واشنطن تعلق الحوار مع إيران بسبب وجود عناصر من «القاعدة» على أراضيها

مسؤولون أميركيون: مكالمات جرى التنصت عليها أكدت سماح مسؤولين إيرانيين بوجود عناصر من شبكة بن لادن

TT

علقت الولايات المتحدة، عقب تفجيرات الرياض، الحوار مع طهران الى اجل غير مسمى بسبب معلومات اشارت الى وجود عناصر من تنظيم «القاعدة» ايران. وكانت ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش قد ابلغت طهران من خلال مبعوثين من سويسرا وبريطانيا والامم المتحدة أنها تتوقع ان تتخذ السلطات الايرانية خطوات ضد «القاعدة» قبل استئناف المفاوضات مع واشنطن حول قضايا امنية واقليمية تحت رعاية الامم المتحدة.

ونقل عن مسؤولين في ادارة الرئيس بوش قولهم ان آخر محادثات بين الجانبين كان مقررا ان تنعقد في جنيف يوم امس، بيد ان البيت الابيض قرر إلغاءها. وقال مسؤول كبير في الادارة الاميركية ان واشنطن قررت عدم مواصلة المحادثات مع الجانب الايراني بسبب ما حدث في المملكة العربية السعودية واحتمال ان تكون لتفجيرات الرياض صلة بأشخاص موجودين في ايران. واضاف المسؤول ان واشنطن تسعى الى التوصل الى وسائل اخرى لإبلاغ طهران برغبة واشنطن في معرفة ما تدركه ايران حول وجود «القاعدة» داخل اراضيها. وأوضح المسؤول ان ايران اذا كانت جادة فيما يتعلق بمحادثات حول هذه القضية، فإنها ستبدي رغبة في المساعدة في هذا الأمر بأي طريقة، على حد تعبيره.

ويأتي توقف المحادثات بين طهران وواشنطن في مرحلة حساسة لكلا الجانبين. فإدارة الرئيس بوش تعاني من انقسام حول ما اذا كان يتعين إثارة المعارضة على النظام الايراني الحالي او تجاهلها في ظل ضغط القوى الداخلية باتجاه التغيير او محاولة التعامل مع طهران فيما يتعلق بالقضايا الامنية والاقليمية الرئيسية. اما الحكومة الايرانية، فتعاني هي الاخرى من انقسام ازاء جدية وصدق النيات الاميركية.

وتنظر واشنطن الى الحوار كوسيلة للتعامل المباشر مع طهران بشأن المخاوف الأمنية المشتركة خصوصا التهديد الذي تشكله «القاعدة». وتجدر الإشارة الى ان النقاش الذي بدأ قبل عدة سنوات بين ثماني دول كمنبر للتباحث حول افغانستان، قد تطور الى محادثات مباشرة بين ايران والولايات المتحدة حول العراق وقضايا اخرى.

وكانت وزارة الخارجية الاميركية قد اشارت الاسبوع الماضي الى ان المحادثات مع طهران باتت اكثر اهمية وفائدة على نحو متزايد بعد ربع قرن تقريبا من التوتر بين الجانبين، بيد ان تفجيرات الرياض الاخيرة دفعت البيت الابيض الى التشكيك في الاعتماد على المحادثات مع الحكومة الايرانية، حسبما افاد مسؤولون في ادارة بوش.

وأوضح مسؤولون اميركيون ان معلومات وردت في الآونة الاخيرة، من ضمنها مكالمات هاتفية بين عناصر تابعة لشبكة «القاعدة» تم التنصت عليها، اشارت الى ان جزءا على الاقل من الحكومة الايرانية يسمح ببقاء هذه العناصر داخل الاراضي الايرانية. وقال المسؤول ان السلطات الاميركية تلقت معلومات تفيد بأن ايران باتت تستخدم كقاعدة لعمليات شبكة اسامة بن لادن. وحول النيات الحقيقية لإيران في هذا الجانب، قال المسؤول ان واشنطن ابدت مخاوف في الآونة الاخيرة ازاء احتمال تغير الموقف الايراني، مؤكدا بروز تساؤلات جادة في بعض الدوائر حول ما اذا باتت هناك علاقة جديدة بين ايران وتنظيم «القاعدة» على نحو يشكل خطرا جديدا.

وعلى الرغم من ان طهران نفت بقوة ايواءها لأي عناصر من «القاعدة»، فإن مسؤولين اميركيين كشفوا ان قيادي «القاعدة» البارز سيف العدل وسعد بن لادن، نجل اسامة بن لادن، يقيمان حاليا في ايران، بيد ان مسؤولين اميركيين آخرين اشاروا الى ان حكومة الرئيس الايراني محمد خاتمي ربما لا تكون على علم بما يفعله المتشددون ومؤيدوهم في الحكومة. وقال المسؤول معلقا ان الحكومة الايرانية لا تعتبر كيانا واحدا منسجما، مشيرا الى احتمال ان يكون داخل الحكومة من يعلم بوجود عناصر تابعة لتنظيم «القاعدة» داخل الاراضي الايرانية ومن ليس لديه علم بهذا الامر. كما اكد المسؤول ايضا على ضرورة معرفة واشنطن بتفاصيل هذه القضية في اسرع وقت ممكن.

ويشعر المسؤولون الايرانيون الذين عملوا على دفع الحوار بين طهران وواشنطن من جانبهم بالاستياء ازاء الاتهامات الاميركية الاخيرة وأشاروا الى التصريحات السابقة التي اكدوا فيها طرد ايران للعشرات من عناصر «القاعدة». وقال مسؤول ايراني معلقا: «الناس هنا يشعرون بالاستياء ازاء نهج تعامل ادارة بوش والدعاية الاميركية خلال الايام الاخيرة فيما يتعلق بإيران. الولايات المتحدة تعلم تماما ان ايران اتخذت من جانبها خطوات حاسمة ضد «القاعدة». حاولنا المحافظة عل الهدوء بعد كل ما حدث، إلا ان هذه التطور ربما يؤدي الى إيجاد ردود فعل يصعب احتواؤها».

ويعتقد محللون ايرانيون ان تعليق المفاوضات ربما يؤدي الى تغيير موقف المرشد الاعلى للثورة الايرانية آية الله علي خامنئي ويعزز شكوكه المستمرة ازاء نيات الولايات المتحدة. ويرى محلل ايراني بارز طلب عدم ذلك اسمه ان التطورات الاخيرة من جانب واشنطن ستثبت اعتقاد خامنئي المسبق في عدم الوثوق في الولايات المتحدة وانها تريد فقط ممارسة لعبة بغرض معرفة ما يمكن ان تحصل عليه من ايران.

وقال مسؤول بارز في إدارة بوش ان واشنطن لا تعتزم التخلي عن المحادثات مع طهران، لأن هذه الخطوة اتخذت على امل اتخاذ ايران خطوات جادة وتمكين الجانبين من استئناف المحادثات والتعاون بينهما حول «القاعدة» وقضايا اقليمية اخرى.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»