قدومي لـ«الشرق الأوسط»: أنا وزير الخارجية الفلسطيني ووزراء السلطة ليسوا وزراء في الأساس

قال لـ«الشرق الأوسط» إن مرونة محمود عباس لن تنفع وتساءل عن سر تسمية وزارة التعاون للشؤون الخارجية

TT

قال فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية (وزير الخارجية) لـ «الشرق الأوسط» ان خريطة الطريق ستنتهي الى الفشل على غرار ما انتهت اليه المبادرات السابقة، وان مرونة رئيس الحكومة الفلسطينية محمود عباس مع الاسرائيليين لن تجدي نفعاً، بل انها ستؤدي الى نتائج عكسية، اذ أن اسرائيل تعتبر أي موقف مرن على أنه ضعف. وأضاف القدومي ان اقدام اسرائيل على ابعاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عن أراضي السلطة الفلسطينية، سيكون خطاً كبيراً من شأنه أن يعرض التسوية السياسية للتدمير ويرفع من وتيرة المقاومة. ورأى القدومي أن تجميد عمل المكاتب الاعلامية الفلسطينية في سورية لا يؤثر على أعمال المقاومة في الداخل الفلسطيني، وأن الاعلام الفلسطيني سيصل من الداخل الى الفضائيات والصحف مما يسقط جميع الذرائع الأميركية والاسرائيلية.

* ما هي برأيك فرص نجاح حكومة أبو مازن وخاصة بعد استقالة صائب عريقات؟

ـ الحقيقة أن الحكومة الفلسطينية في داخل الأراضي الفلسطينية هي من صلب القيادة الفلسطينية التي كانت تتعامل مع المفاوضات والأمر لا يرجع الى الحكومة الفلسطينية المحلية وانما الى الموقف الاسرائيلي والاميركي، فهل الاميركيون والاسرائيليون مستعدون لتنفيذ ما يقولون، وخاصة بالنسبة للاميركيين؟ وهل اللجنة الرباعية قادرة على اجبار اسرائيل على تنفيذ خطة الطريق، على الرغم من وجود الكثير من اعتراضات السلطة الفلسطينية على مضامين وتعابير وردت في هذه الخريطة.

* في ضوء هذه المضامين، وفي ضوء رفض اسرائيل للخريطة، ألا تعتقد أنها ستنتهي الى ما انتهت اليه سابقاتها من المبادرات؟.

ـ حتماً ستنتهي خريطة الطريق الى الفشل، وبالنظر الى الوضع الحالي سنرى ثمة مبادرات قدمها الرئيس الاميركي جورج بوش بناء على مبدأ الأرض مقابل السلام وعلى الشرعية الدولية، الا أن هذه المبادرات لم تنفذ الى أن جاء أرييل شارون ليدمر كل ما أنجز بل انه أعاد وكرر الاحتلال وقسم المنطقة الى كانتونات صغيرة، هذا هو الأسلوب الاسرائيلي في المماطلة والكذب، كما أن القوى التي تساندهم، تساعدهم أيضاً في نهجهم في المماطلة وفي عدم التنفيذ، وفي فرض ما يريدون وفي اخراج النصوص بصورة تخدم مصالح الاسرائيليين. ولذلك اذا لم تكن هناك مقاومة ولم يكن هناك تذمر من المجتمع الاسرائيلي فلن يخرجوا من أرضنا.

* هل تعتقد ان مرونة محمود عباس ستجدي نفعاً في مفاوضاته مع الاسرائيليين؟

ـ في اعتقادي أن هذه المرونة لا تجدي نفعاً بل على العكس، ذلك أن شارون يفسر هذه المرونة بأنها دليل ضعف، وان الموقف الذي يقفه «الأخ أبو عمار» هو الموقف السليم لأنه يقول نحن ملتزمون باتفاقات وأنتم دمرتم هذه الاتفاقات، لقد كان أيضاً مرناً، لكن بحدود المصلحة العامة، أي بمعنى آخر أنه لا بد للجميع أن يلتزم بهذه النصوص بغض النظر عن رأينا في أوسلو وغيرها وتحفظاتنا عليها ولكن لم يقبل هذا التفسير وماطل وبنفس الوقت جاء نتنياهو ليصطدم بالسلطة الفلسطينية وجاء باراك ليكذب على العالم وجاء شارون ليستفز الفلسطينيين وليعيد الاحتلال مرة أخرى أي بمعنى أن هناك احتلال مزدوج، أي كان هناك احتلال أولي وهناك الآن احتلال ثانٍ، إذاً هذه المرونة لن تفيد مطلقاً لأنهم يفسروها ضعفاً فهم يطالبون بحرب أهلية بكل وضوح لأنهم يطالبون السلطة الفلسطينية المقيدة المحاصرة بأن تقوم بأعمال لا تستطيع القيام بها، لذلك لا أرى هذه المرونة أو ان الحديث المرن يمكن أن يجعل الاسرائيليين يحيدون عن نهجهم الاستيطاني والعدواني.

* هل تعتقد أن اسرائيل جادة في طروحاتها السلمية؟

ـ اسمح لي أن أقول ان قليل العقل يرضيه الكلام، والكلام الذي يقوله أحياناً شارون أو ما تقوله أوساط دولية هو مجرد كلام، فاذا أرادت اميركا أن تخدم السلام في المنطقة حسب ما قبلنا التسوية السياسية كلنا كعرب، عليها أولاً أن تجبر اسرائيل على الانسحاب، فقد اكتشفنا نوايا اسرائيل منذ نصف قرن، لماذا نجرب مرة أخرى، وعلى هذا فنحن نقول ان شارون الذي لا يفهم سوى لغة القوة أصبح الآن في حالة الضعف مما يعني أننا اقتربنا من تحقيق الأهداف، في ضوء الضغط الذي يمارسه المجتمع الاسرائيلي الذي فقد الأمن، على شارون، ما يعني أنه بالمزيد من المقاومة سنجبرهم على الانسحاب والتوقيع على اتفاق سلام.

