محمد ولد الشواي الناجي الوحيد من بين منفذي هجمات الدار البيضاء كان حارسا للسيارات ومقربا من جماعة «التكفير والهجرة»

نصب خيمة على سطح بيته قبل 15 يوما من العملية لصنع أدوات التفجير

TT

في حي «المسيرة 3» في بلدية مولاي رشيد بمحافظة بنمسيك في ولاية الدار البيضاء الكبرى حيث يوجد منزل الناجي الوحيد من ضمن المجموعة التي نفذت تفجيرات الدار البيضاء، يسود جو من الحذر والخوف وسط الإجراءات الأمنية المشددة. وبدا العديد من شباب الحي الذين كانوا محسوبين على التيارات الأصولية حليقي الوجوه، وبمجرد السؤال عن المدعو محمد ولد الشواي، الناجي الوحيد من بين منفذي التفجيرات، الذي يسكن في الزنقة (زقاق) رقم 60 ويعمل غير بعيد عن مكان اقامته، حارسا للسيارات، يكون الجواب «لا أعرف شيئا عنه وحتى وجهه لم أعد أتذكره».

غير أن أحد شباب الحي المنتسبين للتيار السلفي كسر جدار الصمت غاضبا وقال «كنا دائما نحذر من هؤلاء ومن خطورتهم، فلو تم التصدي لهم منذ البداية، عندما كانوا يتعرضون للناس في الطرقات ويعتدون على كل شاب رأوه يرافق شابة في الشارع، لو تم إيقافهم عند حدهم في البداية لما وصلنا إلى كل هذا».

وأضاف قائلا «لقد أزموا حياتنا، كنا ننعم بالحرية ونطلق لحانا ونرتدي ما نشاء ونذهب الى المسجد متى شئنا ودون خوف. أما الآن فقد أصبحنا مقيدين وأصبحنا تحت المجهر».

وقال مرافقه «نحن ننتمي للتوجه السلفي. وكان هؤلاء يعاملوننا مثل الأعداء ويعتبروننا عملاء للنظام. كانوا حاقدين وناقمين على كل شيء». وبشأن التيار الذي ينتمي إليه محمد ولد الشواي، قال الشاب إنه ينتمي إلى توجه جديد لـ«التكفير والهجرة»، فهم يصلون صلاة الجماعة وصلوات الجمعة ويخالطون الناس بخلاف المجموعة القديمة لـ«التكفير والهجرة» التي كان يتزعمها أبو داوود خملي، والتي كانت تعتزل المجتمع بصفة مطلقة.

وفي الزنقة 60 كان عدد من رجال الأمن في زي مدني يرابضون أمام منزله المشمع، يتأكدون من هوية كل من اقترب منه ويمنعون تصويره. وما زال جزء من قطعة القماش السميك الأخضر كالذي يستعمل لتغطية شاحنات البضائع، يتدلى من سطح البيت. وقال أحد جيران ولد الشواي «توارى محمد عن الانظار قبل 15 يوما من حادث التفجيرات حيث كان أخوه الأصغر هو الذي يتولى مهمة حراسة السيارات بدلا منه خلال هذه المدة. ولاحظنا وقتذاك أنه أسدل قماشا على سطح بيته، وحسبنا أنه كان يعد خيمة لوليمة أو عرس، ولم يساورنا شك في أن ما يحدث تحت ذلك الغطاء كان الإعداد لعمل خطير».

وقال جار آخر إنه صادف محمد ثلاثة أيام قبل الحادث يشتري فاكهة الدلاح (البطيخ) ولفت انتباهه شحوب وجهه.

وكانت عائلة ولد الشواي قد جاءت للاقامة في حي المسيرة 3 في منتصف التسعينات، منتقلة إليه من حي سيدي مومن الذي يبعد عنه بنحو نصف ساعة بالسيارة. وهو الحي الذي كان يسكنه معظم منفذي التفجيرات. وعرف بلقب ابن الشواي لأن والده كان يمتهن شي المقانق، على طاولة في الشارع. وبعد وفاة والده اشترى محمد رخصة لحراسة السيارات في أحد أزقة الحي من حارس سابق، وذلك بمبلغ 2000 درهم.

ويقول أحد السكان «عندما حل ولد الشواي بحينا كان ملتحيا ويرتدي زيا أفغانيا، وسرعان ما بدأ يستقطب الأتباع خصوصا وسط المنحرفين الذين كانوا يأتون من حي سيدي مومن. وغالبا ما كان هو وأصدقاؤه يتعاركون مع المنحرفين الذين لا يستجيبون لدعوتهم، لدرجة أن بعض سكان الحي بدأوا يعترفون لهم بالجميل في تنقية الحي من المشردين والمنحرفين. وكان محمد واصدقاؤه مولعين بأشرطة الفيديو التي تتحدث عن أفغانستان والشيشان والتي يجتمعون لمشاهدتها في منزل بحي مولاي رشيد القريب من سكناهم».

وحول ما إذا كان قد سبق لهم أن وزعوا منشورات أو بيانات، قال أحد شباب الحي «المرة الوحيدة التي أذكر أنهم كانوا يوزعون فيها مطبوعات هي خلال الحرب في أفغانستان، وكانوا آنذاك يستنسخون صفحات الأخبار الجهادية من الانترنت ويصورونها ويوزعونها في الشارع».

وقال أحد السكان إن قوات الأمن جاءت في ليلة اليوم التالي للتفجيرات، حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا، واعتقلوا شابا أصوليا يدعى عبد الصمد، وداهموا بيت ولد الشواي، وأخرجوا منه عدة أكياس يرجح أنها كانت تضم متفجرات أو المواد الكيماوية التي تستعمل في تركيبها، وعاد رجال الأمن في نحو الساعة الرابعة من نفس الليلة واعتقلوا شابين آخرين اسمهما عبد العالي وخالد.

وأشار أحد السكان نحو شاحنة تابعة للبلدية كانت تركب مصابيح الإنارة العمومية في الشارع، وقال «هل كان يجب أن ينتظر المسؤولون حتى وقع ما وقع ليتذكرونا؟ لقد مر أصحاب النظافة قبل قليل وها هم أصحاب الإنارة يكتشفون أن أزقتنا تفتقد الانارة».