بن فليس يشرح خلفيات إقالته: بوتفليقة اشترط علي تزكيته لولاية ثانية.. وجردني من صلاحياتي

TT

كشف رئيس الحكومة الجزائري السابق علي بن فليس، أمس، عن أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أقاله من منصبه لأنه رفض وضع حزب جبهة التحرير الوطني تحت تصرفه وتزكيته للانتخابات الرئاسية المقررة العام القادم. وطالب بن فليس من رئيس الجمهورية أن يقدم له الأخطاء التي ارتكبها حتى يقيله من منصبه.

لم يتأخر رئيس الحكومة المبعد في تنفيذ وعده بتقديم تفاصيل عن ظروف إقالته، حيث دعا الصحافة المحلية والدولية، مباشرة بعد تسليم المهام إلى خليفته، إلى مؤتمر صحافي عقده امس في مقر حزب جبهة التحرير الوطني وقدم فيه خلفيات تنحيته من منصبه. وكانت المناسبة فرصة، لابن فليس، للكشف عن ما وصفه أحد المقربين منه بـ«المعاناة التي كان رئيس الحكومة يعيشها مع السيد بوتفليقة».

واعترف بن فليس انه كان يتلقى ضغوطا من أجل تقديم استقالته، وقد أعلن أن مسؤولا ساميا في رئاسة الجمهورية استقبله في مكتبه وأخبره أن بقاءه في منصبه مرهون بوضع حزب جبهة التحرير الوطني، حزب الأغلبية الذي يقوده بن فليس، تحت تصرف الرئيس بوتفليقة لترشيحه لولاية ثانية وقد أكد له محدثه هذا أنه «لا خلاف للرئيس معك، لكن المشكل الوحيد هو موعد رئاسيات 2004، فقط عليك أن تعد السيد الرئيس أنك ستمشي معه وستبقى رئيسا للحكومة»، غير أن رئيس الحكومة المقال رد على المسؤول السامي: «إنك أمام نقيب سابق في المحاماة لم يقبل أبدا المساومة ولا أن يساوم من وراء ظهره».

بن فليس فضل عدم ذكر اسم هذا المسؤول السامي في الرئاسة، ووعد بذلك مستقبلا إذا لزم الأمر، لكن أحد وزرائه من الذين حضروا المؤتمر الصحافي قال لـ«الشرق الأوسط» إن الأمر يتعلق بمدير الديوان الرئاسي الجنرال المتقاعد العربي بلخير.

واعترف بن فليس أيضا أمام الصحافيين أنه لم يكن يمارس صلاحياته المخولة له دستوريا لأن الرئيس بوتفليقة «جردني منها، ولكم مثلا أن تعرفوا أنني لم أوقع، طيلة الـ33 شهرا التي قضيتها رئيسا للحكومة، أي مرسوم تنفيذي ولم أستطع تعيين أي شخص لأية مسؤولية».

لكن لماذا رضي بهذا الوضع، وهو نفسه الذي اضطر سلفه أحمد بن بيتور إلى تقديم استقالته بعد ستة أشهر من تعيينه؟. بن فليس قال إنه طلب، عند تعيينه في أغسطس (آب) 2000، السماح له بممارسة صلاحياته كاملة، إلا أن الأمور لم تسر كما شاء، ومع ذلك «كان لدي أمل في أن تعود لي صلاحياتي، لكنني أخطأت التقدير وبقيت أعمل مجردا من صلاحياتي».

ليس هذا فقط، بل كشف بن فليس أيضا أنه حتى بالنسبة لأزمة منطقة القبائل، التي لم تنطفئ بعد منذ 25 شهرا، لم يتركوه يتدخل لحلها بالطريقة التي كان يتصورها رغم أنه يرى أن «الحل موجود وممكن، فقط يجب أن يكون هناك حوار جاد بعيدا عن كل الحسابات ومع الجميع بدون استثناء».

أما عن تصوره للحكومة الجديدة وحظوظ محافظة حزب جبهة التحرير الوطني على الأغلبية، رد بن فليس أن كل ذلك متوقف على مدى تصور خليفته للمسألة، ومع ذلك أوضح أنه لا يعارض مشاركة حزبه في حكومة ائتلافية شريطة أن يكون وزراء الحزب معينين من قبل قيادة حزب جبهة التحرير الوطني. وأكد بن فليس أن حزبه يدعم الائتلاف الحكومي «إذا شاركنا في وضع برنامج الحكومة واستشرنا في تشكيلة الفريق الحكومي وإذا استمع إلينا، أما إذا أرادونا مطبلين مصفقين فهذه حكاية قديمة بالنسبة لحزب جبهة التحرير الوطني».

من جهة أخرى، قالت مصادر مقربة من الرئاسة إن رئيس الحكومة الجديد أحمد أويحيى شرع في مشاورات من أجل تشكيل فريقه الجديد. وأوضحت نفس المصادر، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أنه «لن يكون هناك تغيير كبير على التشكيلة السابقة، فقط ستكون هناك تعديلات تقنية وعزل بعض الوزراء المحسوبين على رئيس الحكومة السابق». كما أشارت نفس المصادر إلى أن هناك احتمالاً كبيراً بأن يحافظ وزراء السيادة على مناصبهم، ويتعلق الأمر خاصة بوزيري الداخلية والخارجية والمالية المحسوبين على الرئيس بوتفليقة.