قطاع الكهرباء يحتاج إلى 90 مليار دولار استثمارات والرهان على التخصيص

السعودية تعزز اعتمادها على الغاز في محطات توليد الكهرباء

TT

تؤكد الحكومة السعودية انها بحاجة لاستثمارات بقيمة 340 مليار ريال (حوالي 90 مليار دولار) في قطاع الكهرباء لتلبية الزيادة الكبيرة في الطلب على الطاقة الكهربائية.

وكشفت معلومات رسمية حصلت عليها «الشرق الاوسط» أن خطوات تخصيص القطاع تسير بخطى ثابتة وحثيثة حيث بدأت الشركة السعودية للكهرباء تنفيذ خطوات إعادة الهيكلة في جهازها، وتتمثل هذه الخطوات بالعمل على مرحلتين، الاولى انتقالية قصيرة الأمد تمتد حتى نهاية عام .2004 وفي هذه المرحلة سيتم فصل قطاعات النظام الكهربائي إلى ثلاثة قطاعات رئيسية هي التوليد والنقل والتوزيع. اما المرحلة الثانية فهي طويلة الأمد، وتغطي الفترة ما بعد عام 2004، وسيتم خلالها تكوين شركات مستقلة خاصة بالتوليد والنقل والتوزيع. وسيكون هذا التنظيم قادراً على التحرك باتجاه النموذج الموحد للمناطق. وسيكون هناك تنافس بين منتجي الطاقة على ان يكون هناك دور هام ومؤثر لهيئة تنظيم الخدمات الكهربائية في تطوير السوق المفتوح لتبادل الطاقة على مستوى السعودية وتعزيز دخول القطاع الخاص في المنافسة.

وقال مسؤولون في قطاع الكهرباء في وزارة الصناعة والكهرباء التي الغيت ودمجت مهامها في وزارة التجارة ووزارة المياه لـ«الشرق الأوسط» ردا على سؤال حول أهم التحديات التي تواجه قطاع الكهرباء خلال السنوات الأربع المقبلة، وايضا على المدى الطويل، ان قطاع الكهرباء خلال الفترة المقبلة تواجهه تحديات كبيرة تتمثل في الزيادة الكبيرة في الطلب على الكهرباء بسبب معدلات النمو العالية، وقصور الوعي لدى معظم المشتركين بأهمية وضرورة ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية نتيجة لما حدث في الماضي من توفير للطاقة الكهربائية بأسعار زهيدة تقل كثيراً عن أسعار التكلفة، بالإضافة إلى الزيادة المطردة لعدد المشتركين الذي تعدى الأربعة ملايين مشترك. وأضاف المسؤولون ان من بين التحديات الفنية هناك النمو السريع لمعدلات الطلب على الطاقة الكهربائية وزيادة الأحمال وخاصة حمل الذروة في الصيف، والذي يعتبر من المعضلات الأساسية التي تواجه قطاع الكهرباء ويؤدي إلى الإنفاق المستمر من أجل إضافة وحدات توليد تكاد تعمل لمقابلة حمل الذروة فقط مما يمثل تكلفة رأسمالية غير مستغلة بشكل اقتصادي، كما يقع على عاتق الشركة ضرورة رفع كفاءة النظام الكهربائي وتقليل الفاقد فيه وتقديم الخدمة الكهربائية بموثوقية عالية.

وأوضح المسؤولون أن ربط الشبكات الكهربائية لمناطق السعودية يعتبر من التحديات الفنية لأهميته الاستراتيجية والاقتصادية والتشغيلية ولتشجيع القطاع الخاص بالمشاركة في تمويل وتنفيذ المشاريع الكهربائية لأهمية شبكات النقل في بيع الطاقة الكهربائية ولتعظيم الاستفادة من مشاريع الربط الجديدة في المنطقة هناك تحد يتمثل في الربط مع دول الجوار حيث بدأت هيئة الربط الكهربائي لدول الخليج العربية بوضع برنامج زمني لتنفيذ المرحلة الأولى لمشروع الربط الكهربائي لدول المجلس والمتوقع الانتهاء منها خلال العام 2007، وكذلك الربط مع مجموعة الربط السداسي ودول المغرب العربي وبالتالي مع الدول الأوروبية المربوطة بالفعل مع دول المغرب العربي.

