الاول) 2000، من قبل الدكتور جون جاك بارولت يقدم فيها لعدي التعليمات الخاصة بالعلاج الكهروطبيعي لإصابة يعاني منها. وقصر عدي شبيه بمدينة صغيرة تضم ستة شوارع واشارات مرور ومستشفى وحديقة حيوانات.