بري ينفي أي دور «لبناني» في أحداث عين الحلوة ويطالب بوضع حل نهائي لموضوع أمن المخيمات

«فتح» و«عصبة الأنصار» تتفقان على تحريم الاقتتال وتعتذران من أبناء مخيم عين الحلوة الفلسطيني

TT

اعتبر رئىس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ان ما جرى من اقتتال في مخيم عين الحلوة الفلسطيني اخيراً «يمس الامنين اللبناني والعربي». واكد ان «لا صحة» لما تردد عن دور لبناني وسوري في ما يحصل، داعياً الى «وضع حل نهائي لموضوع الامن في المخيمات».

ونقل نواب عن بري الذي التقاهم امس في اطار «لقاء الاربعاء» الاسبوعي، قوله: «ان ما يحصل في مخيم عين الحلوة، وقبل القول بأثره على لبنان، يمس القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، كما انه يمس الامنين الوطني اللبناني والعربي». واضاف: «لا يجوز الاستمرار في التفرج على ما يحصل. ويجب اجراء حوار جاد وفاعل في سبيل وضع حل نهائي لموضوع الامن في المخيمات وعلاقته بالأمن الوطني».

واكد بري: «ان الكلام عن دور لبناني ودور سوري في ما يحصل في المخيم غير صحيح على الاطلاق».

من جهة اخرى، لاحظ بري مجدداً ان اسرائيل رفضت وترفض خريطة الطريق معتبراً «ان ما يحصل هو ان الآخرين، وعبر اسلوب طرحها، يهدفون الى ان تكون المنطقة منطقة عري سياسي وبالتالي تعرية المنطقة سياسياً».

وتحدث رئيس مجلس النواب عن التحضيرات لمؤتمر الاتحاد البرلماني العربي الذي سيعقد في بيروت في الثالث من يونيو (حزيران) المقبل، آملاً في «ان يكون محاولة جادة لاعادة رسم خارطة نظام عربي في المنطقة خاصة ان احد ابرز البنود المطروحة من قبل الشعبة البرلمانية اللبنانية هو السير قدماً بالبرلمان العربي الموحد».

وكان بري زار قبل ذلك الرئيس اللبناني اميل لحود في قصر بعبدا وتطرق البحث بينهما الى الوضع في مخيم عين الحلوة.

الى ذلك اعتذر طرفا القتال في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، حركة «فتح» و«عصبة الانصار»، من ابناء المخيم على ما الحقاه بهم من قتلى وجرحى وخراب ودمار. وقد اذيع الاعتذار عبر مكبرات المساجد امس.

وكانت الاشتباكات التي اندلعت في المخيم، الاثنين الماضي، ادت الى مصرع 7فلسطينيين (5 من حركة «فتح» وواحد من «عصبة الانصار» ومدني).

وجاء الاعتذار بعدما تم التوصل الى «ميثاق شرف» يحرم الاقتتال الداخلي واللجوء الى السلاح، وهو اتفاق وضعت مفاعيله مساء اول من امس حيث بدأت الحياة تعود الى طبيعتها في المخيم امس. وفتحت المحال والمؤسسات التجارية ابوابها. ولوحظ ان الظهور العسكري والمسلح في شوارع وازقة المخيم خفّ، ما خلا بعض المظاهر لحماية المقرات والمكاتب. كما سجلت عودة واسعة لابناء المخيم ممن دفعتهم الاشتباكات الاخيرة والاوضاع المتوترة الى النزوح باتجاه مدينة صيدا.

وكانت القوى الفلسطينية بما فيها «حركة فتح» و«عصبة الانصار» وبمشاركة القوى الاسلامية في مدينة صيدا قد توصلت الى ميثاق شرف اذيع في ساعة متأخرة من الليل قبل الماضي بعد اجتماع عقد في مسجد خالد بن الوليد في المخيم وجاء فيه: «على ضوء الاحداث الاليمة والمؤسفة التي حصلت في مخيم عين الحلوة بين ابناء الصف الواحد والقضية الواحدة التي اودت بحياة عدد من خيرة ابناء شعبنا البررة، واوقعت خسائر جسيمة في الارواح والممتلكات وادت الى نزوح، تدارس المجتمعون الموقف بكل مسؤولية وقرروا التالي: ـ تثبيت وقف اطلاق النار.

ـ ازالة كل المظاهر العسكرية المستجدة داخل المخيم وازالة كل اسباب التوتر السابقة واللاحقة للتفرغ الى كيفية حماية شعبنا في فلسطين ودعمه بكل الوسائل في مواجهة العدو الصهيوني.

ـ الاتفاق على ميثاق شرف يحرم الاقتتال واللجوء الى السلاح في حل اي خلاف مهما كان سببه والاحتكام الى لغة الحوار والتفاهم.