* يردد الاسرائيليون الآن نغمة ابعاد الرئيس عرفات عن أراضي السلطة، في حال أقدمت اسرائيل على هذه الخطوة، ما هي تداعيات هذا الاجراء وما المطلوب من حكومة محمود عباس لمواجهة حدوث مثل هذا الاحتمال؟

ـ اذا أقدمت اسرائيل على اخراج الأخ أبو عمار من وطنه فانها ترتكب خطأ كبيراً لأن التسوية السياسية ستتعرض للهدم والتدمير وستصبح هناك حالة من الفوضى والغضب الجماهيري الذي سيصعّد من المقاومة أكثر فأكثر، والأخ أبو عمار يحاول جهده من أجل أن يوقف بعض العمليات التي يتعرض لها المدنيون من فلسطينيين واسرائيليين وهو مخلص في ذلك وقد أوقفنا الانتفاضة الأولى من أجل التسوية والمبادرة التي قدمها الرئيس بوش الأب، ولذلك الذي يستطيع أن يقود هذه التسوية من الطرف الفلسطيني هو الأخ أبو عمار، وأما أن الحكومة ستضعف الى حد كبير وربما لا تستطيع أن تفعل شيئاً، فانني أعتقد أن الكوارتد والدول الأوروبية وبعض الأوساط في أميركا يدركون بالرغم من الاتهامات الكاذبة التي يوجهها شارون، لا تتفق مع هذا الطرح لأنها تدرك ما معنى اخراج أبو عمار من وطنه.

* بم تعلق على تجميد نشاطات المكاتب الاعلامية الفلسطينية بدمشق؟

ـ هذه المكاتب اعلامية وهي تردد ما يعلنه الأخوة المقاومون في الداخل وان هي سكتت فهناك فضائيات وصحف تستطيع أن تنشر ما يصلها من داخل الأراضي الفلسطينية لأن المقاومة في الداخل وليست في الخارج، ولهذا السبب اذا كانت الولايات المتحدة ترى في اعلان المقاومة في الخارج، اذا كانت في سورية أو لبنان أو الأردن، ما يضر بالتسوية مع العلم أن ذلك لا يضر مطلقاً، لأن العمل في الداخل، وان ما تقوم به اسرائيل هو الذي يضر بالتسوية وهو الذي يدمرها وليس مجرد اعلام هنا وهناك ولذلك فان ما أثير حول نشاط هذه المكاتب هو مجرد ذرائع تتذرع بها الولايات المتحدة بدافع من الحكومة الاسرائيلية.

* ما طبيعة العلاقة بينكم كوزير خارجية دولة فلسطين وبين وزارة الشؤون الخارجية في السلطة الفلسطينية، وهل يمكن تفسير ذلك بأنه ازدواجية أو ثنائية في الوجود أو تقاسم للأدوار داخل السلطة وخارجها أم ماذا؟

ـ لا، وقد نصت اتفاقية القاهرة 1994 وقبلها 1993 ثم اتفاقية واشنطن 1995 على أن السلطة الفلسطينية لا تملك المسؤوليات ولا الحق في انشاء السفارات والقنصليات أو في العمل الدبلوماسي في الخارج، وتقوم منظمة التحرير الفلسطينية نيابة عنها بالمفاوضات وبنفس الوقت توقع الاتفاقات الدولية أما اذا كانت الدول سوف تعين ممثلين لها في الداخل فمن حق السلطة أن تتصل بهؤلاء الممثلين ولكن هذا لا يعتبر عملاً دبلوماسياً، وقبل أن يدخل الأخ أبو عمار قرر المجلس المركزي الذي يعتبر مجلساً وطنياً في غياب المجلس الوطني بأن أبو عمار هو رئيس السلطة الفلسطينية، ثم جرى انتخابه لأن الانتخابات الداخلية هي انتخابات نصفية وهي انتخابات محلية، بينما نشكل نحن مرجعية ولذلك لا يمكن للسلطة الفلسطينية أن تتخذ قراراً يمس القضية الوطنية الا بموافقة اللجنة التنفيذية التي كلفت الأخ أبو مازن بصفته عضواً في اللجنة أن يرأس الحكومة، ولا أدري لماذا أسموها وزارة التعاون بالشؤون الخارجية ( يتولاها نبيل شعث)، يعني تيمناً ان شاء الله بأنه بعد سنوات ستكون لدينا دولة ولها علاقات خارجية، وأود الاشارة هنا الى أن المجلس الوطني كان قد قرر في دورته التاسعة عشرة في 1988/11/10 اعتبار اللجنة التنفيذية بمثابة حكومة مؤقتة وانتخب الأخ أبو عمار رئيساً لهذه الحكومة وأنا وزيراً لخارجيتها وطلب منها بالتعاون مع المجلس أو بموافقة المجلس المركزي أن تستكمل في المستقبل أعضاء هذه اللجنة ولهذا السبب عندما صارت أوسلو وغيرها وجاءت الاتفاقات قررت اللجنة التنفيذية بشكل أساسي أنه في بناء السلطة الوطنية لا بد أن يكون هناك وزراء أو هيئة وهذه الهيئة سميناها وزراء ولكن هم في الأساس ليسوا وزراء ولم تنص الاتفاقات على الوزراء، في ما تبقى المنظمة هي المرجعية السياسية والتشريعية.