أحد الناجين من المجزرة يروي لـ«الشرق الأوسط» قصة فراره العجيب من الموت المحقق

هادي سلمان قفز إلى قناة البزل بعد إطلاق النار عليه وأخفى نفسه في مائها المالح ونباتات القصب

TT

أي قصة تبدو عجيبة وغريبة لغير العراقي لا تبدو له كذلك، فهو عاش على مدى ربع قرن اعجب العجائب واغرب الغرائب لكن بالتاكيد سيكون عجيبا جدا وغريبا الى ابعد الحدود ان ينجو عراقي من الموت في مجزرة جماعية، تعاون 17 شخصا مسلحا في اطلاق الرصاص على ضحاياها. قصة هادي عيدان سلمان 37 عاما، تبدو اغرب من الخيال، سرد لـ«الشرق الأوسط» تفاصيلها عند مقبرة ابو سديرة الجماعية، مشيرا الى ان عمره كان 25 عاما عندما القي القبض عليه صباح السادس من مارس (آذار) 1991: كنت اعمل فني طائرات بوينغ في مطار صدام الدولي. كان الجنود قد اقاموا نقطة تفتيش قرب معمل الطابوق خارج المحاويل، وكانوا يقتلون أي شخص يمر من هناك. اعتقلوني ونقلوني الى معسكر المحاويل حيث وجدت الاف الاشخاص، رجالا ونساء واطفالا.. قيدوا ايدينا الى الوراء وارجلنا وعصبوا عيوننا، وفي اثناء ذلك كانوا يلقون بعضنا في كومة كبيرة من اطارات السيارات المحترقة وينقلون اخرين بشاحنات الى مكان اخر. وانا كنت بين الذين نقلوا في الشاحنات. واضاف: في الشاحنة استطعت ان افك وثاقي لكني ابقيت على يدي الى الخلف، كما ازحت عصابة العينين قليلا لاتبين المكان الذي انزلنا فيه , اوقفونا واحدا واحدا وراحوا يطلقون النار علينا، وكان الوقت ليلا.

* من هم الذين كانوا يطلقون النار؟

ـ اشخاص بملابس مدنية.

* كم عددهم ؟

حوالي 17 شخصا. واصل هادي عيدان سلمان سرده قائلا:

اطلق احدهم علي رصاصتين وبدأ اخر باطلاق النار لكن رصاصاته اصابت صاحبه الذي كان يطلق النار علي فقفز هذا الى قناة البزل التي كنا قريبين منها، وقفزت انا ايضا الى القناة وغطست في مائها بين نباتات القصب، وخلعت دشداشتي ( الجلابية ) على الفور، وجعلتها تطفو فوق سطح الماء، وراح الاخرون يطلقون النار عليها، وسمعت احدهم يقول، لقد انتهى، وبعد قليل انتهوا من اطلاق الرصاص على الاخرين وبدأت الجرافات بالعمل على دفن القتلى تحت التراب، فاستغللت الضجة وابتعدت عن المكان متحركا في القناة، وعندما غادرت الجرافات مشيت الى اقرب قرية وقرعت اول باب وكنت انزف.. خرج صاحب المنزل وقلت له انني (دخيل) لديه، فأملني خيرا واعتنى بي وحاول معالجة اصابتي وفي اليوم التالي اعطاني حمارا لانتقل به الى المحاويل، حيث بيت احد اخوالي الذي نقلني لاحقا الى بغداد.

* وكيف عشت كل هذه السنين؟

ـ عدت الى مقر عملي في مطار صدام وواصلت حياتي.

* الم تخش من اكتشاف امرك؟

ـ لا، لم اخش لان الذين اعتقلوني لم يسجلوا سوى اسمي ولم يطلبوا أي وثيقة او معلومات مفصلة عن شخصيتي. لقد كانوا يعتقلون الناس عشوائيا ولا يسألونهم الا عن اسمائهم لتدوينها في سجل خاص، وقد كان ترتيبي يتجاوز الرقم 3000.