مجلس الأمن يرفع العقوبات عن العراق ويمنح الشرعية لسلطة الاحتلال

باول: تصويت فرنسا لصالح القرار «خطوة في الاتجاه الصحيح» * دو فيلبان: الحرب انتهت وحان وقت استعادة الوحدة للمجتمع الدولي

TT

صادق اعضاء مجلس الامن الدولي امس على مشروع القرار الاميركي ـ البريطاني القاضي برفع العقوبات المفروضة على العراق، ومنح الشرعية لسلطة الاحتلال الاميركي ـ البريطاني لادارة البلاد والتصرف بموارده النفطية والاقتصادية من أجل إعادة الإعمار الى حين تشكيل حكومة ديمقراطية، وذلك بأغلبية 14 وامتناع سورية (العضو العربي الوحيد في المجلس) عن التصويت.

والقرار الذي صدر بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ووضعت صياغته الاخيرة بعد مفاوضات استغرقت عدة أسابيع، رفع أقصى عقوبات فرضتها الأمم المتحدة في تاريخها بعد العقوبات التي فرضت على نظام روديسيا العنصري. وناشد القرار الدول الأعضاء والمنظمات المعنية أن تقدم المساعدة لشعب العراق في جهوده الرامية إلى إصلاح مؤسساته وإعادة بناء بلده وأن تساهم في تهيئة ظروف الاستقرار والأمن في العراق. ومنح قرار مجلس الأمن 1483 دورا محدودا للأمم المتحدة سواء من ناحية إعادة إعمار العراق أو من خلال المساهمة في العملية السياسية من أجل تشكيل حكومة وطنية معترف بها دولية. وطلب المجلس في قراره الذي تقدمت به الولايات المتحدة وبريطانيا واسبانيا من الأمين العام للأمم المتحدة تعيين ممثل خاص للعراق تشمل مسؤولياته المستقلة تقديم تقارير منتظمة إلى مجلس الأمن عن أنشطته بموجب هذا القرار. وحدد المجلس مهمات الممثل الخاص تنسيق المساعدات التي تقدمها وكالات الأمم المتحدة وبين وكالات المنظمة الدولية غير الحكومية للأغراض الإنسانية وأغراض إعادة البناء. وطلب مجلس الأمن من الممثل الخاص العمل بصورة مكثفة مع السلطة (سلطة الاحتلال) ومع شعب العراق والجهات المعنية الأخرى لتعزيز الجهود المبذولة لاستعادة وإنشاء المؤسسات الوطنية والمحلية اللازمة للحكم التمثيلي بما في ذلك العمل الجماعي من أجل تسيير العملية التي تفضي إلى قيام حكومة تمثيلية معترف بها دوليا في العراق. وبعد أن قدمت الولايات المتحدة تنازلات جوهرية بعض الشيء من أجل كسب فرنسا وروسيا والمانيا، وهي الدول التي عارضت الحرب، حدد القرار مدة صلاحية سلطة الاحتلال لمدة 12 شهر حيث قرر أن يستعرض تنفيذ هذا القرار في غضون اثني عشر شهرا من اتخاذه وأن ينظر في الخطوات الأخرى التي قد يلزم اتخاذها.

ولكن التنازلات التي قدمتها واشنطن ولندن لم تستجب إلى المشاغل السورية التي رفضت الاعتراف بسلطة قوات الاحتلال والتي أصرت على دور مهم وجوهري للأمم المتحدة وهذا ما دفع سورية إلى عدم المشاركة في التصويت وقد تغيبت عن اجتماع مجلس الأمن الرسمي. ومن أجل إرضاء روسيا قرر مجلس الأمن تمديد برنامج النفط مقابل الغذاء لمدة ستة اشهر من أجل إنهاء العقود المرتبطة حيث تحظى روسيا بحصة الأسد من العقود التجارية والنفطية والتي تصل إلى أكثر من 10 مليارات دولار. ومنح القرار الذي أنشأ ما يسمى بصندوق التنمية في العراق حصانة لصادرات النفط العراقية لفترة حتى نهاية عام 2007 ومن ثم جدولة الديون العراقية التي تبلغ حسب تقدير الأميركيين حوالي 40 مليار دولار بعد تثبيت الحكومة العراقية المنتخبة والمعترف بها دوليا من اجل التفاوض بشأن الديون ثنائيا على شاكلة نادي باريس. ومن المقرر حسب منطوق القرار أن يخضع صندوق التنمية في العراق إلى نوع من المراقبة وأن يتم صرف عائدات الصندوق تحت إشراف سلطة الاحتلال وبالتنسيق مع الإدارة العراقية المؤقتة وكذلك تحت إشراف ممثلين عن صندوق النقد الدولي ومن الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي ومن البنك الدولي ومن الأمم المتحدة.

ورأى كولن باول وزير الخارجية الاميركي امس في باريس ان تصويت فرنسا لصالح مشروع القرار الاميركي حول العراق يشكل «خطوة في الاتجاه الصحيح». واضاف انه يتحتم الآن «العمل على نقاط التوتر او المصاعب المتبقية على اثر الخلاف الماضي».

وبدا الموقف الفرنسي الذي عبر عنه دومينيك دو فيلبان وزير الخارجية بمثابة منعطف في العلاقات الاميركية ـ الفرنسية، اذ قال امس لراديو فرانس انتير «الحرب وقعت. والآن حان وقت استعادة الوحدة للمجتمع الدولي». وأضاف قائلا «هناك بالفعل رؤيتان للعالم لكننا في حاجة لأن نعمل معا فوق هاتين الرؤيتين (المختلفتين) وفي ما يتجاوزهما».

وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيريه الالماني يوشكا فيشر والروسي ايغور ايفانوف «حتى اذا كان نص (مشروع القرار) لا يذهب الى المدى الذي نوده فقد قررنا التصويت لصالحه».

وقال دو فيلبان ان «موقفنا الرافض (للحرب على العراق) نتحمله كليا، ومن غير الوارد عبر القرار الجديد بأن نضفي شرعية على الحرب بل علينا مواجهة الصعوبات والشكوك السائدة اليوم في العراق». وقال ان «مشروع القرار الذي سيصوت عليه بعيد عن المشروع الاصلي الذي اقترح علينا. انه رابع مشروع وعملنا كثيرا هذا الاسبوع واعتقد انه تم تحسينه الى حد كبير. اعتقد انه بامكاننا القول بأن الامم المتحدة عادت وفي الحقيقة انه الرهان الفعلي ان نتيح للامم المتحدة بأن تستعيد دورها لاننا مقتنعون بأن الامم المتحدة وحدها قادرة على اضفاء شرعيتها وخبرتها وفعاليتها على الارض».

واكد دو فيلبان انه يرغب في ان يرى عودة مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة الى العراق وان يستعيد الشعب العراقي سيادته الكاملة في اسرع وقت ممكن.