بشار الأسد: لا أحد يأسف على رحيل صدام واستقبلنا فقط أسر بعض القادة العراقيين

الرئيس السوري: تحدثت مع باول عن إيقاف أنشطة وليس إغلاق مكاتب وأبلغته أن أولويتنا هي الجولان

TT

يواجه الرئيس السوري بشار الأسد خيارات بالغة الصعوبة. فقبل فترة قصيرة طلب وزير الخارجية كولن باول من الأسد حظر نشاط المنظمات الفلسطينية بداعي انها تدعم العمليات الإرهابية والتي تعمل بحرية في دمشق منذ عدة سنوات. كما طلب منه إضافة إلى ذلك لجم «حزب الله»، اللبناني الذي تؤيده سورية. وقد ازداد الإهتمام الأميركي بسورية أثناء الحرب مع العراق، بعد ان تدفق المقاتلون والمواد اللوجستية الى العراق عبر حدودها.

وفي أول مقابلة له مع مطبوعة أميركية، تحدث الاسد الأسبوع الماضي مع لالي ويموث، التي تعمل مع «نيوزويك» و«واشنطن بوست»، عن الضغوط الأميركية واحتمالات السلام بين سورية وإسرائيل. ونورد هنا مقتطفات من تلك المقابلة:

* قال وزير الخارجية كولن باول انك وافقت على إغلاق بعض مكاتب منظمات الرفض الفلسطينية في دمشق. هل ستفعل ذلك؟

ـ هناك اختلافات حول الأولويات بيننا وبين الولايات المتحدة. وعندما تكلم الوزير باول عن هذه المكاتب، طلبنا منه أن يتحدث عن القضايا التي تهم بلدينا كحزمة متكاملة. أولويتنا نحن استعادة أراضينا.

* تقصد مرتفعات الجولان؟

ـ نعم، الجولان.

* ماذا تقصد بالإغلاق؟ هل هو طرد القادة أم نقل المكاتب إلى أماكن أخرى.

ـ طرحت هذا السؤال على الوزير باول. هذه ليست مكاتب في الحقيقة. إنها منازل تمارس منها هذه المجموعات نشاطات إعلامية.

* الولايات المتحدة لا تقبل الإدعاء السوري بأن هذه مجرد مكاتب. ويقول المسؤولون الأميركيون أن المكاتب لها دور في إدارة العمليات الإرهابية بالمناطق المحتلة وداخل إسرائيل.

ـ أنتم تعتقدون أن لهذه المكاتب دورا في العمليات الإرهابية، ولكن هذا ليس صحيحا.

* هل أغلقتم بعض المكاتب؟

ـ تستعملين كلمة «أغلقتم»، وأنا تحدثت مع الوزير باول عن إيقاف نشاطات وليس عن إغلاق. ولكن عمل شيء تجاه هذه المجموعات مرتبط بالجولان، وباستئناف محادثات السلام على المسار السوري.

* هل قدمت لباول بعض الضمانات بتقييد نشاط هذه المجموعات؟

ـ تحدثنا عن كل هذه القضايا ولكننا لم نتوصل إلى قرار نهائي. نحن ما نزال نتفاوض. وانت تريدين إجابة محددة ولن اعطيك مثل هذه الإجابة.

* ترددت أقاويل في الصحافة الإسرائيلية فحواها أن هناك اجتماعات بين مسؤول سوري ومسؤول إسرائيلي سعيا وراء استئناف محادثات السلام، هل ينطوي ذلك على قدر من الحقيقة؟

ـ هذه هي الطريقة الإسرائيلية.. أي الإيحاء بأن سورية تعمل من وراء الكواليس. لماذا نخلق مثل هذه القنوات؟ فهي لا تلقى تأييدا شعبيا.. وهو أمر هام بالنسبة لمحادثات السلام. سورية ليست طرفا حاليا في مفاوضات سرية ولن تكون طرفا في مثل هذه المحادثات في المستقبل.

* ما هي الأسس التي تقترحونها لبدء المفاوضات مع إسرائيل؟

ـ قرارات الأمم المتحدة (1991) ومؤتمر مدريد والمبادرة السعودية.

* هل تطالبون بأن تقدم لكم إسرائيل ما كان قدمه رئيس الوزراء السابق إيهود باراك، ام أنكم ستفاوضون دون شروط مسبقة؟

ـ إذا كنت تريد التفاوض فأنت تحتاج إلى أساس. والاساس هو مؤتمر مدريد.

