قوات الاحتلال ترتكب مجزرة جديدة في غزة يروح ضحيتها 11 فلسطينيا وتغتال عنصرين من كتائب الأقصى في الخليل وتدمر 20 منزلا في رفح

TT

في ما اعتبر ردا اسرائيليا على خطة «خريطة الطريق» وعلى دعوة رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد محمود عباس (ابو مازن) للحوار الوطني لإنهاء اعمال العنف، اقدمت قوات الاحتلال الاسرائيلي صباح امس على ارتكاب مجزرة جديدة في غزة راح ضحيتها 9 فلسطينيين واكثر من 35 جريحا. ومن بين ضحايا المجزرة 3 اطفال من بينهم واحدة لا يزيد عمرها عن العامين. واقتحمت مدينة رفح جنوب القطاع بينما اعترفت باصابة 8 جنود حالات 3 منهم خطيرة بينما يؤكد الفلسطينيون مقتل الجنود الثلاثة وتدمير دبابة اسرائيلية.

وقتلت قوات الاحتلال اثنين من عناصر كتائب شهداء الاقصى الجناح العسكري لحركة فتح في بلدة يطا في منطقة الخليل جنوب الضفة الغربية.

في غضون ذلك ادانت الحكومة الفلسطينية الجديدة العدوان و«الجريمة البشعة» في حي الشجاعية. وقال نبيل شعث، وزير الشؤون الخارجية «اننا ندين بشدة هذه الاعتداءات الإسرائيلية باعتبارها جريمة ومحاولة لتدمير «خريطة الطريق». وطالب دول اللجنة الرباعية والمجتمع الدولي «التدخل الفوري لوقف الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية لكل الأعراف والقيم والاتفاقات» وعبر عن استهجانه ان تقدم الحكومة الاسرائيلية على ارتكاب هذه المجزرة بعد اقل من اثني عشر ساعة من إعلان وتسليم خريطة الطريق، وبعد أقل من اربع وعشرين ساعة من تولي الوزارة الفلسطينية الجديدة، التي قبلت الخطة.

من ناحيته قال عبد العزيز الرنتيسي ان ما جرى في الشجاعية يؤكد ان سلاح حركات المقاومة هو السلاح الشرعي لانه هو الذي دافع عن الفلسطينيين. واضاف الرنتيسي للصحافيين لدى تفقده الجرحى صباح امس ان المقاومة وحدها هي الحل. واعتبر الرنتيسي ان المجزرة الجديدة هي الرد الاسرائيلي على خريطة الطريق.

وذكر شهود عيان انه في ساعة مبكرة من فجر امس تسلل عناصر من وحدة المستعربين (دوفديفان) الاسرائيلية العاملة في قطاع غزة الى حي الشجاعية شرق مدينة غزة، مستقلين ثلاث سيارات اجرة تحمل لوحات ارقام فلسطينية. وعبر شارع المنطار الذي يخترق الحي من الشرق للغرب، اتجه افراد القوة الى تجمع من المنازل يعود لعائلة ابو هين وقاموا وضربوا حوله طوقا. في هذه الاثناء اندفع اكثر من اربعين دبابة الى قلب الحي تغطيها طائرات الهليكوبتر من «اباتشي» الاميركية الصنع، باطلاق النار على كل من يتحرك في المنطقة المحيطة بالمنازل المحاصرة، التي ادعى جيش الاحتلال انه توفرت لديه معلومات حول وجود عدد من مطاردي كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس في احدها.

ونجحت قوات الاحتلال في اقتحام احد المنازل المحاصرة واعتقلت صقر ابو هين ونجله اسامة، علما بان الاثنين غير مطلوبين. وافاد الصحافي ياسر ابو هين الذي كان موجودا في أحد المنازل المحاصرة انه و15 من افراد اسرته من النساء والاطفال كانوا محاصرين في مساحة لا تزيد عن المترين المربعين، بعد ان طال القصف جميع اركان هذا المنزل. وادى القصف وعمليات اطلاق النار العشوائي الجوي ومجموعة من جنود الاحتلال الذين كانوا يتمركزون على اسطح عدة مباني استولوا عليها فور اقتحام الحي، الى مقتل تسعة فلسطينيين ثلاثة منهم طفلة لا يزيد عمرها عن العامين وجرح خمس وثلاثين اخرين.

وقال الدكتور معاوية حسنين مدير الاستقبال في مستشفى الشفاء في المدينة ان «الشهداء الذين سقطوا هم الطفل الرضيع امير احمد عياد (عامان) والطفل محمد الدحدوح (13 عاما) واحمد رمضان التتر (12 عاما) ونعيم باسم نعيم (18 عاما) ومحمد كامل ابو رزينة (ثلاثين عاما)، وبدر محيسن (اربعين عاما)، وهو مختل عقليا وناصر عمر حلس (ست وثلاثين عاما)، وشحتة محمد الغرابي (ثمان وستين عاما) وقد توفي اثر نقوبة قلبية اثر الفزع الذي الم به عندما تساقطت القذائف حول منزله، في حين لم تعرف هوية القتيل التاسع.