أما أهم التحديات التي تواجه قطاع الكهرباء فتكمن، في نظر المسؤولين، في التحديات المالية حيث تحتاج المشاريع المتوقع إنشاؤها خلال الفترة المقبلة حتى 2023 إلى استثمارات كبيرة جداً تصل إلى 340 مليار ريال (90.6 مليار دولار).

ويتوقع المسؤولون أن يساهم القطاع الخاص بجزء كبير منها، وهذا يوضح أهمية البدء الفعلي لدخول القطاع الخاص في سوق الكهرباء في السعودية.

وبشأن خطة وزارة الصناعة والكهرباء في تسعير خدمات الطاقة الكهربائية خصوصاً في القطاع الصناعي الذي شهد شكوى متزايدة من قبل الشركات الصناعية الكبرى بشأن ارتفاع تكلفة شراء الطاقة، قال المسؤولون إن أسعار بيع الطاقة الكهربائية في السعودية تعتبر معقولة إذا ما قورنت بمثيلاتها في عدد من الدول العربية والدول الأخرى. واشاروا الى ان مراجعة تسعير خدمات الطاقة الكهربائية في الوقت الحالي يعتبر من مهام هيئة تنظيم الخدمات الكهربائية التي تم إنشاؤها في ضوء قرار مجلس الوزراء القاضي بإعادة تنظيم وهيكلة قطاع الكهرباء في السعودية.

وكان مجلس الوزراء السعودي قد اصدر اخيرا قرارا يقضي بتشكيل مجلس إدارة هيئة الخدمات الكهربائية والبدء في تنفيذ المهام المنوطة بها.

وقال المسؤولون ذاتهم إن وجود هذه الهيئة سوف يشجع القطاع الخاص للدخول في منافسة لإقامة المشاريع الكهربائية في القطاع مما سيكون له أثر في تخفيض التكلفة التي تنعكس مباشرة على أسعار بيع الطاقة الكهربائية.

أما بالنسبة لما تتحدث عنه من شكاوى للشركات الصناعية الكبرى فقالوا إن الوزارة تعمل على تنظيم العلاقة بين الشركة السعودية للكهرباء وكبار المستهلكين الصناعيين وفي هذا الصدد صدر القرار الوزاري القاضي بتنظيم إمكانية حصول كبار المستهلكين الصناعيين على الخدمة الكهربائية مباشرة من قطاع نقل الطاقة الكهربائية بموجب أسعار بيع الطاقة الكهربائية التي يتفق عليها الطرفان ويتضمن هذا القرار ضوابط بيع الطاقة الكهربائية وإجراءات تطبيق التنظيم.

وبشأن خطة التوسع في قدرات التوليد وحجم الاستثمارات التي تحتاجها مثل هذه الخطة ومصادر التمويل المحتملة لتوفير هذه الأموال سواء من القطاع الحكومي أو الخاص الداخلي أو الخارجي، قال مسؤولو قطاع الكهرباء إن الوزارة أخذت على عاتقها مهمة تخطيط احتياجات قطاع الكهرباء المستقبلية وذلك بالإشراف على إعداد الخطط قصيرة وطويلة الأمد، والتي كان آخرها الخطة طويلة الأمد للفترة الممتدة من عام 1999 حتى عام 2023 حيث أعطت الخطة توجهاً محدداً ورسمت الخطوط الرئيسية والعريضة لقطاع الكهرباء خلال فترة الخطة ومن نتائجها أنها توقعت زيادة قدرات التوليد إلى حوالي 66431 ميجاوات مع نهاية الخطة باستثمارات تصل إلى حوالي 177 مليار ريال سعودي وذلك لمقابلة الطلب المتوقع على الطاقة حيث يقدر الحمل الأقصى بنهاية الخطة بحوالي 59256 ميجاوات بالإضافة إلى إنشاء شبكات النقل باستثمارات حوالي 91.7 مليار ريال سعودي، بالإضافة إلى شبكات التوزيع لإيصال الخدمة إلى جميع المشتركين باستثمارات حوالي 71.7 مليار ريال سعودي، وقدرت الخطة المحدثة إجمالي الاستثمارات المتوقعة لتنفيذ مشاريع التوليد والنقل والتوزيع خلال فترة الخطة حتى عام 2023 بحوالي 340.4 مليار ريال سعودي.