* ولكن والدكم حافظ الاسد اقترب كثيرا من أبرام اتفاقية سلام مع باراك.

ـ لا. ليس باراك وإنما رئيس الوزراء الأسبق إسحق رابين عام 1995. لم نحقق أي شيء مع باراك.

* هل تعتبر الحكومة الإسرائيلية الحالية شريكة ملائمة لتحقيق السلام؟

ـ نحن لا نهتم كثيرا بالحكومة. نحن نهتم بتطبيق قرارات مجلس الأمن. ونحن لا نثق في رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون لأنه لا يريد السلام. ولكن هذا ليس موقفا شخصيا.

* لا تثقون بشارون؟

ـ ليس هناك من يثق بشارون. الأمر لا يتعلق بي وحدي. ولم يحدث أن قال لي أي من المسؤولين الذين التقيهم أن شارون يريد السلام.

* خاطر باراك بمنصبه لتحقيق السلام ولكن القائد الفلسطيني ياسر عرفات رفض عرضه. ولذلك..

ـ كلاهما ارتكب أخطاء.

* هل تعتقد أنك ارتكبت خطأ عندما عارضت الحرب ضد العراق وسمحت بتدفق النفط العراقي إلى سورية وسمحت للأسلحة بأن تعبر الحدود إلى العراق؟

ـ لم نكن قريبين من صدام، ولم تكن لدينا سفارة ببغداد. أنا لم اقابله مطلقا ولم أتحدث إليه عبر الهاتف. وما قلته عن النفط صحيح. كانت لنا علاقات إقتصادية مع العراق. ما قلته حول أن هذه الحكومة سمحت بتدفق الأسلحة عبر الحدود إلى العراق ليس صحيحا. الأسلحة كان يهربها أفراد. ولا علاقة للحكومة بهذه المسالة..

* هل أتى الزعماء العراقيون إلى هنا خلال الحرب؟

ـ نعم. بعضهم وصل إلى الحدود. ولم يسمح لهم بالدخول. بعضهم وقع في أيادي الأميركيين.

* ألم يدخل بعضهم إلى البلاد؟

ـ جاء أحدهم قبل الحرب.

* وماذا عن عائلاتهم؟

ـ سمحنا للاسر بدخول سورية: نساء وأطفال. ولكن ثارت شكوكنا حول بعض الأقارب، أي أن لهم مواقع رسمية في الماضي وكانوا مسؤولين عن بعض جرائم القتل في سورية في الثمانينات.

* ألم يطلب منكم باول إيقاف التمويل الإيراني لحزب الله بالسلاح عبر دمشق؟

ـ تحدث عن إمدادات لحزب الله. وقلنا له لا، لا يحصلون على الأسلحة عبر سورية. نحن نؤيدهم سياسيا لأنهم يريدون إعادة أراضيهم.

* مساعد وزير الخارجية ريتشارد آرميتاج قال عن حزب الله إنه «الفريق الأول» للإرهاب.

ـ هذا خطأ. فهم لم يقتلوا شخصا واحدا خارج لبنان حيث تحتل أرضهم.

* قدمت الولايات المتحدة «خريطة الطريق» في محاولة منها لتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. في الماضي كان ينظر إلى سورية كمصدر لتخريب الخطط وعرقلتها. ما هو موقفكم من خريطة الطريق؟

ـ ليست لدينا أية علاقات مع الفلسطينيين، ولذلك لن يكون بمقدورنا أن نخرب. استطيع أن أتحدث عن المفهوم: خلال العامين الماضيين ظلوا يتحدثون عن الأمن قبل الوصول إلى حل سياسي. ولكن إذا لم تحصل على حل سياسي يرضي جميع الأطراف، فإنك لن تنعم بالأمن. عليك أولا أن تحقق الحل السياسي. ولكننا لن نتدخل. ما يهمنا هو الجولان.

* يقال أن والدكم اتخذ موقفا استراتيجيا في الوصول إلى السلام مع إسرائيل وانه هيأ الشعب في سورية لتلك الخطوة. هل توافقون على قرار والدكم؟

ـ نعم، بالتأكيد. هو اتخذ القرار وأنا أحمل نفس الرأي.