ـ اعادة تفعيل وتنشيط المرجعية الامنية المقررة والعمل على تطويرها مستقبلاً، بما ينسجم مع المصلحة الامنية العامة في المخيم.

ـ حرص المجتمعون على علاقات حسن الجوار مع الشعب اللبناني الشقيق وقواه واحزابه الوطنية والاسلامية.

وذكر البيان ان المجتمعين اكدوا على «التمسك بحق العودة ورفض التوطين والتهجير. والاعتذار الى الله ثم الى الناس والتوبة الى الله عن الاحتكام الى السلاح».

وابلغت مصادر شاركت في الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» ان الجو العام للاجتماع ساده الكثير من الايجابية والمصارحة. وذكر ممثلو «عصبة الانصار» انهم اجبروا على المشاركة في القتال بعدما اطلقت النيران على احد مسؤوليهم (شحادة جوهر) الذي اصيب في بطنه في حادث وقع قبل بدء الاشتباكات فظن «العصبويون» ان «الفتحاويين» هم من دبروا الحادث تمهيداً لشن هجوم، وهو امر نفاه ممثل «فتح» الذي اكد ان اي عنصر من الحركة لم يطلق رصاصة واحدة الا بعدما تعرضت المكاتب لاطلاق قذائف ونيران رشاشة. وتزامن ذلك مع اطلاق نار كثيف في حي الصفصاف فظن الطرفان ان هناك هجوماً واختلط الحابل بالنابل واندلعت الاشتباكات.

واشار بعض المجتمعين الى ان هذه الوقائع ربما تكون من صنيعة «طرف ثالث» اجج الصراع مستفيداً من الوضع الذي سبق الاشتباكات وحالة الاحتقان التي كانت سائدة والانتشار المسلح الكثيف.

وتأكيداً على تنفيذ «ميثاق الشرف» الذي تم التوصل اليه جال عدد من اعضاء اللجنة الامنية التي كانت قد شكلت من مختلف القوى الفلسطينية في اعقاب الحوادث الامنية السابقة، في شوارع المخيم للتأكد من سحب المقاتلين من الازقة والشوارع.

وعصر امس جرى تشييع قتلى الاشتباكات، اضافة الى تشييع يحيى الشريدي عم الشيخ عبد الله الشريدي (مسؤول جماعة «عصبة النور») الذي قُتل مساء السبت الماضي في الكمين الذي تعرض له الشيخ عبد الله على ايدي عناصر من «حركة فتح» واصيب خلاله باصابات خطرة نقل على اثرها الى مستشفى النداء الانساني داخل المخيم، ومن ثم جرى تهريبه الى مكان لم يحدد بعدما حاولت عناصر «فتح» اقتحام المستشفى. وبتشييع القتلى يكون احد بنود اتفاق القوى الفلسطينية على انهاء ذيول الاشتباكات وازالة التوتر قد طبق.

ويشار الى ان الاختلاف على مكان دفن يحيى الشريدي كان احد الاسباب المباشرة لاندلاع الاشتباكات يوم الاثنين الماضي إذ رفضت «حركة فتح» دفن القتيل في مقبرة تقع داخل المخيم كان قد دفن فيها شقيقه الشيخ هشام الشريدي (والد عبد الله) الذي قتل ايضاً قبل سنوات على ايدي عناصر من «حركة فتح»، وطلبت دفنه في مقبرة الفلسطينيين بمنطقة درب السيم جنوب المخيم، وهو ما رفضته القوى الاصولية متذرعة بضرورات امنية تحول دون ذلك، خصوصاً مع وجود مواقع وحواجز لـ«حركة فتح» على بعد امتار قليلة من مقبرة درب السيم.

وكانت «عصبة الانصار» قد شيعت مساء اول من امس احد عناصرها الذي قتل في الاشتباكات ويدعى عبد الفتاح سلوم في مقبرة صيدا الجديدة.

واصدرت اللجان الشعبية في منظمة التحرير الفلسطينية بياناً امس جاء فيه: «بعد ان تكللت الجهود والمساعي وخاصة اللقاء الاخير الذي عقد في مسجد خالد بن الوليد والذي تم الاتفاق فيه بين جميع القوى الوطنية والاسلامية في مخيم عين الحلوة وبحضور القوى الوطنية والاسلامية في مدينة صيدا بوقف نزف الدم الفلسطيني داخل المخيم، نطمئن اهلنا على حرصنا الدائم في الحفاظ على امن وسلامة شعبنا الفلسطيني داخل المخيم، وندعو كافة ابناء المخيم للعودة الى ما كانت عليه الاوضاع قبل الاحداث الاليمة الاخيرة».