محادثات السلام السودانية في كينيا تعتمد أسلوبا جديدا لبحث «القضايا الخلافية» المتبقية

TT

بدأت الاطراف المتحاربة في السودان امس مرحلة اخيرة من محادثات مباشرة في ضاحية ماشاكوس الكينية بمشاركة وفدين من الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان. وقال الوسطاء ان مفاوضات صعبة تنتظرهم اذا اراد الجانبان وضع نهاية للحرب التي بدأت منذ عقدين. وافتتح الجنرال لازارو سيمبويو الوسيط الكينى للسلام فى السودان ممثل منظمة الايقاد، الجلسة الاولى للمفاوضات، معلنا اعتماد اسلوب جديد للتفاوض يعتمد على مناقشة كل القضايا الخلافية في الجولة الحالية ومن بينها قضية المناطق المهمشة التي كانت الحكومة السودانية ترى فصلها عن مناقشات المسار الرئيسي. واشار سيمبويو الى ان التفاوض فى هذه الجولة سيكون ذا طابع شمولي لتقديم حافز جديد فيما يعني ان جميع القضايا سيتم بحثها في آن واحد. وقال «بصفتي مبعوثاً للرئيس الكينى سأناقش مع الطرفين قضية المناطق الثلاث المهمشة ضمن الجولة الحالية حتى تكون هناك فرصة للتوصل الى سلام شامل فى نهاية التفاوض». وكان الهدف من اجتماع امس هو ان يمثل بداية المرحلة الاخيرة من عملية بدأت في العام الماضي ويأمل الوسطاء في ان تتوج بالتوصل الى اتفاق سلام شامل. غير ان جميع الاطراف تحذر من انه ما زال هناك شوط طويل يتعين قطعه. وقال سومبيو في جلسة مفاوضات علنية «لا تساورنا أوهام في ان هذه المرحلة الاخيرة لن تكون سهلة». واضاف «نحن ندرك انعدام الثقة السائد بين الطرفين بعد سنوات عديدة من القتال لكننا وصلنا الان الى جسر سلام ينبغي علينا ان نعبره». وقال المتحدث باسم الجيش الشعبي لتحرير السودان سامسون كواجي «وصلت المحادثات الى مرحلة حاسمة للغاية ويتعين علينا ان نتوصل الى اتفاق». واضاف «ما زال لدينا العديد من القضايا العالقة وجميعها قضايا مهمة».

وقال الدرديري محمد احمد القائم باعمال السفارة السودانية في نيروبي عضو الوفد الحكومي لـ«الشرق الاوسط» ان الجانبين المتنازعين والوسطاء قرروا ان تتحول الجولة الحالية من جولة خاصة بقسمة السلطة والثروة الى جولة شاملة تنظر في كافة القضايا التي لم تحسم من قبل. واضاف «ينتظر ان يتقدم الوسطاء بمشروع اتفاق يتضمن الخطوط العريضة للاتفاق الشامل». ورفض الدرديري تحديد مضمون الوثيقة الجديدة او موعد تقديمها. واكتفى بالقول «هذه الجولة ستستمر حتى 21 مايو (ايار) الجاري، ويمكن تقديم هذه الوثيقة في اي وقت خلال هذه الفترة».

وقال الدكتور امين حسن عمر عضو الوفد السودانى المفاوض ان كلمة الحكومة في الجلسة الافتتاحية اكدت على الالتزام بالسعى الجاد لتعزيز السلام واعلنت موافقتها للاسلوب الشامل الجديد لمناقشة جميع القضايا. واضاف فى تصريحات ان الحركة الشعبية أعلنت قبولها ايضا للمنحى الجديد للتفاوض لكنها اتهمت الحكومة السودانية بمخالفة اتفاق وقف الاعتداءات. من جانبه قال نيال دينق نيال رئيس وفد الحركة الشعبية ان الحكومة قامت بخرق وقف اطلاق النار في شرق وغرب اعالي النيل، بيد انه لم يحدد الفترة التي شهدت الخرق. وحذر في تصريحات من ان الخرق قد يساعد في انهيار المفاوضات كما حدث في السابق.. كما انه لا يساعد على بناء الثقة. واشار الى ان المفاوضات لن يكتب لها النجاح في ظل وجود خروقات عسكرية. من جانبه اكد الناطق باسم الحركة الشعبية ياسر عرمان لـ«الشرق الاوسط» ان الجولة الحالية ستناقش موضوعات الخلاف الرئيسية المتمثلة في قضايا السلطة والثروة والترتيبات الامنية والمناطق المهمشة الثلاث، مشيرا الى ان الاتفاق النهائي سيشمل هذه القضايا مجتمعة. ومن المقرر ان تختتم الجولة الراهنة في 21 مايو الحالي لكن المحادثات ستستأنف بعد عطلة قصيرة. من جهته توقع الدكتور غازي صلاح الدين مستشار الرئيس السوداني لشؤون السلام ان تسفر الجولة التي بدأت امس عن نتائج محسوسة «اذا تعامل الطرف الآخر (الحركة الشعبية) بنفس الروح ودرجة التزام الحكومة». وقال في تصريحات صحافية قبل توجهه الي نيروبي امس ان تحقيق تلك النتائج يعتمد علي كيفية إدارة المفاوضات التي بدأت تتخذ منحنى جديدا وعلى مقدرات التزام الحركة للوصول لاتفاق. وعبر الدكتور صلاح الدين عن تطلعه بان يتوصل الطرفان «الى تكوين صورة ولو تقريبية عن السلام المقبل». واوضح ان الرئيس عمر البشير جدد له حرص الحكومة علي تحقيق السلام الشامل وتعزيز مسيرة التنمية وتوفير الخدمات في البلاد. وقال عقب لقائه البشير ان الرئيس يهدف لإعطاء الدفعة المناسبة من اجل تشكيل واقع للسودان يعم فيه السلام وتتحقق فيه نهضة جدية تعزيزا لمكانة البلاد مع تمثله بقوة سياسية واقتصادية وثقافية. واوضح ان لقاءه البشير بحث كيفية اعداد الجبهة الداخلية لتحمل مسؤولياتها تجاه السلام ومسيرته عقب توقيع الاتفاق النهائي، واكد ان الحكومة بذلت كل ما في وسعها خلال الفترة الماضية وقدمت كل ما يمكن تقديمه كحكومة مسؤولة من اجل تقريب المواقف.