* متى اتخذ ذلك القرار؟

ـ عام 1990 اتخذنا قرار السلام.

* يقول البعض في إسرائيل أنك أكثر تشددا من أبيك، وأنك أكثر ارتباطا منه بزعيم حزب الله حسن نصر الله. هل هذا صحيح؟

ـ هذه مجرد أكذوبة. أصبحت رئيسا في يوليو عام 2000. وبدأت الإنتفاضة في سبتمبر من ذلك العام. وتغير المزاج في كل الإقليم. وبدا وكأن الإسرائيليين لا رغبة لهم في السلام. أي أن الأمر لا يتعلق بكوننا نحن غيرنا موقفنا من السلام.

* لماذا سمحتم للمتطوعين بعبور حدودكم الى العراق أثناء الحرب؟

ـ عبر هؤلاء المتطوعون الحدود من أماكن غير خاضعة للحراسة. ولا علاقة للحكومة السورية بهؤلاء المتطوعين.

* ظننت أن الحكومة السورية سهلت عبورهم إلى العراق؟

ـ لدينا فقط نقطتا مراقبة على الحدود مع العراق، مع أن طول هذه الحدود 500 كيلومتر. كيف يمكنك إغلاقها؟ قلت للمستر باول: «لديكم جيش، سيطروا عليها».

* ذهب صدام حسين، ولا يبدو أن شخصا أسف على ذهابه؟

ـ لا أحد أسف عليه. ومن الخير أنه ذهب، ولكن من يأتي بعده يجب أن يكون أفضل منه.

* هل أنت قلق بشأن العمل العسكري الاميركي بالمنطقة؟

ـ قال باول أنه لا توجد خطط أميركية بأعمال عسكرية ضد سورية.

* هل تصدقه؟

ـ نعم أصدقه. فهو الجناح العقلاني بالإدارة..

* هل تأمل في علاقة أفضل مع الولايات المتحدة؟

ـ نحن نعمل من أجل هذا. والشهادة على ذلك هي التعاون في مجال مكافحة الإرهاب. وقد ساهمنا في إنقاذ حياة الأميركيين العام الماضي.

* ما هو رد فعلك إزاء الأقاويل بأن العراق خبأ أسلحة الدمار الشامل الخاصة به في بلادكم خلال الحرب؟

ـ لماذا تسمح لهم سورية بتخبئة تلك الأسلحة هنا؟ سورية لن تفيد شيئا من ذلك.

* يقال أن سورية لديها برنامج لأسلحة كيماوية وبيولوجية. هل هذا صحيح؟

ـ لا.

* إذا لم تكن لديكم مثل هذه الاسلحة فلماذا لم توقعوا اتفاقية الاسلحة الكيمياوية؟

ـ لأن إسرائيل لم توقع عليها.

* ألم يحن الوقت لسحب قواتكم من لبنان والسماح لذلك البلد بأن يكون دولة حرة ذات سيادة؟

ـ هذا يرتبط بإتفاقية السلام وبانسحاب إسرائيل الكامل.

* انسحب الإسرائيليون من لبنان.

ـ لم ينسحبوا انسحابا كاملا. ما يزالون يحتلون مزارع شبعا.

* يعتقد كثير من الأميركيين أن هناك شرق أوسط جديدا. فصدام ذهب، وتحاول الإدارة إيجاد حل للقضية الفلسطينية. ما موقع سورية من ذلك؟

ـ ظللنا نلعب دورا في هذه المنطقة على مدى السنين.. والقضية لا تتعلق فقط بإرادة الولايات المتحدة.

* هل تقومون بالجهد اللازم للتواؤم مع الوضع الجديد؟

ـ ستكون لدينا فعاليتنا.

* يستطيع المرء أن يتحرك مع القطار أو يقف على قارعة الطريق.

ـ أستطيع أن أتحرك بموازاة القطار، وأن أقترب منه في بعض الأحيان، بل أن استقل احدى عرباته، واقفز منها إلى عربة أخرى. كما أن القطار ليس واحدا.

* هل ستوقفون تمويل منظمات الرفض الفلسطينية؟

ـ كل العرب يساندون الفلسطينيين ويرسلون إليهم الأموال. ولا يمكن إيقاف ذلك. ولا يوجد في منطقتنا من يطلق على ذلك إرهابا. إنهم يتحدثون عن الحرية والتحرر.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»