مسؤول فلسطيني يقلل من أهمية نتائج لقاء أبو مازن وبيرنز وباول يصل إلى إسرائيل

المبعوث الأميركي يطلب من السلطة شن «معركة حاسمة ضد الإرهاب والعنف» ومن الإسرائيليين تخفيف معاناة الفلسطينيين

TT

اجتمع رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) امس في مكتبه في رام الله مع مساعد وزير الخارجية الاميركي ويليام بيرنز. وحضر الاجتماع وزير المفاوضات صائب عريقات ووزير الشؤون الخارجية نبيل شعث في الحكومة الجديدة.

وبحث الجانبان خطة «خريطة الطريق» والمطالب الاسرائيلية التي نقلها بيرنز الى الجانب الفلسطيني كشروط مسبقة للقبول بتنفيذ الخطة لا سيما شرط تفكيك البنى التحتية لحركات المقاومة الفلسطينية. كما قال وزير الخارجية الاسرائيلي سلفان شالوم وكذلك رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون خلال لقائيهما ببيرنز اول من امس.

وقلل مسؤول فلسطيني طلب عدم ذكر اسمه من اهمية النتائج التي تمخض عنها الاجتماع. وقال المسؤول في تصريح لـ «الشرق الاوسط» «لا اعتقد ان الاجتماع تمخض عن اي نتائج عملية، وان الامور متروكة الى حين قدوم وزير الخارجية الاميركي كولن باول الى المنطقة نهاية الاسبوع».

ونقلت وكالة الانباء الفلسطينية (وفا) عن عريقات قوله عقب اللقاء، إن الجانب الفلسطيني أوضح لبيرنز قبوله «خريطة الطريق» وعبر عن امله في أن يسمع الرد الإسرائيلي الرسمي الفوري بتنفيذ الخريطة بكافة اتفاقاتها من الجانبين. وحسب عريقات فان ابو مازن اوضح لبيرنز أن «خريطة الطريق» «توفر فرصة حقيقية للسلام على أساس التوازي في التطبيق وليس على أساس الاشتراطية والتتالي والانتقائية». واثار ابو مازن موضوع المستوطنات وضرورة وقفها بشكل تام ووقف هدم البيوت والاعتداءات والاقتحامات وما إلى ذلك، والـتأكيد على وجوب توفير آليات رقابة دولية من اللجنة الرباعية لتنفيذ «خريطة الطريق».

من جانبه، ابلغ بيرنز ابو مازن والوفد المرافق له بأن باول سيكون هنا قريبا للبحث في خطوات تنفيذ الخطة. واكد بيرنز أن وفداً مرافقاً لباول سيبقى في المنطقة ليبحث آليات التنفيذ والمراقبة والجداول الزمنية، وأن الرئيس الأميركي جورج بوش والوزير باول معنيان بدرجة كبيرة بتنفيذ الخريطة وصولاً إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل.

يذكر ان باول سيصل الى اسرائيل مساء بعد غد وسيبدأ زيارته بلقاء مع شارون وشالوم ووزير الدفاع، شاؤول موفاز الذين سيشكون له من ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ينتهك «خريطة الطريق» بإبقاء عدة أجهزة أمنية فلسطينية تحت إمرته، وهم بذلك يشيرون الى مجلس الامن القومي الذي اعاد عرفات تشكيله بعد اعلان الحكومة الفلسطينية واضاف اليه بعض الاسماء مثل هاني الحسن وزير الداخلية السابق تعويضا له عن فقدانه هذه الحقيبة.

وسيلتقي باول في الجانب الفلسطيني مع ابو مازن وشعث وعريقات واحمد قريع (ابو علاء) رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني.

وأكد بيرنز للجانب الفلسطيني التزام وتصميم الرئيس بوش القوي في اغتنام فرصة السلام والعمل نحو تطبيق رؤية دولتين واستخدام الخريطة كنقطة بداية والية عمل، ودعوته للطرفين بتنفيذ التزاماتهما للتمكن من نجاح الجهود.

ورغم ان «وفا» لم تتطرق الى ماهية هذه الالتزامات الا ان بيرنز، حسب قوله في ما بعد، حث ابو مازن على شن ما سماه «معركة حاسمة ضد الارهاب». وقال بيرنز انه «بالنسبة للفلسطينيين، لا شيء يمكن ان يحل محل معركة حاسمة ضد ارهاب وعنف» المنظمات الفلسطينية المتشددة مثل حركتي حماس والجهاد الاسلامي. غير انه لم يحدد ماهية هذه المعركة الحاسمة.

ونقل عن مسؤولين في السلطة الفلسطينية القول ان الجانب الفلسطيني ابدى استعدادا للشروع فورًا باتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل خفض مستوى العنف. لكن عريقات قال إنه «من غير المعقول أن يطلب من الفلسطينيين تطبيق التزاماتهم، وأن تقوم إسرائيل بفعل ذلك لاحقاً».

