وثائق للاستخبارات العراقية تتحدث عن اختراق قناة «الجزيرة» القطرية

مسؤول بالمحطة: الهدف النيل من مصداقيتنا وارتباط بعض العاملين في القناة بأجهزة استخبارية لا يؤثر على تغطيتها

TT

كشفت مصادر بريطانية ان عملاء للاستخبارات العراقية اخترقوا قناة «الجزيرة» القطرية قبل سقوط بغداد بفترة طويلة. واشارت صحيفة «الصانداي تايمز» البريطانية في عددها الصادر امس في تقرير موسع على صفحتين مدعوم بالوثائق الصادرة عن السفارة العراقية في الدوحة الى العلاقات الوثيقة بين المخابرات العراقية وقناة «الجزيرة». وتغطي الوثائق الفترة ما بين اغسطس (آب) 1999 ونوفمبر (تشرين الثاني) 2002. وفي احد الوثائق اشارة الى العلاقات القوية بين العراقيين وأحد كبار المسؤولين بالمحطة «القطرية». وقالت «الصانداي تايمز» ان الوثائق عثر عليها في أحد المقرات التابعة للاستخبارات العراقية في العاصمة بغداد، واشارت الى وجود الاف من الوثائق الاخرى الموجودة الآن بحوزة الاميركيين. ووصفت مصادر اعلامية في لندن ان الوثائق المنشورة تفسر «التحيز» الذي ظهرت عليه «الجزيرة» خلال تغطيتها للحرب قبل سقوط بغداد». وتشير احد الوثائق الى مزاعم حصول مسؤول بالمحطة على هدايا ذهبية من نظام الرئيس العراقي السابق من اجل اعطاء مساحة على الهواء في احد البرامج الحوارية لأحد المحسوبين على النظام السابق». وضمن الوثائق التي تزعم «الصانداي تايمز» انها حصلت عليها نسخ من رسالتين من ابن لادن المتهم الرئيسي في هجمات سبتمبر (ايلول) 2001، الارهابية، عقب تمريرهما الى الاستخبارات العراقية، مصحوبة بتقرير كتبه ضابط المخابرات العراقية في العاصمة الدوحة، ومرفوع الى رؤسائه في بغداد، وفيه يدعي تقديم هدايا ذهبية للمسؤول القطري في «الجزيرة». وتشير الوثائق الى وجود عميلين آخرين للمخابرات العراقية داخل محطة «الجزيرة»، وهما مصوران، احدهما كان مسؤولا عن تقديم صورة للعراقيين عن اراء ومعتقدات زملائه العاملين معه في نفس المحطة». وقالت مصادر مقربة من «الجزيرة» لـ«الشرق الأوسط» ان المصورين تم فصلهما، الا ان مصادر اخرى اشارت الى ان احدهما في عطلة». ومن جهته قال جهاد بلوط المتحدث الاعلامي باسم «الجزيرة» في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الأوسط»: «اذا كان الايحاء النيل من مصداقية «الجزيرة» فهو امر بعيد المنال، لان المحطة تعرضت لضغوطات عدة ولم تفقد ابدا صفتها التحريرية». واشار الى «ان الوثائق التي قدمتها «الصانداي تايمز» لم تتضح بعد مصداقية مصادرها». وقال «انها ليست المرة الاولى التي تتعرض فيها «الجزيرة» الى حملة من هذا النوع، فقد نعتت من قبل بالتبعية لـ«القاعدة» وابن لادن، ومرة اخرى بأنها «اسرائيلية» الهوية»، كما وصفها احد الوزراء العرب بانها «صهيونية» لكن «الجزيرة» منبر مفتوح لكافة الآراء. واشار: «الى انه اذا كان هناك ثمة ارتباط لبعض العاملين في «الجزيرة» بأجهزة استخبارية، فهذا لا يؤثر على تغطية الجزيرة ومصداقيتها». والى ذلك تقول احدى الوثائق المرسلة من السفارة العراقية في الدوحة الى المقر الرئيسي للمخابرات العراقية في بغداد انها حاولت اقامة علاقات مع محمد جاسم العلي المدير العام للمحطة، ولكن لا يوجد ما يؤكد او يشير بصورة مستقلة الى ان المخابرات العراقية نجحت في أي وقت في تجنيد العلي. ولكن تتحدث الوثائق عن تجنيد احد مسؤولي العلاقات الخارجية بالمحطة ومصورين. وتقول الوثائق ان العميل العراقي داخل المحطة القطرية كان اسمه الكودي المعروف به لدى رؤسائه في بغداد «الجزيرة 2». وتقول وثيقة عليها خاتم السفارة العراقية في الدوحة وشعار النسر لنظام صدام: «(الجزيرة 2) ساعدنا كثيرا في عملنا، وسهل لنا خدمات منها الحصول على مساحة رأي على شاشة الجزيرة». وتتطرق الى العرفان بجميل العميل العراقي «الجزيرة 2» وتقديم هدايا ذهبية الى زوجته. وتتحدث وثيقة اخرى صادرة من السفارة العراقية في الدوحة عن محاولة تجنيد عملاء آخرين داخل «الجزيرة» لحساب المخابرات العراقية.

