وثيقة تنشرها صحيفة بريطانية: مسؤولو نظام صدام انشغلوا بسقوف مثقوبة لمنازل عراقية في لندن بعد أحداث سبتمبر

TT

كشفت وثائق عراقية «جديدة» عن ان أركان النظام المخلوع انشغلوا بسقوف مثقوبة لبيوت في لندن، رغم المرحلة الحرجة التي اعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 التي أثارت موضوع إطاحة نظام صدام حسين في كواليس السياسة الغربية. وحسب مراسل صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية الذي ازاح النقاب أمس عن هذه المراسلات، فقد كان هناك 25 وثيقة في خزائن الخارجية العراقية مكرسة لعلاقات النائب العمالي جورج غالاوي مع نظام بغداد في ثلاثة اعوام. ومرة أخرى اصر المراسل ديفيد بلير، الذي نشرت له «ديلي تلغراف» قبل نحو اسبوعين مراسلات سرية عراقية تقول ان النائب غالاوي قد تقاضي «مكافآت» مادية وعينية من صدام، على أن الوثائق التي سلط عليها الضوء حقيقية. غير ان غالاوي لايزال بدوره ينفي صحتها جملة وتفصيلا وقد بدأ عملية مقاضاة الصحيفة بتهمة «التشهير».

وقال بلير في تحقيق مطول نشرته امس «ديلي تلغراف»، إن الوثائق المتعلقة ببريطانيا كانت محفوظة في خمس اضابير بلون ازرق فاتح، تضم جملة من الرسائل. ومن ضمن مراسلات مسجلة على أكثر من الف صفحة رسمية تحمل شارة النسر العراقي، انتقى مجموعة من الرسائل التي تبادلها بعض كبار مسؤولي النظام المخلوع بخصوص سقوف بيوت تملكها الحكومة العراقية في لندن. والمفارقة أن وزير الخارجية ناجي صبري وسكرتير صدام الجنرال عبد حمود إضافة الى رئيس الاستخبارات العسكرية، وجدوا متسعاً من الوقت لتبادل وجهات نظر مطولة حول السقوف المثقوبة في اكتوبر (تشرين الاول) 2001، في الوقت الذي كثر الحديث فيه عن اطاحة صدام غداة ضربات الحادي عشر من سبتمبر.

وذكر الصحافي البريطاني ان صبري دبج في الثاني من اكتوبر (تشرين الاول) 2001 رسالة مطولة لسكرتير صدام الذي رد بالمثل. ولم يلبث رئيس الاستخبارت العسكرية أن ادلى بدلوه في الحوار المفصل، لا سيما ان الملحق العسكري كان يسكن احد هذه البيوت ايام كانت العلاقات بين البلدين على ما يرام. ونسب الى المسؤول الامني قوله إن هذا البيت «قد خربه المطر والتأثيرات البيئية على مدى سنوات». والطريف ان السكرتير النافذ امر بنتيجة المناقشات المستفيضة بتشكيل لجنة مهمتها «دراسة موضوع اصلاح البيوت المذكورة وابلاغ وزير الخارجية». والاطرف أن اللجنة هذه لم تتخذ على الاغلب قراراً نهائياً بصدد المسألة، حسبما قال مراسل «ديلي تلغراف» بدليل انه لم يعثر ضمن أكوام المراسلات الرسمية على إشارة الى توصياتها او النتائج التي توصلت اليها.

