المدعي العام البريطاني في مذكرة سرية إلى توني بلير: إدارة العراق من دون قرار دولي عمل غير قانوني

TT

قالت مذكرة حكومية بريطانية سرية، كشف مضمونها امس، ان كبير المستشارين القانونيين لدى الحكومة البريطانية حذر رئيس الوزراء توني بلير قبل شهرين من ان خطط ادارة العراق بعد الحرب بدون مساندة الامم المتحدة ستكون عملا غير قانوني.

وقالت المذكرة التي نشرتها مجلة «نيوستيتسمان» الاسبوعية امس ان اللورد بيتر غولدسميث المدعي العام كتبها بعد ستة ايام من بدء الغزو الاميركي ـ البريطاني للعراق يوم 20 مارس (آذار) الماضي ذكر فيها ان محاولات تشكيل سلطة عراقية مؤقتة تحتاج لقرار جديد من مجلس الامن يقر ذلك.

وقال غولدسميث ان كل انشطة المكتب الاميركي لاعادة الاعمار والمساعدات الانسانية في العراق تقريبا ـ من الجهود المبذولة لتشكيل ادارة عراقية انتقالية الى مراقبة مبيعات النفط او منح عقود اعادة الاعمار لشركات اميركية ـ قد تكون، والحالة هذه، غير قانونية.

وقال غولدسميث في المذكرة «وجهة نظري هي ان ثمة حاجة الى قرار جديد من مجلس الامن يخول فرض اجراءات اصلاح واعادة اعمار للعراق وحكومته». وتابع «فرض اصلاح اقتصادي هيكلي ضخم امر لن يجيزه القانون الدولي».

ونصح غولدسميث بلير بأن احتلال العراق لا بد ان يستند للأسس القانونية نفسها التي ساقتها واشنطن ولندن لشن الحرب ضد العراق وهي نزع اسلحة الدمار الشامل التي قيل انها كانت في حوزة نظام صدام حسين. واضاف «كلما طال احتلال العراق وكلما زادت المهام التي تضطلع بها ادارة انتقالية بعيدا عن الهدف الاساسي (نزع الاسلحة) زادت صعوبة تبرير عدم مشروعية الاحتلال».

ورفضت رئاسة الحكومة البريطانية التعليق على هذا «التسرب». لكن المتحدث باسم بلير ذكر بان اللورد غولدسميث كان «صرح علنا بان الحكومة تتحرك على اساس قانوني صلب، ونحن نأمل في التوصل الى اتفاق حول قرار للامم المتحدة من الآن وحتى نهاية الاسبوع».

وقال ديفيد بلانكيت وزير الداخلية البريطاني امس ان القرار الوشيك الذي كان من المنتظر ان يصدر عن مجلس الأمن امس ويعطي الاحتلال الاميركي والبريطاني سلطات سياسية واقتصادية واسعة في العراق «ينقض مذكرة غولدسميث». وأضاف «من الذي كان سيغفر لنا لو لم نقم بإحلال الامن والنظام وتقديم العون الطبي والدعم للشعب العراقي».

وسارع المسؤول عن الشؤون الدولية في الحزب الليبرالي الديمقراطي (معارضة) منزيس كامبل الى دعوة رئيس الوزراء الى نشر رأي اللورد غولدسميث حول شرعية التدخل الاميركي ـ البريطاني قبل وبعد الحرب على العراق. وقال «اذا كانت هذه المعلومات صحيحة، فان الحكومة البريطانية دخلت في حقل ألغام قانوني». واضاف «ان عملا من دون الدعم التام للامم المتحدة قد لا يكون غير قانوني وحسب وانما ايضا مؤذيا جدا على الصعيد السياسي. وانطلاقا من هذه الظروف غير الاعتيادية، فقد حان الوقت لنشر رأي اللورد غولدسميث المتعلق بمرحلة ما قبل الحرب وبمرحلة ما بعد اندلاع العمل العسكري على السواء».

وكانت الوزيرة السابقة المكلفة شؤون التنمية الدولية كلير شورت قد اشارت بصورة غير مباشرة الى مذكرة غولدسميث عندما استقالت من منصبها في الثاني عشر من مايو (ايار) الحالي.

وكانت شورت قد اوضحت انها على خلاف مع بلير حول دور الامم المتحدة في اعادة إعمار العراق بعد الحرب.

وفي خطاب امام النواب، اعتبرت ان الحكومة «كان يمكنها ويفترض بها احترام رأي المدعي العام... عبر العمل من اجل الحصول على موافقة دولية على عملية ترعاها الامم المتحدة بهدف تشكيل حكومة عراقية انتقالية».