وتتخوف احدى الوثائق المرسلة الى بغداد من اكتشاف العلاقة السرية الخفية بين العراقيين والموظفين في «الجزيرة»، مما سيهدد بفقدان مخابرات صدام لوسيلة اعلامية مهمة. وتتحدث احدى الوثائق المؤرخة في اكتوبر (تشرين الاول) عام 1999، عن نجاح المخابرات العراقية عبر العلاقات الوثيقة في منع بث لقطات تسلط الضوء على مذبحة حلبجة التي ارتكبها نظام صدام باستخدام الغازات الكيماوية السامة ضد الاكراد العزل عام 1987.

وتشير الوثيقة الى ان شريط فيديو الهجمات الكيماوية على الاكراد ارسل من السفارة الاميركية في الدوحة، لكن عملاء النظام العراقي في المحطة نجحوا في منع بث أي مقتطفات من حلبجة الكردية. وهناك وثيقة اخرى مخابراتية مؤرخة في 15 يناير (كانون الثاني) 2000، وتتحدث الوثيقة عن العلاقات مع «الجزيرة»، والجهود المبذولة من جانب المحطة لاحباط المخطط الاميركي ضد العراق. ونفت «الجزيرة» امس ان تكون اداة في يد النظام العراقي السابق، او أي حكومة اخرى، وقالت انها تميزت بانها محطة «الرأي والرأي الآخر». ومن جهته قال مسؤول كبير بمحطة «الجزيرة» طلب عدم الكشف عن اسمه في تصريحات خاصة لـ« الشرق الأوسط»: ان جميع الوثائق التي نشرتها «الصانداي تايمز» مكتوبة بخط اليد، وهي من جانب واحد أي من الجانب العراقي. ووصف الوثائق العراقية بانها «اتهام لا تدعمه أي وثائق من طرف محايد». وقال ان المحك الحقيقي في نهاية الامر هو ما يظهر على شاشة «الجزيرة». واكد ان غرفة اخبار «الجزيرة» بها نحو 70 صحافي لا يوجد بينهم سوى صحافي عراقي واحد. مشيرا الى ان طاقم «الجزيرة» الاعلامي في بغداد، لم يكن به سوى صحافي عراقي واحد مقيم في بغداد هو ديار العمري. واعرب عن اعتقاده ان الاتهامات الموجهة الى «الجزيرة» صادرة عن احمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي. وادعى ان زعيم المعارضة العراقية هو الذي سرب هذه الوثائق الى الصحافية البريطانية التي كتبت التحقيق. وقال ان جميع هذه الوثائق لا توجد بينها ورقة واحدة عليها شعار «الجزيرة»، ومعظمها صادرة عن السفارة العراقية في الدوحة وموجهة الى المخابرات العراقية. ويمكن للمخابرات العراقية ان تزعم ايضا ان لها عملاء في «الصانداي تايمز»، مشيرا الى ان ضباط السفارة العراقية في الدوحة ربما كانوا يحاولون الاثبات لمرؤوسيهم في بغداد انهم على قدر من الكفاءة ويقومون بعملهم على الوجه الاكمل من جهة الاختراقات الامنية المزعومة، وهو امر يتكرر كثيرا بين ضباط اجهزة المخابرات العربية في العواصم الخارجية التي يعملون فيها. ومن جهتها قالت مصادر اعلامية بريطانية لـ«الشرق الأوسط» ان وجود وثائق صادرة عن المخابرات العراقية تتحدث عن اختراق امني لـ«الجزيرة» سيهدد صورة المحطة كوسيلة اعلامية «محايدة» تستقطب ما بين 35 الى 50 مليون مشاهد في منطقة الشرق الاوسط، والتي تحدت محطات تلفزيونية عالمية منذ تأسيسها عام 1996، وخاصة بعد الغارات الاميركية على افغانستان في اكتوبر 2001، واستقطابها لشرائط بن لادن ووصايا الانتحارييين الذين نفذوا الهجمات الارهابية على نيويورك وواشنطن.