واضاف ديفيد بلير إن سلطات امن النظام المخلوع ووزارة خارجيته قد افردوا 25 وثيقة لتغطية نشاطات النائب الاسكوتلندي جورج غالاوي في سنوات 1998 و2000 و.2001 وقال إن ملفات النائب البريطاني تشتمل على نص مداخلة طويلة القاها في مجلس العموم حول العراق، اعجبت وزير الخارجية السابق محمد سعيد الصحاف فعمد الى ارسال مذكرة الى البروفسور قاسم حافظ في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 1998 طلب فيها ترجمة «كلمات السيد غالاوي في البرلمان والردود التي وجهت اليه». واللافت ان البروفسور حافظ استغرق اسبوعين في ترجمة المادة التي كتبها على 35 صفحة، تم إرسال نسخة منها الى مكتب صدام. واشار مراسل صحيفة «ديلي تلغراف» ايضاً الى رسالة وجهها النائب البريطاني الى وزير الخارجية الصحاف في 21 ديسمبر (كانون الاول) 2000 على ورقة رسمية تحمل اسم «الجمعية العراقية ـ بريطانيا العظمى». وقال المراسل إن غالاوي أبلغ الوزير في هذا الكتاب عزمه على اقامة شركة في لندن تكون بمثابة اللوبي الذي ينقل الى الحكومة البريطانية مواقف رجال الاعمال البريطانيين الذين حرمتهم العقوبات من الوصول الى السوق العراقية. واوضح بلير ان الرسالة التي وقع عليها تحوي «خطة اولية للنشاطات في 2001 لهذه الشركة، وبينها عقد مؤتمر في مجلس العموم وإرسال وفد تجاري الى العراق و (إقامة) معرض بريطاني (في العراق) . وزاد إن بين الرسائل التي وجدها واحدة كتبها الصحاف الى صدام للإشادة بمظاهرة شارك فيها غالاوي ضد قاعدة غواصات ترايدنت، في فاسلين بإسكوتلندا. واوضح الوزير لرئيسه «لقد اعتبرت واحدة من أضخم التظاهرات التي نظمت ضد القاعدة». ودافع الصحافي ديفيد بلير مجدداً عن صحة الوثائق المتعلقة بغالاوي وتورد ذكر طلب مزعوم قام به خلال اجتماع له مع مسؤول امني ببغداد في يناير (كانون الثاني) 2000 للحصول على «حصة اكبر من النفط» إضافة الى تسهيلات وعقود تجارية. وكانت «ديلي تلغراف» نشرت صورة اصلية للوثيقة التي وجهها مسؤول في جهاز المخابرات الى مكتب صدام وتتضمن ايضاً «تزكية» لطلب غالاوي من قبل رجل الاعمال الاردني فواز عبد الله زريقات. وقدرت الصحيفة وقتها أن النائب حصل بوساطة نائب رئيس الوزراء طارق عزيز على ما قدرته بـ375 ألف جنيه استرليني سنوياً من عائدات النفط العراقي التي نشرتها «ديلي تلغراف» قبل حوالي اسبوعين في اربع حلقات. غير ان النائب البريطاني اصر في تصريحات متتالية اخيرة ان هذه الوثائق المزعومة هي جزء من حملة منظمة للتشهير به. وقال إنها عبارة عن «كذب وصل درجة خيالية».

ومن ضمن الوثائق التي سلطت عليها الضوء صحيفة «ديلي تلغراف» امس مراسلات تشير الى ان النظام المخلوع كان قد جند مخبرين له في بريطانيا. فرئيس المخابرات علم في وقت مبكر بامر خطط للمعارضة العراقية بالقيام بتظاهرات امام قسم رعاية المصالح العراقية بلندن في يوليو (تموز) .2001 وبادر المسؤول الامني الى تحذير وزارة الخارجية في بغداد برسالة مؤرخة بتاريخ 16 يونيو (حزيران) .2001 ووفقاً للصحيفة فقد جاء في الرسالة «لقد لفت عملاؤنا على التراب البريطاني انتباهنا الى ان مقيمين هناك ممن يسمون بالمعارضة العراقية سيشاركون في عملية عدوانية ضد سفارتنا في لندن». واشار المسؤول الى ان التظاهرة ستتم «بمناسبة الاحتفالات بتموز الخالد (ذكرى الثورة البعثية)». وثمة رسائل اخرى نشرتها الصحيفة وتتصل برغبة منظمة العفو الدولية للقيام بإرسال وفد مؤلف من ثلاثة اشخاص الى العراق في فبراير (شباط) 2000 بهدف «التحقيق في ظروف مقتل المدنيين العراقيين نتيجة للقصف الجوي الذي قامت به القوات المسلحة الاميركية والبريطانية في الاعوام الاخيرة». ومع ان مدير قسم رعاية المصالح العراقية في لندن، الدكتور مظفر الامين، حاول تيسير مهمة المنظمة فإن طارق عزيز كتب حاشية الى وزير الخارجية الصحاف جاء فيها «لا ارى (حاجة) للتعاون مع هذه المنظمة».