وأوضح المسؤولون انه نظراً لارتفاع مقدار الاستثمارات المالية المطلوبة لتمويل تنفيذ المشاريع وعدم قدرة القطاع على تغطية هذه الاستثمارات من الإيرادات الذاتية للشركة فقد تم فتح المجال للمؤسسات المالية المحلية والعالمية لتقديم الدعم المالي لتمويل مشاريع القطاع وفتح المجال لدخول للقطاع الخاص الوطني والأجنبي للمشاركة الفعالة والتنافس في إنشاء وإدارة مشاريع الطاقة الكهربائية في السعودبة ومن ثم إيجاد روح المنافسة وما يصاحب ذلك من استخدام ونقل أحدث التقنيات العالمية والتشغيل على أسس تجارية واقتصادية وما له من آثار إيجابية على قطاع الكهرباء بصفة خاصة وعلى الاقتصاد الوطني بصفة عامة.

وردا على سؤال حول سير عملية تخصيص قطاع الكهرباء ورؤية الوزارة بشأن الجدول الزمني لتخصيص قطاعات التوليد والنقل والتوزيع، قال المسؤولون على القطاع إن التنظيم الجديد لقطاع الكهرباء بالسعودية وضع الأرضية الأساسية التي تسمح بتطبيق جميع خيارات مشاركة القطاع الخاص القابلة للتطبيق والجيدة من أجل تعظيم مشاركة القطاع الخاص وضمان التنافس، مشيرين الى ان الخيار الذي سيتم اتباعه ستحدده الاعتبارات التقنية والاقتصادية والمالية، كما أن خطوات تخصيص القطاع تسير بخطى ثابتة وحثيثة حيث بدأت الشركة السعودية للكهرباء بالفعل منذ تأسيسها في ابريل (نيسان) 2000 تنفيذ خطوات إعادة الهيكلة في جهازها.

وتتمثل هذه الخطوات، حسب المسؤولين، بالعمل على مرحلتين; الأولى انتقالية قصيرة الأمد تمتد حتى نهاية عام 2004 وفي هذه المرحلة سيتم فصل قطاعات النظام الكهربائي إلى ثلاثة قطاعات رئيسة: التوليد والنقل والتوزيع. وسيتم التركيز في المرحلة الانتقالية على تحسين الأداء وانتقال أفضل التطبيقات ما بين المناطق وتمركز المهام وتوحيد أفضل إجراءات التشغيل وتطوير مستوى الموظفين تمهيدا لتطوير القطاعات كشركات ذات مستوى عالمي. والمرحلة الثانية طويلة الأمد وتغطي الفترة ما بعد عام .2004 وسيتم خلالها تكوين شركات مستقلة خاصة بالتوليد والنقل والتوزيع وسيكون هذا التنظيم قادراً على التحرك باتجاه النموذج الموحد للمناطق. وسيكون هناك تنافس بين منتجي الطاقة على أسـاس حالتين. الأولى تكمن في التنافس المســتمر في السوق المشاع POWERPOOL والحالة الثانية تكمن في تقديم عروض تنافسية لفترات طويلة أو ما يسمى نموذج المشتري الوحيد ومنتجي الطاقة وهي مشاريع BOOT أو BOT أو المشاريع المشتركة للكهرباء والتحلية المستقلة IWPP أو مقدمي الكهرباء المستقلين IPP. كما يمكن لكبار المشتركين الذين يملكون محطات إنتاج الطاقة أن يتعاقدوا مع الشركة السعودية للكهرباء (شركة التوليد/شركة النقل) لاستغلال الطاقة الفائضة لديهم وبيعها مقابل اتفاقيات ثنائية بينهما. ويعتقد المسؤولون ان هيئة تنظيم الخدمات الكهربائية سيكون لها دور مهم ومؤثر في تطوير السوق المفتوح لتبادل الطاقة على مستوى السعودية وتعزيز دخول القطاع الخاص في المنافسة.

