الغجر العراقيون خائفون خلف أبوابهم المغلقة.. فقراء يعيشون على القمامة ولكنهم يتعرضون للنهب والتهديد بالطرد

TT

بغداد ـ أ.ف.ب: يعيش آخر الغجر، الذين يخشون جيرانهم الشيعة المسلحين برشاشات كلاشنيكوف، في الخوف وراء ابوابهم المغلقة عند طرف حي فقير في العاصمة العراقية التي هجرها معظمهم اثر سقوط نظام صدام حسين.

وتغرق اجزاء كبيرة من حي الكمالية حيث يعيشون في شرق بغداد في بقع من مياه المجاري. وفي شوارع هذا الحي يتسكع اطفال بملابس رثة ووجوه غطاها الذباب، باحثين عن الفضلات في صفائح لجمع القمامة.

وكان الغجر يعدون قرابة 200 اسرة قبل الحرب، ويعيشون في خوف دائم من تعديات جيرانهم. اما اليوم فلم يبق منهم سوى نحو 15 اسرة. وليس لهؤلاء اي علاقة بغجر اوروبا الوسطى. وهم من البدو الذين استقروا قبل نحو جيلين. كما يخشى الغجر من القادمين الجدد الذين احتلوا منازل العائلات التي هجرت ورفعوا على نوافذها اعلاما خضراء وسوداء تدلل على كونهم من الشيعة.

وحرص شاغلو المنازل الجدد على ان يكتبوا على ابوابها عبارات تقول «هذا منزل عربي وليس غجريا».

وخلف الباب الذي ثقبه الرصاص، تعيش خمس اسر من الغجر كل في غرفة، ولا يوجد في المكان ما يدل على بصيص لون، سوى اوعية من البلاستيك تنمو فيها بضعة ازهار.

ويقوم ودّاد نصيف، ذو الوجه النحاسي والعينين الزرقاوين، وبعصبية بتقليب سجادات قديمة تركت لتجف على كومة من الصفائح المعدنية، وكأنه يقوم بترتيب افكاره.

ويقول ودّاد «العديد من المنازل نهبت خلال الحرب، قام بذلك جيراننا وفي الليل». ويضيف «كانوا يأتون مسلحين بالكلاشنيكوف ويطلقون النار على منازلنا لكي يرغمونا على الهرب». ويقول ودّاد ان معظم غجر بغداد «رحلوا من الخوف».

ويتحدث سالم يوسف، 29 عاما، بحنين يصعب عليه اخفاؤه عن الرئيس العراقي السابق، مؤكدا ان «ظروف الحياة كانت اسهل بكثير بالنسبة لنا» في عهد صدام حسين. ويقول «صدام اعطانا هذه المنازل التي نعيش فيها. وخلال الحرب، احسنت الحكومة معاملتنا، كانوا يوزعون علينا الطعام. والان، انها الفوضى، جيراننا يهاجموننا ولم يعد لدينا شيء، لقد نهبوا متاجرنا».

وغجر العراق، هم عموما من الحرفيين والتجار وهم من المجموعات القليلة المستقرة، على العكس من غجر اوروبا الشرقية. وعانى الغجر تبعات الحروب المختلفة التي خاضها العراق، حيث لم يعرفوا مناسبات للفرح سوى الاعراس والولادات.

وترضع فضيلة مضر، 30 عاما، طفلها وهي تهش سربا من الذباب عنه بيدها المغطاة بالحناء. وتقول فضيلة التي تضع غطاء على رأسها «افضل البقاء هنا، لكني خائفة، وخصوصا في الليل من جيراننا. نحن حقا شعب مغضوب عليه».

وعلى بعد بضعة امتار، يدل لاركان نصيف، 31 عاما، على منزل تعرض للنهب، قائلا «جيراننا نهبوا كل شيء، حتى النوافذ والابواب خلعوها، وكل ما كان في الداخل». واضاف «اطلقوا النار على منازلنا وهم يصرخون «ارحلوا سنهجم عليكم».

وفي الشارع، توقفت عربات قديمة مربوطة الى بغال منهكة يحرسها اطفال يقومون بانزال اجهزة راديو. وبالقرب منهم، جلس رجال مسنون على عتبة منزل من الطوب الاصفر. وامامهم مر شاب يحمل كلاشنيكوف متبخترا.

وقال مزار حكمت، احد الرجال المسنين وهو يمسك بمسبحته، ان «الغجر رحلوا قبل الحرب. لقد خافوا. رحلوا في الليل».