زعماء باكستان السياسيون يؤيدون تحسين العلاقات مع الهند وكلام عن ضغوط أميركية شديدة أسهمت في مبادرات التقارب

TT

اسلام اباد ـ وكالات الانباء: افادت مصادر باكستانية ان الاحزاب السياسية في باكستان بما فيها الجماعات الاسلامية المتشددة تدعم مساعي رئيس الوزراء ظفر الله خان جم لتحسين العلاقات مع الهند، غير ان العقبة الرئيسية قد تتمثل في إصرار بعض الاحزاب على تركيز الحوار على وضع اقليم كشمير الذي تسبب النزاع حوله في تفجر حربين بين البلدين، في حين تصر الهند على توسيع نطاق البحث بحيث يشمل قضايا اخرى.

جم ، كما هو معروف، أجرى مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الهندي اتال بيهاري فاجبايي الاسبوع الماضي في محاولة لاذابة الجليد بين اسلام اباد ونيودلهي ناقشا خلالها سبل تحسين العلاقات المتدهورة بين الدولتين الجارتين. وكانت هذه المكالمة اول اتصال على مستوى عال بين قادة البلدين منذ اكثر من سنة، وخلالها وجه جم دعوة لفاجبايي لزيارة اسلام اباد، وردت الهند على هذه البادرة بإعلانها تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع باكستان وإعادة الرحلات الجوية المباشرة بين مدنهما. وكانت الهند قد أوقفت الرحلات وخفضت التمثيل الدبلوماسي بعدما اتهمت متشددين مقرهم باكستان بالوقوف وراء هجوم على البرلمان الهندي عام 2001 اثار توترات عسكرية بطول الحدود بين البلدين.

وفي خطوة استثنائية اجتمع جم الليلة قبل الماضية بجميع زعماء المعارضة في البرلمان واعضاء من حزبه وحلفاء له للاستماع الى ارائهم بشأن تحسين العلاقات مع الهند. وبعد الاجتماع قال جم للصحافيين «لقد اعربوا عن ثقتهم بي وقالوا ان عليّ السير في طريق الحوار» مع الهند. ويتوقع محللون سياسيون في اسلام اباد ان يعرض جم قريباً خطوات محددة لتحسين العلاقات قد تتضمن مباحثات تجارية او احياء مباريات الكريكيت اللعبة الشعبية في البلدين لبناء ثقة كافية تمهد لعقد قمة قبل الانتخابات الهندية المقررة عام .2004 كذلك قال جم ان باكستان مستعدة لابداء مرونة في الحوار المزمع قبل ان يؤكد انها لن تتراجع عن موقفها في الخلاف الطويل حول اقليم كشمير المقسم، مشدداً على ان «القضية الاساسية لا يمكن التخلي عنها، أما في ما يخص القضايا (الاخرى) فيجب ابداء المرونة فيها».

من جهة ثانية، في حين ابدت الجماعات الاسلامية الباكستانية المتشددة، دعمها لغة الحوار بين باكستان والهند فإنها اصرت على التركيز على كشمير، اذ علق لياقات بلوش احد كبار قادة «مجلس العمل المتحد» الذي يمثل تحالفا بين ست جماعات اسلامية «ثمة اجماع على ان الحوار امر طيب، يجب علينا مع التحاور التمسك بموقفنا الراسخ» حول كشمير.

اخيراً، في خطوتين تنمان عن الاجواء المتحسنة، تقرر ان يسافر 12 نائباً برلمانياً باكستانياً الى الهند في وقت لاحق هذا الاسبوع لاجراء مباحثات مع نواب هنود ونشطاء سلام، وعرضت باكستان اول من امس التخلص من اسلحتها النووية اذا فعلت الهند الشيء نفسه. وجاءت هذه الانفراجة بين العاصمتين قبيل زيارة نائب وزير الخارجية الاميركي ريتشارد ارميتاج الى المنطقة يوم أمس لتشجيع عملية السلام. ويعتقد عدد كبير من المحللين ان غصون الزيتون التي يقدمها كل من الطرفين للآخر بصورة مفاجئة انما جاءت نتيجة لضغوط شديدة من واشنطن بعد حرب العراق.

* الموضوع النووي

* وبالفعل رأى محللون هنود أمس ان عرض باكستان، على لسان رئيسها الجنرال برويز مشرّف، نزع اسلحتها النووية اذا ما قامت الهند بخطوة مماثلة، يهدف الى تبديد مخاوف واشنطن من البرنامج النووي لباكستان مع إبقاء القضية الكشميرية حية. وقال أحدهم، اجاي ساهني، مدير معهد ادارة الصراعات ومقره العاصمة الهندية نيودلهي، ان «الفكرة القائلة بانه اذا كان لا بد من حل دائم للصراع في المنطقة، سيكون من الضروري نزع اسلحة باكستان النووية وجعلها منزوعة السلاح، تتردد بين مجموعات في الادارة الاميركية... وبتقديم هذا العرض، تريد باكستان تحويل انظار العالم عن المشكلة الاساسية مركزة على أن كشمير لم تعد فقط للهند بل للعالم... وهم (اي الباكستانيون) يحاولون ابرام صفقة صعبة مع اميركا بعرضهم هذا».

وشكك س. د موني، استاذ دراسات جنوب آسيا بمدرسة الدراسات الدولية بنيودلهي، في صدق رغبة مشرف بتسوية الازمة الكشميرية، قائلاً ان مشرف «ادلى بتصريحات مشروطة بربطها بكشمير التي يريد استخدامها حجة لعدم نزع الاسلحة النووية. فباكستان لن تسمح بحل قضية كشمير خصيصاً لكي تحتفظ باسلحتها النووية، وهي وبتقدمها بالعرض تريد ان تتدخل اميركا في مسألة ثنائية».

على صعيد آخر، تبرر الهند احتفاظها بقدراتها النووية بالاشارة الى انها تواجه تهديدا خطيرا من الصين0 ويعتقد المحللون الهنود ان الصين تمثل عاملا مهما في تحديد موقف واشنطن ازاء جنوب آسيا. ويقولون ان الهند قد تواجه ضغوطا اقل للتخلص من اسلحتها النووية لان الولايات المتحدة تتوق لمنع بروز الصين كقوة دولية. وحول هذه النقطة يقول موني ان «الهوس الاميركي لجعل المنطقة خالية من الاسلحة النووية، يعود ايضا لخشية الولايات المتحدة من احتمال وقوع اسلحة باكستان في يد متشددين اسلاميين».