وبشأن مستقبل إيصال الغاز الطبيعي لمحطات الكهرباء واستخدامه كبديل رخيص لتوليد الطاقة الكهربائية ، قال مسؤولون في القطاع انه بدأ التوجه إلى برنامج إحلال الغاز الطبيعي بدلاً من أنواع الوقود الأخرى مثل الزيت الخام في تشغيل محطات التوليد لانه يعتبر الوقود الأمثل لرخص أسعاره، اضافة الى كونه يطلق عليه اسم «صديق البيئة» نظراً لتدني مستوى نسبة التلوث البيئي الناتجة من استخدامه مقارنة مع انواع الوقود الأخرى.

وأوضح المسؤولون ان الشركة السعودية للكهرباء قامت فعلاً بتطبيق هذا البرنامج في محطات التوليد في الرياض، وتم الانتهاء من عمل التعديل الفني اللازم لهذا الغرض في محطات التوليد السابعة والثامنة والتاسعة، وسوف تتمكن الشركة من تشغيل كافة محطات التوليد بالمنطقة الوسطى بحلول عام 2005، كما يتم استخدام الغاز الطبيعي كوقود أساسي في محطات التوليد بالمنطقة الشرقية، أما في المناطقة الغربية والجنوبية فمن المؤمل توفير الغاز لمحطات توليد الكهرباء في أسرع وقت ممكن وحسب توفر الكميات اللازمة من الغاز.

وبشأن الخطة الخاصة بإعادة هيكلة قطاع الكهرباء سواء من خلال تعزيز دور هيئة تنظيم الخدمات الكهربائية أو غيرها من الأدوات، قال المسؤولون إن الخطة تنطلق أساساً من قرار مجلس الوزراء القاضي بإعادة تنظيم وهيكلة قطاع الكهرباء، والهادف إلى التهيئة الصحيحة والواقعية لهذا القطاع الحيوي لتمكينه من تلبية المتطلبات المستقبلية لمهامه والتي تمس مصلحة المواطن ومساندة عجلة التنمية بما يحقق تنويعاً لمصادر الدخل وتوفيراً للفرص الوظيفية والعمل على أسس تجارية بحيث يستطيع قطاع الكهرباء مواكبة النمو الهائل المتوقع في الطلب على الطاقة. وأن أولى خطوات تطبيق قرار مجلس الوزراء كانت هي إنشاء الشركة السعودية للكهرباء التي باشرت مسؤولياتها.

والخطوة الثانية في نظر المسؤولين في قطاع الكهرباء هي إنشاء هيئة تنظيم الخدمات الكهربائية تقوم بإجراء مراجعة دورية ـ وفق أسس علمية وفنية ـ لتكلفة الخدمة الكهربائية وتعرفتها وإصدار التراخيص اللازمة لمشاريع الكهرباء وتحقيق التوازن بين مصالح الأطراف ذات العلاقة . اما الخطوة الثالثة في نظرهم فتكمن في فتح المجال للقطاع الخاص للمشاركة الفعالة والتنافس في إنشاء وإدارة مشاريع الطاقة الكهربائية في السعودية. ويعد إنشاء هيئة تنظيم الخدمات الكهربائية إحدى أهم الخطوات لدفع المستثمرين لإنشاء المرافق والتجهيزات الجديدة التي تعتبر بالغة الأهمية بالنسبة لقطاع الكهرباء وخاصة في مجالي التوليد والنقل وبالتالي تؤثر نتائج هذه المشاركة على الاقتصاد الوطني، مما يتوقع معه أن تدخل عملية التخصيص مرحلة أكثر تطوراً وفاعلية خلال الفترة المقبلة.