وتعقيبا على ذلك، قال مسؤول فلسطيني اخر لـ«الشرق الاوسط» ان ما يطلبه الاميركيون من الجانب الفلسطيني ليس عمليا، وهم اي الاميركيون يعرفون ذلك جيدا. وتابع المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه القول «انهم يطلبون منا ضرب الارهاب كما يسمونه فكيف سيتسنى لنا ضربه اذا كان جهاز الشرطة غائبا وان وجد فان السلاح ليس موجودا. وان توفر السلاح فليس هناك السيارات اللازمة لتحرك رجال الشرطة. وان توفر كل ذلك فليست هناك سجون بعد ان دمرت قوات الاحتلال جميع سجون السلطة في غضون الاشهر الـ 15 الاخيرة». واضاف «ان ذلك يؤكد عدم جدية التحركات الاميركية وكذلك المطالب الاسرائيلية».

في المقابل، قال بيرنز «اما بالنسبة الى الاسرائيليين، فعليهم اتخاذ اجراءات ملموسة لتسهيل حياة الفلسطينيين ووقف الاستيطان»، وهذا امر حيوي، اذا ما كان على «خريطة الطريق»، ان تتقدم بنجاح.

وكان بيرنز قد سبق اجتماعه بابو مازن بلقاء مع رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني احمد قريع (ابو علاء) في مقره في بلدة ابو ديس المتاخمة للقدس للمحتلة. ويكون بيرنز من وجهة النظر الاميركية قد اجتمع بقطبي السلطة التنفيذية (ابو مازن) والسلطة التشريعية (ابو علاء) في السلطة الفلسطينية متجاهلا الرئيس عرفات كما كان متوقعا، انسجاما مع السياستين الاميركية والاسرائيلية حسب ما قاله مصدر فلسطيني، اللتين تسقطانه من حساباتهما في اللعبة السياسية خلافا للامر بالنسبة للاتحاد الاوروبي الذي يزال يعتبر عرفات رمزا ويرفض الضغوط الاسرائيلية، من اجل ركنه.

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة «يديعوت احرونوت» الاسرائيلية في عددها الالكتروني باللغة العربية، امس عن مصادر في وزارة الخارجية الإسرائيلية، القول انه في حال تخيير وزراء خارجية الدول الأوروبية الذين سيزورون المنطقة قريبًا، بين لقاء شارون، والرئيس الفلسطيني فانهم سيفضلون الاجتماع بعرفات.

وتأخذ هذه المصادر في تقديراتها هذه، البيان الصادر عن اجتماع وزراء خارجية الدول الأوروبية في جزيرة رودس اليونانية، يوم الجمعة الماضي الذي وصفوا فيه عرفات بأنه «لاعب رئيسي» في العملية السلمية، وحددوا بأنه شخصية تاريخية، ستترتب على كل محاولة لتقليص مهام منصبه آثار سلبية لكن المصادر قالت لـ«يديعوت احرونوت» ان مكتب شارون لم يعلن عن فرض المقاطعة الرسمية على كل من يجتمع بعرفات من وزراء الخارجية الأوروبيين، لكن هذه الخطوة هي بمثابة السياسة غير الرسمية التي يتبعها مكتب رئيس الحكومة، وهي معروفة في إسرائيل كما في الدول الأوروبية. واستثني من هذه القاعدة في الآونة الأخيرة، وزير الخارجية الألماني، يوشكا فيشر، الذي التقى بشارون، رغم سفره إلى رام الله واجتماعه بعرفات أيضاً. أما وزيرة خارجية اليابان، يوريكو كواجوتشي، فقد تمت مقاطعتها من قبل مكتب رئيس الحكومة في أعقاب لقائها بعرفات.

ويتوقع أن يصل إلى إسرائيل في غضون الاسابيع إن لم يكن الايام المقبلة وزراء خارجية فرنسا دومينيك دو فيلبان، واليونان جورج باباندريو، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، والمنسق الاعلى لشؤون السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد، خافيير سولانا. وحسب المصادر فان ثلاثتهم لن يتنازلوا عن لقاء عرفات.

وكان بيرنز قد التقى الليلة قبل الماضية بشارون في القدس المحتلة. وحسب مصادر اسرائيلية فان شارون قال لبيرنز انه يتوقع من رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد الذي سيلتقيه بعد زيارة وزير الخارجية الاميركي، ان يقوم بتفكيك البنى التحتية لما سماه بحركات الارهاب في الضفة الغربية وقطاع غزة.

كما التقى بيرنز ايضا مع وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز الذي انشأ في وزارته وحدة بقيادة الجنرال عاموس جلعاد مكلفة اجراء المحادثات الامنية مع الفلسطينيين بغية التقدم في تطبيق «خريطة الطريق».

وفي هذا السياق ذكرت الاذاعة الاسرائيلية امس ان لقاء قد يتم الاسبوع المقبل بين موفاز وابو مازن ومحمد دحلان وزير الدولة للشؤون الامنية الفلسطيني. ورغم ان الاذاعة لم تحدد الموضيع التي سيبحثها الجانبان، قال مصدر فلسطيني ان اللقاء ربما يكون تمهيدا لاستئناف المحادثات الامنية. لكن مصادر اسرائيلية قالت انه لم يتم بعد تحديد موعد اللقاء، وربطت بين عقده وبين نجاح المصادر الأمنية الفلسطينية في إحباط العمليات الهجومية، على ضوء ارتفاع مستوى التحذيرات الأمنية.