واكد الدكتور حسنين ان جميع الذين قتلوا في عملية الاقتحام اطلقت عليه النار في الرأس، الامر الذي يؤكد نية قوات الاحتلال قتل سكان الحي الذين كانوا في منازلهم. وعلم ان الطفل الرضيع امير عياد اصيب بينما كانت امه تهم باخراجه من الغرفة التي كان يتواجد فيها خوفا عليه من الرصاص، فما ان رفعته حتى اخترقت رصاصة الشباك لتخترق رأسه. وتوقع الدكتور حسنين ان يرتفع عدد القتلى لان العديد من الجرحى في حالة الخطر الشديد.

واعلنت حالة الطوارئ في المستشفى، واستدعي جميع اطقم الاطباء في كل التخصصات للمساعدة. وانهار احد الاطباء عندما اكتشف ان احد القتلى في عملية الاقتحام هو نجل زميله الدكتور باسم نعيم. وفي الحديقة الي تتواجد امام قسم الاستقبال تجمهر المئات من الفلسطينيين الذين جاؤوا للتبرع بالدم او اناس اقارب والتعرف ان كان ايا من اقاربهم قد اصيب في العملية، في حين انطلق العويل والصراخ من ذوي القتلى والجرحى الذين انهار عدد منهم وفقدت احدى النسوة اعصابها وظلت تهرول بشكل هستيري في انحاء المستشفى بعدما فقدت اخاها في العملية.

وافاد هاني ابوهين الذي اخلي من احد البيوت المحاصرة وهو ينزف دما انه اتصل ثانية بالبيت ليكتشف ان اثنين من اطفاله اصيبا وان احدهم في حالة الخطر، وانهار الرجل وهو يروي ما سمعه من صرخات ابنائه وزوجته المحاصرين.

في نفس الوقت انتقد الكثير من المتواجدين في محيط المستشفى انتقادات لاذعة للحكومة الفلسطينية الجدية وعلى من يقف على رأسها بسبب دعوته لوقف المقاومة.

ولكن لم يكن العدوان الاسرائيلي وعملية الاقتحام نزهة بالنسبة لجنود الاحتلال بل كانت معركة شرسة خاضها ضدهم المقاومون الذين واصلوا اطلاق النار على اي جندي يحاول الترجل من الدبابة.

واكد بيان لـ«كتائب القسام»، تلقت «الشرق الاوسط» نسخة منه ان عددا من جنود الاحتلال قتلوا واصيبوا في اشتباك مسلح مع عناصرها في المنطقة. وقال البيان ان عناصر القسام اطلقوا صواريخ محمولة على الكتف والقنابل اليدوية في الاشتباك مع القوات الغازية. واعلنت «الكتائب ايضا انها فجرت عبوة ناسفة جانبية بالقرب من دبابة كانت تتحرك في شارع بغداد في الحي واعطبت دبابة ثانية في نفس الشارع وفجرت جيبا عسكريا على الخط الشرقي».

وفي ما اعتبرته ردا سريعا وعاجلا «على المجزرة اعلنت كتائب القسام انها قصف تجمعات سكانية يهودية داخل اسرائيل بعشرة من صواريخ «القسام». واشار بيان منفصل لـ«الكتائب» انها اطلقت 5 صواريخ على مدينة سديروت وثلاثة صواريخ على كيبوتس مثلثيم وصاروخين على كيبوتس ساعد.

من ناحية ثانية اقتحمت قوات الاحتلال مجددا مدينة رفح صباح امس. وافادت مديرية الامن الوطني الفلسطيني ان قوات الاحتلال دمرت 20 منزلا في حي البرازيل. واعلنت كتائب القسام في بيان ثالث ان اثنين من الذين قتلوا في عملية الاقتحام هم من عناصرها وهما عبد الله فرج الله العمراني ونعيم باسم نعيم. في حين اقرت قيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال ان 8 جنود للاحتلال اصيبوا بنيران المقاومة.

وفي جنوب الضفة الغربية اغتالت قوات الاحتلال فجر امس عنصرين من كتائب الاقصى في بلدة يطا شرق الخليل. وذكر شهود عيان ان قوة اسرائيلية كبيرة داهمت القرية فجر امس واستهدفت منزلا يتحصن فيه مطلوبان وعندما رفضا الاستسلام قصفت قوات الاحتلال المنزل بقذائف الدبابات وقتلت الشابين.

وكان احد المستوطنين قد اطلق النار على مجموعة من العمال قرب حاجز في الاغوار فقتل رايق مسعود دراغمة من قرية التياسير.